لقد كثر الحديث عن شهدائنا الأبرار الذين سقطوا في أحدات مدينة العيون. وجل ما قيل عنهم كان عبارة عن لوم للدولة المغربية التي لم تسمح لهم بحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم فواجهوا عصابة مسلحة فكانت النتيجة سقوط 11 شهيدا منهم. وأطلت علينا بعض المنابر الإعلامية تلوم المسؤولين لكونهم قاموا بإرسال تلاميذ غير مدربين ولازالوا في طور التدريب. والذي يجب ألا يخفى على أحد أن هؤلاء الشهداء
انتصرواعلينا جميعا نحن المغاربة لأن الله تعالى اختارهم ليكونوا شهداء عنده والشهادة غالية ثمينة لن ينالها إلا المخلصون الصادقون. وكما قال الله تعالى : ( لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) وأي معركة من معارك التحرر في العالم إلا ولابد أن تقدم تضحيات وتقدم دماء زكية كثمن للتحرر والدفاع عن حمى الأوطان. فما كان للنظام الجزائري ليفتضح أمره في المحافل الدولية وتكشف أحابيله ومخططاته الخفية في دعم عصابة البوليزاريو لو لم يسقط هؤلاء الشهداء. فالدولة المغربية عندما كانت تتحدث وتطمئن المجتمع الدولي مصرحة بسلامة المدنيين فليس معناه أنها تسترخص دماء الجنود الشهداء بل لعلمها بأن سقوط مدني واحد يمكن استغلاله شر استغلال من طرف كل المتربصين الذين لا يرقبون فينا إلا ولا ذمة. وإذا كان الإعلام العنصري الإسباني والإعلام الهمجي الجزائري المأجور قد عمل على تحريف الصور واختلاق معارك وهمية واحتساب سقوط ضحايا مختلقين كذبا وزورا لتأليف الرأي العام الدولي..فماذا كان بوسعهم أن يعملوا لو فعلا قام هؤلاء الشباب بالدفاع عن أنفسهم وأطلقوا النيران وأصابوا من أصابوا ووقع ضحايا وقتلى.. فمن المؤكد أن سقوط مدني واحد سيسمى مجزرة وسيشبهها الإعلام وربما جعلها أشد إجراما وسفكا من صبرا وشاتيلا. كما أن هذا الشهيد لا يحتاج لأحد ليرفع قدره إذا كان الله تعالى قد رفعه إليه، فالذي يموت من أجل الوطن والعرض والشرف في غنى عن كل التسميات ويكفيه لقب شهيد الوطن. يكفيه أن كل الشعب المغربي يدين له بحياته لأنه دافع عن كل المغاربة ونافح عن عرضهم وشرفهم وكرامتهم. يكفيه أنه سيظل في قلوب كل الشعب المغربي، وسيحضى بكل التوقير والإجلال والاحترام لأنه أعطى النموذج وبدمه سطر الطريق الأوحد نحو الانعتاق والتحرير من ربق الاستعمار الدخيل سواء في الجنوب أو في الشمال. إن هؤلاء الشهداء فيما صنعوه من نصر ولو كان نصرا مؤقتا أشبه بشهداء غزة..فاستشهاد قيادي في حجم سعيد صيام هو من أعطى المصداقية بأن أبناء غزة وقياديوها لا يفرون بل هم من طينة شعب غزة لهم ما لهم وعليهم ما عليهم. وما سقوط شهدائنا في معركة العيون الصامدة المنتصرة على النظام الجزائري وربيبته البوليزاريو إلا دليلا قاطعا على أنهم ماتوا دون إخوانهم الصحراويين، ودليل على أنهم لم يولوا الأدبار ولم يفروا رغم أنهم عزل وعدوهم مدجج بالخناجر والسكاكين والحجارة.. ودماؤهم الزكية التي سالت وحدها من فضح النظام الجزائري السفاح وعصابة البوليزاريو. فتقرير المنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان قامت بتزكية الأرقام التي قدمها المغرب وكذبت كل التصريحات الكاذبة المزيفة والمفضوحة التي أرادت التهويل من الأمر لوضع المغرب في قفص الاتهام بالعنف وعدم الرحمة وسفك الدماء.. أي وفاة هؤلاء الشبان وحدهم دليل قاطع على أنهم في بلاد السلم وبلاد الأمن ولا تتبنى خيار العنف وسفك الدماء..وهم الآن شهداء فقط لأنهم واجهوا الأعداء بصدور عارية وجيوب فارغة من أي رصاصة أو سلاح. فنحن المغاربة، خصوصا في هذه الآونة، عوض أن نتلاوم عن سقوط هؤلاء الشهداء وعمن يتحمل مسؤولية ذلك، فنحن في أمس الحاجة لتوحيد مواقفنا والتلاحم ملكا وشعبا وحكومة للتصدي لكل عدوان خارجي يستهدفنا ويستهدف وطننا الذي من أجله مات هؤلاء الشهداء. وعلى الأقل فلنعتبرها مرحلة مواجهة تحتاج منا كل تكتل وتوحيد وتآزر وليست مرحلة مراجعة.. وبعد حسم المعركة نهائيا ونسترجع صحراءنا ونحرر أقاليمنا ونسترجع الصحراء الشرقية التي نسيناها حينها ستأتي مرحلة الحساب.