عيد العرش المجيد .. وزير الداخلية يعقد لقاء عمل مع السادة الولاة والعمال المسؤولين بالإدارة الترابية والمصالح المركزية للوزارة    كيف ارتقى المسار العسكري لولي العهد مولاي الحسن إلى رتبة كولونيل ماجور..    قضية حكيمي تعود فجأة مع اقتراب التصويت على الكرة الذهبية... ومحاميته تندد "اتهامات غير مفهومة"    ترامب يأمر بنشر غواصتين نوويتين ردا على تصريحات روسية "استفزازية"    غزة.. ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 162 فلسطينيا بينهم 92 طفلا    24 تلميذا مغربيا يجتازون بنجاح مباراة الالتحاق بمدرسة "بوليتكنيك" لسنة 2025        جوق المعهد الموسيقي للطرب الأندلسي يضرب موعدا لضيوف الدورة 39 لملتقى الأندلسيات بشفشاون    أمين حارث يُقنع دي زيربي ويعزز حظوظه في البقاء مع مارسيليا    المنتخب المغربي يدخل "الشان" بخبرة البطولات وطموح التتويج    مديرية الأرصاد الجوية تحذر من موجة حر من السبت إلى الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتصدى لمحاولة تسييس الجزائر لاتفاقية "رامسار" للمناطق الرطبة        سعر الدولار يتراجع بعد بيانات ضعيفة    "القسام" تنشر فيديو لرهينة إسرائيلي    لقاء سياسي مرتقب بوزارة الداخلية لمناقشة المنظومة الانتخابية المقبلة    الجمارك المغربية تحبط محاولة تهريب أزيد من 54 ألف قرص مهلوس بباب سبتة    وزير العدل : لا قانون يلزم الموظفين بشهادة مغادرة البلاد    تقدير فلسطيني للمساعدة الإنسانية والطبية العاجلة للشعب الفلسطيني، وخاصة ساكنة قطاع غزة        تتناول قضية الصحراء المغربية.. الكاتب الطنجاوي عبد الواحد استيتو يطلق أول رواية هجينة في العالم    "قد يبدو الأمر غريبا!".. لماذا لا نتخذ من التايلاند نموذجا للسياحة في المغرب؟    "مكتب الفوسفاط" يخطط لزيادة إنتاج أسمدة "تي.إس.بي" إلى 7 ملايين طن نهاية 2025    المبعوث الأميركي ويتكوف يزور غزة وسط كارثة إنسانية    رشيد الوالي: فيلم «الطابع» تكريم للعمال المغاربة في مناجم فرنسا    المهرجان المتوسطي للناظور يختتم نسخته الحادية عشرة وسط حضور جماهيري غير مسبوق    عبد العلي النكاع فنان مغربي يبدع بإلهام في فن التصوير الفوتوغرافي الضوئي    نداء لإنقاذ مغربية عالقة بقطاع غزة    وثائق مزورة وأموال "النوار" .. فضائح ضريبية تنكشف في سوق العقار    بطولة العالم للألعاب المائية (سنغافورة 2025) .. الصيني تشين يحرز ذهبية ثانية في منافسات السباحة على الصدر    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    رئيس البنك الإفريقي للتنمية: المغرب بقيادة الملك محمد السادس يرسخ مكانته كقوة صاعدة في إفريقيا    نشوب حريق بالغابات المجاورة لدواوير تمروت وبني بشير    بعد الخطاب الملكي.. "ائتلاف الجبل" يراسل أخنوش لإنصاف الهامش والقطع مع مغرب يسير بسرعتين    الشيخات وجامعة ابن طفيل.. أين يكمن الخلل؟    فرنسا توقف استقبال فلسطينيين من غزة بعد رصد منشورات تحريضية لطالبة    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    الطعن في قرارات "فيفا" ممكن خارج سويسرا    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية البنين بمناسبة العيد الوطني لبلاده    إسبانيا تُزيل علمها بهدوء من جزيرتين قبالة سواحل الحسيمة    مجدلاني يشيد بالمساندة المغربية لغزة    أسامة العزوزي ينضم رسميا إلى نادي أوكسير الفرنسي    أربعة قتلى حصيلة سلسلة الغارات الإسرائيلية الخميس على لبنان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    ديواني: اعتماد الحافلات الكهربائية في المغرب يطرح تحديات متعددة    "غلوفو" توقع اتفاقا مع مجلس المنافسة وتعلن عن خطة دعم لعمال التوصيل    تحكيم المغرب خارج مونديال الفتيات    حركة غير مسبوقة بمقر السفارة الجزائرية في الرباط... هل تلوح بوادر تغيير في الأفق؟    أوسيمهن ينضم لغلطة سراي بصفة نهائية مقابل 75 مليون أورو    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم        ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعد الدين العثماني : نكره ماما أمريكا ونُحبها في نفس الآن
نشر في هسبريس يوم 07 - 12 - 2007

في هذا الحوار الافتراضي مع سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ، يتحدث العثماني عن كارثة الانتخابات الاخيرة وحلم الفوز المؤجل ، وعن حكومة عباس الفاسي وعن موقف حزبه من "أمريكا" ...
السي سعد ، قبل البدء في الحوار نهنئكم أولا بمناسبة حصول حزبكم على الرتبة الثانية في الانتخابات الماضية . ""
الله يرحم والديك ألأخ ما بقاش تفكرني فديك الكارثة اللي وقعات في سبتمبر ، لأن الطبيب نصحني بعدم استرجاع ذكراها الأليمة حفاظا على سلامة قلبي وأعصابي !
- وايلي ، القضية واصلة كاع لهاد الدرجة من الخطورة ؟
وعلاه تسحاب ليك داكشي اللي وقع لينا ساهل ؟ منذ 2002 ظللنا نحلم بالفوز ، كنا نحلم بالحقائب الوزارية المهمة ، كنا نتخيل كيف سيكون منظر البرلمان جميلا عندما يملأه الإخوان بلحاهم السوداء ، كنت أرى نفسي في الأحلام جالسا كوزير أول إلى جانب رؤساء حكومات العالم في المؤتمرات الدولية الكبرى ، لك أن تتصور كيف سيكون منظري في غاية الروعة وأنا جالس بجانب جورج بوش بابتسامتي العريضة داخل البيت الأبيض ، أو بجانب نيكولا ساركوزي داخل قصر الاليزيه ...
- السي سعد فيق معانا الله يخلليك ، واش أنا جاي ندير معاك استجواب ولا جاي باش تحلم عليا ؟
آه ... ما أجمل أن يحلم الإنسان ، لكن الأحلام الجميلة مع الأسف تنتهي في كثير من الأحيان بالكوابيس المزعجة التي تجعل الواحد لا يستطيع العودة مرة أخرى إلى النوم إلا بعد أن يكون قد أتى على التهام قنينات كثيرة من المهدئات القوية .
- هل معنى هذا أن الأحلام هي التي كانت السبب وراء النكسة التي وقعت لكم ؟
أولا ، ما حدث لنا لم يكن مجرد نكسة ، بل كارثة مهولة يا أخي ! وأنا أتفق معك تماما على أن الأحلام الوردية لعنة الله عليها هي التي كانت وراء هذه الكارثة ، لقد بقينا نحلم لمدة خمس سنوات كاملة ، وفي النهاية استيقظنا على كارثة لا فرق بينها وبين كارثة تشرنوبيل !
- ولكن أشنو اللي خلاكم تبقاو غارقين فالأحلام هاد المدة كلها حتى صرتم مثل أصحاب الكهف ؟
مباشرة بعد انتهاء انتخابات عام 2002 بدأنا نتجرع منومات قوية كانت معاهد الاستطلاع الأمريكية مكلفة بتحضيرها ، هذه المنومات جعلتنا نحلم أننا نطير بأجنحة متينة في السماوات العلى ، والحال أننا لا نملك أصلا أجنحة صالحة للطيران ، لذلك عندما استيقظنا وشاهدنا الحقيقة المرة بأعيننا ، أدركنا أننا لسنا سوى مجرد هواة يمارسون هواية الطيران السياسي ، ليس في الأحلام فقط ، بل على أرض الواقع أيضا !
- طيب ... هل أنتم الآن مستيقظون من السبات العميق الذي كنتم غارقين فيه ؟
أجل ، لكن بعد أن وقع الفأس في الرأس كما يقول أسلافنا الأولون ، لقد استيقظنا في اللحظة التي أعلن فيها وزير الداخلية عن اسم آخر فائز في الانتخابات السابقة . المشكلة هي أنه مباشرة بعد استيقاظنا من النوم غرقنا في صدمة عميقة ، تصور أنني لحد الساعة لم أستطع أن أصدق ما حدث ، تمنيت لو كان الأمر مجرد كابوس فقط ، لكن هيهات ثم هيهات ، كنا نعتقد يا أخي أننا قبضنا الفوز الكاسح في أيدينا ، فإذا بنا نكتشف في النهاية أننا لم نكن نقبض سوى الوهم !
- إيوا الله يصبركم وصافي ...
أمين يا رب العالمين ، ولكن كي غاتدير حتى تصبر ؟ نظرات الاستهزاء والاستخفاف والسخرية تحيط بنا الآن من كل جانب ، ومن جميع الجهات ، والشامتون يشيرون إلينا بأصابعهم التي تخترق قلوبنا مثل سهام حادة ، الموت يا أخي أفضل وأرحم من هذا العذاب المهين الذي نعيش فيه الآن ! أنا غادي نعتارف ليك دابا بواحد الحاجة حتى واحد ما كانش كايعرفها من قبل ...
- أش ناهي هاد الحاجة ؟
اللي بقا فينا بزاف ماشي هوما الناخبين اللي صوتو لينا وصدقنا ما درنا والو ، اللي بقا فينا أسيدي هوما الناس ديال ميريكان اللي دارو جهدهم باش يرفعو لينا الشان ، وفي الأخير كحلنا معاهوم الضواصا عندما لم نستطع أن نحول توقعاتهم إلى حقائق ملموسة ، وضربنا كل الأرقام التي جاءت في الاستطلاعات التي أنجزوها لفائدتنا في الصفر . نخاف أن يغضبوا منا يا أخي ويصير حزبنا مثل كتكوت صغير بلا جناحين !
- هل تعي جيدا ما تقول يا سيد سعد ؟
معلوم ، أنا عارف أش كانكول ، ماما أمريكا بالنسبة لنا هي بمثابة العكاز بالنسبة للمعاق . المعاق يلا ما اعتامدش على العكاز ما يقدرش يتمشى ، والحزب ديالنا يلا ما اعتامدش على الذراع ديال ماما أمريكا ما يقدرش حتى ينوض من بلاصتو خللي عليك باش يتمشى !
- وعلاش كاتحركو التصاور ديال بوش والأعلام ديال العم سام فالمظاهرات اللي كاتديروها ضد أمريكا ؟
المسألة كلها تتعلق بالمبادئ والأخلاق والقيم .
- كيف ؟
عندما لا يكون لديك مبدأ واضح ومتين تبني عليه مواقفك يمكنك أن تفعل أي شيء وكل شيء ، أن تقول كلاما وبعد ذلك تأتي لتقول نقيضه ، المهم أنك تستطيع أن تفعل أشياء متناقضة وتعتقد مع ذلك أنك تتصرف بشكل سليم !
- مثلا ؟
يمكنك مثلا أن ترى قياديي حزبنا يقودون المظاهرات الصاخبة ضد الولايات المتحدة الأمريكية في الدار البيضاء أو الرباط ، يحرقون فيها صور بوش ويدوسون بأحذيتهم على العلم الأمريكي ، وفي الغد يأخذون الطائرة إلى واشنطن أو نيويورك من أجل قضاء أغراضهم الشخصية ومعها المصالح الحزبية أيضا !
- إذن انتوما بحال القزيبة ديال الفروج ، الريح اللي جات تديها ؟
أتفق معك تماما على هذا الوصف المناسب ، وأستطيع أن أقول لك بكل وعي ومسؤولية أننا لسنا فقط مثل ذيل الديك ، وإنما مثل الحرباء أيضا . إذا كانت الحرباء تستطيع أن تغير لون جلدها بكل سهولة فنحن بدورنا لدينا قدرة هائلة على تغيير ألوان مواقفنا باستمرار ، ولدينا قدرة خارقة على تقمص جميع الأقنعة . نحن حداثيون ومحافظون ، وديمقراطيون ومتزمتون ، ونكره أمريكا ونحبها في نفس الآن . والصراحة ديال الله أنا براسي مللي كانكون بوحدي كايشدني الضحك من هاد الروينة ، حتى أنني أقول مع نفسي في بعض الأحيان أن أنسب اسم لحزبنا هو " العجينة اللينة " ! لأننا فعلا نصير مثل عجينة لينة جدا عندما نضطر لمواجهة المخزن ، ولأن العجينة وحدها التي تحتاج إلى عناصر كثيرة كي تجتمع وتتماسك ، يلا بغيتي تعجن خاصك الما والملحة والدقيق والخميرة ، ويلا بغيتي تدير شي حزب بحال ديالنا خاصك بزاف ديال المواقف المتناقضة !
- حقا لقد فاجأتني كثيرا هذه الصراحة الفاضحة التي تتحدث بها يا سعادة الأمين العام ؟
في الحقيقة أنا أتحدث إليك بهذه الصراحة المطلقة لأن لدي رغبة شديدة في إفراغ قلبي من الهموم والشجون التي تملأه حتى لا ينفجر أو يتعرض لسكتة مفاجئة .
- والقلب ديال المغرب ما خفتيش عليه يتعرض لشي سكتة قاتلة ؟
دابا كانفكر غير فقلبي لا يسكت ، أما القلب ديال المغرب عندو الأطباء ديالو ، وحتى يلا بغا يسكت غير يسكت ، ما شي شغلي فيه !
- هل معنى هذا أن قلبك فارغ من الأحاسيس يا سعد ؟
في الحقيقة بدأت أشعر أن قلبي أصبح يقسو شيئا فشيئا ، وكطبيب نفساني أعرف جيدا أنه سيسير على هذا المنوال إلى أن يصبح مثل الحديد .
- وما السبب في ذلك ؟
السياسة يا أخي وحب الصعود إلى قمة المجد على سلم المبادئ والأخلاق والقيم !
- ولكن في البلدان الأخرى نرى أن قلوب السياسيين لا تصل إلى هذه الدرجة من القسوة والصلابة ؟
أنت محق ومخطئ في نفس الآن ، هتلر وموسولوني وستالين مثلا ، كانت قلوبهم قاسية وصلبة مثل الحجر ، ولكن يستحيل أن تجد قلوبا بهذه الدرجة من القسوة عند السياسيين اليوم في أوروبا أو في أي بلد ديمقراطي آخر .
- علاش ؟
في الدول الديمقراطية هناك دائما عمر مضبوط يجب أن تتوقف فيه الحياة السياسية للسياسي . في الولايات المتحدة مثلا ، أقصى مدة يمكن أن تستغرقها حياة أحدهم في السياسة عندما يصل إلى كرسي الرئاسة في البيت البيض هي ثماني سنوات ، وبعد ذلك يتحول إلى مواطن عادي ، بقلب عادي وأحاسيس طبيعية . أي أنهم لا يتركون الإنسان يمارس السياسة حتى تموت أحاسيسه .
كاريكاتير حسن عين الحياة من أسبوعية المشعل
- ولكن أش جاب الأحاسيس للسياسة ؟
بما أنني طبيب نفساني ، أستطيع أن أقول لك بأن بينهما علاقة وثيقة جدا ، السياسة لا تساهم فقط في قتل الأحاسيس ، بل في فساد الأخلاق أيضا ، هتلر مثلا صار قلبه مثل قطعة من الفولاذ وصار إنسانا بلا أخلاق لأن أهدافه السياسية لم تكن لها حدود ، وهذا ما يحدث عندنا بالضبط في المغرب !
- كيف ؟
أنظر مثلا إلى بيل كلينتون أو توني بلير ، لقد قضيا مدة زمنية على هرم السلطة في بلديهما ، لكن قلبيهما مع ذلك حافظا على طراوتهما وحنانهما ، لأن القانون وضع عمرا محددا يجب أن تنتهي فيه حياتهما السياسية . ماذا يفعلان الآن ؟ يلقيان محاضرات تلو الأخرى في الجامعات العالمية ، ويؤلفون الكتب ، ويزورون الملاجئ ومآوي الأيتام التي يتبرعون لها بنصيب من الأرباح التي يجنونها من بيع كتبهم ومحاضراتهم . هل يمكن أن تجد سياسيا مغربيا واحدا على هذه الشاكلة ؟ بالطبع سيكون جوابك بالنفي ، لأن السياسيين عندنا يتبعون السياسة بشهوة مجنونة ، إلى أن تتصلب قلوبهم ، ولا يتوقفون عن ملاحقتها حتى يفصل الموت بينهما !
إذا كان كلينتون وبلير كما قلت يا سيد سعد يؤلفون الكتب ويلقون المحاضرات ، فنحن أيضا لدينا سياسيون يمارسون هوايات مختلفة ، والديناصور واحد منهم ؟
صحيح ، ولكن عندما تعود إلى الحوار الذي أجريتموه سابقا مع السيد الديناصور ، ستجد أنكم عندما سألتموه لمن يتبرع بالأرباح التي يجنيها من بيع لوحاته الرديئة أجابكم بأنه يتبرع بها لنفسه ! هذا معناه أن قلبه صار مثل الحديد ككل السياسيين المغاربة !
- الديناصور قال لنا أيضا بأن ضميره لا يؤنبه أبدا لأنه مات منذ زمن ، حدثنا قليلا عن كيف هي الحالة الصحية لضميرك يا سيد سعد ...
ضميري أنا لم يمت بعد ، ولكنه عايش غير بالصيروم !
- ومتى أدخلته إلى المستشفى ؟
في الحقيقة هو دخل إلى غرفة الإنعاش منذ أن دخلت إلى عالم السياسة ، ولكن حالته لم تتدهور بهذا الشكل الخطير إلا عندما تركت الناخبين الذين كنت أمثلهم في الدشيرة وأتيت إلى الدار البيضاء ضاربا بعرض الحائط كل الوعود التي قطعتها لهم ، وهذا يعني أن استمراري في ممارسة السياسة دون أن يكون هناك عمر محدد لانتهاء مشواري السياسي سيجعل ضميري يفارق الحياة عما قريب ! السياسة يا أخي ليست سوى مجرد عاهرة قبيحة . اللي تبعها بلا شك غادي يكمل ايام حياتو داخل مستشفى المجانين . المجانين العاديون على الأقل يفقدون عقولهم فقط ، أما مجانين السياسة فيفقدون عقولهم وضمائرهم ومصداقيتهم وكل الصفات الطبيعية التي يتميز بها الإنسان عن الحيوان !
- ولكن اشنو السبب اللي خلاك تهرب من الدشيرة وتمشي لكازا ؟
خفت أخويا يهزني الما !
- طيب ... نرجعو دابا للمبادئ والمواقف ديال الحزب يلا سمحتي ...
ليس لدي أي مانع ...
- كنتم تنتقدون الحكومة السابقة ، وفي نفس الآن كان أحد قيادييكم يشتغل في ديوان إدريس جطو كمستشار ، كيف تفسر لنا هذا التناقض الغريب ؟
في الحقيقة ليس لدي أ تفسير لهذه القضية ، وعموما فعندما ندخل إلى عالم السياسة يحق لنا أن نفعل كل شيء وأي شيء . أن نقول كلاما في العلن ونفعل نقيضه في السر . الحاصول الواحد خاصو ديما يكون مع الجهة الرابحة ، وإلا سقط من القطار . صحيح أننا كنا ننتقد سياسة إدريس جطو ، لكن في نفس الآن كانت تجمعنا به صداقة قوية ، نحن لم نكن نستطيع التخلي عن هذه الصداقة حفاظا على المصلحة العليا للحزب ، وحرصا على سلامة الخيط الرفيع الذي يربط بيننا وبين الناس اللي الفوق .
- هل ستسلكون نفس النهج في طريقة تعاملكم مع عباس الفاسي ؟
هذا مؤكد يا أخي ، نخاف أن تكون لدينا مبادئ واضحة فنجد أنفسنا في النهاية خارج التغطية ، لا ديدي لا حب الملوك !
- ياك ما الحزب ديالكم كايعاني حتى هو من مرض السيكيزوفرينيا ؟
لا ، ما كاين لا سيكيزوفرينيا لا والو ، اللي كاين هو أننا حتى حنا بغينا نديرو بلاصتنا باش ما عطا سيدي ربي ، واش يسحاب ليك حنا ملائكة ولا اشنو؟ الواحد أمولاي مللي كايدخل للصالونات ديال الكبار ويشوف الملايير غير كاتطير فالهواء لابد حتى هو غادي يقفز باش يشد النصيب ديالو ، يقدر كاع يطيح ليه السروال وهو فالسما بلا ما يرد البال للعورة ديالو اللي كايتفرجو فيها عباد الله .
- طيب .. ما هو الفرق بين حزبكم والأحزاب الأخرى ؟
فالحقيقة ما بيناتنا حتى شي فرق ، الكل في الهوا سوا ! وبالمناسبة أريد أن أشير إلى أن جميع الأحزاب المغربية ليست سوى نوادي خاصة يمارس فيها أصحابها هواية جميلة ومربحة اسمها تاحزابت !
- وما هو الفرق بين حزب العدالة التنمية المغربي ونظيره التركي ؟
الفرق بينهما كالفرق الذي يوجد بين السماء والأرض ! الأتراك يمارسون السياسة بشكل واقعي على أرض الواقع ، بينما نحن نمارسها فقط في الأحلام وفي الهواء ، يعني أن برنامجنا السياسي ليس سوى مجرد أحلام وردية وثرثرة سرعان ما تتلاشى في الهواء مثل الدخان ، نحن نجد صعوبة كبيرة في الثبات على رأي واحد ، يمكنني أن أقول كلاما وبعد ذلك يأتي أحد الإخوة في الأمانة العامة ويقول كلاما آخر .
- باعتبارك طبيبا نفسانيا ، ألا تملك تفسيرا لهذا التناقض ؟
عندما تعود إلى الوراء قليلا ، ستكتشف أنني كنت نائبا برلمانيا عن دائرة الدشيرة ، بعمالة انزكان ...
- ( مقاطعا ) سبق أن حدثتني عن هذه الواقعة في مقطع سابق من الحوار ...
أعرف ، ولكن تعميما للفائدة سأضيف أنه عندما حل موعد الانتخابات التشريعية قررت أن أهرب بجلدي إلى الدار البيضاء تفاديا للحساب العسير الذي ينتظرني مع الناخبين الذين أوصلوني إلى البرلمان عام 2002 . عندما تتأمل هذه الجزئية الصغيرة ستكتشف أنه فالتصرفات ديالنا ما كاين لا تناقض لا والو ، كاين غير شوية ديال الدهاء والمكر السياسي ، تماما كما يحصل في جميع الأحزاب المغربية ، غير حنا كانبزرو المواقف ديالنا بشوية ديال الدين باش المكر ديالنا تكون عندو شوية ديال المصداقية !
- في عيد الخمر الذي أقيم في مكناس كنا ننتظر منكم أن تقيموا الدنيا ولا تقعدوها في البرلمان ، وتنوضوا العجاج لأن رئيس بلدية مكناس ينتمي إلى حزبكم ، لكنكم ما نوطو لا عجاجة لا دجاجة ؟
حنا براسنا خاص اللي ينوضنا ، حيت دابا وللينا غير بحال شي دجاجات وصافي !
- السي سعد كانشكروك بزاف على هاد الحيز الكبير اللي خصصتيه لينا من وقتك الثمين ، وكانشكروك على الصراحة الفاضحة ديالك ، حوارنا معك كان غنيا ومفيدا ، نشكرك مرة أخرى ..
أنا اللي خصني نشكركم بزاف بزاف ، لقد كان هذا الاستجواب الجميل بالنسبة لي مثل جلسة عميقة مع طبيب نفساني ، لقد ساعدتموني على إفراغ قلبي من كل الهموم والشجون التي كانت ستنسفه مثل لغم قديم . فوجتو على قلبي هاد النهار ، سير الله يرزقكم اللي يفوج عليكوم حتى انتوما ...
almassae.maktoobblog.com

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.