مهنيو الصحة يحتجون في الرباط في مسيرة حاشدة    مدريد.. الطالبي العلمي يشارك في اجتماع مكتب الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط    انعقاد المجلس الإداري للمركز الجهوي للاستثمار سوس ماسة مارس 2024 حصيلة إيجابية ومؤشرات واعدة    السفير الشوبكي: الاعتراف الثلاثي إنجاز تاريخي ولحظة مناسبة ليحاور العالم القيادة الفلسطينية    بورصة البيضاء تفتتح التداول بأداء إيجابي    أساتذة بتطوان يطلبون "إسقاط التطبيع"    حكمة العدل الدولية تعتزم إصدار قرارها بشأن وقف إطلاق النار في غزة الجمعة    غرفة الجنايات تؤجل أولى جلسات ملف "إسكوبار الصحراء" وسط حضور كبير    تأجيل محاكمة شقيق بودريقة إلى 20 يونيو    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاتحاد المغربي للأبناك يعين مديرا جديدا لوكالته بتطوان إثر وضع نائب البكوري رهن الحراسة النظرية    الملك محمد السادس يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    دراسة: حقنة الظهر تقلل خطر حدوث مضاعفات أثناء الولادة    التغذية الصحية .. هكذا يمكن الحد من خطر الإصابة بألزهايمر    نادي وست هام يتعاقد مع المدرب الإسباني لوبيتيغي        تراجع أسعار الذهب متأثرا بمؤشرات حول رفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة    البنوك المغربية رائدة النمو المالي والاقتصادي في إفريقيا.. موجودة في أكثر من 30 بلدا أفريقيا    تيزنيت : جمعية النخبة للمبادرات المغرب تعطي انطلاقة تنفيذ مشروعها "الفضاء الرقمي للمواطن"    ردا على الوزير وهبي.. لهذا يطلب مهنيو الفنادق عقود الزواج للحصول على غرفة        تكوين «العهد» المعاصر    مؤسسة بيت الصحافة تطلق الدورة الأولى لجائزة بيت الصحافة للثقافة والإعلام    الشاعر والإعلامي المغربي محمد بشكار يطلق ديوانه السادس "امرأة بتوقيت الأبد"    الغلوسي: متابعة زيان لوحده بخصوص تبديد المال العام تمييز صارخ وغير مقبول    رفع ستار الكعبة المشرفة استعدادا لموسم الحج    الملك يوجه "ضيوف الرحمن" بضرورة تمثيل بأفضل صورة خلال موسم الحج    تراجع أسعار النفط للجلسة الرابعة على التوالي.. هل سيستفيد المواطن من الانخفاض    سفارة المغرب بموسكو تنفي صحة بلاغ حول الجالية الطلابية بمدينة ساراتوف    جمعية طبية تكشف أسباب حُرقة المعدة وسبل الوقاية والعلاج    بركة يؤكد من بالي أن المغرب مصمم على تعزيز قدرته على التكيف مع التغيرات المناخية    بسبب إخفائه شعار دعم المثليين.. لاعب موناكو يمثل أمام لجنة الانضباط    مندوبية الإتحاد الأوروبي ومجموعة الصور العربية للسينما تطلقان النسخة الثالثة من مهرجان السينما الأوروبية بالمملكة العربية السعودية    تدشين مخيم توبقال ويركان البيئي للصمود    الكوكب المراكشي يتعاقد مع المدرب فؤاد الصحابي خلفا لعادل الراضي    المهرجان الدولي للفيلم "الرباط- كوميدي" في نسخته الخامسة    الوزير الأسبق محمد بنعيسى ضمن أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية الذين استقبلهم السيسي    وزارة الحج والعمرة… إيقاف تصاريح العمرة ومنع دخول مكة لحاملي تأشيرات الزيارة    سفيان المسرار مرشح لجائزة أفضل لاعب لكرة القدم داخل القاعة في العالم    أمِّ النَّكَبَات الفلسطينيّة فى ذِّكرَاها السادسة والسّبعون    ابتداء من اليوم.. السعودية تمنع دخول مكة المكرمة أو البقاء فيها    بني ملال.. موظفو جماعة فم أودي يواصلون اعتصامهم رفضا للاقتطاع من الأجور    السلطات الإسبانية تصادر العديد من المواد الغذائية المغربية    نجوم دوليون يخطفون الأنظار بدعمهم لفلسطين في مهرجان كان السينمائي    دوري أبطال أوروبا: بودابست تستضيف نهائي 2026    المغرب يخرج خاوي الوفاض من المسابقات الإفريقية.. أين الخلل؟    حريق بسوق الخميس في مراكش يخلف خسائر مادية جسيمة    قمع الطلبة الداعمين لغزة يتسبب في إقالة رئيس شرطة جامعة كاليفورنيا    المغرب عازم على تحويل قطاع النقل لجعله أكثر مرونة واستدامة    المملكة المتحدة تتوجه لانتخابات عامة مبكرة في يوليو المقبل.. فماذا نعرف عنها؟    أمام 33 دولة.. السكوري يستعرض السياسة الجديدة للمغرب في مجال الهجرة واللجوء    مستجدات انتقال المغربي عطية الله إلى الأهلي المصري    كيف أحدثت الصحراء المغربية انقساما داخل الحكومة البريطانية؟    تنسيقيات التعليم تتمسك بتمكين الأساتذة الموقوفين من إلغاء عقوبات التأديب    هل استقر حمدالله على وجهته المقبلة بعيدا عن السعودية؟    حكاية طبيب "الدراوش" بتطوان في الزمن الجميل (الحلقة الثالثة)    دراسة: المبالغة في تناول الملح تزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة بنسبة 41%    أكثر من 267 ألف حاج يصلون إلى السعودية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتابة بوح من رحم الحياة..!
نشر في هسبريس يوم 04 - 02 - 2019

الكتابة بوح و مخاض من أوجاع ؛ تجبرنا الحياة أن نبوح فنكتب، نضطر أن نصرخ فلا نجد غير القلم _ أو لربما لوحات حواسيبنا وهواتفنا الذكية _ فنشرع في استرجاع ذكرياتنا ، وإخلاء أحلامنا من ذاكرة الفراغ ، وملء فراغات كانت تحتاج أن تراجِع الذكرى فنتخلى عنها أو نترك أو نتقدم للأمام .."الكتابة أمتع شيء في الوجود ، الكتابة معنى الوجود ، فلماذا ضيعنا أنفسنا وأعمارنا دون أن نكتب !"
نكتب لا للاجترار، أو حبا في رقن الكلام وتنميقه بل نُستشفى من عِلل الحياة كما يقول المثل الإرلندي:" عندما يمتلك الإنسان حكة الكتابة لا يشفيه منها سوى كشطها بالقلم"، هي علة لا دواء لها إلا مداد القلم شرابا وشفاء .
نكتب لأننا نحتاج أن نصرخ بدون صوت ، كي لا نجرح أحدا ، نكتب دون أن ننظر إلى عين أحد ، ولا ننتظر منه ثناء أو 0بتسامة راضية ، أو لمسة حانية إنها ببساطة :" ..علاج لمن أشقى الدهر قلبه " .
بالكتابة نبعث عباراتنا إلى الكل ونحتفظ بمعانيها لأنفسنا . قصائدنا وقناعاتنا وآهاتنا وشكوانا المكتومة إلى حيث لا جواب وحيث موقع الشكوى، نضمنها أفراحنا المستباحة قسرا. إنها نزيف .يقول العملاق " إرنست همنغواي" : ...ليست الكتابة بالأمر الصعب ، ما عليك سوى أن تجلس أمام الآلة الكاتبة وتبدأ بالنزيف .." !
مع الكلمات نلقي بها في بحر الناس ، لا نعلم أي الشواطئ ستستقر ويُرمى بها في أمواج المجهول ، ولا في أي الشباك ستَعْلَقُ أحاسيسنا !
نكتب ما نراه صائبا ؛ ليس لأننا الأعلم والأذكى والأنبغ، بل لأننا نعرض ما نشعر به في طبق من كلمات تنوب عنا إنها "احتشاد نفسي عظيم ". فكم من كاتب يكتب لنفسه فقط ، ليس لأن ما يعبر عنه من مكنون ذاته، بل هو الأصح !
ثمة كتابة تحاور صاحبها ، تدخله في أعماقه وتلقي ما هنالك إلى السطح؛ فإما زبد يلقي به البحر خارجا ، وينتهي ب0نتهاء التلفظ به ، وإما يغوص عميقا فيصبح مُحَالا عليه : حكمة وتبصرة وإسهاما وتعليما وإبداعا لغيره. إنها كما يقول "كافكا":...شكل من أشكال الصلاة .
دائماما ترتبط الكتابة بالإبداع ؛ فليس لكل منا سلاسة قياد الأسلوب واللغة، وطواعية العبارة ، ونفاذ البصيرة كي يكتب.بل لأننا نبني ما نكتب . _ حسب ألفار ألتو .
إن الكاتب نفسه يقرأ ما يكتب ، وأحيانا يجد القارئ هناك يتكلم الكاتب عنه وينوب عنه ، يحمل عنه ما صعب حمله ، يتحمّل الثقل كي ينفذ إليه . فكثيرا ما حملتنا بعض القصائد على متن عباراتها إلى حيث نقبع في أعماق الحنين وآلام الافتراق ولذة اللقاء وشهوته ولهفته .
ينوب عنا الكاتب ؛ فيعتذر عن أخطائنا، ويتوب هو من ذنوبنا في حق قلوبنا ، ويمسحها بممحاة الاعتراف .
نكتب لنفهم ذواتنا؛ نتعمق في أسرارنا ، نقيم الخنادق أحيانا ، ونبني قناطر البوح أمامها ، نسبح في أطهار الطهارة ، نجيز لأنفسنا ما لا يجيزه الناس والحياة لنا، نتمرد على ظهور أفراس كلماتنا المقهورة حاملين أعلام البطولة، أو نسترجع 0نكساراتنا وهزائمنا الثقيلة في معارك الحياة . _ يقول فرانكلين _ : "إما أن تكتب شيئا يستحق القراءة أو تفعل شيئا يستحق الكتابة عنه".
نقبل أن نكشف ماسترناه طيلة سنوات الكتمان والانتظار في حلةٍ من ثوب سميكٍ أو شفاف فنتجلى أو نغوض في دروب الغموض الذي لا ينتهي..!
لسنا نكتب لأننا نجيد الكتابة _فعلا_ ، بل نفعل ذلك لأن الشغف يحركنا، و لأن اللغة تجتذبنا إليها، ولأن الأوراق الفارغة تستغيث لنؤنسها في غربتها البيضاء وفراغها القاتل الخفيف ، نُحبِّر سطورها ونملأ فراغاتها ، نحيييها ، تصبح ذات قيمةوثقل بعدما كانت خفيفة بريئة ، تتراقص عليها أقاصيص أحلامنا وعميق فكرتنا ، إذ ما نكتب بين الحكمة والجنون مابين الاعتراف والكتمان ، ما بين الوصول والانطلاق ، والهرب والانعتاق، تُرْوَي كتاباتنا وتطوى ، نضع خط الطريق تؤسِّس لنقطة التطلع ، تعلِّم ، تنمي ذواتنا فتكبر دوائرنا وتتسع ، وينتشر عبق الحرف ، وينشر نسيم الحرية ويتطلع إلى مراقي الرقي. تقول الروائية الكبيرة " إيزابيل الليندي" واصفة الكتابة وصفا دقيقا وجميلا : "...الكتابة مثل الشعوذة : لا يكفي إخراج أرنب من القبعة ، بل يجب عمل ذلك بأناقة وطريقة ممتعة ..".
فمن يقرأ ما نكتب ..؟!
ذات الكاتب من تُقرَأ ؛ فكم من نصوص كتبت ونطقت رغما عن صاحبها كأنما كان بوحا مجنونا مسكرا ، يعبث بخصوصيته لتصبح كلماته ملكا شائعا للجميع ، يؤخذ عنه ويُرَد ، يُنتقد ويُشجع ويُعتمد قوله ، ويرفض ، يُحَكَّم رأيه ويُعَدّ ...إنها غربة الكتابة والكاتب في وطن !
وهل يمنع عن الكتابة نضوب القلم ؟ أم جفاف قاحل يعصف بالربيع المزهر داخلنا ؟
يأتي ربيع جامح من الأفكار والمشاعر الأحاسيس؛ فتشرق شمسه مليئة بالإبداع المتّقد، ويزهر بوحنا ، ويُشتَمُّ عطره من بعيد !
وهو كذلك حتي يعصف الخريف بما خلَّفه الربيع ، ويذروه رياحا خلف دائرة النسيان .
تراتيلنا ، همساتنا، صرخاتنا ، ولواعج أفئدتنا وغبارها المنثور على ضفاف التذكر ..كل ذلك نعرفه _ نحن_ منا ، تباغتنا الكتابة متلبسين برياضة التذكر اللذيذ ، فترغمنا على البوح سريعا ويسحرنا بشعوذاته فلا نملك إلا أن نستجيب طوعا أو كرها ، و لا نملك غير الوقوع في شباك الأسرار .
فهل حقا نُقرَأُ بعدما نَكتُب ..!؟ وهل حقا نُقاسِم الناس ما نشعر به ؟ وهل نكتب لأنفسنا أكثر ما نكتب لغيرنا ..؟
لو نطقت جميع الأقلام ونونُها ، لما تركَتْ كاتبا إلا أرغمته على البوح بصدق ، وعلى الكشف عن مكنوناته جميعها ، ولكاد الكتّاب أن يقعوا في خطيئة البوح المحظور ...إن الكتابة استنطاق للذات ، واعتراف تحت شهود الأوراق ، والحبر لا يكتمُ سرًّا كما يقال !
"...كل صخرة هي حرف ، وكل بحيرة هي عبارة وكل مدينة هي وقفة ، فوق كل مقطع وفوق كل صفحة لي هناك دائما شيء من ظلال السحب أو زبد البحر ..." _ فيكتور هوجو _
الكتابة وطني ، الكتابة غربتي ، الكتابة أحلامي الغائبة ، هي ألمي ...!
أيها القراء الأعزاء؛ جربوا الحب والكتابة كي تصدقوني !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.