العثور على جثة شاب داخل بئر بضواحي شفشاون    أشبال الأطلس يواصلون التألق ويبلغون نصف نهائي مونديال الشباب بثلاثية أمام أمريكا    ولد الرشيد: خطاب الملك يرسم معالم المرحلة القادمة ويتوخى تكامل أوراش التنمية    في ظل ركود ثقافي وتجاري... جمعيات المجتمع المدني تحيي الحي البرتغالي بأنشطة تراثية وفنية تستلهم التوجيهات الملكية    الاتحاد الأوروبي يدشن نظامًا جديدًا لتسجيل القادمين والمغادرين    هل فعلاً انتصرت الحكومة؟ أم أن الخطاب الملكي أطلق جرس الإنذار؟    حماس "لن تشارك" في حكم غزة وإسرائيل ستدمر كل أنفاق القطاع بعد إطلاق الرهائن    الإعلام في الخطاب الملكي: دعوة إلى الاستقلال والإصلاح    المغرب يحتضن مباريات الملحق الإفريقي المؤهل لمونديال 2026    عمر بنحيون يتصدر المرحلة التمهيدية من رالي المغرب 2025 وأوبسيدي في المركز الثالث    ترسيخ العدالة الاجتماعية والمجالية: رؤية ملكية تتقاطع مع المشروع الاتحادي التقدمي    الفنان الأمازيغي مصطفى سوليت يفارق الحياة متأثرا بحروق خطيرة بعد اعتداء شنيع    دراسة: الإفراط في استخدام الشاشات يضعف التحصيل الدراسي للأطفال    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    مغربية تخاطر بحياتها وتعبر سباحة إلى سبتة برفقة ابنها القاصر (فيديو)    الملك محمد السادس يبرق العاهل الإسباني فيليبي    مهرجان الدوحة السينمائي يحتفي بالسّرد القصصي العالمي بمجموعة من الأفلام الدولية الطويلة تتنافس على جوائز مرموقة    تحليل رياضي: وليد الركراكي في مرمى الانتقادات بين ضغط الجماهير ودعم الجامعة    دبي.. انطلاق معرض "إكسباند نورث ستار 2025" للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا بمشاركة مغربية    بعد اعتقاله وتعذيبه.. الناشط المغربي أيوب حبراوي يعلن عن رفع دعوى قضائية ضد إسرائيل    مدغشقر.. وحدة عسكرية تسيطر على القيادة العامة للجيش وسط تصاعد احتجاجات "جيل زد"    «وسع»: مزيج فني يجمع بين المهرجانات المصرية والروح المغربية    عبد المجيد سداتي يدق ناقوس الخطر .. المهرجان الدولي للمسرح الجامعي مهدد بالإلغاء    الكوميديا في السينما المغربية محور ندوة فكرية بملتقى سينما المجتمع بخريبكة    دراسة: الإفراط في استخدام الشاشات يضعف التحصيل الدراسي للأطفال    الخطاب الملكي.. دعوة قوية إلى نموذج جديد للحكامة قائم على ثقافة النتائج    مونديال الشباب: المنتخب المغربي يواجه أمريكا بحثا عن الانتصار للتأهل إلى المربع الذهبي    نقل رضيع حديث الولادة من زاكورة نحو المركز الاستشفائي الجامعي بفاس عبر طائرة طبية    أوروبا تسجل انخفاضا بنسبة 22% في عبور المهاجرين غير النظاميين خلال 2025    حاتم البطيوي يسلم الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني جائزة "تشيكايا أوتامسي" للشعر الإفريقي (صور)    "كان" المغرب 2025: انطلاق عملية بيع التذاكر غدا الإثنين وتطبيق "يالا" أًصبح متاحا    الملك يثمن التعاون مع غينيا الاستوائية    سحر الرباط يخطف الأنظار.. صحيفة بريطانية تضع العاصمة ضمن أبرز الوجهات العالمية    مونديال الشباب في الشيلي.. الأرجنتين وكولومبيا إلى نصف النهائي    محمد وهبي: مستعدون لتحدي أمريكا بثقة وطموح لمواصلة الحلم العالمي    راح ضحيتها مغربيان وتركي.. الغموض يلف جريمة إطلاق نار في هولندا رغم اعتقال ثلاثة سويديين    روسيا تؤكد "إبقاء التواصل" مع أمريكا    الإصابة بضعف المعصم .. الأسباب وسبل العلاج    وفاة دركي بسرية الجديدة في حادثة سير مفجعة بمنتجع سيدي بوزيد    طنجة تتضامن مع غزة بمسيرة ليلية    الفنان "سوليت" يفارق الحياة متأثراً بإصاباته    الصين: عدد شركات الذكاء الاصطناعي ارتفع إلى أكثر من 5 آلاف في خمس سنوات    أصيلة: نقاد وباحثون يقاربون مفهوم وأدوار المؤسسات الفنية وعلاقتها بالفن (فيديو)    أعمو ينتقد ضعف أداء رؤساء الجهات ويدعو إلى تنزيل فعلي للاختصاصات الجهوية    حفظ الله غزة وأهلها    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الأسبوع بأداء سلبي    "بورشه" الألمانية تبحث تشديد السياسة التقشفية        السنغال: ارتفاع حصيلة ضحايا حمى الوادي المتصدع إلى 18 وفاة    الصيد البحري... تسويق حوالي 8,2 مليارات درهم من المنتجات حتى نهاية شتنبر 2025    الخزينة.. مركز "التجاري غلوبال ريسورش" يتوقع عجزا متحكما فيه بنسبة 3,5% من الناتج الداخلي الخام سنة 2025    بورصة الدار البيضاء تغلق على تراجع    دراسة: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تغير أعداد البكتيريا المعوية النافعة    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"شتات" مليكة لعجاج
نشر في هسبريس يوم 11 - 03 - 2019

يعتقد كثير من الناس أن العملية التعليمية تنتهي بانتهاء الحصص الدراسية وعودة التلاميذ إلى منازلهم. غير أن الحقيقة غير ذلك، وكل عارف بأسرار هذا المجال يدرك أن الأنشطة الموازية التي يمارسها التلاميذ خارج الحصص المقررة، تعطيهم شحنات قوية للإقبال على التحصيل الدراسي، وتجعلهم يفرغون طاقاتهم الزائدة في ما ينفع ويجدي، ويقوي وعيهم وإدراكهم لخطورة مطبات الحياة. إيمانا بهذا المبدأ، ينطلق العديد من المربيات والمربين لإعطاء الحياة المدرسية نكهة أخرى تسمها اللذة والحب عوض النفور والهروب والاحساس بالملل.
الأستاذة مليكة لعجاج أستاذة اللغة الفرنسية بالثانوية الإعدادية مولاي سليمان بمدينة تيزنيت، تدرك هذه الحقيقة، وتكد وتتعب من أجل جعل المدرسة فضاء يحن إليه تلامذتها فور مغادرته. فقد ركبت كل التحديات لمحاربة اليأس في نفوسهم، وردم مستنقعات الخيبة التي تبتلع المراهقين في مرحلتي التعليم الثانوي الإعدادي خاصة.
اختارت الأستاذة مليكة لعجاج أسلحتها بعناية وذكاء، ولقيت مبادراتها إقبالاً كبيراً من التلاميذ والأساتذة والأمهات والآباء وأولي الأمور. حيث عزفت على الأوتار الحساسة في نفوس التلاميذ، ما جعلهم يتنافسون في الإقبال على المشاركة الكثيفة في أنشطتها المتنوعة.
وكان الصوت والصورة من أدواتها التربوية المتعددة.. ونظراً لتجربتها في كتابة السيناريو والإخراج المسرحي، اقتحمت مجال السينما بتصوير أفلام تربوية قصيرة. فهي تدرك ما للفيلم التربوي من آثار إيجابية قوية على نفوس التلاميذ، فاستطاعت بذلك تغيير عدد من السلوكات السليبة التي كانوا ضحية لها بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تحيط بهم.
كان آخر فيلم تربوي قصير تنتجه وتخرجه الأستاذة مليكة لعجاج بعنوان: "شتات"، و قد عمل معها الأستاذ جمال بولحيارا مساعداً في الإخراج وبدعم من جمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالثانوية الإعدادية مولاي سليمان بمدينة تيزنيت، وهذه الثانوية الإعدادية تزخر بأساتذة أكفاء بكل تخصصاتهم، ويرومون دائما ما فيه مصلحة الناشئة.
يتناول الفيلم المذكور التفكك الأسري الذي يولد تخلي الوالدين عن دورهما التربوي، ما يؤدي بالأبناء إلى الارتماء بين أحضان الانحراف بأشكاله. ونحن نعرف أن الأسرة هي الدوحة الوارفة التي يأوي إليها الطفل ويحتمي بها من عواصف الحياة وزوابعها القاسية. وإذا سقطت تلك الدوحة، سيجد نفسه في العراء، وذلك ما سيغرس في أعماقه ندوباً لا تندمل، فيركب مطية اليأس والإحباط، ولسوف ينعكس ذلك على تحصيله الدراسي، وعلى معاملاته الاجتماعية، وعلى حياته في المستقبل.
بطل فيلم" شتات" تلميذ مراهق عانى من التفكك الأسري بشدة، فأبوه قد طلق أمه، فعاش انفصاماً نفسياً ولد في أعماق كيانه صراعاً مريراً جعله محبطاً وفاقداً كل أمل في الحياة. فهرب من والديه المنفصلين معتقداً أنه بذلك يهرب من واقعه المرير، ولكي يتوج ذلك الهروب أخذ يفكر في الهجرة السرية، فوضع خطة لذلك، لكن العواقب كانت وخيمة، وسوف تكتشفها المشاهدون حين يتم عرض الفيلم.
عن أهداف إنتاج الفيلم التربوي تؤكد الأستاذة مليكة لعجاج أن في ذلك ترسيخاً للقيم النبيلة في نفوس التلاميذ، وتوعيتهم بضرورة التشبث بالدراسة، وتقبل الواقع المعيش والتحلي بروح التحدي للتغلب على كل الصعاب، وفيه أيضا رسالة مبطنة لأولياء أمور التلاميذ مفادها أن المدرسة وحدها لايمكن أن تقوم بدورها في التربية ما لم تؤازرها الأسرة، وأنجع الحلول لتربية ناشئة قوية ومنتجة تأتي من البيت، فالتماسك الأسري المشبع بالحب والحنان يغدي ويسقي مشاتل الأمل في نفوس الأبناء.
إن فيلم " شتات" يوجه الناشئة إلى ضرورة الابتعاد عن تيارات الانحراف الجارفة، ويغرس في كيانهم المعاني الحقيقية للمواطنة والعمل المشترك الذي يرسخ قيم التضامن والعمل المشترك لدى المتعلمين. كما أن تقريبهم إلى العمل السينمائي مهم جداً، وذلك بحضورهم ورشات السيناريو والإخراج والماكياج والتصوير...إلخ.
لم يكن إنجاز الأستاذة مليكة لعجاج للفيلم التربوي "شتات" سهلاً أبداً، فقد واجهت صعوبات كبيرة تتمثل في عامل الوقت، حيث تضطر إلى الاشتغال في التصوير خارج أوقات عملها وفي أوقات فراغ التلاميذ الممثلين. كما أن ضعف الإمكانيات اللوجيستيكية كان حجر عثرة، ففضاءات التصوير تبعد عن مدينة تيزنيت بكيلومترات عدة. وقد بذلت مجهودات جبارة إلى جانب فريق العمل حتى خرج " شتات" إلى النور. وبذلك حق لنا القول: إن الأستاذة مليكة لعجاج تحارب بالصوت والصورة.. أجل.. إنها تحارب بؤر اليأس والاحباط ومكامن الانحراف في نفوس الشباب عن طريق إنتاج أفلام تربوية هادفة.
* حسن المددي - شاعر وروائي مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.