إنه تقليد دأبت عليه كل الشعوب والثقافات الإنسانية، لتسليط الضوء على حصيلة زمن ولى وانقضى بلا رجعة، فالتاريخ يبصم في سجله على أحداث لافتة ووقائع بارزة، وكذا حقائق مثيرة على الأرض ترسم الأثر الإنساني في علاقته بأنطولوجيا الوجود. زمن مدينة الجديدة برسم سنة 2014،عرف أحداثا اختلفت أشكالها وأنواعها وأصداؤها، لكن يبقى منها من يصدر طنينا ينفذ بعمق للذاكرة الراسخة، حيث الرياضة فعلت فعلتها، وتمكن فريقها المحلي الدفاع الحسني الجديدي من الحصول على أول تتويج في سجله من الألقاب من خلال الفوز بكأس العرش الذي حرك أبناء المدينة في الشوارع والطرقات، كما لملم قلوب الناس في البيوت وفي كل مكان تحت راية حب الانتماء للمنطقة. هذه السنة أيضا كان فأل مدينة الجديدة حسنا، بافتتاح أول مستشفى جامعي بمواصفات دولية، كانت المدينة وكذا الجهة في حاجة ماسة إليه خصوصا وأن مجال الصحة والتطبيب مازال المواطنون يعانون من نقص حاد في خدماته وجودته، إلا أن ذلك لا يمنع من تسجيل صعوبات على مستوى الموارد البشرية، فضلا عن افتتاح مركز تجاري آخر ضخم للاستجابة إلى حاجيات الساكنة التي تزايد نموها الديمغرافي. من جهة أخرى، سجلت هذه السنةتحولا عمرانيا معبداية تركز التجمعات السكنية المخصصة للسكن الاجتماعي قرابة حي المطار، وهي تجمعات سكنية ستستوعب لا محالة كثافة سكانية كبيرة، مازالت لم توضع لها المرافق الاجتماعية والثقافية الحيوية من مؤسسات تعليمية، ودور الشباب، ومساجد. هناك مواعيد سنوية لها حمولة ثقافية ووجه سياحي يمكن ذكرها ليس كأحداث ميزت سنة 2014، بل كمحطات مهمة جاءت لتراكم زخم تجربة المدينة في التنظيم وتعبأة إمكاناتها لإعطاء إشعاع أكبر ومكانةأرقى للمنطقة، تبدأ بتنظيم معرض الفرس الدولي، مرورا بالمهرجان الفني الصيفي، وكذا تنظيم موسم مولاي عبد الله أمغار وصولا إلى الإشراف على بعض المسابقات الموسيقية المحلية. ميدان النقل الحضري كان له نصيبه كذلك، بإنهاء تجوال حافلات النقل المتهالكة، ودخول شركة جديدة بأسطول من الحافلات التي خففت من أزمة تنقل الجديديين بعض الشيء، على الرغم مما يقال عن صغر حجم بعض الحافلات التي تزيد من متاعب الراكبين مع الاكتظاظ. مدينة الجديدة كعاصمة لمنطقة دكالة، قد تجد نفسها في مواجهة قدر الاختفاء من خرائط جهات المملكة، مع ظهور التقسيم الجديد الذي ستذوب معه المدينة لتلبس ثوب جهة الدارالبيضاء- سطات،الشيء الذي يطرح تساؤلات عدة حول صمت فعاليات المدينة حول طمس الهوية الثقافية لمنطقة دكالة. الجرف الأصفر كرافعة اقتصادية مهمة لمدينة الجديدة، تؤهله ليصير كثاني أكبر قطب صناعي في المغرب، عرف هذه السنة تدشين المحطة النهائية لأنبوب نقل لب ابالفوسفاط التيتربطبين خريبكة والجرف الأصفر، والوحدة الأولى لإنتاج الحامض الفوسفوري انطلاق امنلبا بالفوسفاط، ومركز الكفاءات الصناعية، وهي مشاريع تزيد من قوة اقتصاد المنطقة، لكنها تعزز المخاوف من تهديد التلوث البيئي لهذه المدينة السياحية.
في حديثنا عن شؤون المدينة من الجانب السياسي، يلاحظ المتتبعون خفوت دور الهيئات والمجالس المنتخبة في الاهتمام بالشأن العام للمدينة، اللهم بعض الخرجات الإعلامية للدفاع عن الاتهامات التي يكيلها البعض عن الآخر، أو إرهاصات الاستعداد للانتخابات التشريعية المقبلة من خلال بداية الأشغال في تهيئة الطرقات وأرصفتها، في حين نجد عامل الإقليم دائما في واجهة الأحداث المحليةبالدينامية التي يتميز بها في تحركاته وتنقلاته لمواكبة الأنشطة الرياضية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية المقامة بتراب المدينة.
عموما لقد شكلت سنة 2014 لحظات تاريخية مهمة جعلت اسم المدينة يدخل من بوابة التاريخ الرياضي ويؤرخ لجيل حقق ما عجزت عنه أجيال سابقة، وهي قد تكون بداية مشجعة للحظات تاريخية أخرى نتمنى أن تشمل مجالات أخرى.