وجهت "فيدرالية اليسار الديمقراطي" نقداً قاسياً إلى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، بخصوص مآل "حراك الريف"، واستمرار أجواء الاحتقان الاجتماعي في الحسيمة وعدة مناطق، محملة إياه مسؤولية ذلك باعتباره مسؤولاً عن السلطة التنفيذية. وقالت الأحزاب المكونة للفيدرالية (الاشتراكي الموحد، الطليعة، والمؤتمر الوطني الاتحادي): "منذ تحمل العثماني مسؤولية رئاسة الحكومة اتسع مجال الخروقات على مستوى حقوق المواطنات والمواطنين وحرياتهم الأساسية، وتفاقمت حدة الاحتقان الاجتماعي في ظل استمرار الاختيارات اللاشعبية واللاديمقراطية نفسها، وزاد التأزم استفحالا حتى أصبح يُهدد بالانفجار. وتقدم الحسيمة ومنطقة الريف مثالا ساطعا منذ لحظة موت المرحوم محسن فكري إلى لحظة استشهاد عماد العتابي". وأكدت الرسالة الموجهة إلى العثماني أن المقاربة الأمنية المنتهجة في الريف زادت في تفاقم الأوضاع واتساع الجفاء بين الدولة والمجتمع، داعية الجميع إلى التفكير، والعمل بجدية، وباستعجال، من أجل وضع حد للاحتقان المتزايد، وحماية البلاد مما يحدق بها من مخاطر. وفي الصدد ذاته، أوضح علي بوطوالة، الكاتب الوطني لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، في تصريح لهسبريس، أن حكومة العثماني "لم تتحمل مسؤوليتها الكاملة حسب ما ينص عليه دستور 2011 في تدبير الشأن العام، خاصة في معالجة احتقان الحسيمة الذي طال لمدة عشرة أشهر، ولا ندري إلى أي حد سيستمر". وأورد القيادي اليساري أن استمرار التوتر في مختلف جهات وأقاليم المملكة ستكون له انعكاسات سلبية على أمن واستقرار البلاد بصفة عامة، داعياً الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها أو تقديم الاستقالة كما جاء في الخطاب الملكي الأخير. وقال بوطوالة إنه "رغم كل ما يُمكن أن يقال عن صلاحيات الحكومة والمؤسسة الملكية في ملف الريف، إلا أن الحكومة لديها صلاحيات، وما قامت به يبقى هزيلاً وضعيفاَ، بل وغير ذي جدوى"، كما اتهم أحزاب الأغلبية المكونة للحكومة ب"التواطؤ والحياد عن دورها المجتمعي الحقيقي". واعتبرت الفيدرالية في رسالتها أن "حراك الريف أريد له أن يتخذ أبعاداً أكبر من إطاره الحقيقي، باعتباره ملفا مشروعاً بمطالب اجتماعية واقتصادية وثقافية، عبر التخوين وإطلاق الاتهامات وشيطنة الحراك السلمي، لتأليب الرأي العام ضده، وشرعنة اعتماد الأساليب البائدة والارتكان إلى المقاربة الأمنية القمعية". واستنكرت الأحزاب اليسارية حملة الاعتقالات التي طالت العديد من النشطاء، قائلة: "إن ما تلقاه المعتقلون من إهانة وعنف لفظي وجسدي ونفسي، ومن ظلم كبير لهم ولأهاليهم، سواء عند الاعتقال أو خلال الحراسة النظرية، يذكرنا بأحلك الحقب من تاريخ المغرب المعاصر"، وزادت: "نطلب منكم التدخل من أجل وضع حد لهذه الأوضاع المأساوية التي يتابعها الرأي العام الوطني والدولي ببالغ الاهتمام؛ وذلك بالعمل من أجل إطلاق سراح المعتقلين، ورد الاعتبار لهم وجبر ضرر العائلات والمنطقة بكاملها، والتصدي لمظاهر الفساد والريع". وفي الصدد ذاته دعا التحالف الحزبي الحكومة إلى مراجعة مقاربتها "التي يجب أن تتمحور حول المواطن بضمان أمنه وسلامته وحماية ممتلكاته وصيانة حقوقه وتحقيق رفاهه، والتفاعل مع تعبيراته السلمية بحكمة وتبصر، لكي يتم تجنيب المواطنات والمواطنين سيطرة الشعور بالإحباط والمهانة والمذلة، والنفور من الدولة وأجهزتها ومؤسساتها".