درك أرفود يفكك لغز جريمة قتل    لفتيت يعقد اجتماعا مع رؤساء الجهات        نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانًا رعدية مرتقبة بطنجة هذه الليلة    كأس العرب.. الأردن يهزم العراق ويضرب موعدا مع السعودية في نصف النهائي    يونيسكو.. انتخاب المغرب عضوا في الهيئة التقييمية للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي    إيران تعتقل متوجة بجائزة نوبل للسلام    سمو الأميرة للا أسماء تترأس بالرباط افتتاح المؤتمر الإفريقي الأول لزراعة قوقعة الأذن للأطفال    اتحاد طنجة لكرة اليد (إناث) يستنكر حرمانه من الحصص التدريبية قبيل تصفيات كأس العرش    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    بتمويل أوروبي ب150 مليون أورو.. مشروع "سايس 3" يهدف لتأمين الري ل20 ألف هكتار وحماية المياه الجوفية    "خلف أشجار النخيل" يتوج بنمبارك            بريطانيا.. موجة إنفلونزا "غير مسبوقة" منذ جائحة (كوفيد-19)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مدينة الحسيمة تحتضن فعاليات الملتقى الجهوي السابع للتعاونيات الفلاحية النسائية    أسعار تذاكر كأس العالم تثير الغضب    أخنوش من مراكش: المغرب ملتزم بتعزيز التبادل الحر والاندماج الاقتصادي المستدام في إفريقيا    ميناء العرائش .. انخفاض طفيف في حجم مفرغات الصيد البحري    تكديس كتب ومخطوطات نادرة في شاحنة لجماعة تطوان وفنانون ومثقفون متخوفون على مصيرها    نورس موكادور الكاتب حسن الرموتي في ذمة الله    صادرات الصناعة التقليدية تحقق نموا    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    تيميتار 2025.. عشرون سنة من الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وروح الانفتاح    هل تنجح مساعي بنعبدالله في إقناع فدرالية اليسار بالعمل المشترك ولو جزئياً؟    "الفوتسال" المغربي السادس عالميا    الملك يشيد بعلاقات المغرب وكينيا    باللهجة المصرية.. محمد الرفاعي يصدر جديده "روقان"    النيابات العامة الرباعية تحذر من تحول الساحل الإفريقي إلى "بؤرة عالمية للإرهاب"    كيوسك الجمعة | الحكومة تعد بمراجعة ساعات وظروف عمل حراس الأمن الخاص    مراسلون بلا حدود: سنة 2025 الأكثر دموية للصحافيين وقطاع غزة يتصدر قائمة الاستهداف    وثيقة سرية مسربة تفضح رغبة أمريكا استبعاد 4 دول عن الاتحاد الأوروبي    وليد الركراكي يوضح معايير اختيار لائحة "كان 2025"    اللائحة الرسمية للاعبي المنتخب الوطني في نهائيات الكان (المغرب-2025)    فرنسا.. تعرض خوادم البريد الإلكتروني لوزارة الداخلية لهجوم سيبراني    المصادقة على 11 مشروع مرسوم يحددون تاريخ الشروع في ممارسة اختصاصات المجموعات الصحية الترابية    11 وفاة في غزة بسبب الفيضانات والأمطار الغزيرة    حوادث النَّشْر في العلن والسِّرْ !    محاكمات "جيل زد".. ابتدائية مراكش تصدر أحكاما حبسية في حق مجموعة من القاصريين    اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية تُصادق على 21 مشروعًا بأكثر من 22 مليون درهم بعمالة المضيق الفنيدق    الإنفلونزا الموسمية تعود بقوة خلال فصل الشتاء..    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    تخفيف عقوبة طالب مغربي في تونس تفضح سوء استخدام قوانين الإرهاب    الإمارات تدعم خطة الاستجابة الإنسانية    مانشستر يونايتد يكشف عن نتائجه المالية في الربع الأول من الموسم    الدار البيضاء.. الإطاحة بعصابة "القرطة" المتخصصة في السرقة    إيلون ماسك يرغب في طرح أسهم "سبايس أكس" في البورصة    باحثون يستعرضون دينامية الاعتراف الدولي بالطرح المغربي في ندوة وطنية بجامعة ابن طفيل    إفريقيا توحّد موقفها التجاري قبل مؤتمر منظمة التجارة العالمية القادم    فيضانات تجتاح الولايات المتحدة وكندا وإجلاء آلاف السكان    اختيارات الركراكي تظفر بالمساندة    منظمة الصحة العالمية تؤكد عدم وجود صلة بين تلقي اللقاحات والإصابة بالتوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



: المجلس الجماعي لجماعة إمرابطن" تماسينت" واستراتيجية التخطيط

تعتمد فلسفة على الأفكار والأساليب الإدارية الحديثة، بغية تطوير الممارسات الإدارية، كما أن نجاح أي إدارة رهين بصياغة وتنفيذ الإستراتيجيات التي يعمد المنتخب الجماعي بمعية الجهاز الإداري والشركاء إلى بلورتها وأجرأتها من أجل ترشيد التدبير المحلي. وقد عرفت الصلاحيات المخولة للجماعات الحضرية والقروية تطورا نوعيا وكميا، إذ إنتقلت من الدور الإستشاري إلى المتدخل الإقتصادي، والمسؤول الأساسي عن بلورة العمل التنموي في إطار جماعة مقاولة، تستهدي في تدبيرها للشأن المحلي بمناهج وآليات القطاع الخاص.
ورغم أن القانون 78.00 المعدل والمتمم بقانون رقم 08/17 أعطى للجماعة صفة الجماعة المقاولة، فإن معالم التدبير المقاولاتي تتحدد انطلاقا من وضع رؤية، وفق إستراتيجية المسؤولين الجماعيين، في تنفيذ وترجمة الإختصاصات المخولة لهم، من منظور التخطيط الإستراتيجي. وهكذا، يبقى التخطيط الإستراتيجي الجماعي منهجا وأداة فعالة لترشيد وعقلنة التنمية المحلية.
التخطيط الإستراتيجي محدد أساسي للتدبير المقاولاتي:
قبل التطرق إلى التخطيط وما يشكله من أهمية بالغة في حياة المجالس الجماعية لابد من تحديد بعض المفاهيم.
التخطيط: يعتبر التخطيط إحدى الوظائف الأساسية للإدارة الحديثة، فهو الأساس والمطلب الرئيسي للتنمية الإدارية، وأول من تناول فكرة التخطيط هو النرويجي "كرستان" في دراسته وأبحاثه التي قدمها سنة 1910. من هنا يتضح، أن التخطيط هو عملية مفتوحة تكفل التكامل الحقيقي بين ما هو متوفر من المعطيات والإمكانيات، وكافة المدخلات من جهة، والمخرجات المحيطة من جهة أخرى. ومن أهم فوائد التخطيط، تحديد مختلف الأهداف والسياسات والإجراءات والبرامج، وكذا طرق العمل، ومصادر التمويل، ومعرفة المشاكل وطرق معالجتها.
التخطيط الإسترتيجي: برز في نهاية السبعينات من القرن الماضي كبديل لمصطلح التخطيط البعيد المدى الذي بدأت عيوبه تتكشف، فهو التقييم المستمر للتغيير في ظروف البيئة الداخلية والخارجية، وتحديد الإمكانات الملائمة وبدائل التصرف وأساليبه في ضوء هذا التقييم. والذي يساعد الإدارة على تزويد التنظيم بطاقات جيدة، قادرة على تولي الوظائف، والقيام بالواجبات وتحقيق الأهداف، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة كفاءة وفعالية التنظيم، إضافة إلى تحسين أنماط الإتصال الإداري وعمليات إتخاذ القرار. وفي عقد الثمانينات بدأت الأدبيات تتناول بكثافة مصطلح التفكير الإستراتيجي كعملية سابقة للتخطيط والإدارة الإستراتيجية، ويطرح التفكير الإستراتيجي مجموعة من الفرضيات والنظريات التي تتحدى الممارسات السائدة، ويسعى إلى إحداث النقلة النوعية لما هو أفضل وبسبل حداثية أي غير تقليدية.
هكذا تتحدد أهمية التخطيط الإستراتيجي في كونه يمكن الجماعة الترابية، من تحديد الطريقة التي بواسطتها تتملك جماعة ما الأدوات والإمكانيات التي ستمكنها من تحقيق أهدافها بكل تنافسية، والغايات التي تسعى للوصول إليها. وبذلك فهو عملية مستمرة لتنظيم وتنفيذ قرارات الجماعات وتوفير المعلومات الكافية الخاصة بمستقبل تنفيذها وقياس نتائج تلك القرارات.
إن هذا التعدد يقتضي الإنطلاق من فكرة التدبير المقاولاتي المتشبع بالمرونة وتوحد الرؤيا الإستراتيجية التي أصبحت تفرض مشاركة السكان في التخطيط لتنميتهم، على إعتبار أن هذه المشاركة لم تعد مسعى لتحقيق الديمقراطية فقط، بل تتجاوز ذلك، إذ تعد في كثير من الدراسات السوسيوتنموية شرطا أساسيا لجودة المشاريع المخطط لها وإعطاءها قيمة مضافة مما يستدعي توفر المنتخبين على قدرات تفاوضية وتواصلية مهمة حيث يكون الجميع مستعدا لتقييم وتقديم تقرير بالنتائج المحصلة عند كل ولاية انتخابية
إذن، فالتخطيط الإستراتيجي التشاركي هو مقاربة تدعو إلى التفكير العميق في المستقبل، و كشف حاجيات السكان الآنية والمستقبلية، كما أنه يمكن من التنبؤ بالمتغيرات التي يمكن أن تحدث، فهو كذلك مقاربة لتحسين التواصل و لبناء المشروع التنموي المحلي.
، يعكس الفكر الإستراتيجي للمنتخب المحلي كمحدد أساسي في المخطط الجماعي وحتى يتم تحقيق هذا المشروع لابد من بلورته في إطار رؤية، خصوصا أن ما ينقص لجماعة "امرابطن القروية" هو تحديد الرؤية، حيث أن الرئيس يجب أن تكون لديه القدرة الكافية على البحث عن موارد لجماعته، أي التوفر على ثقافة الإستثمار والتدبير والخطيط فبواسطة التخطيط الإستراتيجي يمكن للجماعة القروية لإمرابطن تطوير الرؤية الجديدة للجماعة وذلك عبر إستحضار المقاربة التشاركية..
لا تقوم إذن قائمة للتنمية القروية الشاملة والمندمجة لبلدة تماسينت بدون تخطيط، والمقصود هنا هو التخطيط الإستراتيجي التشاركي، نظرا لما يميزه من صفة الواقعية والشمول، وكذلك المرونة وطول الأمد.
مراحل إعداد التخطيط الإستراتيجي التشاركي
يستمد التخطيط الإستراتيجي التشاركي أهميته من خلال مراحل إعداده، التي تسمح ببلورة رؤية إستراتيجية صحيحة ومضبوطة للتنمية المستدامة. ويمر التخطيط الإستراتيجي عبر مجموعة من المراحل وهي:
المرحلة الأولى: إعداد التخطيط الإستراتيجي: -
هذه المرحلة تهدف إلى التأكد من توفر رؤية موحدة حول مبدأ التخطيط الإستراتيجي، وتحديد مختلف الشركاء الذين لهم علاقة بالموضوع مع القيام بتحليل لذلك، وعلى أساسه يتم إحداث خلية لإدارة التخطيط الإستراتيجي ووضع محددات طرق تسييرها، وأخيرا رصد الموارد البشرية والمالية الضرورية. وبالنسبة لمنهجية العمل فتقوم على تبني المقاربة والتحكم في مختلف المراحل، ووضع جدولة زمنية لمراحل التخطيط والإعلان الرسمي عن انطلاق مسلسل التخطيط.
المرحلة الثانية: تشخيص الحالة الراهنة للجماعة المحلية: -
في هذا الإطار يتم تحديد العوامل الداخلية والخارجية التي تؤهل او تعوق تنمية جماعة امرابطن القروية، إضافة إلى تجميع المعطيات المتعلقة بمختلف المجالات المرتبطة بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية. ونظرا للأهمية البالغة لهذه المرحلة، فإنها تقتضي منهجية خاصة من أجل التشخيص وتحديد الحاجيات، وتنطلق من التشخيص المفصل لواقع الجماعة، ويشمل الخدمات الأساسية للجماعة، البنيات التحتية الإقتصادية المسيرة من طرفها، السكن والتعمير وإعداد التراب، كما يشمل جردا للمشاريع التنموية للجماعة، المنجزة أو التي في طور الإنجاز أو المشاريع والبرامج المرتقبة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، تم تحليل الإستراتيجيات المتبعة من طرف أصحاب القرار أي الفريق المسير للجماعة. وباعتبار الجماعة وحدة إدارية، فإنه يتم تحديد نقط القوة ونقط الضعف في المجالين الإقتصادي والإجتماعي. وفي إطار آخر يأتي تحليل محيط الجماعة انطلاقا من تحديد المتدخلين الأكثر أهمية من خلال تقييم الثأثير الأساسي لكل هؤلاء.
وبعد ذلك، يتم ترتيب كل متدخل حسب الأهمية أو حسب الأولوية، ثم تحليل محيط الجماعة مع المحيط الخارجي العام، لما لذلك من تأثير متبادل، إضافة إلى السياق الإجتماعي والثقافي، وعلى غضون ذلك يتم توقع الحاجيات.
المرحلة الثالثة: تحديد الأهداف الإستراتيجية للتنمية المحلية -
إن تحديد الأهداف الإستراتيجية تأتي في سياق بلورة الرؤيا المستقبلية، إنطلاقا من حقائق التشخيص. بحيث ترمي إلى وصف وضعية تتوق إليها الجماعة *
هذه الوضعية يجب أن تكون مثالية للجماعة كمقاولة. وبتحديد الأهداف يتم تشخيص الوضعية الحالية والنظرة المستقبلية للجماعة المقاولة.
المرحلة الرابعة: وضع خطة عمل -
هذه الخطة تترجم وتضبط عمليا الأهداف الإستراتيجية، بعد التركيز على عدد معقول من الأهداف، وإعطاء الاسبقية للأهداف الإستراتيجية المرتبطة مباشرة باختصاصات الجماعة، وبعدها يتم تقدير كلفة تمويل الأهداف الإستراتيجية.
المرحلة الخامسة: البرمجة والميزنة المتعددة السنوات -
الواقع أن منطق التخطيط الإستراتيجي يقوم على تحديد المشاريع، ثم البحث عن وسائل تمويلها، ولذلك يتم توقع محاصيل الميزانيات وتقييم خصاص التمويل لدى الجماعة، تم وضع خطة لتعبئة الإعتمادات الناقصة، في هذه النقطة بالذات تظهر كفاءة رئيس الجماعة مما مدى كفاءته للبحث عن مصادر التمويل قصد إخراج مشاريعه إلى حيز الوجود.
المرحلة السادسة: تتبع وتقييم التخطيط الإستراتيجي -
لهذه المرحلة اهمية بالغة كونها تهدف إلى تقييم مدى تقدم القانون واتخاذ القرارات لتقديم الحلول للحالات المستعصية، إضافة إلى مراجعة خطة العمل حسب المستجدات. وبناء على ما سبق، تتم هيكلة كل هدف إستراتيجي وتحويله إلى قانون ملموس، مع وضع جدولة زمنية لإنجاز المشاريع التي وقع عليها الإختيار، وتخصيص التمويل اللازم لذلك. لكن الذي يميز هذه المرحلة هو وضع خطة للتواصل، لأجل إخبار الشركاء والسكان حول مدى تقدم عملية الخطة الإستراتيجية، والإخبار بالتطبيق المرحلي للمشاريع واطلاعهم على المستجدات.
إجمالا، فالتخطيط الإستراتيجي هو التقييم المستمر للتغيير في الظروف البيئية الداخلية والخارجية، وتحديد الإمكانات الملائمة والبدائل في ضوء هذا التقييم، الذي يقوم على التفاعل المستمر من الكل إلى الجزء، ثم إلى الكل مرة ثانية، وهكذا تتحدد درجة فاعلية هذا التخطيط بدرجة فاعلية نظام المعلومات والإتصالات للجماعة مع البيئة الداخلية والخارجية.
ويعتبر هذا المقال الذي تتمحور أفكاره حول التخطيط الاستراتيجي الذي هو بمثابة أحد مقومات الجماعة المقاولة وكمثال هنا أخذنا جماعة إمرابطن القروية "تماسينت" إلى جانب مقومات اخرى منها اللبشرية والمالية التي سنتطرق إليها في الأيام القادمة إن شاء الله الذي سنحاول من خلاله القيام بمحاولات اسقاط المفاهيم على هذه الأخيرة لمعرفة ما مدى تمكن الجماعة القروية لتماسينت من مواكبة مفهوم التنمية التي هي رهان اليوم بطاقاتها البشرية المنتخبة الضعيفة تسييريا وتدبيريا ومواردها المالية الغير الكافية لذلك فانتظروني .
صلاح الدين الأحمدي / إطار باحث في المالية العامة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.