شخصيات سياسية فرنسية تشيد بالدعم البريطاني لمخطط الحكم الذاتي المغربي لصحرائه    الفيفا يعلن عن شعار النسخ الخمس القادمة لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    وزير الداخلية يقدّم معطيات حول سير عمل الشركات الجهوية متعددة الخدمات    الحزب الاشتراكي الموحد – فرع العرائش … بعد حريق حافلة النقل اللاحضري: تحذيراتنا لم تُستمع.. والكارثة حصلت!    انطلاق اشغال الملتقى الاول للمكتبات الوطنية العربية    منتدى مقاولاتي بطنجة يجمع فاعلين اقتصاديين من جهة فالنسيا ونظرائهم المغاربة لتعزيز الشراكة والتعاون    أحمد توفيق: تجهيز 6255 مسجدا بمعدات النجاعة الطاقية    رسالة عمر هلال.. تصحيح مفاهيمي وتثبيت لمحددات النزاع كما أقرها مجلس الأمن    إنجازات مشرفة للمغرب في دورة دولية مرموقة من كأس محمد السادس للكراطي    جلالة الملك يعزي أسرة الراحل موسى السعدي    يهود يراسلون أخنوش رئيس جماعة أكادير لإلغاء أسامي شوارع ومنشآت عمومية وتعويضها بأسماء شخصيات عِبْرِيَّة    أكثر من 3800 مقاولة جديدة بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة خلال الربع الأول من 2025    إبراهيم دياز: الركراكي يعرف كيف يستخرج أفضل نسخة من كل لاعب    أكادير.. توقيف شخص وزوجته يشتبه تورطهما في ممارسة الإجهاض بشكل غير مشروع        رسالة احتجاج مغربية تُسجّل رسميًا في الأمم المتحدة    "الأسود" يحلون بمعسكر المعمورة    الأداء الإيجابي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    أخبار الساحة    مناسبة عيد الأضحى.. الباطرونا تدعو أرباب المقاولات الخاصة لإقرار الإثنين عطلة اسثنائية    موجة حر جديدة تجتاح المملكة خلال الأيام القادمة    المحكمة تؤجل النظر في جلسة محاكمة المغني المغربي سعد لمجرد    لفتيت: الشركات الجهوية متعددة الخدمات وضعت برنامجا استثماريا يبلغ في مجمله 253 مليار درهم    أمانديس تدعم شباب الابتكار البيئي بطنجة من خلال رعاية "هاكاثون Code Bleu"    الناقد المغربي حميد لحمداني يفوز بجائزة العويس الثقافية    ماجدة الرومي وزياد برجي وMoBlack وSlimane ينضمون إلى قائمة نجوم الدورة العشرين لمهرجان موازين    العلج يدعو القطاع الخاص لمنح عطلة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    إسبانيا تحقق رقما قياسيا جديدا بلغ 25,6 مليون سائح أجنبي عند متم أبريل الماضي    أسماء لمنور تتوج بجائزة "أفضل مطربة عربية" في جوائز DAF BAMA Music Awards 2025    انطلاق محاكمة سعد لمجرد بفرنسا    "وقفات مع العشر".. عنوان حلقة جديدة من برنامج "خير الأيام" عبر يوتيوب    السعودية: إخراج أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بدون تصريح    محمد الأمين الإسماعيلي في ذمة الله    أسعار المحروقات تعود للارتفاع في المغرب رغم التراجع العالمي    سالم عبد الفتاح ل"رسالة 24″: بريطانيا تُكرس الشراكة التاريخية مع المغرب وتكشف دور الجزائر في النزاع    أشرف حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لدوري أبطال أوروبا    توقيف 79 شخصا خلال احتفالات باريس سان جرمان الفرنسي        باحثون يطورون أداة لرصد أمراض معدية في أقل من 10 دقائق    دورة سادسة للمهرجان الدولي للفيلم الكوميدي بالرباط    تجربة الفنان التشكيلي المغربي: سيمفونية الألوان    ديستانكت يكشف عن ألبومه المرتقب «BABABA WORLD» بمشاركة نجوم عالميين    في المؤتمر الإقليمي الخامس للصويرة .. إدريس لشكر الكاتب الأول للحزب: المعارضة الاتحادية ستمارس دورها الرقابي المسؤول بعيدا عن النفاق السياسي    قدم أداء مقبولا ويحتاج إلى مزيد من العمل.. الوداد يتعثر من جديد قبل انطلاق كأس العالم للأندية    سفينة من "أسطول الحرية" محملة بمساعدات إنسانية تبحر إلى غزة من إيطاليا    وقفة احتجاجية بآسفي تجسّد مأساة عائلة النجار في غزة    الحجاج يتوافدون إلى مكة وسط تدابير مشددة ودرجات حرارة مرتفعة    أطباء بلا حدود تحمّل مؤسسة أمريكية مسؤولية الفوضى وسقوط قتلى أثناء توزيع المساعدات في رفح    المغرب تحول إلى عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية (رؤساء أربعة برلمانات إقليمية بأمريكا اللاتينية)    79 معتقلا في احتفالات سان جرمان    الفيضانات في غرب الصين تدمر عشرات المنازل والطرق    يوميات حاج (2): في الإحرام تتساوى الرتب وتسقط الأقنعة الزائفة    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبيلة الركيبات الصحراوية .. نموذج الانصهار الداخلي والرقي الحضاري
نشر في هسبريس يوم 26 - 06 - 2016

إذا كان المفكر والمؤرخ المغربي عبد الله العروي يقول إن "كل بلد ينتمي كليا أو جزئيا قديما أو حديثا إلى عالم العروبة والإسلام لا تفهم أوضاعه إلا بالرجوع إلى الذهنية القبلية"، فإن هذه المسألة تنطبق، إلى حد كبير، على قبائل الأقاليم الجنوبية للمملكة، والتي تجد لها امتدادا جغرافيا في كل من موريتانيا والجزائر، وقد يمتد إلى مالي والسنغال.
جريدة هسبريس الإلكترونية، وفي إطار سلسلة رمضانية، ستسلط الضوء على عدد من القبائل الصحراوية: تاريخها وعاداتها وتقاليدها، وحتى أسباب تسمياتها، من خلال قراءة كتب أصدرها مؤلفون حول هذه القبائل، أو الحديث إلى باحثين ومؤرخين على دراية بتاريخ هذه المجموعات البشرية.
وفي هذه الحلقة نتحدث عن قبيلة "الركيبات" من خلال دراسات تاريخية، وكتاب حول العلامة "إسماعيل ولد الباردي"، والذي ألّفه الباحث في تاريخ القبائل الصحراوية محمد دحمان؛ حيث يتحدث الباحث في شق من هذا الكتاب عن تاريخ هذه القبيلة العريقة، وامتدادها الجغرافي.
وتجمع عدد من المصادر التاريخية على أن قبيلة الركيبات تنحدر من جد واحد هو سيدي أحمد الركيبي، ويرفع الفقيه محمد سالم بن لحبيب نسب أحمد الركيبي إلى عبد الله بن المولى إدريس التاج، إلا أن أغلبية المصادر، بحسب الباحث محمد دحمان، تتفق حول انتسابه لمحمد بن المولى إدريس، باني مدينة فاس، وهو ما ذهب إليه المؤرخ الموريتاني المختار بن حامد. كما تجمع المصادر المتوفرة حول الجد المؤسس لقبيلة الركيبات على أنه أنجب ثلاثة أبناء، وهم القاسم وعلي واعمر، وهم الذين شكلوا البطون الأساسية لهذه القبيلة.
وفي ما يخص الابن علي، فقد شكل فرع أولا علي بن سيدي أحمد الركيبي؛ حيث ينقسم إلى أولاد موسى والسواعد وأولاد داود والمؤذنين، بالإضافة إلى أولاد بورحيم.
أما بالنسبة للابن اعمر، فشكل فرع أولاد اعمر بن سيدي أحمد الركيبي؛ حيث يتكون هذا الفرع من أولاد الشيخ وأولاد الطالب والتهالات، ثم التابعين.
وبالنسبة للقاسم الذي تفرع عنه "القواسم"، فينقسم إلى أهل إبراهيم أوداود، والبيهات، والفقرة، ولعيايشة، ثم التابعين.
وتفرعت هذه القبيلة عن جد جامع مؤسس تقول المصادر التاريخية إنه كان وليا صالحا زاهدا، وخلف أولئك الأبناء الذين تركوا مجموعة من البطون، وبدأ انتشار تلك القبيلة انطلاقا من موطن جدها الأول بمنطقة الشبيكة الموجودة جنوب غرب مدينة طنطان حاليا، نحو مناطق الكعدة وأعالي واد الساقية الحمراء، والحمادة وزمور وتيرس وأدرار التمر، واركشاش والحنك وإيكيدي، وذلك بفعل انفتاحها وتحالفاتها الموسعة مع القبائل المجاورة ذات الشمال والجنوب، وكذلك مواردها الرعوية المتنامية التي تمثلت في تربية الغنم والإبل والماعز، وبفعل أهمية المنطقة التي توجد بها الرابطة بين بلاد السودان وشمال المغرب.
ويقول عنهم الباحث البريطاني دافيد هارت: "إن الركيبات يعرفون كل المنطقة الواسعة للصحراء الغربية الممتدة من كلميم إلى داكار، بل إلى ما وراء ذلك. وهم يترحلون في كل مكان بحثا على الكلأ".
وهيمنت القبيلة إبان التدخل الاستعماري على المنطقة الممتدة من درعة السفلى حتى مرتفعات آدرار بموريتانيا الحالية، "فشمال الساقية الحمراء نجد الكعدة وشرقها مرتفعات: زيني، الأيدار، شبكة البقرة والوار كزيز، ويلي ذلك منطقة الحمادة التي تمتد حتى كثبان إيكيدي. وجنوب الساقية الحمراء تغلب السهول، فانطلاقا من الغرب نجد: الكربان رك لمحون تيرس غلمان، الكارات، لصلاب، ومرتفاعت آدرار سطف التي تنتصب جنوب غرب هذه السهول"، يقول محمد دحمان.
واستوطنت القبيلة في منطقة صحراوية يغلب عليها طابع الجفاف والتصحر وندرة المياه، لكن الإنسان الركيبي استطاع قهر ظروفها القاسية بفعل التضامن القبلي واستراتيجيات التكيف مع المجال من ترحال وزراعة ظرفية وتجارة صحراوية عابرة للمنطقة؛ حيث كانوا في فترة من الفترات واسطة العقد بين الشمال والجنوب، وحتى الشرق، وتجلى ذلك في بسط علاقاتهم مع الطوارق والشعاملة وأولاد المولات وكنتة والبرابيش وغيرها.
أما بالنسبة لنظام الركيبات الاجتماعي، فتميز بالتراتب والتحالف والانفتاح على القبائل الأخرى المجاورة. وهنا ينتفي الحكم الأوروبي في الفترة الاستعمارية الذي يقول إن المغرب هو عبارة عن فسيفساء من القبائل التي لا رابط فيما بينها، بل إن القبيلة تمثل آية الانفتاح على المحيط والتعامل مع العالم الخارجي من مجتمعات الواحات والمجتمعات الزنجية والطوارقية والأمازيغية، وهي كذلك نموذج للانصهار الداخلي والانتظام في شكل طوائف متخصصة في حمل السلاح والتعليم والرعي والتجارة بعيدة المدى، صورة طبق الأصل لما أسماه المفكر الراحل جاك بيرك ب"قمة الهندسة الاجتماعية"، والتي يعتبر فيها مجتمع البيظان عامة، والركيبات على وجه الخصوص، نموذجا للانتظام والرقي الحضاري رغم التراتبية الظاهرة.
وفي قمة النظام القبلي الركيبي هناك آيت أربعين التي تتكون من رؤساء بطون القبيلة، مقابل جماعة الحل والعقد عند قبائل الزوايا. وآيت أربعين هي التي تتولى تنظيم الغزوات ومراقبة المراعي ونقاط الماء وفض النزاعات الداخلية للقبيلة والخارجة عنها، كعلاقاتها مع المخزن والقبائل المجاورة والإمارات في الجنوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.