تعاظمت ظاهرة الأخبار الزائفة والكاذبة التي تروج بقوة في مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع البحث، إلى درجة أنها أصبحت تهدد بشكل كبير الديمقراطية، وتؤثر على العمليات الانتخابية ومواقع اتخاذ القرار. ولعل ما وقع في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في تصويت "بريكست"، وما حصل إبان الحملة الانتخابية لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة؛ حيث راجت على الشبكة العنكبوتية أعداد كبيرة من الشائعات ونظريات المؤامرة التي تؤثر على ذهنية المصوتين، في محاولة للتأثير على نتائج الاقتراع، يجعلنا نخلص إلى أن الوضع خطير للغاية ووصل حدا يصعب التحكم فيه. وسبق للبريطاني "تيم برنرز-لي"، مخترع الإنترنت، أن أكد بأن بعض الإعلانات السياسية الموجهة استخدمت بشكل "غير أخلاقي" لإبعاد الناخبين عن استطلاعات الرأي وتوجيههم إلى الأخبار الكاذبة. الخطر الكبير لهذه الأخبار الزائفة يتجلى في كون وسائل الإعلام كانت تملك في السابق سلطة قوية نسبيا حول ما يحق تمريره للرأي العام، لكن في الوضع الحالي، يمكن اليوم لكل مستخدم للإنترنيت أن ينشر أخبارا زائفة في قطاع عام أو شبه عام. ويتم هذا الآن بشكل أسهل. كما أن كل من يتواجد في الشبكة العنكبوتية وفي مواقع التواصل الاجتماعي يشكل لبنة في عملية نشر الأخبار؛ فالمعلومات يمكن لها الانتشار على هذا النحو بسرعة، خارج نطاق وسائل الإعلام الكلاسيكية الكبيرة. ويقع الجانب الأكبر على شركات مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع البحث التي أصبحت تجني أموالا طائلة من الأخبار الكاذبة، مما يفرض عليها التحلي بروح المسؤولية الاجتماعية، والعمل على حذف كل تشويه أو تحريف يخضع لملاحقة قضائية على الفور بمجرد الإبلاغ عنه، وتسهيل عملية الإبلاغ عن الأخبار الكاذبة من طرف المواطنين. موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" كان قد أعلن عن شروعه في تنفيذ خطة لمحاربة الأخبار الوهمية، عن طريق حصرها عبر وسم "غير متفق عليه"، وأصبحت الأخبار الزائفة تظهر في خلاصة الأخبار مرفقة بعبارة تحذيرية، مع رابط لمواقع فحص الحقيقة التي تبرر ما إن كان الخبر غير حقيقي أو زائفا. وعمدت شبكة التواصل الأشهر في العالم إلى تسهيل عملية التبليغ عن الأخبار الوهمية عبر الضغط على الزاوية اليمنى العليا للمنشور، التي تمكن المستخدمين من التواصل مع صاحب المنشور، أو حجب المنشور بشكل كامل. وفي هذا الصدد، قررت التعاون مع عدد من منظمات ووكالات تدقيق الأخبار للتحقق من الأخبار الكاذبة وصحة القصص. أما موقع البحث الشهير "غوغل" فقد شرع، بعد انهيار جليد الانتخابات الأمريكية الأخير، في العمل على مكافحة ومنع الأخبار الكاذبة من الانتشار والحد منها، كما قرر حرمان المواقع التي تبث أخباراً كاذبة من الاستفادة من "خدمة جوجل الإعلانية" في المستقبل، مع استمرار الشركة في دعم المواقع والمنظمات الصحافية الموثوقة، والتأكد من صحة المقالات والأخبار على موقعها ومحركها للبحث. وتبقى كل هذه الخطوات متواضعة الأداء، ودون مستوى الحد من ظاهرة الأخبار الكاذبة التي استفحلت بشكل كبير، مما يستلزم تكثيف الجهود من طرف كل الفاعلين والمتدخلين، واعتماد قرارات أكثر حزما وصرامة من أجل تفادي تعليلات المشككين في وسائل الإعلام الذين يعتبرونها وسائل لترويج الكذب، وإعادة المصداقية إلى الفضاء العام، وتحييد كل الوسائل الكيدية التي تهدف إلى التأثير على قناعات المواطنين والرأي العام. من أجل تسليط الضوء على هذا الموضوع والإحاطة بعدد من تفاصيله، تنظم مؤسسة دويتشه فيله (DW) ومؤسسة هسبريس الالكترونية، يومه الخميس 06 أبريل 2017 على الساعة السادسة مساء، ندوة دولية تحت عنوان: "الأخبار الكاذبة، وتأثيرها على الرأي العام والإعلام"، بمشاركة بيتر ليمبورغ، المدير العام لمؤسسة دوتشه فيله، ومصطفى الخلفي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، وأنطوان عون، مدير قسم البرامج العربية بقناة العربية، ورشيد جنكاري، مستشار دولي في الإعلام الجديد؛ وذلك بالقاعة الكبرى لفندق حسان بالعاصمة المغربية الرباط.