مازال يحلو للكثيرين أن يرددوا حكاية التشابه القائمة بين حالتي بزيز ورشيد غلام الممنوعين في المغرب.حتى غلام نفسه وقع مرارا في الخطأ عندما ظل يؤكد أن في المغرب ممنوعين:بزيز وغلام.. وبقليل من الهدوء،وبعيدا عن أية ضجة عاطفية، يمكننا أن نصل إلى خلاصة واحدة :غلام فنان حقيقي ممنوع،وحكاية منعه حقيقة.بزيز فنان حقيقي كان ممنوعا، وحكاية منعه الآن أكذوبة. رشيد غلام ممنوع من الظهور على شاشة التلفزيون المغربي.ممنوع من حقه في تقديم فنه على تلفزيون يموله الشعب. غلام يطالب بحقه في أن يقدم أعماله كمطرب بالتلفزيون،تماما كما يحدث مع الداودي ونعمان لحلو ونجوم استوديو دوزيم.هذا يعني أن رشيد غلام سيرحب بأول دعوة يتلقاها لتصوير أعماله للتلفزيون.وقد حدث هذا قبل سنتين حين صورت القناة الثانية بمناسبة ذكرى المولد النبوي سهرة من الأمداح والأناشيد الدينية بمشاركة رشيد غلام،وظلت دوزيم تذيع وصلة إشهارية تبشر بموعد السهرة.وجاء الموعد وألغيت السهرة بدون تفسير أو اعتذار.أليس هذا الفنان ممنوعا حقا؟ رشيد غلام ممنوع من تقديم أعماله في المسارح والقاعات العمومية.ممنوع من حقه في تقديم فنه للناس بالفضاءات العامة.غلام يطالب السلطات بأن تمنحه حق تقديم سهراته كمطرب بالقاعات والساحات العامة،تماما كما تفعل السلطات مع مطربين آخرين.وليس بالضرورة كما فعلت مع نانسي عجرم بمراكش.هذا يعني أن غلام سيرحب بأول ترخيص ليقدم سهراته.وقد حدث أن حاصر السيمي قاعات كانت قد امتلأت بجمهور حضر خصيصا لسماع رشيد غلام.أليس هذا الفنان ممنوعا حقا؟ جمهور رشيد غلام غير محروم من آخر إبداعات نجمه رغم المنع والحصار،لأن الرجل يبدع،يلحن ويغني...ويشارك في سهرات خارج الوطن تبث أغلبها مباشرة على التلفزيونات المحلية أو الفضائيات العربية كما حدث مع قناة ART التي نقلت مباشرة من دار الأوبرا حفلا ساهرا لرشيد غلام. يكفي أن تضع على موقع البحث " غوغل " لفظة "رشيد غلام" حتى تنهال عليك المواقع التي تدعوك إلى تحميل أرشيف وجديد رشيد غلام.ويكفي أن تضع لفظة "بزيز " حتى تنهال عليك المواقع التي تدعوك إلى قراءة مقالات منددة بمنع بزيز ونداءات برفع المنع عنه.وليس من أعماله سوى أرشيف بزيز وباز ومشاهد ساخرة قصيرة قدمها جالسا على سداري،وصورت بكاميرا فيديو هاوية. أنا متضامن مع بزيز،وأنا أحب بزيز،وأنا أحيي في بزيز صموده ودفاعه عن قضيته حتى الموت.لكن ما هي قضيته؟ تلك هي القضية. القضية الحقيقية التي لا يمكن لأي حاقد أو متآمر أن ينكرها،هي حق بزيز في الكشف عن حقيقة منعه.نعم لقد منع بزيز ذات زمن من التلفزة ومن الوقوف أما م الجمهور.نعم لقد تم في فترة مظلمة من تاريخ المغرب اغتيال حق أساسي من حقوق فنان حقيقي،وهو حق التعبير.تماما مثل الذين اختطفوا واعتقلوا وعذبوا حتى الشلل.بزيز واحد من هؤلاء الذين دمر المخزن أحلامهم وقضى على مستقبلهم.نعم بزيز من حقه كمواطن مضطهد سنوات الرصاص بدل الوقوف أمام هيأة الإنصاف والمصالحة للشكوى أن يقف أمام الشعب وجها لوجه في برنامج تلفزيوني مباشر بدون رقيب. إن من حق الفنان الكبير احمد السنوسي أن يشترط الشكل الذي يريد العودة به إلى التلفزيون،ويختار اللحظة المناسبة لتقديم أعماله.فمن يحرم بزيز من جمهوره الواسع؟ إنه التلفزيون.التلفزة هي السبب.بئس التلفزة التي تحرم المغاربة من روائع الكوميديا مع بزيز. لكن، ما الذي يمنع بزيز من قول ما يريد على قناة "الجزيرة" مثلا التي استضافته مرارا،وأنجزت حوله حلقة خاصة من برنامج "ممنوعون"؟ لندع التلفزة جانبا بعد أن اكتشفنا خطيئتها في حقنا وحق بزيز،أليست هناك وسائط أخرى؟ لماذا لا يصور بزيز عرضا ساخرا في فرنسا أو بلجيكا أو كندا كي نرى آخر أعماله التي افتقدناها.وسنجد بالتأكيد من سيتحدى المخزن وتلفزته ويتطوع لنسخ هذا العمل وتوزيع الأقراص سرا من تحت الأبواب..."رحم الله الشبيبة الاتحادية للقوات الشعبية". إذا كانت السلطات حقا تمنع بزيز من تقديم فنه،فما ذنب هذا الشعب المضطهد حتى يمنعه بزيز من الضحك قبل أن يظهر في برنامج تلفزيوني مباشر؟ إن كان بزيز يحترم فعلا هذا الشعب ويحب فعلا هذا الشعب،فلا يحمله وزر حاكميه.وليصنع له بحرا من السخرية يرقص فيه سمك الفرح،أم ربما بزيز بعد هذا الغياب الطويل مات له السمك. ""