إسبانيا تستدعي سفيرها من إسرائيل    "بايرو" يستنجد بالبرلمان قبل السقوط    المغرب يهزم زامبيا بثنائية ويحافظ على العلامة الكاملة في التصفيات    الموسم الدراسي 2026/2025.. حوالي 8 ملايين و271 ألف تلميذة وتلميذ يلتحقون بالمؤسسات التعليمية    مصرع شخصين في حريق بدوار مولاي عزوز الملك بمراكش    الذكرى الثانية لزلزال الحوز.. احتجاجات بالرباط للمطالبة بلجنة تقصي الحقائق    «لا بار في شيكاغو» لمحمود الرحبي خرائط سردية تعيد أحياء تائهة إلى مدنها    ارتفاع أسعار النفط بعد اتفاق "أوبك " على رفع الإنتاج بوتيرة أبطأ ابتداء من أكتوبر    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد استقلال بلادها    الركراكي يكشف عن التشكيلة الرسمية لمباراة المغرب وزامبيا    زخات رعدية وأجواء غير مستقرة الاثنين والثلاثاء بعدد من مناطق المغرب    لحظات وداع مؤثرة.. ناصر الزفزافي يودع والدته ويقبل قدمها        الوطنية الاحترافية للقسم الأول برسم الموسم الرياضي 2025-2024: النادي الرياضي المكناسي يشحذ أسلحته بطموحات قارية    "نور الرياض" يعلن مواقع الاحتفال والقيّمين الفنيّين للنسخة القادمة    "الاشتراكي الموحد" يقترح منع الاحتكار الانتخابي مع شرط الإجازة للبرلمانيين    الخارجية الليبية تتدخل لتصحيح خريطة المغرب مبتورة بمقر غرفة التجارة    ربيع القاطي يطرق باب العالمية مجددًا عبر سلسلة "Atomic"    الراضي تتوج أفضل ممثلة إفريقية    "كناش الحشمة".. أسطورة الرحل فوق خشبة المسرح الكبير بنمسيك    أكادير تخصص أزيد من 500 مليون درهم لتأهيل محيط ملعبها الكبير استعدادا ل"كان 2025″    مقتل 6 إسرائيليين في عملية إطلاق نار بالقدس واستشهاد المنفذين وسط تصعيد بالضفة الغربية    في مواجهة حملات الاستهداف.. يقظة وطنية والتفاف شعبي حول الملك    اللغة والهوية في المغرب: خمسون عاماً بين الأيديولوجيا والواقع    النقابات التعليمية بالحسيمة تنتقد تدبير الادارة للدخول المدرسي وتدعو إلى احترام المقاربة التشاركية    زخات رعدية وهبات رياح مرتقبة اليوم الاثنين بعدد من المناطق    الركراكي: نحترم جميع الخصوم وهدفنا الفوز أمام زامبيا    فضيحة الخطأ المطبعي.. شركة تعدين تخفض مردودية ذهب كلميم من 300 إلى 30 غراما فقط    التأكيد على مبدأ السلام خيار استراتيجي و التخلي عن منطق إدارة الأزمات    قرية لمهيريز... صيادون منسيون في قلب الصحراء يطالبون بالكرامة والإنصاف    ميناء طنجة المتوسط يربك مدريد.. وحزب "فوكس" يرفع منسوب التصعيد ضد المغرب    الحكومة تصادق على مشروع قانون تعويض المصابين في حوادث سير    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..    ألكاراز يتوج بلقب أمريكا المفتوحة للتنس للمرة الثانية    الدريوش.. هزة أرضية خفيفة تثير القلق بسواحل تمسمان    المنتخب المغربي يواجه زامبيا وعينه على مواصلة سلسلة انتصاراته    بنما تعلن حجز 39 طردا مشبوها على متن سفينة قادمة من المغرب    بورصة البيضاء تبدأ الأسبوع ب"الأخضر"        الموقف الأمريكي يعزز المبادرة المغربية كخيار وحيد لتسوية نزاع الصحراء    مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يحذّر من انهيار قواعد الحرب حول العالم    القدس الشرقية.. هجوم مسلح يوقع خمسة قتلى إسرائيليين    ميناء الحسيمة : انخفاض بنسبة 9 في كمية مفرغات الصيد البحري مع متم يوليوز الماضي        وسط استقبال "مهيب"... سفن "أسطول الصمود" القادمة من إسبانيا تصل إلى تونس            أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    البيئة ليست قضية اختيارية أو محلية بل هي قضية وجود الإنسان والحياة    روسيا تعلن جاهزية أول لقاح ضد السرطان    فيلم مريم التوزاني يمثل المغرب بأوسكار 2026    المغرب يسجل واحداً من أعلى معدلات السمنة في إفريقيا.. والنساء الأكثر تضرراً    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    نقد مقال الريسوني    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير: سلاح التنشئة الاجتماعية والتربوية يجفف المنابع المتشددة
نشر في هسبريس يوم 24 - 12 - 2018

يطرح «الإرهاب» تحديات وإشكالات كبرى أمام المجتمع الدولي برمته، بالنظر إلى التداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يفرزها؛ فالعمليات التي طالت عدداً من البلدان على امتداد مناطق مختلفة من العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة تبرز أن مخاطر الظاهرة ما زالت قائمة وبشكل جدّي..
تؤكد العديدُ من الدراسات أن العوامل المغذية «للإرهاب» متعدّدة ومتباينة في خلفياتها وأسبابها. وإذا كان الحدّ من تصاعد الظاهرة يتطلب اعتماد مقاربة شمولية فاعلة، فإن استحضار الجانب التربوي في علاقته بالتنشئة الاجتماعية، بصورة تسمح بتحصين شخصية الفرد ضد أي فكر أحادي أو سلوك متطرّف، وتجعله مؤمناً بالحوار والاختلاف.. يعد مدخلاً أساسياً أيضاً لمحاصرة هذه الآفة.
تحيل التنشئة الاجتماعية إلى التفاعل المجتمعي الذي يتيح للفرد من اكتساب مجموعة من القيم والسلوكات التي تمكّنه من تنمية شخصيته وتطوير قدراته العقلية وتمنحه الثّقة في نفسه، وتدفعه نحو التكيف الإيجابي مع محيطه المجتمعي..
إنها عملية منظمة ومستمرة، تقودها مجموعة من القنوات التقليدية والحديثة، والتي تتوخى إعداد الفرد طيلة مراحل حياته، ليصبح كائناً اجتماعياً؛ من خلال التربية والتلقين والتعليم.. عبر إرساء مجموعة من القيم الاجتماعية بكل مضامينها الثقافية والروحية والفكرية والنفسية... تسهم في بلورتها مجموعة من القنوات، سواء تلك التي يجد الفرد نفسه بداخلها تلقائياً كالأسرة والمدرسة..، أو تلك التي تتاح له فيها إمكانية الاختيار، كما هو الشأن بالنسبة إلى الجمعيات والأندية والأحزاب السياسية..
وجدير بالذكر أن الهامش المتاح للقنوات التقليدية المرتبطة بالتنشئة (الأسرة؛ والمدرسة؛ والمسجد..) أصبح يضيق بفعل التحولات الدولية الأخيرة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وبروز قنوات أخرى عابرة للحدود، تروج لقيم اجتماعية ولثقافة «معولمة» من خلال وسائل الإعلام والاتصال الحديثة والمتطورة..
يشكل العنف والإرهاب «ثورة» على كل القوانين والضوابط الدينية والتشريعية والأخلاقية، وممارستهما هي تعبير عن إلغاء العقل وعن العجز في الدفاع عن الآراء والمواقف بسبل موضوعية وحضارية.
وتتباين العوامل المغذّية للإرهاب، بما يجعل من احتواء الظاهرة المتنامية أمراً لا يخلو من صعوبات وتحديات. وإذا كانت المقاربة الأمنية والقانونية والاقتصادية تفرض نفسها بحدّة في هذا الشأن، فإن استحضار العناصر التربوية والاجتماعية التي تعد التنشئة الاجتماعية إحدى ركائزها يعدّ أمراً حيوياً، لارتباطه ببناء شخصية الفرد وتربيته على قيم الحوار والاختلاف واحترام حقوق الآخرين..، بما يحصّنه ضد ارتكاب أعمال العنف بكل مظاهره وأشكاله..
يعبّر «الإرهاب» في أحد جوانبه عن وجود اختلالات وانحرافات على مستوى التنشئة الاجتماعية التي يتلقاها الفرد داخل المجتمع، والجدير بالذكر أن المدخل القانوني والأمني وعلى أهميته يظل قاصراً في الحدّ من هذه الظاهرة الفتّاكة..
تفرض هذه المعطيات مجتمعة على جلّ القنوات المعنية بالتنشئة الاجتماعية والتربية، وعلى رأسها الأسرة والمؤسسات التعليمية والقنوات الإعلامية، أن تتحمل مسؤولياتها في تطوير وتأهيل أدائها باتجاه بلورة تنشئة سليمة، كفيلة بتحصين النشء ضد كل انحراف وعنف وتطرّف تحت أية ذرائع اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية..
على الرغم من التداعيات الخطيرة التي يخلّفها الإرهاب على مختلف الواجهات.. فإنه يشكل - مع ذلك- محطّة للتأمل واستخلاص الدروس والعبر من التجارب القاسية، وتحويل الأزمة إلى فرصة على طريق إرساء تدابير أكثر نجاعة وفعالية لمواجهة المخاطر المحتملة..
إن الاهتمام بموضوع التنشئة كمدخل لصقل سلوك الفرد، وتربيته على قيم المواطنة والمسؤولية والحوار والاختلاف، وتصريف وتوجيه طاقاته وقدراته لخدمة نفسه ومحيطه، ودفعه إلى الاندماج داخل المجتمع.. يظلّ استثماراً ناجحاً ورهاناً موفّقاً، نظراً لارتباطه بالعنصر البشري الذي يعتبر أساس كل تنمية وتطور حقيقيين.
يفترض أن تقوم التنشئة على مناهج وأساليب واعية بعيدة عن الارتجال، وترفق وتعزّز أيضاً بتأهيل اقتصادي واجتماعي يكفل العيش الكريم للمواطن، بما يحصّنه ضدّ كل فكر متطرّف ويسمح بمحاصرة العنف في جذوره..
إن تقصير مختلف القنوات المعنية بالتنشئة في ملامسة القضايا المجتمعية التي تندرج ضمن اهتماماتها، واقتران ذلك بإكراهات اجتماعية مختلفة، من شأنه أن يحدث فراغاً، يمكن أن تستغله القوى المتطرفة، لتستقطب أفراداً غير محصنين فكرياً وتربوياً ودينياً.. وتوجّههم نحو ارتكاب أشكال متباينة من العنف في حق أنفسهم وفي حق المجتمع برمته.
*مدير مختبر الدراسات الدولية حول تدبير الأزمات بجامعة القاضي عياض، مراكش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.