لجنة ال24.. الإمارات العربية المتحدة تجدد تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي ولسيادة المغرب الوطنية    هلال: التزام المغرب بالتصدي لخطاب الكراهية ثابت وراسخ    بنعليلو: الفساد في قطاع الصحة تهديد للأمن الصحي ومس بحق دستوري أساسي    40 دولة تجدد دعمها لسيادة المغرب على الصحراء في مجلس حقوق الإنسان    المغرب في معرض لوبورجيه بحثا عن شراكات لمواكبة دينامية تحديث قطاعه الجوي (قيوح)    مزور: الحكومة انتقت أزيد من 1800 مشروع لتعزيز السيادة الصناعية وخلق قرابة 180 ألف منصب شغل    رسميا.. العصبة الاحترافية تكشف عن موعد انطلاق الموسم الكروي المقبل    سجن وتغريم 4 أشخاص بسبب الإساءة العنصرية لفينيسيوس    نشرة إنذارية.. زخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة اليوم الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    تحذيرات من الداخلية لرؤساء الجماعات بسبب تعثر مصالح المواطنين    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    برشلونة يعزز تصنيفه الائتماني ويترقب زيادة إيراداته بعد العودة إلى كامب نو        الأمير مولاي رشيد يترأس الجمع العام الاستثنائي للجامعة الملكية المغربية للغولف    بعد 4 أيام من تعيينه.. إسرائيل تغتال رئيس هيئة أركان الحرب الإيراني الجديد    توقيف فرنسيان حاولا تهريب 79 كيلوغراما من الحشيش عبر باب سبتة    المحكمة تصدر حكمها في قضية المهداوي يوم 30 يونيو ودفاع وهبي يطالب بتعويض بمليار سنتيم        توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    الذهب يرتفع مجددًا بفعل تنامي الطلب وتزايد الإقبال على الملاذات الآمنة    مايس... الرابور الفرنسي يُشعل المنصات برسالة قوية دفاعًا عن مغربية الصحراء    وليد الركراكي.. بين فورة الغضب ومتطلبات البناء الوطني    مجموعة السبع تؤكد على"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وتعارض امتلاك إيران لسلاح نووي    ليس بينها المغرب.. 20 دولة عربية وإسلامية تدين العدوان الإسرائيلي على إيران وتحذر من التصعيد    احتجاجات مرتقبة لموظفي التعليم العالي بسبب تعثر المصادقة على النظام الأساسي    د محمد صبري : الصيدلة دعامة أساسية في الرعاية الصحية القريبة من المواطن..    ارتفاع أسعار النفط بنحو 2 بالمائة في الأسواق العالمية    جهة الدار البيضاء – سطات بصدد إحداث 28 محطة لتحلية المياه    تطوان تحتفي بعبق الموسيقى التراثية في أول ملتقى جهوي يحتفي بعبد الصادق شقارة    أعمدة كهربائية تُشوّه جمالية شوارع مدينة الجديدة: محمد الرافعي وإبراهيم الروداني في الواجهة .    إيران والجزائر... محور الاضطراب الذي يؤجج بؤر التوتر في العالمين العربي والإفريقي    "نقاش الأحرار".. برادة يكشف جهود الحكومة لرفع أعداد "مدارس الريادة" والحد من الهدر المدرسي    باريس وبرلين ولندن تحض طهران على التفاوض "بأسرع ما يمكن بدون شروط مسبقة" (مصدر دبلوماسي)    ثنائية فلامنغو تهزم الترجي التونسي    طنجة.. الإطاحة بلص خطير متورط في 16 سرقة قرب الكورنيش    ترامب يضع إيران أمام خيارين أحلاهما مرّ    حزب الله يدين استهداف إعلام إيران    قائمة شركات طيران علقت رحلاتها جراء التصعيد بين إسرائيل وإيران    موعد مباراتي نصف نهائي كأس العرش    المغربي هاروان رِيد يعرض أعماله في دار سوذبيز ببروكسل ضمن مؤتمر المغرب: فرصة استثمارية استراتيجية وأسلوب حياة فريد    السينما والتاريخ شعار الدورة الثانية لأيام وزان السينمائية    وزيرة المالية: لا غلاء في المغرب.. وملف التقاعد لا يحتمل المزايدة السياسية    "الجغرافيا الجديدة" بأكاديمية المملكة    جراحات جبل "طوبقال" القديمة    فرجة "دراغون" تلقى الإقبال في أمريكا الشمالية    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    في أول لقاء مع جمهوره المغربي.. ديستانكت يكشف ألبومه العالمي وسط تفاعل صاخب    "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل من تداعيات للتقارب بين مدريد والجزائر على العلاقات المغربية الإسبانية؟
نشر في شمال بوست يوم 14 - 10 - 2020

قام رئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيس يومي 7 و8 أكتوبر من هذه السنة بأول زيارة له إلى الجزائر، وتأتي هذه الزيارة في إطار محاولة إسبانيا الحفاظ على توازن علاقاتها مع الجارين الجنوبيين اللذان تربطها بهما علاقات ومصالح اقتصادية وأمنية استراتيجية.
رغم أن المغرب شريك رئيسي لإسبانيا في محاربة الإرهاب والهجرة السرية والتعاون الأمني ، ويعتبر الشريك التجاري الأول لإسبانيا ، تبقى الجزائر مصدر نصف الغاز الذي تستهلكه من إسبانيا عبر أنبوب يمتد بين بني ساف في الجزائر وألميريا، وتعتبر إسبانيا الزبون الثالث للجزائر بعد فرنسا وإيطاليا ، كما يجمع البلدين تعاونا متصاعدا في قطاعات اقتصادية استراتيجية مهمة ، منها محطات معالجة المياه العادمة ومحطات تحلية المياه المالحة ، وكذلك في مجال النقل وصفقات البنيات التحتية، وتحتل الجزائر الرتبة 15 في لائحة زبائن الصادرات الإسبانية والزبون الثاني في إفريقيا، وهذا ما يُفسر حجم الوفد المرافق لرئيس الحكومة الاسبانية الذي كان يضم ممثلين عن أكبر الشركات الاسبانية التي لها مصالح واستثمارات في الجزائر، وكذلك ولأول مرة ممثل عن نقابة الاتحاد العام للعمال UGT التي تعتبر من أكبر النقابات الاسبانية.
ذ. عبد الحميد البجوقي
لا تختلف هذه الزيارة عن سابقاتها لرؤساء الحكومات الاسبانية السابقة بالنسبة لطبيعة الملفات الاقتصادية والأمنية التي تحكم علاقة إسبانيا ببلدان شمال إفريقيا، لكنها بالمقابل تأتي في ظرفية استثنائية من العلاقات مع الجار المغربي، وفي ظل تصاعد سباق التسلح بين المغرب والجزائر، وتحقيق المغرب لنجاح دبلوماسي وانفتاح اقتصادي على مستوى القارة الإفريقية، وكذلك دوره النشيط والمتصاعد كوسيط في مناطق التوتر والنزاع كما هو الشأن بالنسبة لدولة مالي والنزاع في ليبيا.
كذلك تأتي هذه الزيارة في ظل تحولات استراتيجية يعرفها المتوسط وبروز لاعبين جدد نمودج التدخل التركي بمساحة من التأثير تُهدد التوازنات التي كانت سائدة والتي عبرت الجزائر مرارا على انزعاجها من أي تهميش لدورها في صُنعها. كما لا يمكن أن ننسى تأثير مشاركة بوديموس واليسار الموحد في الحكومة الاسبانية الحالية اللذان يبديان رغبتهما في المزيد من التقارب مع الجزائر، وبالخصوص في ملف الصحراء. الشد الناعم للحبل من طرف المغرب في بعض الملفات أصبح يُهدد بعض المصالح الاسبانية، وغالبا ما كانت إسبانيا تلجأ للرد على الضغوطات المغربية عبر سياستها الخارجية وأساسا التقارب مع الجار الجزائري.
في هذا السياق يجب أن نستحضر مجموعة من الملفات الاقتصادية والسياسية التي رفعت ولو بشكل طفيف وغير مُعلن سقف التوتر بين حكومة صانشيص والخارجية المغربية، منها موضوع الصحراء وموضوع الحدود مع سبتة ومليلية، ولا شك أن الجزائر أدركت أهمية ثلاثية الأمن والهجرة ومحاربة الإرهاب في علاقتها مع إسبانيا والاتحاد الأوروبي، وهي تُبدي الآن استعدادا للعب دور أكثر فاعلية ونشاطا يقوي موقعها الإقليمي وتقليص مساحة الدور المغربي الذي يكاد ينفرد بهذه الملفات التي جعلت منه شريكا تفضيليا للإتحاد الأوروبي.
وأثار تصريح رئيس الحكومة الإسبانية بدعوة الجزائر للمزيد من التعاون في حل بؤر التوتر في المنطقة انزعاج المغرب بما تعنيه الإشارة من تلميح لملف النزاع في الصحراء، لكنه ظلّ تصريحا يتخلله عمدا بعض الغموض بهدف توجيه رسائل إلى الطرفين، والأكيد أنه يعني كذلك بالإضافة إلى نزاع الصحراء، الوضع في مالي وليبيا، وفيه إرضاء ضمني للجزائر التي لا تُخفي انزعاجها من الدور الدبلوماسي المغربي المتصاعد. سياسة إسبانيا الخارجية في شمال إفريقيا ومع المغرب بالخصوص كانت تقوم دائما على تعزيز علاقاتها مع جيرانها مع الحرص أن لا يتحولوا إلى قوة إقليمية، ومن هنا يأتي حفاظها على توازن علاقتها بين المغرب والجزائر إلى جانب تنوع مصالحها معهم.
زيارة رئيس الحكومة الاسبانية الاشتراكي بيدرو صانشيص أثارت جدلا في الداخل الاسباني ومتابعة حذرة من طرف المغرب، كما طرحت تساؤلا عن أسباب توقيتها بالنظر للمشاكل الداخلية والمستعجلة في إسبانيا، لكن الأكيد أن هذه الزيارة تندرج في إطار توازنات داخلية لتحالف اليسار الذي يُشكل الحكومة بدعم من الأحزاب القومية التي لها بالإضافة إلى حزب بوديموس علاقات تاريخية مع الجزائر، ومنها حزب بيلدو اليساري الباسكي الوريث السياسي لمنظمة إيطا التي كانت بعض قياداتها السياسية لاجئة في الجزائر إلى غاية العقد الأول من عودة الديمقراطية، وكذلك الحزب الجمهوري الكطلاني الداعي لانفصال كاطالونيا، وهي كذلك الأحزاب التي بيدها مفتاح استمرار حكومة بيدرو صانشيص بالتصويت على قانون الميزانية. هذه المعادلة الداخلية المعقدة تجعل من هذه الزيارة عنصرا مساعدا في مفاوضات أطراف التحالف الحكومي والأحزاب الداعمة له، ولا تخفي هذه الأخيرة أن الزيارة جاءت متأخرة لعلاقتها بمصالح إسبانيا الإستراتيجية التي لا تقلُّ في نظرها أهمية عن التي تربطها بالمغرب.
بالتأكيد لا زال المغرب يحتل مكان الصدارة في علاقات إسبانيا الخارجية وبوابتها نحو إفريقيا بقدر ما ستظلُّ الجزائر شريكا لا يمكن لإسبانيا إهماله، وهو في نفس الوقت مفتاح مفاوضاتها مع المغرب، كما يلتقيان في ملفات حيوية كالهجرة غير النظامية والتعاون الأمني ومحاربة الإرهاب. ومن عناصر قوة العلاقات المغربية الاسبانية الدور الذي تلعبه الملكية في البلدين، وكان للملك السابق خوان كارلوس دور كبير في تسهيل العلاقات المغربية الإسبانية لما كانت تجمعه من علاقات شخصية مع الملك الحسن الثاني، وتقديري أن وضع الملك الأب المقيم حاليا في أبو ظبي ، ومتابعته بملفات الفساد، وعودة النقاش في إسبانيا عن الملكية ومستقبلها، أضعف وغيّب دورالمؤسسة الملكية الاسبانية في بعض ملفات العلاقات الخارجية وبالخصوص مع المغرب، وقد يكون لهذا التغييب مستقبلا دور في عودة محدودة للتوتر الذي كان دائما يحتاج لوساطة القصر الإسباني ..
في هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن المغرب كان دائما وباستمرار وجهة زيارات الملوك الإسبان بين الرسمية والخاصة، ويعتبر البلد الوحيد في إفريقيا الذي رسخ تقليد أن يكون وجهة أول زيارة لرؤساء الحكومات الاسبانية بعد انتخابهم، ولم تعرف الجمهورية الجزائرية إلاّ زيارتين للملك خوان كارلوس الأولى سنة 1983 والثانية سنة 2007، وهذا من مؤشرات تباين علاقات إسبانيا بجاريها الجنوبيين..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.