واشنطن: الاعتقال بسبب الرأي مستمرفي المغرب.. والزفزافي معتقل تعسفيا.. و67% من القوة العاملة في القطاع غير المهيكل    "مناجم"... رقم المعاملات يبلغ 4،42 مليارات درهم عند متم يونيو 2025    "مازي" يتراجع في بورصة البيضاء    السكتيوي يعلق على إصابة مولوعة    توقيف شخص يشتبه تورطه في اندلاع الحريق الضخم بغابات جماعة باب تازة    الغموض يلف "مشيخة البودشيشية"    الحبس النافذ للمتهم وتعويض 40 مليون سنتيم في قضية دهس "الطفلة غيثة"    المادة 17 من قانون المسطرة المدنية بين النظام العام والأمن القضائي    المغرب: إشعاع ثقافي متصاعد وتحديات تمثيل صورته في السينما الأجنبية    على بعد مسافة…من حلم    يا ويلي من اسمي.. حين يخاصمني    الناشط أسيدون يلازم العناية المركزة    صحيفة "ABC" الإسبانية تُبرز أسباب تفوق ميناء طنجة المتوسط        المغرب يسجل 49.2° بالعيون وفوارق حرارة قياسية تصل إلى +17° خلال "الصمايم"    رواج ينعش استعمال "كتابة النساء" في الصين    مصر تفقد أحد أعمدة الأدب العربي.. صنع الله إبراهيم في ذمة الله            الدكتور بوحاجب: غياب مراقبة الجودة أحيانا يفتح المجال أمام التلاعب بصحة الناس..!!    ذكرى استرجاع وادي الذهب.. المشاريع الملكية تحوّل الصحراء المغربية إلى قطب اقتصادي وتنموي متكامل    الناظور.. الجمارك تحبط تسويق أطنان من مواد غذائية فاسدة في أزغنغان    أول تعليق للقوات المسلحة الملكية بخصوص واقعة فيديو "تعنيف مهاجر" قرب سبتة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب إقليم مالوكو في إندونيسيا    نائب يميني متطرف يستفز المغرب برفع العلم الإسباني على صخرة محتلة قبالة الحسيمة    أول تقرير عن حالة حقوق الإنسان في العالم صادر عن إدارة ترامب يصف مجازر إسرائيل في غزة بأنها "حوادث فردية"    وزراء خارجية 24 دولة يطالبون بتحرك عاجل لمواجهة "المجاعة" في غزة            السكتيوي يطمئن المنتقدين ويؤكد جاهزية "الأسود المحلية" لمواجهة زامبيا        تفشي بكتيريا مرتبطة بالجبن في فرنسا يودي بحياة شخصين ويصيب 21 آخرين    في ‬اللقاء ‬الذي ‬جمع ‬الوزير ‬برادة ‬وقيادات ‬النقابات ‬التعليمية :‬    إطلاق الصاروخ الأوروبي أريان 6 إلى الفضاء    أسعار الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء تسجل تفاوتاً كبيراً بين المنتجات    مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة تجري بنجاح أول عملية زراعة كلية مع عدم توافق فصائل الدم ABO على المستوى القاري    راشفورد ينتقد يونايتد: "يفتقر إلى الخطط"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    هل ‬دخلنا ‬المرحلة ‬ما ‬قبل ‬الأخيرة ‬لتطبيق ‬مقترح ‬الحكم ‬الذاتي ‬؟ ‬    تراجع الدولار مع ترقب خفض أسعار الفائدة الأمريكية في شتنبر    دول أوروبية تتوعد النظام الإيراني بإعادة تفعيل آلية العقوبات    فرنسا.. توقيف مراقب جوي بعد قوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية        تسكت تتألق في أمسية "رابافريكا"    أربع مدن مغربية على رأس قائمة أكثر مناطق العالم حرارة    بوتين يشيد بالقوات الكورية الشمالية    اعتقال شخص بعد إطلاق نار داخل مطار سيدني    غزة: صندوق الثروة السيادية النرويجي يسحب استثماراته من 11 شركة إسرائيلية        دورة سينسيناتي لكرة المضرب: ألكاراس يتأهل لثمن النهاية    حملة أمنية بوزان تطيح بمروجي مخدرات وتوقف مطلوبين للعدالة    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنكيران والاستقواء بالغوغاء
نشر في أزيلال أون لاين يوم 17 - 03 - 2017

فهل يقدر بنكيران على رفع هذا التحدي ويُكذِّب قناعتي بعدم قدرته على ذلك؟ لا أعتقد (وأتمنى أن تكذبني الوقائع)؛ ذلك أنه ليس رجل حوار وليس صاحب خطاب سياسي رصين ورزين، يقوم على التحليل والبرهنة والإقناع؛ بل هو مهرج يعتمد أسلوب الفرجة والتسطيح (ودغدغة العواطف)، وكأننا أمام "احلايقي" في جامع الفنا أو "نْكايْتي" في مهرجان الضحك بمراكش (أو في أي برنامج إذاعي أو تلفزيوني فكاهي) أو أمام مقدم لعرض بهلواني في سيرك جَوَّال...، وليس أمام الرجل الثاني في هرم الدولة المغربية. وهذا أمر مخجل حقا لكونه يسيء إلى إحدى المؤسسات الدستورية الأساسية ويعطي صورة سلبية على بلادنا وعلى مسؤوليها.
ويا ليت بنكيران يتحلى بشيء من التواضع وينظر إلى هفواته وزلاته السياسية الكثيرة والتي لا تنقطع. لكن الرجل لا يعرف للتواضع طريقا. فالغرور يركبه من رأسه إلى أخمص قدميه (وما ذا يمكن أن ننتظر من شخص يهذي ويزعم أن حزب العدالة والتنمية هبة من السماء؟). والغرور (نقيض التواضع) يجعل سلوك صاحبه (أي المغرور) يتسم بالتعالي والخيلاء والتبجح والتفاخر والعنجهية والغطرسة والعجرفة وغيرها من صفات التكبر.
وما كنت لأهتم بهذا الجانب، لو لم يكن يدعي، بمناسبة وبدونها، المرجعية الإسلامية. وبما أن الأمر كذلك، فلننظر إن كان يتمثل حقا المرجعية الإسلامية في أفعاله وأقواله وسلوكاته... أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد قناع، يُستعمل لتحقيق أهداف سياسية ومنافع شخصية (وهذا هو ديدن الإسلام السياسي).
نعرف جميعا أن التكبر أو الكِبْر(وما يتصل به من صفات وسلوكات) مذموم دينيا وأخلاقيا واجتماعيا. وقد ورد في القرآن الكريم أن الله لا يحب المتكبرين ("إن الله لا يحب من كان مخاتلا فخورا"؛ "إن لله لا يحب كل مختال فخور"...)؛ أما المصطفى (ص) فقد قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْر".
وهذه الخاصية (أي التكبر والتعالي والتفاخر...) لا ينفرد بها بنكيران؛ بل هي سمة، تكاد تكون عامة، في سلوك قادة العدالة والتنمية وأتباعهم. ولذلك، يحق أن نتساءل عن نوعية التربية التي يتلقاها المريدون في حركة التوحيد والإصلاح (الذراع الدعوية للحزب)، إذا لم تكن تلقنهم الأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن... !!!
ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد (أي الاتصاف بالكِبْر) !!! بل يقترف بنكيران الكثير من الأقوال والأفعال المذمومة دينيا؛ بينما يتبجح بمرجعيته الإسلامية، وكأن الأحزاب الأخرى كافرة.
قد يكون لبنكيران صفات إنسانية جميلة وحسنة. لكني، شخصيا، لا أعرف بنكيران إلا كمسوؤل حزبي وكرئيس للحكومة المغربية (أتعمد عدم استعمال عبارة "رجل الدولة" في حقه، لكونه لم يقنعني يوما أن له "بروفيل" رجل الدولة). وبهذه الصفة، أكاد أجزم أن المغرب لم يعرف وزيرا أول أو رئيس حكومة ( أو وزير حتى) أكذب من بنكيران؛ لا، بل هو أكذب من عرقوب ومن مسيلمة. ولم يسلم من كذبه حتى الباري عز وجل.
وآخر كذباته، ما جاء في خطابه بالوليدية؛ حيث أسهب في الحديث عن "منجزاته" أمام شبيبة حزبه، مدعيا مصلحة الشعب والدولة والوطن؛ في حين أن التقارير الوطنية (المندوبية السامية للتخطيط) والدولية (البنك الدولي) تؤكد، بشكل مخيف، أن بلادنا تسير إلى المجهول اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. ففي آخر تقرير للبنك الدولي يؤكد أن حوالي 5 ملايين ونصف مغربي مهددون بالانزلاق إلى هوة الفقر بسبب أوضاعهم الاقتصادية ولاجتماعية.
وعبارة الانزلاق إلى هوة الفقر، تعني أن الملايين المهددة بهذا الانزلاق، سوف تغادر صفوف الطبقة المتوسطة ووضيعة الاستقرار الاجتماعي، لتلتحق بصفوف الفئات الهشة. ومع ذلك، يتبجح بنكيران ب"بإصلاحاته" ويدعي أنها لصالح الضعفاء. أليس هذا كذبا وبهتانا، لا يليق بمن يدعي المرجعية الدينية؟
حين تحديته في الفقرة الأولى من هذا المقال، كنت أستشعر الأثر البليغ للندوة الصحافية التي عقدها الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، الأستاذ إدريس لشكر، على بنكيران الذي أبان في الوليدية أنه قد فقد أعصابه وخرج عن طوره. وقد تحديته وأنا أعرف أنه يختار للرد على خصومه الفضاءات التي يكون فيها هو الممثل الوحيد (والمتكلم الوحيد الذي يسأل ويجيب) أمام جمهور من نوع خاص، مهمته الأساسية التصفيق على التراهات التي تخرج من فم رئيس الحكومة المعين.
وتحرص قيادة حزب العدالة والتنمية على جعل هذه الفضاءات مجالا لاستعراض القوة. لذلك، يتم حشد الغوغاء من أجل التصفيق والهتاف والصياح. وما فضاء الوليدية إلا مثالا من المشاهد الغوغائية التي ينزل فيها بنكيران بالخطاب السياسي إلى الحضيض. وهكذا حضرت، في كلمته، البطاطا وحضرت السخرية وحضر العناد والأيمان المغلظة...ناهيك عن السفاسيف والأكاذيب والافتراءات....وقد كان هذا الخطاب يجد الاستحسان المعبر عنه بالتصفيق. ولما كان يلاحظ عدم التجاوب أو التفاعل مع ما كان يهذي به، كان يستحث الشباب الحاضر، على طريقة أصحاب الحلقة، على التصفيق.
وبما أن الدستور المغربي قد أوكل إلى الأحزاب السياسية مهمة تأطير المواطنين، وبما أن لقاء الوليدية كان يهم الشباب، لا يمكن للمرء إلا أن يتساءل عن نوعية التأطير الذي يقوم بها البيجيدي. فبنكيران لم يلق عرضا سياسيا، بل خطابا تحريضيا وتغليطيا، يقوم على الشحن الإيديولوجي ودغدغة العواطف، متوسلا تصفيق وهتاف الجمهور الحاضر. وبالتالي، يمكن الجزم بأن بنكيران يصنع الغوغاء للاستقواء بهم على من يعتبرهم خصومه.
ويكمن خطر مثل هذا الأسلوب في كونه يتوجه إلى فئة عمرية لا تزال هشة من حيث الفكر والتفكير؛ مما يجعلها عرضة للفكر المتطرف المفضي إلى الإرهاب. وليس صدفة أن تأتي ردود الأفعال المهللة بمقتل السفير الروسي بتركيا، من شبيبة العدالة والتنمية؛ كما ليس صدفة أن يقوم قياديون في شبيبة هذا الحزب بنشر تدوينات، تدعو إلى قطع رؤوس منتقدي ومخالفي حزبهم. فهل هناك مثال أوضح من هذا على نوع الفكر الذي يروجه حزب العدالة والتنمية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.