على الرغم من دخوله حيّز التنفيذ منذ شهر أكتوبر 2018، لا يزال قانون العمّال المنزليين يثير مخاوف لدى الجمعيات المدافعة عن هذه الفئة من أن لا يفضي إلى تحقيق كل الأهداف التي وُضع من أجلها، وبالتالي توفير كامل الحماية للعمال المنزليين، وضمان حقوقهم الاجتماعية. ويتمثل التخوّف الأساسي لدى الجمعيات المدافعة عن حقوق العمال المنزليين في مسألة مراقبة مَدى امتثال المشغّلين لمقتضيات القانون؛ ذلك أنّ تفويض هاته المهمة إلى مفتشي الشغل سيحُدّ من نجاعتها، على اعتبار أنّ دخولهم إلى البيوت من أجل ممارسة مهامهم لن يكون بالأمر الهين. محمد شماعو، محام بهيئة الرباط، اعتبر أنّ قانون العمال المنزليين جاء بعدد من الإجراءات المهمة التي ستضمن حماية أكثر لهذه الفئة؛ ومنها حقها في الحماية المؤسساتية، والتي أوْكلها المشرّع إلى مفتشي الشغل، لكنه استدرك أن هذه الحماية قد لا تتحقق على النحو المطلوب، نظرا لأن القطاع واسع، ويتجاوز علاقات الشغل في أماكن العمل العادية إلى علاقات داخل البيوت. من جهتها، قالت حفيظة بنصالح، رئيسة جمعية نعمة للتنمية، إنّ مسألة "حُرمة البيوت" ستطرح إشكالا حقيقيا أمام تفعيل الحماية للعمال المنزليين ومراقبة مدى احترام المشغّلين لبنود القانون، مقترحة أنْ تُسند مهمة المراقبة إلى مساعدات اجتماعيات، على اعتبار أنّ ولوجهن إلى البيوت سيكون أيْسَر مقارنة مع مفتشي الشغل. الفاعلون، الذين تحدثت إليهم جريدة هسبريس الإلكترونية، أجمعوا على أهمية المقتضيات التي جاء بها قانون العمال المنزليين، وإنْ كانت بعض المقتضيات يسودها الغموض؛ كالمقتضى المتعلق بإبرام عقد العمل، حيث قالت بنصالح إنَّ هذا المقتضى غير واضح بما فيه الكفاية، لأنّ هناك عاملات منزليات يشتغلن في أكثر من بيت، وبالتالي يُطرح مشكل مع أيّ مشغّل سيُبرمن عقد العمل. وأضافت الفاعلة الجمعوية أنّ قانون العمال رقم 19.12 "يشكل محطة مهمة في سبيل إحقاق الحقوق الإنسانية للعمال والعاملات المنزليين، خاصة أن هذه الفئة ظلت معرّضة للتهميش وهضم حقوقها؛ لكن يجب على الحكومة أن تقوم بحملة تحسيسية للتعريف بمقتضياته، سواء لدى المشغّلين أو العاملات والعمال المنزليين". وفيما لا تزال المراسيم التطبيقية لتفعيل قانون العمال المنزليين لمْ تخرج بعد، تشتغل هذه الفئة في ظروف جدّ صعبة، لخّصتْها فاطمة، وهي سيّدة تبلغ من العمر ثلاثا وستّين سنة، وتشتغل خادمة في البيوت منذ سنة 1993، بقولها "تّْمْرّْتّ بزاف". وتحكي فاطمة أنّها اضطرت إلى العمل كمساعدة في البيوت منذ أن توفي زوجها سنة 1993، من أجل إعالة ابنها، وتوفير مصاريفَ لرعايتها الصحية، وطيلة ستّ وعشرين سنة ذاقت مختلف ضروب الشقاء على أيْدي مشغّليها؛ من حرمانها من أجرها، وانتهاء بمحاولة الاعتداء عليها جنسيا. تقول فاطمة: "هناك مشغّلات حرَمْنني من أجري، بعد أن أشقى في أعمال البيت الشاقة طيلة النهار وساعات من الليل، وهناك مَنْ أخرجتني من بيتها في الليل، وأغلقت الباب في وجهي دون مَنحي أجري، ولكن على الرغم من الشقاء أتحمل لأنني بحاجة إلى المال، مْصّابْ غي لقا الخدمة، حيت لا ما خدمتش ما ناكلش". وتأمل فاطمة في أن يُفلح قانون العمال المنزليين في تمتيعها بحقوقها التي ظلت مهضومة من طرف مشغّليها لمدة ستّ وعشرين سنة؛ لكنها لا ترى جدوى لهذا القانون ما لمْ يتمّ استيعاب المشغّلين له والعمل به، قائلة: "اللي خاص يفهم القانون هوما اللي غادين يخدّمونا، على الأقل يْحنّو علينا ويعطيونا شوية من حقوقنا". وفي انتظار صدور المراسيم التطبيقية لقانون العمال المنزليين، ما زالت الجمعيات المدافعة عن هذه الفئة تنتقد عدم تنصيص القانون على منْع تشغيل القاصرين، وإنْ كان يسمح فقط بتشغيل القاصرين 16 سنة فما فوق، مع وضع أجَل خمس سنوات للحد نهائيا من تشغيلهم، حيث سيصير تشغيل أي شخص غير بالغ لسن الرشد القانونية (18 سنة)، ممنوعا، بقوة القانون. وقالت حفيظة بنصالح إنّ السماح بتشغيل القاصرين المتراوحة أعمارهم ما بين 16 و 18 سنة "يُعتبر نقطة سوداء في قانون العمال المنزليين؛ لأنّ مكان هؤلاء الأطفال هو المدرسة، وليس أماكن العمل داخل البيوت أو في أي مكان آخر". وعلى الرغم من أن قانون العمال المنزليين حدد عدد ساعاتِ عمل أقل مقارنة مع البالغين سنّ الرشد (40 ساعة في الأسبوع للقاصرين و48 ساعة للكبار)، وتنصيصه على عدم تكليفهم بالقيام بالأشغال الشاقة، فإنّ رئيسة جمعية نعمة للتنمية ترى أنّ هذه المقتضيات غير كافية لحماية العمال المنزليين القاصرين؛ لأنّ جميع الأشغال التي يقومون بها شاقة، ولأنهم في مرحلة عمرية يحتاجون فيها، هم أنفسهم، إلى مَن يعتني بهم، فضلا عن كونهم يتعرضون للعنف والتحرش الجنسي والاغتصاب".