مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    بايتاس: الزيادة العامة في الأجور مطروحة للنقاش مع النقابات وسنكشف المستجدات في إبانها    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    الجماعات الترابية تحقق 7,9 مليار درهم من الضرائب    عدد زبناء مجموعة (اتصالات المغرب) تجاوز 77 مليون زبون عند متم مارس 2024    بورصة الدار البيضاء تستهل التداولات بأداء إيجابي    تشافي لن يرحل عن برشلونة قبل نهاية 2025    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    رسميا.. الجزائر تنسحب من منافسات بطولة اليد العربية    الحكومة الإسبانية تعلن وضع اتحاد كرة القدم تحت الوصاية    أرباح اتصالات المغرب ترتفع إلى 1.52 مليار درهم (+0.5%) بنهاية الربع الأول 2024    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض        استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    مدريد جاهزة لفتح المعابر الجمركية بانتظار موافقة المغرب    الرباط.. ندوة علمية تناقش النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة (صور)    من بينها رحلات للمغرب.. إلغاء آلاف الرحلات في فرنسا بسبب إضراب للمراقبين الجويين    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    مكناس .. تتويج 12 زيت زيتون من أربع جهات برسم النسخة 14 للمباراة الوطنية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بحر طنجة يلفظ جثة شاب غرق خلال محاولته التسلل إلى عبارة مسافرين نحو أوروبا    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    تظاهرات تدعم غزة تغزو جامعات أمريكية    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة "شنتشو-18"    الولايات المتحدة.. أرباح "ميتا" تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    ما هو سيناريو رون آراد الذي حذر منه أبو عبيدة؟    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجاهد خالد مشعل :سنمارس السياسة بلغ أخرى دون الحاجة إلى أن نتفاوض مع العدو
نشر في التجديد يوم 05 - 01 - 2006

ألقى الدكتور خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) في المهرجان الجماهيري الحاشد الذي نظمته الحركة في مخيم اليرموك بدمشق بمناسبة الذكرى الثامنة عشر لانطلاقتها خطابا استعرض فيه واقع الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال وانجازات المقاومة، ومسيرة حماس السياسية والعسكرية وخياراتها الانتخابية وأنشطتها الاجتماعية. وفي ما يلي النص الكامل للكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم يا ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما تحب يا ربنا وترضى، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، والصلاة والسلام على حبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وعلى جميع إخوانه الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
أيها الأخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجزاكم الله خيراً على حضوركم وتحية لكم جميعا مع حفظ المقامات والألقاب، رجالاً ونساءً من أبناء فلسطين وأبناء سورية وأبناء الأمة العربية والإسلامية، وفي كل المواقع والمسؤوليات، الجميع في القلب له المكانة والتقدير، فشكرا لحضوركم، ونسأل الله أن يفتح علينا وعليكم في هذه الليلة المباركة.
بعد ثمانية عشر عاما من انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، نعتبر هذا اليوم يوم حماس، يوما من أيام الشعب الفلسطيني، ويوما من أيام الأمة العربية والإسلامية، هو يوم المقاومة، يوم التضحية، يوم البطولة، ويوم الثبات على المبادئ، هو يوم المجاهدين، يوم الأسرى، يوم الشهداء، يوم الجرحى، يوم أمهات وآباء الشهداء والأسرى.
هو يوم من أيام الله المباركة التي يقدرها الله تعالى على طريق النصر والتحرير والقضاء على المشروع الصهيوني قضاء مبرما، لا عودة عنه بإذن الله تعالى.
في هذا اليوم بعد ثمانية عشر عاما، نقف نحن أبناء (حماس)، نشعر بالغبطة ونشعر بالثقة مع الحمد لله تعالى والشكر لشعبنا وأمتنا، أمام هذا النتاج، أمام هذا الكسب المبارك الذي حققه الله تعالى لنا، ونقول بكل ثقة: حسن الزرع فطاب الثمر وبورك في الحصاد. ونقول بكل ثقة: صح الأساس فاستقام البنيان، ومضت مسيرة النصر والجهاد مظفرة بفضل الله تعالى.
هذا النجاح الذي أكرمنا الله تعالى به في أقل من عقدين من الزمن، هو فضل الله. هذا النجاح في الميدان العسكري وفي الميدان السياسي، وفي ميدان الخدمة الاجتماعية والإغاثية، وفي الميدان الدبلوماسي، وفي الميدان الشعبي.. هذا النجاح الذي حققته الحركة بفضل الله تعالى، وقدمت صورة مشرقة عن النضال الفلسطيني، وجددت ما بدأه غيرها، ومضت إلى جانب إخواننا من أبناء شعبنا وأمتنا.
هذه المسيرة اليوم، بعد ثمانية عشر عاما نقف مدينين لله تعالى بكل شيء، نعم نحن مدينون لله تعالى فهو صاحب الفضل والمنة، (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى). (من كان يريد العزة فلله العزة جميعا). (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله، والله هو الغني الحميد). (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لكم لكنتم من الخاسرين)، (ولولا فضل الله عليكم ورحمته، ما زكا منكم من أحد أبدا).
نعم، إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما). نعم، علمنا الله من جهل، وقواّنا من ضعف، وأعزنا من ذل.
أنها مشيئة الله، فلله الحمد، ولله الفضل والمنة، نسبحه ونقدسه وننزهه ونمجده، ونسأله تعالى ألا يكلنا إلى أنفسنا، أن يتولانا برحمته وأن يعين إخواننا وإخوتنا من أبناء شعبنا وأمتنا، حتى تمضي هذه المسيرة على طريق النصر والتحرير بإذن الله.
ثم ثانيا نحن مدينون لشعبنا العظيم، هذا الشعب هو أبو الانتصارات، شعب فلسطين هو صاحب الفضل بعد الله، هو الذي صنع الفصائل، لسنا الذي صنعنا شعبنا، شعبنا صنع كل فصيل، وصنع كل قوة، وكل مقاومة.. شعبنا هو صاحب الانتفاضة، وصاحب النصر، هو صاحب المقاومة، وأمام شعبنا نقف بكل احترام وتقدير، ونظل أوفياء لهذا الشعب الذي لم يبخل علينا، لا بدم ولا بدموع ولا بمال، لا برجال ولا بنساء، لا بشيوخ ولا بصغار أو كبار. هذا الشعب العظيم يستحق منا كل وفاء، وكل تقدير، وأن نقف معه. وأن نسعده.
يسعدنا أن نكون خداما لشعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، في الضفة والقطاع، وفي الأراضي المحتلة عام 1948، وفي الشتات الفلسطيني انطلاقا من مخيم اليرموك العظيم.
مدينون بعد ذلك بشكل خاص لهذه القافلة، المباركة من الشهداء ومن الجرحى، هذه اللوحة عن يميني وعن يساري (اللوحة الكبيرة التي علت منصة المهرجان) تغص بعمالقة شعبنا. هذه اللوحة وهذه الصور أمامي ومن حولي، هؤلاء العمالقة من شهداء (حماس) والآلاف من شهداء شعبنا من كل الفصائل والقوى، هؤلاء هم أصحاب الفضل، يزيّنهم ويجلّلهم شيخنا ومؤسس حركتنا الشيخ أحمد ياسين هذا الشهيد العظيم عليه رحمه الله.
قدم شعبنا أسماء لامعة يعرفها الصغار والكبار، تعرفها جماهير الأمة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، في أندونيسيا وماليزيا، وفي الأمريكيتين، وحيثما وجد عربي ومسلم وحر أبي. هذه الأسماء محفورة في الذاكرة، محفورة في العقول والقلوب، وهي عند الله في أعلى عليين، في مقامات عليا. نسأل الله أن يُلحقنا بهم. نمضي على طريقهم، ندين لهم بالفضل بعد الله على هذه الإنجازات وهذه المسيرة المظفرة.
ثم رابعا، نحن مدينون للأمة العربية والإسلامية. هذه الأمة التي جلدها الكثيرون، وظلمها الكثيرون، لكن أمتنا حية بفضل الله، وقفت معنا، دعمتنا.. لولا الأمة لما كان جهاد ولا استشهاد، ولما كانت مقاومة ولا انتفاضة.
إن جماهير أمتنا العربية والإسلامية في شتى أقطارها لم تبخل علينا، لا بدم، ولا بسلاح، ولا بفكر ولا بفكرة، ولا بجماهير، ولا بموقف إعلامي وسياسي، ولا بمال بالطبع، فالمال وقود المعركة، فجزاكم الله عنا خيرا، أنتم شركاؤنا في النصر والأجر، أنتم شركاؤنا في مسيرة العزة والكرامة، أسأل الله أن يثبتكم وأن نمضي معا في هذا الطريق المبارك.
لا يخلو الأمر من مواقف عربية وإسلامية رسمية، قد تبدو قليلة ولكنها أصيلة وهذه المسيرة في إطارها الرسمي تتقدم إلى الأمام، فالأمة اليوم تشهد مخاضا مؤلماً، لكنه مبشر، إن شاء الله، بفجر قريب، وعندها ستتحطم كل المشاريع والمؤامرات الصهيونية والأمريكية عند أقدام هذه الأمة، فهذه الأمة أمة لا تُكسر أبداً بإذن الله.
في هذه الذكرى العطرة لابد من وقفات محددة نستحضر فيها الموقف:
أولا: هذا الاحتفال بفضل الله تعالى يأتي بنكهة خاصة، كل عام نحتفل في الداخل والخارج، لكن احتفالنا اليوم له طعم خاص، له نكهة جديدة، ومن جديد هذا الاحتفال تحرير غزة، وسبحان مغير الأحوال. ما بين طرفة عين وانتباهتها.. يغيّر الله من حال إلى حال.
في العام الماضي كانت غزة محتلة، واليوم غزة مُحررة رغم أنف الصهاينة المعتدين، ومن يدري أيها الأخوة والأخوات متى سيكون احتفالنا على هذه المنصة والضفة محررة. متى سنحتفل ويافا وحيفا وصفد والنقب محررة. متى نحتفل وآخر الصهاينة يرحل عن أرضنا.
نعم، (ويقولون متى هو، قل عسى أن يكون قريبا). هذا يقيننا بالله، لا شك لدينا أن النصر قادم، وإن فلسطين كما حررناها من الصليبيين والتتار، سوف نعيدها أرضا طاهرة مطهرة من الصهاينة المحتلين.
ومن جديد هذه المناسبة اليوم هذا الحراك السياسي في شعبنا، هذه الحيوية الجديدة في حراكنا السياسي، نتلمس طريقنا، نمارس ديمقراطيتنا، ننتخب رموزنا، نبني مؤسساتنا، نبني منظمتنا، نبني مرجعيتنا القيادية.
هذه المسيرة نحو الإصلاح ومحاربة الفساد، نحو الشراكة بين جميع قوى وشخصيات شعبنا، هذا الحراك المبارك، رغم الضغوط، رغم الابتزازات، رغم المساومات. هذا الحراك سينتصر لصالح شعبنا كما انتصرت المقاومة في ميدان المعركة بإذن الله.
لسنا خائفين اليوم من هذه الضغوط والمؤامرات، لأنها تأتينا ونحن في لحظة القوة والمنعة، تأتينا لأننا أغضبنا أعداءنا.
{إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون، والذين كفروا إلى جهنم يحشرون، ليميز الله الخبيث من الطيب، ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون} [الأنفال: 36، 37].
تمعنوا في هذه الآية العظيمة وأنتم ترون الهزيمة عند شارون، تأملوا فيها وأنتم ترون الخسارة يمنى بها الجيش الأول في العالم، الجيش الأمريكي، أليس هذا مكر الله (ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين).
نعم، احتفالنا اليوم يأتي في لحظة شدة، ولكنها لحظة رحمة، لأن الله تعالى ينظر إلى عباده على أرض الجهاد، فيعطف عليهم ويرحمهم وينصرهم، ويهزم أعداؤهم.
وسيهزم الله الأعداء إن شاء الله، ظنوا بالله خيرا، لا تظنوا بالله إلا خيرا، لأن الله أعطانا ما لم يعط أحدا من العالم، وسيكمل عطاؤه باستكمال النصر إن شاء الله.
ومن جديد احتفالنا أن نسعد برؤية أحبه قدموا من أرض الإسراء والمعراج، وحديثهم وإطلالتهم من على هذه المنصة يكفيني أن أتحدث عنهم.
لكن هذه الأم العظيمة، (أم نضال) حفظها الله، أم الشهداء، خنساء العصر، هي نموذج نحتفل به. في الأعوام الماضية، سواء كل سنة، في كل مناسبة، كنا نحيي ذكرى الشهداء من جميع الفصائل، كلما سقط بطل، أو ارتقى للعلا والمجد بطل من أبطال شعبنا، كنا نحتفل بهم، نسعد بهم، تختلط البسمة مع الدمعة، والحزن مع الابتسامة، لكننا كنا على الدوام فخورين بعطائهم العظيم. اليوم نحن نحتفل بهم ومعنا أمهات الشهداء وآباء الشهداء.
(أم نضال) أم لثلاثة شهداء، ومعها ثلاثة مجاهدين أبطال، والأخ الدكتور نزار ريان (أبو بلال) أب لشهيد، وأب لجريح، وأب لمجاهد، وهكذا هم أبناء شعبنا، بفضل الله تعالى. هم نجوم لامعة في سماء البطولة. في سماء الجهاد، في سماء الإيمان بفضل الله تعالى، إذن هذه ذكرى طيبة. وبعد أيام تحل علينا ذكرى الشهيد يحيى عياش رحمه الله. هذا البطل الذي حفر له في سفر الخلود والمجد صفحات مشرقة، نسأل الله أن يرحمه، وأن ينجب من هذا الشعب آلاف وملايين يحيى عياش ومن كل شهداء شعبنا.
وقفة أخرى أيها الأخوة مع هذا الضغط المتلاحق على "حماس" وعلى قوى المقاومة والإصرار على نزع سلاحها وحرمانها من حق المقاومة. وأقول لأمريكا وإسرائيل ومن لف لفهما: عبثا تحاولون، نحن عرفنا طريق الجهاد، وذقنا حلاوته، ولمسنا بركاته، واعتززنا بالسلاح بعد الله، فلا يستطيع أحد في الدنيا أن ينتزع سلاحنا، ولا أن ينتزع حقنا في المقاومة. لذلك نقرر ما قررناه دائما وفي كل المناسبات والمحطات: سنتمسك بسلاح المقاومة، وسنتمسك بخيار المقاومة، خيارا استراتيجيا حتى يتحرر آخر شبر من أرض فلسطين، ويعود آخر لاجئ ولاجئة إلى أرض فلسطين بإذن الله.
تبذل الضغوط لمنع حماس من المشاركة في الانتخابات، وكأن الديمقراطية مفصلة (على كيفهم)، ونقول لهم: الفواتير التي رفعتوها في وجوهنا لن ندفعها، ولو بفلس واحد، هذا حقنا.
ومن سخف عقولهم وقصر نظرهم يضعون شروطا يظنون "حماس" يمكن أن تقدم على تنفيذها؟!. مرة يتكلمون عن السلاح وعن المقاومة. وعما يسمونه بالعنف والإرهاب، بمعنى من يريد أن يدخل ميدان السياسة والانتخابات التشريعية فعليه أن يتخلى عن السلاح والمقاومة.
ثم يضيفون إلى ذلك أن نعترف بشرعية ما يسمى ب (إسرائيل) ويظنون أن أسلوبهم في استدراج البعض في ساحتنا الفلسطينية والعربية، بحيث أوصلوا بعضنا للأسف إلى دفع هذه الفواتير الباهظة، ومع ذلك أخذتهم أمريكا و"إسرائيل" إلى البحر المالح فعادوا عطاشى، لم يظفروا بشيء، ويظنون أن ما جرى على من سبق سيجري على من لحق.
نقول لهم: عبثا تحاولون، والله سنري أمريكا وإسرائيل والمجتمع الدولي (أنه مش بس حماس.. أنو الشعب الفلسطيني بكل فصائله اليوم، عرف الدرس واتعظ بالماضي). الشعب الفلسطيني، بحماس وغير حماس، ومن جميع الفصائل، مصر أن يجمع المقاومة إلى جانب السياسة، إلى جانب الخدمة الاجتماعية، إلى جانب الفكر، إلى جانب الانتماء لأمته، دون أن يساوم على واحدة منها. سندخل التشريعي والميدان السياسي، سنؤسس مرجعيتنا الفلسطينية القيادية دون أن نتخلى عن شبر من فلسطين.
البعض يفكر أن هذا النادي، نادي السياسة، الذي يدخله يجب أن يكون (فهلويا)، أن يكون حاذقا في التنازل، في المساومة، أن يكون مستعدا أن يتخلى عن حقه، أو عن معظم حقه، لينال الفتات من حقه، أو أن يتبارك بالاعتراف بشرعية "إسرائيل" حتى يقبل له مكان في لعبة السياسة.
نحن سنعلمهم الدرس، سنريهم أننا "حماس"، ومعنا إخوتنا في الفصائل، والأحرار والشخصيات من أبناء شعبنا، سوف نمارس السياسة بلغة جديدة، نمارس السياسة دون أن نتلهف ونهرول مع قادة العدو، وأن نسبح معهم في المنتجعات، لسنا مضطرين إلى ذلك، ولا هذه (شغلتنا). يا إخواننا وأخوتنا، البعض يتصور أن هذا إعجاز، تعالوا نقارن: الذي يخوض معركة غير متكافئة مع أعدائه في الميدان العسكري، الذي يقاتل بالخنجر ثم بالقنبلة اليدوية والمولوتوف ويصنّع السلاح. هذه غزة مساحة تقل عن ربع أو خمس أو عشر مدينة عربية ومع ذلك فإنها تصنع (الأربي جي- الياسين) وتصنع الصواريخ القسام وما ماثلها وتصنع الهاون وتصنع المتفجرات، وإن شاء الله على الطريق صناعة الفشك (الرصاص)..هذه الأرض المحدودة المكتظة بأهلها، ومع ذلك تصنع وتخوض معركة عظيمة.
هذا مخيم جنين يكبد أعداءنا، يركب موفاز هليوكوبتر (أباتشي) حتى يدير المعركة. هذا الشعب الذي ينتصر على عدوه في معركة عسكرية غير متكافئة، وينجح فيما لم تنجح فيه الجيوش.. أيعجز أن يخوض معركة سياسية بلغة جديدة، ومعادلات جديد؟!.
في حمى الانتخابات يسألون (أنتو حماس، بعد التشريعي (وين رايحين؟ رايحين عالحكومة)، وبعدين حتفاوضوا "إسرائيل"؟!).
يا إخواننا هل تظنون أن ما يجري عليه القوم بالضرورة أن ينطبق علينا؟! لا يا إخواننا، سنمارس السياسة بلغة أخرى، دون الحاجة إلى أن نتفاوض مع العدو، (طب بالله هيَّ "إسرائيل" طلعت من غزة بالتفاوض؟ يا ما أجروا مفاوضات ولم ينجحوا في إعادة انتشارهم من المدن، رغم كل السهر والتعب، بيناموا مع بعض، وبيفطروا مع بعض، وما طلعوش من المدن) ولكننا ونحن نجافيهم، ونحن نرفضهم، نحن نرفض شرعية الاحتلال.. أخرجناهم من غزة، فلماذا لا نخرجهم من دون مفاوضات. هل فاوض حزب الله "إسرائيل"، ألم يخرجها من جنوب لبنان؟
(البعض خايف إنو إذا فازت حماس، ومن يسير في خطها المقاوم سيفقر الشعب الفلسطيني، الشعب الفلسطيني سينقطع رزقه، وكأن الرزاق هو أمريكا والدول المانحة؟!) بالله عليكم من الذي خدم شعبنا تحت نير الاحتلال؟!. أليست هي المؤسسات المدنية، المؤسسات الاجتماعية التي وقفت مع الأرملة ومع أم الشهيد وعائلة الأسير، مع الفقراء والغلابى. أليس إخوانكم الذي كانوا ينحازون لكم والعالم يحاربهم، ولم يكن أحد يعترف بهم، استطاعوا خدمتكم؟ واليوم بعد أن فرضوا أنفسهم على العالم، أيعجزون عن خدمتكم؟ أبدا. (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، ولله خزائن السموات والأرض).
هذا هو المنطق، خزائن السموات والأرض عند الله وليست عند أمريكا والدول المانحة، مع أننا ندعو العالم كله أن يساعد شعبنا وهذا حقنا، لأن شعبنا يدافع ليس عن العرب والمسلمين وحدهم، بل يدافع عن العالم المتحضر، عن الإنسانية كلها ضد هذا المشروع الصهيوني المعادي لكل قيم ولكل إنسانية.
إذن، لا تخشوا، نجحنا في المؤسسات الخيرية رغم الحصار، ونجحنا في البلديات رغم الاعتقال والحصار، وسننجح بإذن الله في كل المواقع، وسنخدم شعبنا، ولن يجوع شعبنا أبدا لأن الله رازقه إن شاء الله.
ثم أيها الأخوة والأخوات، اليوم هناك مخطط صهيوني جديد اسمه الحزام الأمني، أو (المنطقة العازلة) شمال غزة، بس هالمرة، تدار وتصمم بطريقة جديدة، بطريقة السيطرة الجوية، عبر الطيران المحلق دائما، الذي يقصف ويقتل ويلقي بالمنشورات التي تحرض الناس والمزارعين في هذه المنطقة على المجاهدين، هذه المنطقة العازلة يظن الأعداء أنهم بها يمنعون صواريخ القسام، ويمنعون عمليات المقاومة، ونحن نقول ببساطة هذا عدوان جديد، وهذه إعادة احتلال لجزء من أرض غزة، ولا نواجهها إلا بخيار المقاومة، وحق شعبنا في الدفاع عن نفسه وهو حق لا نتخلى عنه مطلقا، وإذا ظنوا أن هذا سيحميهم فلقد جربوا ذلك في جنوب لبنان، ولكن أعداءنا لا يفقهون.
وكما أن الجدار في الضفة لم يحميهم فإن هذا الحاجز العازل، هذه المنطقة العازلة، لن تحميهم من شبابنا وشباب شعبنا الفلسطيني، إذن هذه الخطوة يخوفوننا بها، لكنا إن شاء الله سنتغلب عليهم بها بعون الله تعالى.
ثم نقول أيها الأخوة، البعض اليوم يطرح علينا مزايدات ويقول أين "حماس"؟. ونقول باختصار شديد: "حماس" تعرف متى تُصعّد، وحماس تعرف متى تهدئ، وحماس تعرف متى تعمل سواء في الميدان السياسي أو الميدان العسكري.
"حماس" عينها دائما على شعبها، "حماس" عينها على البندقية والمقاومة، "حماس" عينها على الحق الفلسطيني الذي انتقص، "حماس" ستظل دائما في وسط الشعب إن شاء الله. سننتصر لشعبنا في الميدان العسكري، وسننتصر له في الميدان السياسي، وهذا هو سعي "حماس" بإذن الله تعالى.
وفي هذا المقام أؤكد على وحدتنا الوطنية كما أوضح أخي العزيز الدكتور نزار ريان. هذه الوحدة الوطنية عززناها بالدماء، وبنقاء السواعد المؤمنة الشريفة للفصائل، وسنحافظ عليها، ومشروعنا لتعزيز الوحدة الوطنية يقوم على البقاء في مربع المقاومة، وعلى إقامة حياة سياسية قائمة على الشراكة، وعلى الثبات على محرماتنا الوطنية.
ثلاث شغلات، صمود في مربع المقاومة لأن الشعب لا يتجمع إلا في ميدان المعركة، ثم سيادة تقودنا إلى شراكة وطنية يجد كل فلسطيني منتميا إلى فصيل أو لم يكن منتميا آماله في هذه الشراكة الوطنية بين الداخل والخارج. وثالثا نعزز وحدتنا الوطنية بالتأكيد على محرماتنا الوطنية وهي ذاتها محرمات شرعية، حق الدم الفلسطيني، تحريم الدم الفلسطيني، التعاون على الجهاد وعلى البر والتقوى وعلى الصمود وعلى توجيه البندقية وحصرها في مواجهة العدو المحتل، فاطمئنوا.
إن إصرارنا على خوض الانتخابات التشريعية هو من أجل هذه الشراكة، ومن أجل محاربة الفساد، ومنع التفرد والتفريط، ومن أجل تحقيق الشراكة، وكذلك إصرارنا على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس سياسية وتنظيمية جديدة ينطلق من هذا الحرص على تعزيز وحدتنا الوطنية، وعلى بناء جبهتنا الداخلية، حتى نكون في أفضل حالاتنا في مواجهة العدو المحتل، فاطمئنوا، هذا هو خيارنا بحمد الله، وهذا الحفل اليوم بكل حضوره تجسيد للوحدة الوطنية.
أما عن سورية فالحمد لله أن سورية خرجت من لحظة الحرج، أراد أعداء سورية وأعداء الأمة العربية بها سوءا، وحاولوا استضعافها، وحاولوا التفرد بها، ولكن سورية كعادتها اختارت خيار الصمود والمقاومة والممانعة، ورفضت أن تنتحر، رفضت أن تقتل نفسها بنفسها، وأدارت المعركة بهامش سياسي يثير التقدير والإعجاب، وكان هذا خيار سورية، خيار قائدها الأسد، وخيار شعبها في عرين الأسد، سورية خرجت من لحظة الحرج، رغم أن الخطر لا يزال محدقا بها كما هو محدق بفلسطين وبالعراق وبلبنان وكل دولنا، ونحن مع سورية وفي خندقها، لا كما يريد البعض أن يحشرنا (إذا كنتم مع سورية فأنتم ضد لبنان.. لا يا حبايبي، نحن مع لبنان ومع سورية ومع العراق ومع أمتنا العربية والإسلامية جميعا) نحن الذين نختار، لا نقبل أن نحشر أو نصنف، نحن مع سورية ونحن مع أمتنا وأي اعتداء على أمتنا، سنرد عليه بالتصعيد ضد العدو الصهيوني.
البعض استهجن عندما قلت في وقت سابق أننا سندافع عن إيران، رغم أن إيران ليست محتاجة إلى من يدافع عنها، ولكنه تعبير من يستشعر أننا في خندق واحد، وأقول نحن في معركة مقاومة مفتوحة في فلسطين، إذا اعتدى الصهاينة على أي بلد عربي أو إسلامي سوف نصّعد المقاومة في فلسطين. المعركة مفتوحة، كل اعتداء على أي بلد عربي أو مسلم سوف نمضي في تصعيد المقاومة داخل فلسطين، لأننا في خندق واحد في مواجهة الأعداء.
وأما العراق الشامخ فالحمد لله، أن الله سبحانه وتعالى يدبر من حيث لا نحتسب، بالله عليكم كيف كان حالنا عشية احتلال العراق؟ كان الجميع في حالة خوف بأن قطار أمريكا الزاحف إذا وصل بغداد سيجتاح عواصم المنطقة، ولكن هذا القطار ارتطم بقسوة بصخرة الصمود العراقي، وهذا القطار سيرتد عائدا إلى واشنطن، وستتحطم كل المؤامرات الصهيونية والأمريكية.
إننا ننصح كل مجاهد على أرض العراق، وفي غير العراق، أن يحصر معركته مع أعداء الأمة، وألا يسفك دم عربي أو مسلم، أي لا يجعل الاحتكام إلى السلاح هو الطريق لحل المنازعات والخلافات السياسية.
قد نختلف في الاجتهادات السياسية، ولكن طريق حلها هو الحوار السياسي والطرق السلمية، أما المقاومة فهي ضد أعداء الأمة. هذه نصيحتنا للمقاومة في العراق، وفي كل مكان من أرضنا العربية والإسلامية.
إننا بفضل الله تعالى نشهد مرحلة مميزة في تاريخ الأمة، دائما اسميها (مرحلة مخاض) وهو مخاض على آلامه المبرحة مبشر بانتصارات كبيرة، وانظروا إلى جبهة الممانعة التي تقف في فلسطين وفي سورية وفي العراق وفي لبنان وفي إيران، وحول هذه الجبهة الساخنة بؤر ممانعة سياسية، قد تبدو خافتة لكنها تتضافر لتخلق مأزقا للصهاينة والأمريكان، ونحن على خير عظيم ولكن صبراً صبراً، لا تتعجلوا النتاج، والله سوف نهزمهم، سيهزم الجمع ويولون الدبر.
في ذكرى انطلاقة حماس نؤكد على هذه القيم والمعاني، نؤكد أن جبهات المقاومة والممانعة في الأمة صلبة أكثر مما يتصور أعداؤنا.
واختم حديثي بسؤال ما هو دوركم، ما هو دور الشعوب؟ الحركات والقوى والفصائل والدول.. كل يقاتل ويقاوم بقدر ما يستطيع، لكنا نريد من هذا الشتات الفلسطيني في مخيمات اللاجئين والنازحين، ومن حولهم أبناء الأمة العربية والإسلامية، نريد منهم مزيدا من الدور، وإن شاء الله هذا الدور سنكون معكم فيه، حتى يتعاظم ويصبح تيارا ينصر أهلكم في فلسطين.
لا تخافوا على أهلكم في غزة ولا تخافوا على أهلكم في الضفة، ولا تخافوا على أهلكم في الأراضي التي احتلت عام 1948، إنهم صامدون إن شاء الله، لكننا نريد تجديدا لدور الشتات الفلسطيني، نريد تأكيد لحق العودة، نريد تأكيداً لقضية القدس والأقصى التي يتربص بها أعداؤنا، ويظنون أن تعطيل الانتخابات فيها يجعلها يهودية. وعبثا يحاولون.
ستظل القدس في وجدان أمتنا، وستظل القدس على رأس الأجندة الوطنية، ستظل قضية حق العودة على رأس أجندتنا، ستظل قضية الأسرى كذلك.
نحن أمام مسؤوليات عظيمة، ووالله لو كنا نركن إلى أنفسنا لضاقت أنفسنا بنا، ولثقل الحمل علينا، ولكننا نركن إلى ركن مكين، نركن إلى الله تعالى الذي سينصرنا (ذلكم وإن الله موهن كيد الكافرين).
أقول في خاتمة القول، لك الحمد يا ربنا على فضلك ولك العهد منا أن نظل على طريق الجهاد، ولك يا شعبنا العهد والوعد أن نحفظ دمائك، وأن نحمي عرضك وأرضك ومالك، وأن نظل على درب الشهداء حتى نلتحق بهم وإننا لمنتصرون، وإننا لعائدون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.