الدكتور عبدالكبير بلاوشو كلية العلوم – جامعة محمد الخامس الرباط/// بعدما أعلنت دائرة الأوقاف من خلال عيون مراقبيها على سطح الأرض عن ثبوت رؤية الهلال إيذانا منها بتبليغ الصابرين على الأوضاع بانتهاء حالة الاعتكاف ومسلسل القيام في الليل، وبالإعلان الرسمي عن وقف تنفيذ منظومة القيم خلال النهار والبدء بنظام جديد للصيام على العدل في الأحكام والحق في الكلام والاحتجاج على الظلم بسلام، بيان تحت عنوان: هذا بلاغ للناس ولينذروا به.
أمام هذه النشرة الإخبارية باكتمال شهر رمضان إيمانا وإحتسابا علينا، اكتملت الصورة الحقيقية لدينا برؤية أخرى ثاقبة للوجدان والأذهان – من طرف الأسقاف وليس من جهة الأوقاف وفي مطلع شهر شوال- الدائرة تقول بمذكرة فحواها جواز التجوال والترحال المهني في اتجاه المؤسسات الجامعية) سلوك متعارف عليه وثقافة معمول بها سياسيا وتؤدي غرضها كل حين بأمر من مفسديها في المؤسسات الحزبية و التشريعية). من هنا أدركنا بعين اليقين مع طلوع البدر الأمين علينا أن المزاج في التفكير وسوء التقدير هي إحدى سمات التعبير في نوادي التقرير وصناعة المصير. فماذا يعني لك أن تخسر الزمان بعد خسارة ثقافة رمضان.
مفهوم الخسارة في الزمان هو أن يتبنى المسؤول عن قطاع حيوي أفكارا للرهان و أفعالا للمقامرة و ذالك بوضع الإنسان رهن الإشارة كأننا في رقعة لممارسة الشطرنج بأنامل تحمل السيجارة، علما منا أن ضوابط الرقعة/اللعبة لا تسمح باللغو والسهو واللهو بالحجارة. أمام هذا التوصيف الدقيق ونحن في مفترق الطريق وفي سياق سياسي محكوم بإرادة السبق وإدارة السباق بلا منطق أو أخلاق من أجل الظفر بشهادة الشقاق، نذكركم السيد المعالي قبل تفعيل إستراتيجية حصاد العنصر البشري من القطع المتجاورات في مهنة التعليم ومحاولة إستزراعها في المجال العالي بدعوى ملء الفراغ وسد الخصاص فإننا نعتبر هذا الإجراء فراغا في فقه الاجتهاد وسدا منيعا لتوظيف أهل التخصص إضافة إلى أنه فقرا في ممارسة الفهم والسداد. يكفينا أن نستدعي الزمن الجامعي ونسائله عن مثل هاته الإختيارات والقرارات التي تم إختبارها سابقا في القطاع بقوة الإرادة والأشياء ولم تثمر منتوجا بعد إستنباتها وحصادها إلا ما كان تصنيفا في العبث السياسي وتقطيعا للمجالات والأوصال. من هنا يستمد العنوان/السؤال أعلاه شرعيته: ما لكم كيف تحكمون.
بصيغة أخرى ماذا يعني لك أن تخسر أيها المسؤول?! أن تخسر أشياء لم يكن في حسبانك خسرانها و أن تفتح عينيك يوماً على واقع لا تريده..وأن تحصي عدد انتكاساتك فيعجزك العد والحساب.. وأن تنادي بصوت مرتفع من ضفاف المتوسط فلا يصل صوتك إلى شاطئ المحيط.. أن ترى الأشياء حولك تتلوث وتتألم بصمت وأنت صاحبها وأن تشعر بأنك خسرت أشياء كثيرة لم يعد عمرك يسمح باسترجاعها.. وأن تكتشف في الأخير أنك مدرج لديهم في قائمة الساسة الأغبياء.
بمنطق الغبي والشقي في وطني الحبيب والأبي، ورغم كثرة الجراح أحتفظ لنفسي )أنا وغيري من أصحاب الصفة العفيفة والوظيفة النظيفة( بالحق في مساءلة العقل الذكي والمسؤول الدركي عن المقاربات التي تم نهجها في منظومة الإصلاح الجامعي:
كيف يمكن للعاقل أن يستوعب تنزيل إجراءات ترقيعية في فضاء إستراتيجي يستوجب مقاربة جذرية.
كيف يمكن القبول بسياسة الاستهداف الممنهج للموارد البشرية في القطاع من خلال توجهات غير صائبة وتعتبر ضربا في الدماغ بدءا بالمغادرة الطوعية مرورا بتحويل المناصب الإدارية) إفراغ الإدارة العمومية من كفاءاتها (انتهاءا بتمديدات قسرية في إطار أنظمة تقاعدية/تعاقدية مجحفة) استنزاف القدرات البشرية (لنفاجأ أخيرا بإجراء غير محسوب العواقب ومغامرة تدعى "رهن الإشارة" والاستعانة بدكاترة المدرسة العمومية لسد خصاص الجامعات من الموارد البشرية) هدر موارد المدرسة العمومية في ظل الحديث عن الرؤية الإستراتيجية ومستلزمات تنزيلها (عوض تفعيل سياسة التوظيف وتشغيل الكفاءات المعطلة.
كيف يستقيم الحديث عن الإستقرار المهني والأمن الفكري والإنتاج المعرفي في ظل ظلم ثلاثي و حصار قهري يمارس على الجامعة العمومية )أمام الإهتمام المفرط للدولة في خوصصة هذا القطاع( ظلم يتجلى أولا في الإجهاز على مبدأ الاستقلالية والديمقراطية في التدبير و صناعة القرار الجامعي )المهمة أوكلت للوزارة الوصية على القطاع( ثانيا التماطل في إسترداد المستحقات المالية للجامعة منذ سنوات وتعقيد مساطر صرف ميزانيتها رغم علتها والتسويف في المصادقة على المراقبة البعدية ومشروع الهيكلة الإدارية للجامعة دور تقوم به وزارة المالية بإمتياز ثالثا التأخير غير المبرر في مقاربة النظام الأساسي للأساتدة الباحثين والذي من المرجح أن تنضاف إليه فئة رهن الإشارة ليزداد مشروع النظام تعقيدا وتشردما وتشتيتا) من مهام الوظيفة العمومية.
– هل يجوز أخلاقيا في ظل قرار تعويم الدرهم كرأسمال مادي أن تنهج الدولة سياسة تعويم و إغراق الرأسمال الفكري للعنصر البشري في بنيات وأنساق أصلا هي متأزمة وتعاني من الهشاشة والتهميش وتفترض تعبئة وطنية وإرادة سياسية وفتح أوراش حقيقية بمقاربة استراتيجية ومعالجة جذرية. للإشارة فقط وليس للرهن أحيلكم السيد المعالي إلى قراءة مضمون تقرير البنك الدولي الأخير حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب والتي جعلت من السياسة التعليمية وما تفرزه من أنظمة وإجراءات هي أصل الأعطاب في كل مجالات الفعل الإنساني.
(نحن في الجامعة طلبة وأساتذة وإداريين) نؤمن قطعيا بأن هذا الوضع ليس قدرنا فاقض ما أنت قاض أيها المسؤول عن معاناتنا إنما تقضي هده الحياة الدنيا. في الأخير نذكرك إن نفعت الذكرى – على أن الحامل للشارة ينبغي أن يأتي للناس بالبشارة وليس بوضعهم رهن الإشارة.