كاريكتير سعد جلال أشهد أن بزيز فنان الشعب،وأني أحب بزيز لأني أحب الشعب. "" لذا فرحت كثيرا حين عرفت أن بزيز سيحضر ليلة نجوم بلادي.سيقف بزيز بين فنانين وإعلاميين وأسر محترمة كي يهتف الجميع معه:ارفعوا الحصار عن بزيز. وظهر بزيز على الخشبة ،مثل فنان يمر من محنة،مادية أوصحية أو نفسية،حيث يصبح التصفيق دعما نفسيا أكثر منه تعبيرا عن الإعجاب.ووقف الجميع وصفق بحرارة . وحين تكلم بزيز،تحدث عن صموده في وجه المنع،وعن نضاله من أجل الحرية في بلده تماما مثل "المهاتما غاندي" ومثل "مالكوم اكس" ومثل "مانديلا". لم يكن الذي يتحدث فنانا ساخرا،بل كان رجلا سياسيا خرج على التو من مقر منظمة العمل الديموقراطي استعدادا لمسيرة فاتح ماي 1985. أصابني في ذاك المساء بالدوخة.ولم أفهم بالضبط ما كنت أتصور أني أفهمه. العالم كله ينادي بمنح بزيز حقه في الظهور التلفزي يعني أن التلفزيون هو الذي يمنع بزيز من الظهور على شاشته.لكن بزيز يشترط أن يمر أولا في برنامج حواري كي يعرف الرأي العام الحقيقة.ثم يقدم مايريد.وظل بزيز يكرر:"خاص المغاربة والرأي العام يعرف الحقيقة".أية حقيقة؟ بزيز في ليلة نجوم بلادي لم يتحدث عن الحقيقة،رغم أنه كان بين صحفيين من مختلف المنابر ومختلف المؤسسات التلفزية والإذاعية،وعدد من الأمهات والآباء والأطفال...أليس هؤلاء جزءا من المغاربة والرأي العام؟ فلماذا صمت بزيز؟كيف الذي كان يطالب بحقه في الكلام صار يطالب بحقه في الصمت.تكلم يا بزيز وقل لنا الحقيقة. بزيز ظل يؤكد بأنه سيظهر في البرنامج الحواري التلفزي المباشر كل الوثائق التي تدين الجهات المسؤولة عن منعه...ولم يستطع أمام الصحفيين أن يسمي الجهات.هل هو زيادة في التشويق أم مجرد جبن؟ العالم كله ينادي برفع الحصار عن بزيز كي يقدم عروضه للناس وللشعب ولجمهوره العريض..يعني أن بزيز يتحين فرصة لقاء الجمهور كي ينتصر على المنع ويقدم عرضه.لكن بزيز كان في سينما ريالطو على خشبة المسرح وأمام جمهور من الفنانين والإعلاميين والأسر المحترمة ولم يقدم عرضه.اكتفى بزيز بلمحات من اسكيتشاته القومية دردرها على خطبة حماسية تعود الى منتصف السبعينات عن مفردات النظام القمعي والحرية والصمود حتى الموت. ما الذي منع بزيز من تقديم عرضه؟.. هي فرصة لاختراق الحصار لم يستغلها بزيز تماما. حين انتقد بزيز النظام التونسي الديكتاتوري قلد بنعلي ومعه جملته الشهيرة:"واش انت فاهم أولا لا"؟ وحين انتقد النظام الليبي راح يقلد معمر القدافي وهو يردد:"طز،طز في الجامعة العربية. ولكن حين انتقد المغرب،قلد مصطفى العلوي... أخاف أن يكون هذا الغياب الطويل قد جعل بزيز يطمئن لفكرة المنع والحصار التي تديم غيابه. كأن بزيز يخاف الآن من الوقوف أمام جيل آخر لا يعرفه ولا يفهمه. بزيز لا يريد أن يصدق أن زمنا طويلا مضى على غيابه. عشرون عاما كافية لتنجب مغربا آخر،غير المغرب الذي كان يعرفه بزيز. صحيح أن النظام الذي ظل ينتقده لم يتغير،لكن الشعب الذي ظل يتكلم باسمه قد تغير. نعم تغيرنا يا بزيز. لأننا صرنا نحن أيضا ننتقد النظام في الخطب ولا نخاف.لكننا فقط لا نتقن فن السخرية.فها عار الله دير شي عرض ساخر وبلا ما تخطب علينا.