بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب.. عفو ملكي على 881 شخصا    باريس: ربط نتنياهو بين الاعتراف بفلسطين ومعاداة السامية "دنيء" و"مبني على مغالطات"    حجز 14 طنا من البطاطس بتطوان قبل توجيهها للبيع لانعدام شروط النظافة والسلامة    الملك محمد السادس يقود مبادرة إنسانية جديدة لفائدة الشعب الفلسطيني    البطولة الإحترافية 2025/2026: المرشحون والوجوه الجديدة ومباريات الجولة الأولى في إعلان MelBet    الدوري الإسباني.. ريال مدريد يستهل مشواره بالفوز على أوساسونا (1-0)    جمعية باقي الخير تستنكر منع شابة من ذوي الاحتياجات الخاصة من دخول فضاء ألعاب بطنجة بدعوى أنها "قد تُخيف الأطفال"    إسبانيا تواجه أضخم حريق في تاريخها: 343 ألف هكتار محروقة وآلاف المُهجّرين والحرائق ما تزال متواصلة    حفل استقبال بهيج: مؤسسة طنجة الكبرى للعمل التربوي والثقافي والاجتماعي والرياضي تستقبل أطفال القدس الشريف    بدر لحريزي يفوز بمنصب ممثل كرة القدم النسوية في عصبة الرباط سلا القنيطرة    تكريمات تسعد مقاومين في خريبكة    المركز الفرنسي للسينما يكرّم المخرجة المغربية جنيني ضمن سلسلة "الرائدات"    كزينة ونجوم الراب يشعلون الليلة التاسعة من المهرجان بحضور جماهيري قياسي    إدارة سجن "طنجة 2" تكشف سبب وفاة نزيل وتنفي مزاعم "تصفيته"    معاداة السامية .. الكذبة الإسرائيلية لتبرير جرائم الاحتلال    تداولات بورصة البيضاء تتوشح بالأحمر    التصنيف الائتماني للمغرب.. تقرير يوصي بشفافية البيانات وتنويع مصادر التقييم    المينورسو تستقبل بالعيون وفد مكتب "حفظ السلام" بوزارة الخارجية الأمريكية    عشريني يُعرض حياة أمنيين للخطر    الرجاء الرياضي يطوي صفحة النزاعات    السودان يصل ربع نهائي "الشان"    10 أعمال مغربية ضمن قائمة ال9 لأفضل الأعمال في جائزة كتارا للرواية العربية    48 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    المغرب يسجل مستوى قياسيا في الحرارة    البيت الأبيض يعلن موافقة بوتين وزيلينسكي على الجلوس لطاولة الحوار    أسعار الخضر والفواكه تسجل انخفاضا في أسواق المملكة    الوكيل العام للملك يكشف حيثيات العثور على سيون أسدون مغمى عليه بمنزله    تخمينات الأطباء تقادمت.. الذكاء الاصطناعي يتنبأ بموعد ولادة الأطفال بدقة عالية    تيكاد-9 .. وزير الشؤون الخارجية الياباني يجدد التأكيد مرة أخرى على عدم اعتراف طوكيو بالكيان الانفصالي    النيابة العامة تكشف الحقيقة الكاملة في حادث سيون أسيدون وتفند الروايات الكاذبة    مهرجان القنيطرة يفتح أبوابه للاحتفاء بالإبداع ويجمع نجوم الفن والرياضة في دورة شبابية مميزة    الجديدة.. إيداع شخص رهن الحراسة النظرية للاشتباه في هتك عرض طفل والتحقيقات متواصلة    الشعب المغربي يخلّد الذكرى ال72 لملحمة ثورة الملك والشعب    إنجاز علمي مغربي.. رسم الخريطة الجينية الكاملة لشجرة الأركان يمهد لآفاق جديدة    مساعدات المغرب لغزة تعزز التضامن    إسبانيا.. توقيف عنصرين موالين ل»داعش» بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    وزارة الصحة تطلق صفقة ضخمة تتجاوز 100 مليون درهم لتعزيز قدرات التشخيص الوبائي    محامي عائلة "محمد إينو" يعلن عن تطورات جديدة في ملف "القتل العمد ضد مجهول"    مهرجان سينما الشاطئ يحط الرحال بأكادير    بعد زيادتين متتاليتين.. انخفاض محدود في سعر الغازوال    صيادلة المغرب يحتجون بحمل الشارات السوداء ويهددون بالتصعيد ضد الوزارة (فيديو)    ارتفاع طفيف للدولار أمام العملات الرئيسية    20 غشت.. ذكرى ثورة الملك والشعب    الألماني هانزي فليك يضغط على إدارة برشلونة لتسجيل مارتن    تربية الأحياء المائية.. الوكالة الوطنية تنطلق في مراجعة المخططات الجهوية    دراسة: المعمرون فوق المئة أقل عرضة للإصابة بالأمراض المتعددة    بطولة انجلترا: الاسكتلندي بن دوك ينتقل من ليفربول لبورنموث    أفغانستان.. زلزال بقوة 5,1 درجات يضرب منطقة هندوكوش    خبيرة أمريكية تكشف مدة النوم الضرورية للأطفال للتركيز والتفوق    "غوغل" تضيف تحديثات إلى تطبيق الترجمة    المغرب.. حين تُحلّق الطائرات محمّلة بالحياة نحو غزة    مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة تنعي الروائي الكبير صنع الله إبراهيم    مهرجان الشواطئ يواصل جولته ويشعل مرتيل والناظور والسعيدية    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حامي الدين ومرض الباموفوبيا
نشر في هسبريس يوم 10 - 02 - 2015

طلع علينا مرة أخرى الأستاذ حامي الدين عبد العالي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بكلام يتحدث فيه عن حزب الأصالة والمعاصرة ، مصنفا مناضليه إلى ثلاث تيارات (يسارية متطرفة، مافيوزية، سلطوية،) مدعيا أنها تشكل البنية السوسيو سياسية لهذا الحزب.
والواقع أنها ليست المرة الأولى، التي يتكلم صاحبنا عن حزب الأصالة والمعاصرة ، وفي كل مرة كنا نأمل أن نجد في كلامه ما يساهم في إغناء النقاش حول التجربة السياسية الفتية لحزب الأصالة والمعاصرة ، إيمانا منا بأن أية قراءة نقدية لهاته التجربة مهما كانت قاسية فإنها سوف تغنيها، لأنه كما قالت العرب قديما،" من ينتقدك يبني معك".
إلا أننا في كل مرة نقرأ كلام الأستاذ حامي الدين عبد العالي يتناول فيه تجربة حزب الأصالة والمعاصرة، إلا ونصاب بخيبة معرفية وسياسية مرة، و كأننا "في كل مرة نصطاد الغراب لنتأكد من سواد لونه."
فعندما يتحدث الأستاذ عن ثلاث تيارات تشكل حزب الأصالة والمعاصرة، "يسارية ، ومافيوزية، وسلطوية"، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنا السؤال التالي: كيف توصل صاحبنا إلى هذه الخلاصة؟ هل هي نتيجة بحث علمي حول تجربة الحزب؟وما هي المعطيات السوسيو سياسية التي اعتمدها وسمحت له بهذا التصنيف؟
الأكيد أن صاحبنا ومن خلال كل خرجاته، لا يتكلم على أساس معطيات بحثية وملاحظات منهجية، بل ينطلق فقط من انفعالات ذاتية وحزبوية و أوهام دوغمائية أسقطته في فجاجة وتبسيطية وصلت إلى حد الأحكام السوقية التي لا تليق بمن يحاول أن يقدم نفسه ، تارة كمثقف حزبي، وتارة أخرى كباحث أكاديمي. فاستعمال أوصاف ونعوتات من قبيل تلك التي استعملها صاحبنا في تهجمه على حزب الأصالة والمعاصرة، جعلته غريبا عن الخطاب الأكاديمي، القائم على الملاحظة الموضوعية؟ وبناء المفاهيم وتقديم استنتاجات نقدية، كما جعلته شاذا على الخطاب الديمقراطي الذي يحترم الإختيارات السياسية للمواطنين، ولا يجرح في انتماءاتهم التنظيمية.
فما الذي يمنع ذهنية صاحبنا من رؤية تعدد التيارات وتنوع الفئات الإجتماعية واختلاف البيوغرافيات الفردية والمسارات السياسية داخل حزب الأصالة والمعاصرة على أنها ثراء وغنى لتجربة سياسية رائدة ترنو إلى خلق دينامية توحد مختلف الطاقات وتحررها في أفق ديمقراطي تنموي.
أليس هذا تعبيرا عن عدم القدرة على رؤية واقع جديد ينطوي على تجارب تحتضن التعدد والإختلاف؟ وهو عجز ناجم عن عقلية دوغمائية تمتح من مرجعية الفكر الأحادي الذي لا يرتاح إلا أمام النمطية والتماثل والتطابق والإنغلاق.
ثم إن الإدعاء الأخلاقي المزعوم لصاحبنا، بأن حزب الأصالة والمعاصرة يضم تيارا ما فيوزيا ، لا يصمد أمام واقع حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه، والذي ضرب عرض الحائط كل القيم الأخلاقية منذ وصوله إلى سدة القرار الحكومي، فمن المعروف أن حزبه بنى عنتريته الأخلاقية وأمجاده الشعبوية على خطاب أخلاقي يعادي فيه كل الأحزاب الوطنية، من ليبرالية ويسارية وسلفية، موجها لها كل الاتهامات القدحية ، وبمجرد ما تعلق الأمر بالمناصب والمكاسب تناسى كل القيم والأخلاق التي ظل يتشدق بها عندما كان في المعارضة .
فلو أن لصاحبنا غيرة أخلاقية صادقة على السياسة بالمغرب، لتشجع ووجه انتقاداته إلى حزبه الذي اختار تحالفات سياسوية هجينة مع أطراف كانت على الدوام جزءا من الوضع السياسي الذي بنى حزب العدالة والتنمية معارضته له بالجمل الأخلاقية .
فما الذي يمنع ذهنية صاحبنا من أنى يوجه انتقاداته الأخلاقية في الاتجاه الذين تمليه المروءة والشجاعة؟
على اعتبار أن النقد الأخلاقي لا يكون مفيدا للديمقراطية إلا إذا كان موجها إلى من يتحمل مسؤولية القرار الحكومي
وإذا كان هذا العداء المتكرر لصاحبنا اتجاه حزب الأصالة والمعاصرة ، يهدف إلى تشويه سمعة وصورة هذا الحزب لدى الرأي العام الوطني والديمقراطي فإنه في الواقع يميط اللثام على نمط التمثلات الثقافية السائدة لدى بعض قادة حزب العدالة والتنمية ومن بينهم صاحبنا إزاء الاختلاف والتعدد والمعارضة، إذ أن كل الأوصاف التي يروجها هؤلاء، تعكس عداءا مرضيا، هو تعبير عن خوف من فاعل حزبي قوي له عمق جماهيري وله تمثيلية محترمة داخل المؤسسات الدستورية، ويتمتع بالتفاف شعبي صاعد، إنها عدوانية/باموفوبيا، مجانية تعبر عن عجز مهول في الثقافة السياسية الديمقراطية الحداثية.
فما الذي يمنع ذهنية صاحبنا من أن تتفاعل مع المعارضة وتفتح معها نقاشا عموميا حول القضايا الاقتصادية و الاجتماعية للمجتمع المغربي، بدل ركوب الخطاب السهل المبتذل الذي ارتضاه لنفسه.
إن المتتبع لما يلوكه ويروجه صاحبنا باستمرار، ليس فقط اتجاه الأصالة والمعاصرة، بل كذلك اتجاه من اختلفوا معه من القوى الديمقراطية المعارضة، لسوف يتبين له أن ما يمنع ذهنية صاحبنا من التحلي بمواقف ديمقراطية تحترم الاختلاف، وأخلاق تستحضر المسؤولية، وثقافة سياسية تؤمن بتحولات الواقع، هي الدوغمائية المزمنة القابعة داخلها.
لهذا دائما، ومع كامل الأسف نجد مواقف صاحبنا السياسية تنحو ضد الاختلاف والتعدد وحرية الرأي والتنظيم، كما نجد الأخلاق التي يدعيها تحتكر القيم وتروج لتأويل ماضوي لها، كما أن الثقافة التي يريد إشاعتها نجدها مسجونة في أوهام ماضوية غير قادرة على تجديد رؤيتها للواقع.
لهذا ، للأسف نجده دائما يفقد كل الصفقات التي نود أن نراها فيه، كباحث أكاديمي، ومثقف حزبي نزيه ، ومواطن ديمقراطي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.