أبرز تحليل صادر عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة أن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول وضع الإسلام والمسلمين، والتي وصف خلالها الإسلام بأنه دين يعيش أزمة راهنة، والتي أثارت حالة من الجدل لما تضمنه من رؤية وموقف تجاه الإسلام والمسلمين، أن الخطاب يستند على دلالتين أساسيتين ومن شأنه أن يخلف تداعيات. وقال التحليل إن الخطاب الأخير للرئيس الفرنسي لم يكن الأول من نوعه الذي يتناول خلاله وضع الإسلام والمسلمين؛ فقبل أشهر عديدة، وأثناء مؤتمر صحافي بمدينة ميلوز الفرنسية في شهر فبراير الماضي، انتقد ما أسماه "الانعزالية الإسلامية"، ووصفها بأنها مشروع سياسي "للانفصال عن الجمهورية وقيمها". وحسب المصدر ذاته، فإن موقف الرئيس الفرنسي ينطوي على دلالتين جوهريتين، إذ أسمى الدلالة الأولى ب"قوانين منظمة"، قائلا إن "المبررات التي يسوقها الرئيس الفرنسي والتيار المؤيد لموقفه تجاه وضع الإسلام والمسلمين تستند إلى فرضية العزلة التي يعاني منها المسلمون في فرنسا. ومن ثمّ، يطرح ماكرون إطارًا تنظيميًّا مثيرًا للجدل بالنسبة للمسلمين في فرنسا، من خلال مشروع قانون من المزمع مناقشته في البرلمان قبل نهاية العام الجاري". التحليل أورد أن "مشروع القانون يهدف إلى مواجهة ما وصفه ماكرون بالانفصال الشعوري وحماية قيم الجمهورية الفرنسية، ويؤكد على ضرورة فصل الكنيسة عن الدولة الذي يمثل ركيزة العلمانية الفرنسية، وفرض رقابة أكثر صرامة على الجمعيات الإسلامية والمساجد؛ وهو ما يتضمن إجراءات عديدة من ضمنها: إنهاء نظام استقبال أئمة من الخارج، والرقابة على تمويل المساجد. كما ينصّ على منع الممارسات التي تُهدد المساواة بين الجنسين". وتحدث المقال عن دلالة ثانية للخطاب وتتعلق ب"التوظيف الانتخابي"، قائلا إن "ثمة رابطا بين تصريحات الرئيس الفرنسي واقتراب موعد الانتخابات؛ فمع الأزمات التي تعرضت لها فرنسا على خلفية احتجاجات حركة السترات الصفراء، وكذلك تأثيرات أزمة فيروس كورونا على الاقتصاد الفرنسي؛ باتت قضية أوضاع المسلمين واحدة من القضايا التي يمكن المراهنة عليها للحصول على المزيد من التأييد الانتخابي من قبل أصوات اليمين المتطرف الذي يحمل أفكارًا سلبية تجاه المسلمين". أما عن التداعيات المحتملة للخطاب، فتحدث التحليل عن إمكانيات التداخل مع الصراعات الخارجية، قائلا إن خطاب "ماكرون" الأخير استدعى معطيات الصراع القائم بين فرنسا وتركيا، والخلافات بينهما حول ملفات شرق المتوسط والأزمة الليبية والمعارضة الفرنسية للسياسة التركية في الشرق الأوسط، فالبعض رأى في تصريحات الرئيس الفرنسي إسقاطًا على سياسات النظام التركي. ومن التداعيات المحتملة للخطاب، حسب تحليل المركز، هناك "دعم اليمين المتطرف"، قائلا إن "الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي يُضفي -بشكل أو بآخر- مشروعية على السرديات التي يروج لها تيار اليمين المتطرف، والمستندة إلى رفض تواجد المسلمين في المجتمعات الغربية". وتحدثت الوثيقة أيضا عن إمكانية "تحفيز القاعدة وداعش"، مفيدة بأن "الوجه المقابل للإرهاب اليميني المتطرف هو ذلك المتعلق بإرهاب القاعدة وداعش، والمثير للانتباه والدهشة في الوقت ذاته هو أن كلا النمطين من الإرهاب يتغذّيان على المحفزات ذاتها، سواء من خلال رفض الآخر، وتحميله مسؤولية كافة الأزمات القائمة". أما آخر التداعيات التي ذكرها التحليل ترتبط ب"الصراع الهوياتي"، قائلا إنه يحتمل أن يُفضي خطاب "ماكرون" والتشريع المقترح لمواجهة ما وصفه "الانعزالية الإسلامية" إلى إذكاء الصراع الهوياتي داخل فرنسا، والدول الغربية.