نشرة إنذارية: موجة حر مع الشركي من الاثنين إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    مجلس الحكومة يناقش إعادة تنظيم مجلس الصحافة وتعديل قانون الصحافيين المهنيين    المغرب.. البنك الإفريقي للتنمية يخصص أكثر من 300 مليون أورو لتعزيز التنافسية الاقتصادية وإحداث فرص الشغل    لشكر: هناك مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية    إيران تعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 935 قتيلا    فرحات مهني: الحديث عن القبائل بات جريمة إرهابية في الجزائر    القضاء ينتصر للوزير.. المهداوي يدان بسنة ونصف وغرامة ثقيلة    تراجع أسعار الذهب إلى أدنى مستوى في شهر    تراجع طفيف في أسعار الإنتاج بقطاع الصناعات التحويلية    بعد ضغوط مقاطعة منتدى الرباط.. الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تُعلق عضوية الإسرائيليين    وزير خارجية إسرائيل: نرغب بالتطبيع مع سوريا ولبنان لكننا لن نتنازل عن الجولان    القضاء البريطاني يرفض طلب منظمة غير حكومية وقف تصدير معدات عسكرية الى إسرائيل    منتخب مواليد 2000 فما فوق يدخل تجمعا إعداديا بسلا    تراجع معدل الادخار الوطني إلى 26.8% من الناتج المحلي    سِنْتْرا: حانَةُ المَغرب المُغترب    الجامعة تهنئ أولمبيك آسفي عقب تتويجه بكأس العرش للمرة الأولى في تاريخه    اختتام فعاليات رالي "Entre Elles" الأول بدرعة تافيلالت    كنون ل"رسالة 24″ تصنيف "البوليساريو" كتنظيم إرهابي بات وشيكا والجزائر في مأزق    أخنوش يمثل جلالة الملك في مؤتمر الأمم المتحدة حول تمويل التنمية        جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بالعيد الوطني لبلاده    بنسعيد: الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية جريمة تمس الذاكرة الجماعية وتُغذي الإرهاب والجريمة المنظمة    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    رحلات جوية مباشرة تعزز التقارب الصيني السعودي: بوابة جديدة بين هايكو وجدة تفتح آفاق التعاون الثقافي والاقتصادي    بووانو يرفض تصنيف البوليساريو "منظمة إرهابية"    حسين الجسمي: علاقتي بالمغرب علاقة عمر ومشاعر صادقة    حي جوهرة بمدينة الجديدة : اعمى بريقه شاحنات الديباناج وسيارات الخردة.    التامني تحذر من تكرار فضيحة "كوب 28"    بايرن ميونيخ يتجاوز فلامنغو ويضرب موعداً مع سان جيرمان في ربع نهائي المونديال    الكاف يكشف عن المجسم الجديد لكأس أمم إفريقيا للسيدات الأربعاء المقبل    كيف أصبحت صناعة التضليل في زمن أباطرة الإعلام المُسيّس منْجما ذهبيا للاغتناء الفاحش    الانخفاض يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    قيوح ‬يجري ‬العديد ‬من ‬اللقاءات ‬والأنشطة ‬الوزارية ‬الهامة ‬في ‬إطار ‬منتدى ‬الربط ‬العالمي ‬للنقل ‬بإسطنبول    مقتل شخصين في إطلاق نار بشمال ولاية أيداهو الأمريكية    ميسي يقرر الاستمرار مع إنتر ميامي رغم اهتمام فرق الدوري السعودي    فاس.. الأمير مولاي رشيد يترأس نهائي كأس العرش بين نهضة بركان وأولمبيك آسفي    الجزائر.. الحكم على صحافي فرنسي بالسجن 7 سنوات بتهمة تمجيد الإرهاب    شيرين تشعل جدلا في موازين 2025.. "بلاي باك" يغضب الجمهور ونجوم الفن يتضامنون    ماذا يجري في وزارة النقل؟.. محامٍ يُبتّ في ملفات النقل خارج الوزارة والسماسرة يُرهقون المهنيين    أمن طنجة يتدخل بساحة أمراح لردع الوقوف العشوائي وتحرير مخالفات في حق المخالفين    حريق مهول بمنطقة خضراء بحي الشرف شمال طنجة تسبب في اختناق سيدتين    الأمير مولاي رشيد يترأس نهائي كأس العرش بين نهضة بركان وأولمبيك آسفي بفاس    بدر صبري يشعل منصة سلا في ختام موازين وسط حضور جماهيري    تنصت أمريكي على اتصالات إيرانية بعد ضربات واشنطن يكشف أن البرنامج النووي لم يدمر بالكامل    اشتداد موجة الحر في جنوب أوروبا والحل حمامات باردة وملاجىء مكيفة    حفل شيرين يربك ختام "موازين"    القفز بالرأس في الماء قد يسبب ضرراً للحبل الشوكي    طبيب يحذر من المضاعفات الخطيرة لموجة الحرعلى صحة الإنسان    خريبكة.. الفيلم الصومالي "قرية قرب الجنة" يحصد الجائزة الكبرى    موازين 2025 .. مسرح محمد الخامس يهتز طرباً على نغمات صابر الرباعي    تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد حياة ملايين الأشخاص وفقا لدراسة حديثة    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    ضجة الاستدلال على الاستبدال    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاصرات وتناقضات المجتمع

منذ أيام، وقضية انتحار القاصر أمينة الفيلالي محط النقاش لدى الرأي العام الوطني، أغلب الآراء تتعاطف معها ومع قضيتها التي أعادت إلى الأذهان مشكلا عميقا بالمغرب والكثير من دول العالم الثالث، وهو تزويج الفتاة من الشخص الذي اغتصبها.
الخلل عميق ولا يمكن أن تفك جميع شفراته عبر أي مادة صحفية مهما كان حجمها، لكن من الضروري أن نصرح بأننا ندفع ثمن غطرسة هذا المجتمع، وثمن كبريائه المصطنع وثمن النفاق الذي نعيش فيه يوما بعد يوم..
عندما يتم اغتصاب القاصر في المغرب، لا ينظر إليها كضحية، وإنما كلطخة عار أصابت المجتمع، فرغم أن الاعتداء تم عليها دون أن تكون لها يد فيه، إلا أن جنسها الأنثوي يجعلها مجرمة حتى ولو كانت هي الضحية، وانتماؤها للجنس الناعم يعد في حد ذاته شبهة كبيرة عليها أن تحتاط طوال حياتها من أن يتسبب لها في فضيحة لها ولعائلتها، لذلك لا ينفع مع هذا الأمر، صرخة أمام البرلمان، أو مقال في جريدة، فالعائلة تجيبك: ومن سيتزوج ابنتي المغتصبة حتى ولو كانت ضحية؟
بسبب الكرامة المصطنعة، تصبح الأنثى في المغرب هي وجه الشرف لعائلتها، وعديد من الأسر في المغرب عندما ترزق ببنت، تتمنى أن يكمل الله عاقبة هذه الولادة على خير، فالكائن الذي أتى للبيت هو كائن يغري الذكور ويفتح شهواتهم، ولا سبيل لاتقاء فضيحة منتظرة، سوى بحبس الفتاة في البيت لكي تقوم بأعباءه، حتى لو اقتضى الأمر توقيفها عن الدراسة بعد السنوات الابتدائية، بحيث يصير الخروج إلى الشارع رهين بمرافقة الأم، وكثيرا ما لا ترى الفتاة في بلادنا الشارع أبدا، فهناك مثل مغربي يقول بأن المرأة تخرج مرتين من بيتها: مرة إلى بيت زوجها ومرة أخرى إلى المقبرة.
يمكن لمغتصب القاصرات في المغرب، أن يهنأ مرتاح البال، فيمكن له أن يتزوج ضحيته ثم يطلقها في أسوأ الحالات، فلا مصلحة لعائلة الضحية في دخوله السجن، لأنها تبحث بأي شكل كان من التخلص من ابنتها التي صار وجودها في المنزل سببا للعار الذي قد يلحق كل من يحمل لقبها، لذلك يتم تقديمها هدية لمغتصبها، وفي كثير من الحالات، يمكن لأي شخص الزواج بالفتاة التي يريد ولا تريده هي، بأن يقوم بخطفها واغتصابها، وبعد ذلك تقدمها له عائلتها في أبهى حلة ممكنة، ولتذهب مشاعر الفتاة أدراج الرياح.
من الممكن جدا تغيير الفصل 475 من القانون الجنائي المغربي الذي يسقط تهمة الاغتصاب عن كل من يتزوج القاصر الضحية، وذلك بأن يشدد العقوبة الحبسية عليه ويمنعه من زواجها، لكن هل ستقتنع العائلات بهذا التغيير؟ ألن نشهد وقفة لعديد من الأسر في القرى والبوادي والمدن النائية أمام البرلمان تنادي بعدم تغيير هذا الفصل ما دام هو الضامن الوحيد لشرفهم الذي مرغته فتياتهن المغتصبات؟ هل العقلية الصدئة التي تلصق الشرف بغشاء البكارة سينفع معها هذا التغيير القانوني؟
في رأيي، أنه قبل أن نغير القانون الجنائي بالمغرب، علينا ان نكون واقعيين مع أنفسها، ونغير هذه العقلية التي تتحكم في مجتمعنا، وهي العقلية النفاق الاجتماعي السائد بكل تلاوينه وذلك بأن تتحمل جميع الأطراف مسؤوليتها من رجال ونساء وشباب وشابات و...قاصرات..
قد يصدم البعض من هذا الأمر، وقد يقول قائل ما لماذا قد تتحمل قاصرة ما المسؤولية في مثل هذا المشكل؟
السبب واضح..معروف أن الكثير من البشر يعون ما يفعلون بعد تجاوزهم لسن ال 15، وهناك عدد من الشباب يكتمل نموهم النفسي والجسدي قبل سن 18، أي يستطيعون تحمل كامل المسؤولية على أفعالهم، وبالتالي لا ينفع الحديث أن كل فتاة قاصر تضبط مع شاب في مكان ما أنه يغرر بها ويعتدي عليها، فهذا نوع من الضحك على الذقون، لأن كثيرا من القاصرات ما بين سن 15 و 18، هن من يقمن بإغراء الرجال، وهن من يتحرشن بالرجال باللباس المثير والجسد المكتنز وما إلى ذلك من طرق تحرش المرأة بالرجل، وفي النهاية يتم تحميل كامل المسؤولية للرجل بكون هو من اغتصب رغم أنه شريك في العملية والأمر يستلزم عقاب الاثنين.
أمام عدد من الثانويات، يعد منظر السيارات الفاخرة المرابضة أمامها شيء عادي، فعوض أن تذهب التلميذة إلى منزلها في أوقات الفراغ، تختار الانسياق وراء رغبتها بجمع المال أو باكتشاف عالم الجنس، ولا ينفع أن نخفي ضوء الشمس بالغربال هنا، ونتحدث أنهن فتيات مغرر بهن، لأن مثل هذه النوعية من الفتيات قد تعرف ما لا تعرفه حتى النساء اللواتي تجاوزن سن الثلاثين، وتعرف جيدا أنها تذهب مع الرجل إلى بيته لممارسة الجنس وليس لتعلم درس العلوم الطبيعية، وبالتالي فهي شريكته في الأمر، فإذا عوقب هو، فلتعاقب هي أيضا، وإذا تم الحديث أنه مغرر بها، فهو أيضا تم التغرير به من طرف الأفلام والمجتمع والأجساد العارية..
أكيد أن أمينة الفيلالي اغتصبت، وأكيد أن حياتها ضاعت بسبب رعونة ذكورية وتقاليد بالية وقانون غير عادل، وأكيد أنها ليست سوى مثال لعدد كبير من الفتيات ممن يحملن في بطونهن أجنة من وحوش قد لا ينفع معهم مجرد السجن، وأكيد أيضا أن تزويج القاصرات سمة من سمات تخلفنا الظاهر، لكن الأكيد أيضا، أن مجتمعنا ليس بهذه البساطة، وأن تناقضاتنا ليست بهذه السهولة، وإلا فيمكن حل كل شيء بشعار أمام البرلمان وقرار من الدولة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.