على خلفية مصادقة المجلس الشعبي الوطني بالجزائر، أمس الأربعاء، بالإجماع على مقترح قانون يعدل قانون الجنسية الجزائرية، أعربت منظمة "شعاع" لحقوق الإنسان عن قلقها من هذه الخطوة التي اعتبرتها "سابقة خطيرة تُحوّل الحق في المواطنة إلى أداة للعقاب السياسي، وتهديدا مباشرا لمنظومة الحقوق والحريات الأساسية في الجزائر". وذكرت المنظمة الحقوقية ذاتها، التي تهتم بالأوضاع الحقوقية في الداخل الجزائري، ضمن بيان لها، أن "هذا التعديل يندرج ضمن مناخ سياسي وقضائي يتسم بتوسع مقلق في استعمال القوانين الزجرية لتكميم حرية التعبير، لا سيما ضد المعارضين، وبوجه خاص الجزائريين المقيمين في الخارج، في نزعة تهدف إلى إسكات آخر فضاءات التعبير الحر البعيدة عن القمع المباشر للسلطة، وقطع الصلة القانونية بين المواطن ووطنه". وذكر البيان سالف الذكر أن "هذا التعديل لا يندرج في إطار إصلاح تشريعي مشروع؛ بل يُجسد سابقة خطيرة تُحول الحق في المواطنة إلى أداة للعقاب السياسي، وتفتح الباب أمام نزع الانتماء القانوني عن المواطنين على أساس تقديرات سياسية وأمنية فضفاضة، بما يقوض الأمن القانوني ومبدأ المواطنة المتساوية"، مبرزا أن "توسيع نطاق التجريد من الجنسية ليشمل الجنسية الأصلية يُمثل انتهاكا جسيما لمبدأ استقرار المركز القانوني للفرد، وخروجا عن المعايير الدستورية والحقوقية المستقرة". واعتبرت الوثيقة ذاتها أن "السماح بتجريد الأفراد من جنسيتهم دون صدور حكم قضائي نهائي، وبناء على تقدير إداري غير مضبوط قانونا، يُمثل خرقا فاضحا لمبادئ المحاكمة العادلة، وإلغاء عمليا للرقابة القضائية، وانحرافا خطيرا عن المعايير الدستورية والحقوقية المستقرة"، لافتة إلى أن "الصياغات الغامضة ذات الطابع الأمني الواردة في القانون تشكل أدوات لتجريم حرية التعبير والمعارضة السلمية، وتحويل الاختلاف في الرأي إلى تهديد أمني يُعاقَب عليه بنزع الجنسية؛ وهو أخطر جزاء يمكن أن يُنزله القانون بالمواطن". وأكد المصدر عينه أن "ضعف الضمانات القضائية في هذا التعديل ليس عرضيا، بل خيار تشريعي مقصود، يتجلى في إقصاء القضاء من مسطرة التجريد، وحرمان المعنيين من حق الدفاع، وغياب أي نص صريح يضمن حق الطعن القضائي الوقفي، فضلا عن ترك تحديد تشكيلة اللجنة المكلفة بملفات التجريد لنص تنظيمي حكومي، بما يمس مبدأ الشرعية واستقلالية القرار". وأبرزت منظمة "شعاع" لحقوق الإنسان أن "القانون بصيغته المصادق عليها يتعارض مع الدستور الجزائري، وينتهك الالتزامات الدولية للدولة"، مسجلة أن "مواجهة أي أفعال مجرمة يجب أن تتم حصريا عبر القضاء المستقل وضمانات المحاكمة العادلة، وتعلن أنها ستواصل رصد تطبيق هذا القانون والترافع ضده ورفع آثاره إلى الهيئات الوطنية والدولية المختصة، دفاعا عن الحق في المواطنة وعن ما تبقى من ضمانات دولة القانون في الجزائر".