الطوب ينوه بزخم لقاء السمارة.. ويؤكد: نشكل قوة وطنية وفية لتاريخ المغرب ومضحية لمستقبل وحدته    خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد الرؤية الملكية الاستراتيجية من أجل إفريقيا أكثر اندماجا (أمينة بنخضرة)        بريطانيا وكندا وأستراليا تعترف رسميا بدولة فلسطينية    أداء مطارات أوروبية يتحسن عقب هجوم سيبراني    الناظور.. اعتقال شرطي اسباني وبحوزته 30 كيلوغرامًا من الحشيش        الرجاء الرياضي يتوصل لاتفاق نهائي مع فادلو لتدريب الفريق بعد الانفصال مع الشابي بالتراضي    بنخضرة: خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد رؤية الملك للاندماج الإفريقي    المغرب يعتمد فيزا إلكترونية مؤقتة على دول كالجزائر والغابون والسنغال وتونس لحضور كأس إفريقيا    رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم 'جياني إنفانتينو' يزور الملعب الكبير لطنجة    نادي ليفربول لكرة القدم النسوية ينعى مات بيرد    "الجمعية" تستنكر قرار منع وقفة احتجاجية أمام مستشفى طاطا    الأصالة والمعاصرة بين دعوة النزاهة وتثبيت الصورة السياسية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    إسرائيل تعيد إغلاق معبر الملك حسين    اختبار صعب لبركان أمام كارا الطوغولي وسهل نسبيا للجيش الملكي ضد بانجول الغامبي    المنتخب المغربي ل"الفوتسال" يهزم الشيلي 5-3    عملية بئر لحلو.. إنزال عسكري مغربي مباغت يربك "البوليساريو" ويفضح تورطها مع شبكات التهريب    عضو في حكومة القبائل يكتب عن فضيحة فرار الجنرال الجزائري ناصر الجن    حملة استباقية لتنقية شبكات التطهير السائل استعداداً لموسم الأمطار    المضيق-الفنيدق تطلق ورشات مواكبة لحاملي المشاريع الشباب في إطار برنامج 2025 للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية    نشرة إنذارية.. زخات رعدية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة اليوم الأحد بالمغرب    الصويرة: نساء من المغرب وخارجه يطلقن نداء دوليا من أجل السلام    أخنوش: أتفهم أن هناك من يريد استثمار وجود هذه الحكومة لحل جميع المشاكل بشكل آني ومستعجل وسنحاول ذلك قدر المستطاع    "اقطيب الخيزران" تدشن موسمها الفني بمسرح المنصور بالرباط    استخدام الهواتف الذكية يهدد الأطفال بالإدمان    فريق يتدخل لإنقاذ شجرة معمرة في السعودية    نقابة: لن نقبل بالتفريط في مصالح البلاد وحقوق العمال بشركة سامير    بطولة إنكلترا: ليفربول يحافظ على بدايته المثالية ويونايتد يعبر تشلسي    ميلوني تأمل حكومة فرنسية محافظة    جريمة قتل تهز جماعة العوامة ضواحي طنجة إثر شجار دموي    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية ينهي المرحلة الثانية بانتصار ثمين ويحافظ على صدارة الترتيب            اضطرابات في مطارات أوروبية بسبب خلل إلكتروني أصاب أنظمة تسجيل الركاب    بورتريه: أندري أزولاي.. عرّاب التطبيع الصامت        الشرادي يتغنى بالصحراء المغربية في قلب موريتانيا    "الغد كان هنا" منجية شقرون تقيم معرضا شاعريا بين الذاكرة والضوء    المقاطعة الثقافية لإسرائيل تتسع مستلهمة حركة مناهضة الفصل العنصري    الانبعاثات الكربونية في أوربا تبلغ أعلى مستوى منذ 23 عاما (كوبرنيكوس)        "على غير العادة".. بريطانيا تفتح المجال لتجنيد جواسيس حول العالم بشكل علني    وزير خارجية الصين: المغرب كان سبّاقاً لمدّ الجسور معنا.. وبكين مستعدة لشراكة أوسع وأعمق    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    قيوح يجتمع بنظيره الدنماركي لتعزيز شراكة تتعلق بالنقل البحري    انفصال مفاجئ لابنة نجاة عتابو بعد 24 ساعة من الزواج    بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    الرسالة الملكية في المولد النبوي    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لأجْل شكري أعْصُر طنجة
نشر في هسبريس يوم 17 - 11 - 2017


قُبَّعَة، معطف وخمْر
ورحلة مآلها الحفاء
يا شكري
يا واهب اللًمعة للقانِطات
يا العابر في النهر العابر
يا موتا تحقَّق رغم أوتاد خيمة دقَقَتها في الهُناك
يا سَكرة في السَّكرة
ويا ألْفَة في التّيه
أسألك:
هل قابلتَ الإله؟
هل عاقبك؟
عن فضِّ بكارة
أو جرُم زِنا
والكأس المترعة
أم عانقك؟
كأنه يحنو على ألم قديم زرعه في أرض الريف؟
شكري، هل تقول لي ماذا أوْمأ بِه الإله
عساني أعرف من الآن
أيّة طريق أمشِي
وأيُّ هباء أصْحبُ
كأني أوّل النساء
آخِر الحائرات...
شكري الحزين
سيَّان عندي هذا السقوط وهذا الصعود
هذه الليلة سأقضيها باحثة عن مرادف لمعنى الثُّمالة
أريد أن أعصُر طنجة حتى بزوغ النًّور
وأُخرج منها زيتها، كي أضيءَ
وأُخرج منها ماءها كي أثْمل
وأُخرج منها نثارها كي أُورق
ومنها سأخرج السحب،الغمام ، والموج الصعلوك، على مرآه تتعرى صبايا " مرصيلو"
وأخرج تاريخك الأزرق، من دولاب "السوق الداخل"
وأُخرج معاطفك الباهتة ألوانها، وارتديها كلها، عساني أصير خبزا حافيا لكل الجائعين في الضواحي،وفي المقابر، وعلى الطرقات
وأُخرج منها سفنا وقوارب، وسماء ترى من فوق كل جرائم الانسان ولا ترسل حِممَها
وأُخرجُ الصوامع والمآذن،ونواقيس الكنائس، وأدعو الحَمام لصَلاة الرِّيح
ولأجلك يا شكري الشريد، سوف أعصر وأعصر هذه " الطنجة" حتى الفتح المبين
ولكي يتحقق لي خَبَلي، سوف أعصرها باكرا يوم الأحد، لأن الأحد نحاسي، وكثيرا ما تلمع ساعاته تحت شمس لَعوب
ولأن الأحد ايضا كان يومك، لا تقرأ فيه لا تكتب
لا تمارس عادتك في اللهو
لا تدعو إليك لا امرأة ولا سلطانا
الأحد كان يومك، وكنت فيه تربي صغار الأفكار فوق اريكة تهتز، كلما سمعت جرس الباب، وجاءت "فاتي"...
سأعصر طنجة في باقي الأيام:
سأُخْرِج الإثنينَ نضيفا وببذلة العمل كما صيدلي
سأخرج الثلاثاء بجِلباب نسائي أُرجُواني وبحجابٍ يهدِّد بانفجارات شتى
وسأخرج الأربعاء متثائبا وبسروال عربي، وأجعله يلاحق صورك من حانة "النيكريسكو" إلى حانة "البيركولا"،وسأجعله يقتنع بأنك كنت ألَقَ طنجة، غادرتها فغادرها الألق
الخميس، سأُخرْجه تقيًّا ورِعا، بِجِينْز وسُترة جلدية، وبقصّة شعر تشبه قصة "ريشار دجير"، وسأضع على عنقه قطرات "العود القماري الحر"، وأحشو جيوب بذلته بحشيش طري، وبإشارة أصبعي، سآمره أن يتوضأ ويصلي مع الحمام صلاة الريح
الجمعة سأخرجها من قلب طنجة، من كل البيوت التي طهت "كسكسا"، وأطلقتْ في بهوها أجنحة الدعاء
السبت، آه من السبت، إِنْ عصرت طنجة، سوف لن أخرِج سوى السبت، بتبان أحمر، وفستان ضيق، وعطر فضاح، وليل طويل طويل، لا يتنتهي إلا بضرورة الانتهاء، سبت بعكب عال، بأحمر شفاه وقح، وبحقيبة يد رخيصة تُوهم بالأناقة، سبت يرقص على إيقاع موسيقى الخليح، ويترك شعره يتدلى يمينا وشمالا، والأصابع تُحاكي أصابع أخرى هناك، في الجهة اليقظى من الغواية،
سبت كأنه الوحيد في أيام طنجة من يملك مفاتيح المقاهي والمطاعم والحانات والبيوت المحرمة، سبت تهدأ فيه رياح الشرقي، وتهدأفيه كل الزوابع، إلا زوابع الحب
شكري عمت مساء، ماذا بوسعي ان أقدم لك:
ريحانة على القبر؟
ماء زهر على تربتك؟
قرنفلات أشتت بتلاتها على شاهدتك؟
أم أفرغ نبيذا معتقا أتى به بهاء الطود من مغارات الغجر بإشبيلية، ام اتلو عليك فصولا من روايته ابو حيان في طنجة، جعلك فيها بطلا عذبا
أم أشدو قصائد عبد اللطيف بنيحي، افتقدك فيها حتى لا فقد، ورثاك حتى لا رثاء
أم هل أحفر قبرك كي أعثر على يدك، وأبث فيها مسرحية، رجل الخبز الحافي، كتبها الزبير بن بوشتى، ولخص سيرتك مع الحياة هكذا: كانت شهيةً وكنتُ جائعا.
ماذا بوسعي ان أهديك؟
هل ما جمعتُ من نفائس وانا اعصر طنجة لأجلك؟
لقد نسيتُ، لم أُخْرج منها جواهر المعنى، فمَا طنجة إلم تكن السّر؟ وما طنجة إن لم تكن السؤال العظيم؟
وهل طنجة طنجة بلا هرقل؟ يرفع هامتها ويقيس قدرته بعدد الرحى المنزوعة من مغارته
وهل طنجة بياض، بلا عبد الله كنون، يصعد حي "مرشان" كما لو يتلو ابتهالا، ويطوي وريقات أفكاره كما لو يطوي صكوك غفران
وهل طنجة فِتنة، بلا العربي اليعقوبي، يشُكُّ في عُروة البذلة ياقة صفراء، وعلى القبعة الزرقاء يرش قطر " هيرميس" ويهش بعصاه على الوقت، يرَوِّضه، يراقصه، يلاعبه، ويغني طويلا موال الصبر، في طنجة تنْكُر جميلهُ، وتنكر عليه الزمن الجميل مر مسرعا ب" كاديلاك" بيضاء بالقرب من "سورالمعكازين"..
وهل طنجة بلا بائعة الخبر على حافة السوق الداخل
بلا بائعات الخضر والبقول والجبن البلدي وزيت الزيتون واللبن
بلا بائعات الهوى والهواء حين تصبح الحياة اخناقا بِلاهُنَّ
بلا نساء المصانع المتعبات، يأكلن ما أعددناه من قوت على الجنبات، وينتظرن يوما صافيا لا يجيء
بلا رجال البحر، يجيء عام يموتون فيه تباعا، غرقى في المحيط وفي المتوسط، لا تخرج جثتهم الى الشاطئ، إنما تبقى في ماء الغيب المالح
بلا قوارب الموت، وأفارقة اشداء، يحسبون الجنة على بعد موجات، وينتهون في بطون الحوت
بلا عاهرات، طنجة بلا عاهرات كأنها مدينة مهجورة، فالعاهرات مِلح طنجة ومرارتها، والعاهرات سخط طنجة وعارها، لكنهن ايضا، بقايا نساء عند كل شيخوخة مُبَكرة
وانت يا شكري تحفظ عني السر، فلماذا تصمت صمتك الأليم
ولماذا تجعل الروح تلهث وراء بوحك ولو كنت في الماوراء
إني اسمعك، فقل: ما السر
فيكَ وفيَ
في الدودة والبرتقالة
في الألم وفي الأرض
في الدين وفي الشِّعر
قل، فأنت من هناك أدْرى
وأنت من هناك أقرب إلى المبدع العظيم، خالق السحاب وخالق الروح
علاّم الغيب، وعالم العلوم
وحتى إن لم تُجِب يا شكري العنيد، فإني جمعت صمتك في قارورة، وغيبتك في حقيبة جلدية كتِلك التي تدلت من كتفك على طول الطريق
حتى وان لم تجب، فإني أتحسس أثر عبورك، روحا تسبح في الفضاء، وتترك وراءها ألف جواب...
لكل باب مزلاجها يا محمد، وأنت من أية باب دلفت؟ وهل كان المزلاج عصيا؟
يا محمد،
ساغادر
سأثمل،
سأموت...
علمني فقط
كيف ادخل السماء
دخول الفاتحات...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.