"البيجيدي" يحمل الحكومة مسؤولية الاحتقان الاجتماعي وإحتجاجات "جيل Z"    مؤلفات مداخل الترافع الأكاديمي عن مغربية الصحراء في المحافل الدولية والمنتديات العالمية:    إصابة كارفخال تزيد متاعب الميرنغي عقب الهزيم أمام أتلتيكو    مونديال الشباب: المنتخب المغربي يواجه إسبانيا في أولى جولات بحثا عن الانتصار    حصري.. الطاوسي على أعتاب مغادرة الكوكب المراكشي بعد البداية المخيبة    الصيدلاني والعمل الإنساني في صلب النقاش بالمؤتمر الدولي الثامن لجمعية "إم فارما"    انطلاق القافلة التواصلية التحسيسية للشركة الجهوية متعددة الخدمات بالشرق وأكاديمية جهة الشرق    وفاة أستاذ بالحسيمة متأثراً بمحاولة انتحار بشاطئ إسلي    الرباط تختتم الدورة 27 من مهرجان الجاز بمزيج موسيقي فريد    السينما تلتقي بالموسيقى في برنامج فني إبداعي في مهرجان الدوحة السينمائي    عابد والحداد وبلمو في ليلة شعرية استثنائية بين دار الشعر والمعهد الحر بتطوان    فنانون وشخصيات عامة يطالبون فرنسا وبلجيكا بتوفير حماية دبلوماسية لأسطول الصمود المتجه إلى غزة    أشبال الأطلس يستهلون مشوارهم في مونديال الشباب بملاقاة إسبانيا    إطلاق سراح المحامي فاروق المهداوي بعد اعتقاله على خلفية احتجاجات بالرباط        المغرب ومنظمة الطيران المدني الدولي يوقعان اتفاقا لتطوير تعاونهما        ما هي العقوبات التي أعيد فرضها على إيران؟    رئيس وزراء النيجر في الأمم المتحدة: اليورانيوم صنع مجد فرنسا وجلب البؤس لشعبنا    طقس الأحد.. رياح قوية وتطاير غبار بعدد من مناطق المملكة    الموت يغيّب الإعلامي سعيد الجديدي    لماذا تمنع احتجاجات "جيل Z" بينما يسمح في الوقت نفسه بمسيرات التضامن مع فلسطين؟    ألمانيا.. عشرات الآلاف في برلين يطالبون بوقف الحرب على غزة    رئيس كولومبيا يتهم أمريكا بانتهاك القانون الدولي بعد إلغاء تأشيرته    الجمعية" تستنكر التدخل الأمني والاعتقالات خلال وقفة احتجاجية بمراكش    "حماس" تنفي تلقي مقترحات جديدة    دراسة: المعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر استعدادا للكذب والخداع    المغرب يعزز ترسانته العسكرية ب597 مدرعة أمريكية من طراز M1117..    تحليل إخباري: قمع احتجاجات جيل "زِد" قد يحول الغضب الرقمي إلى كرة ثلج في الشارع            دوري أبطال إفريقيا: نهضة بركان يتأهل للدور الموالي بانتصاره على أسكو دي كار    إحباط تهريب 12 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط    انطلاق بيع تذاكر مواجهة المغرب والبحرين بالرباط    أولمبيك الدشيرة يتغلب على ضيفه الكوكب المراكشي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الأسبوع على وقع الانخفاض    تحليل إخباري: المغرب يواجه هشاشة في سوق العمل رغم فرص التحول المستقبلي    احتيال محتمل في صفقات الألواح الشمسية من الصين يهدد المغرب بخسائر بمئات ملايين الدراهم    نقابة المهن الموسيقية ترفض قانون حقوق المؤلف الجديد وتتهم الحكومة بتهميش الفنانين    بعد رحيل المؤسس بن عيسى .. موسم أصيلة الثقافي يجيب عن سؤال المستقبل    رامي عياش يسترجع ذكريات إعادة "صوت الحسن" وصداها العربي الكبير    القوات المسلحة الملكية تبرز التراث المغربي في معرض الفرس بالجديدة    تصنيف "ستاندرد آند بورز" الائتماني يضع المغرب بنادي الاستثمار العالمي    "الجاز بالرباط".. العاصمة تحتفي بروح الجاز في لقاء موسيقي مغربي- أوروبي    مهنيو الفلاحة بالصحراء المغربية يرفضون الخضوع إلى الابتزازات الأوروبية    أخنوش يتباحث بنيويورك مع الأمينة العامة لمنظمة التعاون الرقمي    الفرق المغربية تسعى إلى العبور للدور الثاني بالمسابقات الإفريقية    "يونايتد إيرلاينز" توسع رحلاتها المباشرة بين مراكش ونيويورك لفصل الشتاء        مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو        الاتحاد الأوروبي يوافق بشروط على علاج جديد للزهايمر    الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة النوايا وتحمل المسؤولية
نشر في التجديد يوم 27 - 05 - 2011

كم هو قصير وهش حبل الاستدلال المعتمد لتسفيه المقاربة التصالحية القائمة على الحوار والإنصاف وجبر الضرر تجاه معتقلي ملف السلفية الجهادية من غير المتورطين في جرائم الدم، وتبخيس الدعوة لطي صفحة 16 ماي ومواصلة إجراءات الثقة باعتماد مبادرة شجاعة تجاه هذا الملف كجزء من المسار الإصلاحي الديموقراطي.
آخر النماذج على هذا النقد ما ورد بشكل مركز في خاتمة افتتاحية يومية «أوجوردوي لوماروك» في عددها ليوم الأربعاء الماضي، حيث اعتبرت أن انخراط التيار السلفي الجهادي في حركة 20 فبراير، هو بالنسبة للتيار الإسلامي البرلماني في المغرب «فرصة لاستعادة بكارتهم المذهبية إزاء شيوخ وإخوة ينظرون بعين سيئة لشهر العسل القائم بين التيار الإسلامي البرلماني وحكم كافر وفاسق. وبحسب هذا الاستدلال من أجل بناء الثقة تحت دعوى مراوغة وضعيفة ثقافيا فإنهم يصبون الزيت في النار برفضهم تحمل مسؤوليتهم واعتبارهم كل نقد ل»انحرافهم» الحالي بمثابة انبعاث مؤلم للمقاربة الأمنية في مواجهتهم».
لماذا هو قصير وهش؟ بوضوح، لأنه يعوض فقر الأدلة الملموسة بالبحث في النوايا المفترضة والمزعومة وتحويلها إلى حقائق تستعمل لتوزيع الاتهامات، كما هو قصير أيضا لأنه يلجأ إلى التهرب من تقديم الاعتذار عن أحكام بنيت على معطيات غير صحيحة في افتتاحية سابقة باليومية ذاتها في الأسبوع الماضي، من مثل القول بأن المقاربة التصالحية تدعو للإفراج على كل المعتقلين رغم كونها صريحة في استثناء المتورطين في جرائم الدم، والتهرب من الاعتذار هو الذي يفسر البحث في النوايا.
ثم هو قصير ثالثا لأنه يعوم مطلب بناء الثقة بالتشكيك في أطرافها ومضمونها رغم أن الخطاب الحقوقي شبه الرسمي قدم الإفراج على مجموعة المعتقلين السلفيين ضمن مسلسل بناء الثقة في مصداقية تحول مقاربة الدولة في التعاطي مع هذا الملف.
لكن لندخل في عمق الأشياء ونناقش الدلالات الكامنة وراء هذه المحاكمة للنوايا، إن مجموع الأحكام والمزاعم المثارة في افتتاحية «أجوردوي لوماروك»، هي نتاج تصور افتراضي غير صحيح للمقاربة التصالحية، كما تعكس تشكيكا عميقا في مرتكزات خيار المشاركة السياسية عند جزء معتبر من التيارات الإسلامية بالمغرب.
أولا، ما هي هذه المقاربة؟ وهل هي طارئة ونتجت عن تفاعل مع حركة المد الديموقراطي؟ الواقع يقول بعكس ذلك، وسنكرر التوضيح قطعا لكل تأويل، وهناك الكثير من الوثائق والندوات التي نظمت في هذا الصدد، وانطلاقتها العملية طرحت في مبادرة مشتركة بين منتدى الكرامة والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في عهد رئيسه الأسبق بعد صدور وثيقة «أنصفونا» قبل أزيد من سنة، وأدت إلى تقديم أزيد من 160 معتقلا برسائل للعفو تضمنت تحديدا لمواقفهم إزاء قضايا التكفير والعنف والموقف من الدولة، وتقوم على التمييز بين ثلاث فئات، الأولى قامت بمراجعات أو عبرت عن قناعات سلمية ومدنية وأدانت العنف وتكفير الدولة والمجتمع، ويتم تفعيل آلية العفو تجاه هذه الفئة.
والثانية تورطت في جرائم الدم، والجواب إزاءها هو تطبيق القانون. ثم الثالثة والتي لم تتورط في جرائم الدم لكن ما تزال تحمل قناعات فكرية متطرفة، والحل إزاءها هو الحوار والمراجعة كمقدمة للإنصاف، أي نحن أمام ثلاث خيارات يمثل الدافع لها تجاوز اختلالات المحاكمة العادلة والانتهاكات الحقوقية التي تعرض لها قطاع معتبر من المعتقلين، والثاني وهو الأهم أن يكون ذلك جزءا من المقاربة الشمولية لمكافحة الإرهاب والتطرف.ثانيا، من الواضح أن المقاربة التصالحية هي نقيض كل سلوك اعتذاري يبحث عن اصطناع بكارة تجاه حملة الفكر المتطرف المكفر للدولة كما جاء على لسان افتتاحية ''أجوردوي لوماروك''، ذلك أن من يكفر الدولة وتورط في جرائم الدم هو من يرفض هذا التيار الإسلامي المشارك أن يستفيد من مقاربة التسوية، أي أن من يستثون هم المعنيون بالتفسير الافتراضي للافتتاحية، وهذا كاف لوحده لإبطال هذا التأويل.ثالثا، ما هو خطير ليس البحث في النوايا لنقد موقف مبدئي بل هو في الاستنتاجات السياسية التي تليه، وأهمها السقوط غير الواعي في وضع الجميع في سلة واحدة، والاتهام بأن الدوافع المعلنة مرواغة ولا تعكس تحملا للمسؤولية، رغم أن العكس هو الصحيح، ذلك أن التطور الديموقراطي للمغرب يقتضي تحمل المسؤولية سواء تجاه الدولة أو المجتمع، والتنبيه إلى الانحرافات من أي جهة صدرت دون عقدة التعرض أو الاستهداف بمقاربة أمنية أحادية استعملت بعد 16 ماي، لأن ذلك أصبح بكل بساطة من الماضي الذي فقد لشروط استنساخه. على كل، يمكن القول إن الحوار الدائر ظاهرة جد إيجابية وتعكس غيرة ورغبة في تقوية العلاقة مع شريك سياسي لرفع تحديات الانتقال الديموقراطي، أخذ صوت الحكمة والعقلانية يعود إلى الساحة الإعلامية في التعاطي مع الانحرافات التي شهدتها الساحة السياسية للبلاد إثر التدخلات الأمنية إزاء الحراك الاحتجاجي المغربي، وهو ما يتيح إمكانية واسعة لجعل النقاش يتطور في مسار منتج وهادئ وتفاعلي.نعم هناك حاجة إلى الوقت؟ ومن الصعب توقع مراجعة الفاعلين في النقاش العمومي بين عشية وضحاها، وخاصة في ظرفية تعيش على وقع تحولات متسارعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.