أثار توجه المغرب إلى الانضمام إلى عهد حقوق الطفل في الإسلام لمنظمة التعاون الإسلامي حفيظة عدد من الحقوقيين المغاربة، بسبب معارضة بعض مقتضياته لالتزامات المملكة دولياً وتضمنه لشروط حول الإجهاض. وسينضم المغرب إلى هذا العهد بعد المصادقة على قانون يوافق بموجب عليه، وهو مدرج ضمن أشغال المجلس الحكومي ليوم الخميس 22 غشت 2019. وقال مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، وهو هيئة مستقلة غير حكومية للتفكير والبحث والدراسة، إن "المغرب سبق أن انضم سنة 1993 إلى اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من طرف الأممالمتحدة، كوثيقة تتضمن أرقى ما توصل إليه المنتظم الدولي في هذا المجال، إلى جانب البروتوكولات المرفقة بها ووضع آليات لتتبع مدى إعمالها، والتي ساهمت بشكل إيجابي في تطوير التشريع الوطني والسياسات العمومية ذات الصلة، رغم ما لازال يعتريها من نقائص وخصاص". وأورد المركز في بلاغ له حول الموضوع: "تطرح الحكومة الانضمام إلى نص أدنى من حيث المعايير والحقوق وتنعدم فيه آليات التتبع والمساءلة. لماذا؟ هل من ضرورة وفائدة بالنسبة لبلادنا ولحقوق الطفولة وقضايا حقوق الإنسان؟". وتساءل المركز حول "اهتمام الحكومة بالآليات الإقليمية، في وقت تكتسي الاتفاقيات والآليات الإفريقية أهميةً أقوى، نظراً لجودة نصوصها ومعاييرها مقارنة بتلك المعتمدة في العهد المذكور، كما أنها تشكل جزءاً من عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وترجمة لإستراتيجية عمله في هذا المجال الهام". وذكر المركز أن عهد حقوق الطفل في الإسلام "يثير قضايا خلافية كانت موضوع دينامية حوار وطني، كتنصيصه على حظر الإجهاض إلا إذا كانت صحة الأم والجنين في خطر"، مذكراً بأن هذا "الموضوع نظم بصدده المجلس الوطني لحقوق الإنسان جلسات استماع وحوارا قصد بلورة رؤية متوافق بشأنها في هذا المجال على شاكلة غيرها من القضايا الخلافية". وحسب المركز فإن "الرؤية المؤطرة لهذا العهد، بما حملته من مفاهيم ومعايير وحقوق ومسؤوليات، لا ترقى إلى الالتزامات الدولية للمغرب الذي صادق على جل الاتفاقيات الدولية التي أصبحت جزءاً من مرتكزات الوثيقة الدستورية لسنة 2011، ومقتضيات القانون التنظيمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وللعديد من التشريعات الوطنية". وعاب المركز على الحكومة عدم تفعيل مقتضيات "المادة 27 من القانون التنظيمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان التي تنص على أن تحيل السلطات المختصة إلى المجلس مشاريع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان قصد إبداء الرأي بشأنها؛ وذلك ضمانا لتناسق سياسة الدولة وتكامل أدوار مؤسساتها خدمة للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها". ودعت الهيئة بخصوص هذا الأمر إلى "الحذر مما قد يشكله هذا التوجه من مساس أو تراجع عن المكتسبات التي تحققت في مجال منظومة حقوق الإنسان في المغرب، والانعكاسات التي قد تنتجها في الممارسة وعلى مستوى السياسات العمومية تشريعا وإجراءات ومقاربة". كما ناشد المركز "الحكومة المغربية التروي في التعامل مع مثل هذه القضايا، نظراً لحساسية ما تثيره من إشكالات وما قد تنتجه من مساس بما تحقق وما نطمح إلى الوصول إليه من رقي وتقدم في هذا المجال"، ودعا أيضاً "مختلف المؤسسات والهيئات المدنية والسياسية وغيرها إلى انخراط في دينامية اليقظة والاقتراح، قصد مواصلة التراكم المنشود في مجال حقوق الإنسان".