الاتحاد المغربي للشغل يخلّد الذكرى ال73 لانتفاضة 8 دجنبر 1952    الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان يدعو إلى وقفة رمزية أمام البرلمان للمطالبة بإطلاق سراح "المعتقلين السياسيين"    لفتيت يستبق انتخابات 2026 بحركة تنقيلات واسعة لضبط الإدارة الترابية    اغتيال "شاهد" بجنوب إفريقيا يحيي السجال حول مسألة حماية المبلغين        كيوسك الاثنين | الاجتماع المغربي – الإسباني يؤكد انتعاشا اقتصاديا    استنفار أمني بسبب جريمة قتل بأحد أحياء مراكش وفرار المشتبه فيه    كاتبة إيطالية تعرّض لحادثٍ مروّع أثناء زيارتها إلى مراكش تنشر شهادتها عن تجربة إنسانية غير متوقعة    اجتماع ثلاثي بين الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر في نيويورك    المغرب ضد السعودية.. نهائي قبل الأوان في سباق الصدارة    طقس الاثنين: صقيع مرتقب بالمرتفعات والجنوب الشرقي والهضاب العليا            "الفن والإعلام في ترسيخ القيم الوطنية".. أمسية فنية وثقافية تُمتع الجمهور وتغني النقاش بطنجة    ثورة في عالم الطب .. علاج جديد يقضي على سرطان الدم تمامًا    أخنوش: ضاعفنا عدد أساتذة الأمازيغية 5 مرات وخصصنا للتعليم 17 مليار درهم    كأس العرب لكرة القدم (قطر 2025).. المنتخب المغربي يخوض غمار الجولة الثالثة بطموح الفوز على نظيره السعودي والتأهل للربع    كأس العرب تشهد إقصاء تونس وقطر    التنسيق النقابي يحمّل الوزارة مسؤولية تدهور أوضاع شغيلة التعليم الأولي ويدعو لوقفة وطنية بالرباط    المغرب ضمن 30 دولة الأكثر سخاء في العالم    12.8 مليار درهم تسيل لعاب «فراقشية» دعم الأعلاف .. مداهمات مجلس المنافسة تعيد إلى الواجهة تحذيرات «الاتحاد الاشتراكي» من ريع الدعم الموجه للأعلاف    ناصر بوريطة: الولايات المتحدة الأمريكية ستقود مفاوضات تنزيل الحكم الذاتي    نتنياهو يجدد رفض الدولة الفلسطينية    بنكيران: أنا لا أعرف ما هي الدولة العميقة إلى اليوم    تتالي الصفعات لنظام الكابرانات!    إعلان الحرب ضد التفاهة لتصحيح صورتنا الاجتماعية    التكنولوجيا وتحولات الفعل السياسي في المغرب: نحو إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع    اختتام الدورة ال 22 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش .. تتويج فيلم «سماء بلا أرض» للمخرجة أريج السحيري بالنجمة الذهبية للمهرجان    إجماع دولي على إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    الصيد المستدام والبنية الصناعية يقودان المغرب لزعامة سوق السردين العالمي    اعتقالات في بنين بعد محاولة انقلاب    السودان.. هجوم لقوات الدعم السريع بمسيّرة يخلف عشرات القتلى بينهم أطفال بجنوب كردفان    مسيرة حاشدة في طنجة تنديدا بالعدوان الإسرائيلي وتضامنا مع غزة    رونالدو نازاريو: المغرب يلعب "كرة القدم بأسلوب مذهل" خلال السنوات الأخيرة    إبراهيم أوشلح يستعيد في سيرته الذاتية ذاكرة جيلٍ عاش تحولات المغرب من زمن الاستعمار إلى سنوات الرصاص    الغفولي يعيد تقديم "شويخ من أرض مكناس" بأسلوب الجلسة الخليجية    السكتيوي: مواجهة السعودية "صعبة"    الصحافة البرازيلية تعتبر مباراة المغرب والبرازيل في مونديال 2026 "قمة مبكرة"    "سي دي جي" تجهز 100 مليار درهم لضخها في مونديال 2030    هايتي تعود إلى المونديال بعد 52 سنة    المخرجة آن ماري جاسر: فيلم "فلسطين 36" يقدم أرشيفًا حيًا لمرحلة مفصلية في التاريخ    الأسود يدخلون المونديال بخيبة 1998 وفخر 2022 وطموح 2026    عودة مهرجان مواهب الدار البيضاء في دورته الثانية... فضاء يفتح الأبواب أمام الطاقات الشابة    14 قتيلا في انقلاب حافلة بالجزائر        المكتب الشريف للفوسفاط يستثمر 13 مليار دولار في برنامجه الطاقي الأخضر ويفتتح مزرعته الشمسية بخريبكة    أخنوش من الرشيدية: من يروج أننا لا ننصت للناس لا يبحث إلا عن السلطة    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير: سلاح التنشئة الاجتماعية والتربوية يجفف المنابع المتشددة
نشر في هسبريس يوم 24 - 12 - 2018

يطرح «الإرهاب» تحديات وإشكالات كبرى أمام المجتمع الدولي برمته، بالنظر إلى التداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يفرزها؛ فالعمليات التي طالت عدداً من البلدان على امتداد مناطق مختلفة من العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة تبرز أن مخاطر الظاهرة ما زالت قائمة وبشكل جدّي..
تؤكد العديدُ من الدراسات أن العوامل المغذية «للإرهاب» متعدّدة ومتباينة في خلفياتها وأسبابها. وإذا كان الحدّ من تصاعد الظاهرة يتطلب اعتماد مقاربة شمولية فاعلة، فإن استحضار الجانب التربوي في علاقته بالتنشئة الاجتماعية، بصورة تسمح بتحصين شخصية الفرد ضد أي فكر أحادي أو سلوك متطرّف، وتجعله مؤمناً بالحوار والاختلاف.. يعد مدخلاً أساسياً أيضاً لمحاصرة هذه الآفة.
تحيل التنشئة الاجتماعية إلى التفاعل المجتمعي الذي يتيح للفرد من اكتساب مجموعة من القيم والسلوكات التي تمكّنه من تنمية شخصيته وتطوير قدراته العقلية وتمنحه الثّقة في نفسه، وتدفعه نحو التكيف الإيجابي مع محيطه المجتمعي..
إنها عملية منظمة ومستمرة، تقودها مجموعة من القنوات التقليدية والحديثة، والتي تتوخى إعداد الفرد طيلة مراحل حياته، ليصبح كائناً اجتماعياً؛ من خلال التربية والتلقين والتعليم.. عبر إرساء مجموعة من القيم الاجتماعية بكل مضامينها الثقافية والروحية والفكرية والنفسية... تسهم في بلورتها مجموعة من القنوات، سواء تلك التي يجد الفرد نفسه بداخلها تلقائياً كالأسرة والمدرسة..، أو تلك التي تتاح له فيها إمكانية الاختيار، كما هو الشأن بالنسبة إلى الجمعيات والأندية والأحزاب السياسية..
وجدير بالذكر أن الهامش المتاح للقنوات التقليدية المرتبطة بالتنشئة (الأسرة؛ والمدرسة؛ والمسجد..) أصبح يضيق بفعل التحولات الدولية الأخيرة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وبروز قنوات أخرى عابرة للحدود، تروج لقيم اجتماعية ولثقافة «معولمة» من خلال وسائل الإعلام والاتصال الحديثة والمتطورة..
يشكل العنف والإرهاب «ثورة» على كل القوانين والضوابط الدينية والتشريعية والأخلاقية، وممارستهما هي تعبير عن إلغاء العقل وعن العجز في الدفاع عن الآراء والمواقف بسبل موضوعية وحضارية.
وتتباين العوامل المغذّية للإرهاب، بما يجعل من احتواء الظاهرة المتنامية أمراً لا يخلو من صعوبات وتحديات. وإذا كانت المقاربة الأمنية والقانونية والاقتصادية تفرض نفسها بحدّة في هذا الشأن، فإن استحضار العناصر التربوية والاجتماعية التي تعد التنشئة الاجتماعية إحدى ركائزها يعدّ أمراً حيوياً، لارتباطه ببناء شخصية الفرد وتربيته على قيم الحوار والاختلاف واحترام حقوق الآخرين..، بما يحصّنه ضد ارتكاب أعمال العنف بكل مظاهره وأشكاله..
يعبّر «الإرهاب» في أحد جوانبه عن وجود اختلالات وانحرافات على مستوى التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الفرد داخل المجتمع، والجدير بالذكر أن المدخل القانوني والأمني وعلى أهميته يظل قاصراً في الحدّ من هذه الظاهرة الفتّاكة..
تفرض هذه المعطيات مجتمعة على جلّ القنوات المعنية بالتنشئة الاجتماعية والتربية، وعلى رأسها الأسرة والمؤسسات التعليمية والقنوات الإعلامية، أن تتحمل مسؤولياتها في تطوير وتأهيل أدائها باتجاه بلورة تنشئة سليمة، كفيلة بتحصين النشء ضد كل انحراف وعنف وتطرّف تحت أية ذرائع اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية..
على الرغم من التداعيات الخطيرة التي يخلّفها الإرهاب على مختلف الواجهات.. فإنه يشكل - مع ذلك- محطّة للتأمل واستخلاص الدروس والعبر من التجارب القاسية، وتحويل الأزمة إلى فرصة على طريق إرساء تدابير أكثر نجاعة وفعالية لمواجهة المخاطر المحتملة..
إن الاهتمام بموضوع التنشئة كمدخل لصقل سلوك الفرد، وتربيته على قيم المواطنة والمسؤولية والحوار والاختلاف، وتصريف وتوجيه طاقاته وقدراته لخدمة نفسه ومحيطه، ودفعه إلى الاندماج داخل المجتمع.. يظلّ استثماراً ناجحاً ورهاناً موفّقاً، نظراً لارتباطه بالعنصر البشري الذي يعتبر أساس كل تنمية وتطور حقيقيين.
يفترض أن تقوم التنشئة على مناهج وأساليب واعية بعيدة عن الارتجال، وترفق وتعزّز أيضاً بتأهيل اقتصادي واجتماعي يكفل العيش الكريم للمواطن، بما يحصّنه ضدّ كل فكر متطرّف ويسمح بمحاصرة العنف في جذوره..
إن تقصير مختلف القنوات المعنية بالتنشئة في ملامسة القضايا المجتمعية التي تندرج ضمن اهتماماتها، واقتران ذلك بإكراهات اجتماعية مختلفة، من شأنه أن يحدث فراغاً، يمكن أن تستغله القوى المتطرفة، لتستقطب أفراداً غير محصنين فكرياً وتربوياً ودينياً.. وتوجّههم نحو ارتكاب أشكال متباينة من العنف في حق أنفسهم وفي حق المجتمع برمته.
*مدير مختبر الدراسات الدولية حول تدبير الأزمات بجامعة القاضي عياض، مراكش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.