أفادت مصادر موريتانية هسبريس بأن قوات من الجيش الجزائري شنّت، ليلة البارحة، هجوما بالرصاص الحي على منقبين موريتانيين عن الذهب قرب منطقة الشكات، الواقعة على بعد 800 كيلومتر شمال شرق مدينة الزويرات، بمحاذاة الحدود المشتركة الموريتانية الجزائرية. ووفق المصادر التي تحدثت للجريدة، فقد أسفر التدخل عن توقيف عشرات المنقّبين ومصادرة عدد من مركباتهم، وسط تداول تسجيلات تظهر آثارا للاعتداءات الدامية التي طالت المستهدفين، لافتة إلى أن "مصير هؤلاء المنقبين يظل مجهولا حتى هذه اللحظة، وسط مخاوف تتعلق بحالتهم الصحية والبدنية، خاصة بعد أن أظهرت تسجيلات مصورة آثار دماء في موقع الهجوم بالمنطقة الحدودية الموريتانية". ونبهت المصادر ذاتها إلى أن "المنطقة الشمالية من موريتانيا رغم تصنيفها ضمن المناطق المحظورة على المدنيين، غير أن السلطات في نواكشوط سمحت بشكل استثنائي بفتح منطقة الشكات أمام المنقبين الموريتانيين، بقرار من رئيس الجمهورية، نظرا لأهميتها الاقتصادية وارتباطها بمصدر رزق مئات الشباب". وتزاول أعداد متزايدة من الموريتانيين نشاط التنقيب التقليدي في هذه المناطق الحدودية، باعتبارها أحد أهم أحزمة الذهب السطحي خلال السنوات الأخيرة، ما يجعلها مسرحا لاحتكاكات متكررة بين القوات الجزائرية والمنقبين. وبالأسلوب ذاته، كشفت المصادر أن عناصر من جبهة البوليساريو الانفصالية نفّذت، أمس، عملية توقيف أخرى استهدفت منقبين موريتانيين بمنطقة "أم رويسين" شرق الجدار العازل، الأمر الذي ضاعف منسوب القلق لدى مئات العاملين في هذا النشاط الذين يخشون استمرار استهدافهم سواء داخل الأراضي الموريتانية أو قرب حدودها. وفي ظل غياب معطيات رسمية من السلطات في نواكشوط والجزائر، يطالب منقبون موريتانيون بضمان سلامتهم ووقف "الاعتداءات المتكررة وغير المبررة"، مؤكدين أن "هذه المناطق تشكل مصدر عيش لفئات واسعة من الشبان القادمين من مختلف مدن البلاد". كما تعيد هذه الحوادث، وفق تعليقات منقبين، التذكير بحالة الاضطراب الأمني التي يعرفها محيط الحدود الموريتانية مع المنطقة العازلة ومخيمات تندوف، حيث سبق تسجيل اعتداءات مماثلة خلال الأشهر الماضية، مشيرين إلى أن "تكرار هذه الوقائع يعكس نشاط شبكات مسلحة تتحرك في الفراغ الحدودي وتستهدف المنقبين الموريتانيين، في ظل غياب ضمانات حماية فعلية لمسارات التنقيب التقليدي". ومع استمرار هذه التوترات، يطالب المنقبون بالإسراع بتعزيز الوجود الأمني وتنظيم النشاط المنجمي الأهلي بما يضمن حقوقهم وسلامتهم، مع رفع جاهزية المراقبة على طول الشريط الحدودي لردع أي محاولات لفرض أمر واقع من أطراف خارجية، بحيث يجعل الوضع الراهن السلطات الموريتانية أمام تحد مضاعف، بين الحفاظ على الاستقرار في منطقة ذات حساسية مفرطة جغرافيا وأمنيا، وحماية مصدر دخل مئات الأسر التي تعتمد على التعدين التقليدي.