"يكذب، يهرب".. أول كليب لنور يكشف بدايتها الرسمية في عالم الغناء    انتخابات 2026 .. الاتحاديون يطالبون بلجنة وطنية و"روبوتات بالأمازيغية"    المغرب يتقدم في مؤشر الابتكار العالمي        ضوابط صارمة.. منع "التروتنيت" في المحطات والقطارات وغرامات تصل 300 درهم    لوكسمبورغ تعتزم الاعتراف بفلسطين    مايسة سلامة الناجي تلتحق بحزب التقدم والاشتراكية استعدادا للاستحقاقات المقبلة    إسبانيا تشترط للمشاركة في "يوروفيجن 2026" استبعاد إسرائيل    احتجاجات "مستشفى الموت" تدفع وزارة الصحة إلى إعفاء مسؤولين كبارا بجهة سوس ماسة    الأرصاد الجوية تحذر من زخات ورياح    وزير الصحة يعفي مسؤولين بأكادير    وفاة أسطورة هوليوود روبرت ريدفورد عن 89 عاما    حفل الإعلان عن الفائزين بجائزة علال الفاسي لسنة 2024    "التغذية المدرسية" تؤرق أولياء أمور التلاميذ    كلاسيكو الرجاء والجيش يلهب الجولة الثانية من البطولة الإحترافية    عصبة الأبطال الأوربية.. أرسنال يحرم من خدمات ساكا و أوديغارد في مواجهة بلباو    الأمير مولاي رشيد يلتقي الرئيس محمود عباس في الدوحة لبحث مستجدات العدوان على غزة وتعزيز العلاقات الثنائية    أدب الخيول يتوج فؤاد العروي بجائزة بيغاس            الذهب يسجل ارتفاعا قياسيا مع تراجع الدولار قبيل اجتماع المركزي الأمريكي    أساتذة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بطنجة يلوّحون بالتصعيد احتجاجًا على "الوضعية الكارثية"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الاتحاد الإفريقي يعلن عن قيمة الجوائز المالية لكأس أمم أفريقيا المغرب 2025    ترامب يقاضي صحيفة نيويورك تايمز بتهمة التشهير ويطالب ب15 مليار دولار تعويضًا    تحقيق للأمم المتحدة يؤكد ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مهرجان "موغا" يكشف برنامج "موغا أوف" بالصويرة    مجلة أمريكية: المغرب يفرض نفسه كإحدى أبرز الوجهات السياحية العالمية    غزة تتعرض لقصف إسرائيلي عنيف وروبيو يعطي "مهلة قصيرة" لحماس لقبول اتفاق    أمرابط: رفضت عروضا من السعودية    دراسة: الأرق المزمن يعجل بشيخوخة الدماغ    البنك الدولي يستعرض نموذج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تقريره لسنة 2025    إلى متى ستظل عاصمة الغرب تتنفس هواء ملوثا؟    ارتفاع ثمن الدجاج والبيض بشكل غير مسبوق يلهب جيوب المغاربة        صحافة النظام الجزائري.. هجوم على الصحفيين بدل مواجهة الحقائق            افتتاح الدورة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي الدولي بمشاركة مغربية    منظمة النساء الاتحاديات تدعو إلى تخصيص الثلث للنساء في مجلس النواب في أفق تحقيق المناصفة    قناة الجزيرة القطرية.. إعلام يعبث بالسيادة المغربية    فيدرالية اليسار الديمقراطي تنخرط في الإضراب العالمي عن الطعام تضامناً مع غزة    في ذكرى الرحيل الثلاثين.. فعاليات أمازيغية تستحضر مسار قاضي قدور    موسكو تعزز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع المغرب    المغرب يستضيف كأس العرب لكرة القدم النسوية في شتنبر 2027    بوصوف يكتب.. رسالة ملكية لإحياء خمسة عشر قرنًا من الهدي    الملك محمد السادس يدعو لإحياء ذكرى 15 قرناً على ميلاد الرسول بأنشطة علمية وروحية    مونديال طوكيو… البقالي على موعد مع الذهب في مواجهة شرسة أمام حامل الرقم القياسي    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية        الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تَكَفَّنْ، فالمهمّةُ انتهتْ
نشر في هسبريس يوم 25 - 01 - 2010

الآن يا سيدي، آن لنا رسمياً أن نُعلن أنك مُتَّ. ولسنا في حاجةٍ إلى جنازة نشيّعك فيها بالبكاء والبخور كي يفهم العالمُ أنك متَّ حقّاً. ولستُ في حاجة إلى وفودٍ جديدة من المعزّين أستقبلها ليعرف الجميع أني أنا الخليفة.
أدري أنك تركتَ هذه الدنيا وأنتَ تشعرُ بأنّ المهمةَ التي من أجلها خُلقتَ لم تنته بعد. ولذلك رفضتَ أن تصدّق أنك مُتَّ، لأنك ودّعتَ الدنيا وأنت تشكُّ في قُدرتي على ملء الفراغ الرهيب الذي خلّفه غيابُك المفاجئ، فواصلتَ رغم الغياب حضورَك الكاسحَ في كل تفاصيل حياتنا. تنهض في كل مرّة من موتِك لتوبّخني وتؤنبني وتُشعرني بالخوف. ورُغماً عنا جميعاً مازلنا نراك تنتصبُ في أحلامنا وآلامنا وشوارعنا، تتخفّى خطاباتُك في ملامحنا ودفاترنا، وتتحكّم أنفاسُك في حاضرنا وفي مستقبلنا. حتى صار استمرارُك حيّاً وأنت الميّتُ يثيرُ بعضَ الشكّ في جدوى وجودي، وهذا ما لم يكن يوماً يعجبني.
لكنْ، آن لي أن أقولَ لك بكلّ الصدق والثقة: نمْ قرير العين سيدي. أَغمضْ عينيك إلى الأبد، ولا تَصْحُ. تكفّنْ، واخترْ حفرةً على مقاسك، ولا تطلعْ. لقد أنجزتُ المهمةَ التي عجزتَ طيلة تاريخك الدمويّ عن تحقيقها، وأحكمتُ قبضتي أخيراً على هذا الشعب المتمرد. فالشعب الذي كان ثوارُه أكبرَ من كمّاشتك صار كلُّه في قبضة يدي يختنق. صدّقني يا سيدي، ليس في الأمر كذبةٌ كمثل التي دأبتُ على ترويجها يوم كنتَ أنت الخانق. إنها الحقيقة. لو كان بإمكانك سيدي أن تفتح عينيك ثانيةً وتتجولَ بيننا لرأيتَ كيف قادتني الرغبةُ في تقليدك إلى أن أكون أقسى منك وأعنفَ وأجْرأ.
فاعذرني إن عارضتُ في ما مضى اندفاعَك المجنونَ من أجل تدمير هذا الشعب ورميه في البحر، أو تجرأتُ في المجالس على تحذيرك من تعطشك الشديد إلى دماء أبنائه. أنت تدرك أني كنتُ مضطرا سيدي. لقد كان الجميعُ يراني الأبَ الذي بإمكانه أن يوقف هجومَ الأعداء ويقلّمَ طيشَهم. كانوا يرونني مثل أمٍّ تَفزعُ إن صرخ واحدٌ من أطفالها في منتصف الليل، وتموتُ دونَه. لم يكن ممكناً أبداً وقتَها أن أصمتَ إذا ما استبدّ بك جنون الفتك. لو كنتُ صمتُّ في تلك الظروف لصارتْ رغبةُ المظلومين في الانتقام منك رغبةً في الانتقام مني. لذا كان عليّ أن أنتظر تغيّرَ الظروف حتى أنحاز إلى جبهتك مطلقاً دون خجل. كان عليّ أن أدجّن العلماءَ وأجرُّ الحقوقيين والمتنورين والعقلاء إلى الهوامش كي يبتعدوا عن المركز، أُشغلُهم بالتوافه كي أستفرد بالأهم. والأهم عندي أن أُشْبهَك وأتنصلَ من كلّ رابط يشدني إلى هذا الشعب. ولقد فعلتُها، وتنكرتُ لروابط الدين والنسب واللغة والدم والتاريخ والأرض، فأخرستُ ما تبقّى من المناضلين الحقيقيين، وزرعتُ في كل المواقع أشباهَ الرجال يدّعون النضالَ والمعرفة متلوّنين بأسماء مستعارة يتربصون بالأنقياء وأتباع الأنبياء والشعراء والمخلصين، ثمّ أعلنتُها حرباً شيطانية صامتةً رفعتُ خلالها جداراً بحجم العار ممتدّاً من السماء إلى قاع أعمق نفق، نجحتُ به في حصار شعب أعزل دون أن أخجل. لقد استطعتُ في النهاية أن أكونَ مثلَك أو أشرس، وكنتُ أذكى، لأني أقنعتُ العالمَ بأنّ شعباً مجنوناً يتوسل الحريةَ بالموت لا يستحقّ الحياة. فأنا لا أفهم حقاً كيف تكونُ الحريةُ حين لا تكونُ الحياة!
فتَكَفَّنْ، إن المهمةَ انتهتْ.
[email protected] mailto:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.