عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    بتواجد حمد الله وتيسودالي... السكتيوي يوجه الدعوة إلى 29 لاعبا استعدادا لكأس العرب قطر 2025    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    نفاد تذاكر ودية "الأسود" أمام موزمبيق    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    التجمع الوطني للأحرار بسوس ماسة يتفاعل مع القرار التاريخي لمجلس الأمن حول الصحراء المغربية    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    بعد حكيمي.. إصابة أكرد تربك الركراكي وتضعف جدار الأسود قبل المونديال الإفريقي    مغاربة فرنسا يحتفلون بذكرى المسيرة    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    توقيف التجمعي يوسف مراد في المطار بشبهة التهريب الدولي للمخدرات    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    مقتل فلسطيني في قصف إسرائيلي    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    البطولة: النادي المكناسي يرتقي إلى المركز الخامس بانتصاره على اتحاد يعقوب المنصور    نبيل باها: "قادرون على تقديم أداء أفضل من المباراتين السابقتين"    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. البطلة المغربية سمية إيراوي تحرز الميدالية البرونزية في الجيدو وزن أقل من 52 كلغ    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    شبهة الابتزاز والرشوة توقف مفتش شرطة عن العمل بأولاد تايمة    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    تشريح أسيدون يرجح "فرضية السقوط"    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية تسلم رفات رهينة من غزة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    "صوت الرمل" يكرس مغربية الصحراء ويخلد "خمسينية المسيرة الخضراء"    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    عيد الوحدة والمسيرة الخضراء… حين نادت الصحراء فلبّينا النداء    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    انطلاق فعاليات معرض الشارقة للكتاب    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فالسوم يوجه صفعة قوية ل البوليساريو والجزائر
نشر في هسبريس يوم 08 - 05 - 2008


بعد تصريحه أمام مجلس الأمن الدولي
"فالسوم" يوجه صفعة قوية ل "البوليساريو" والجزائر
أثار تقرير المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة "بيتر فان فالسوم"، موجة من الردود المتباينة داخل مكونات المنتظم الدولي، خاصة بعد تأكيده على أن "استقلال الصحراء ليس خيارا واقعيا.
ذات التقرير اعتبرته العديد من الدول نابعا من الواقعية والحقيقة الجلية التي تحكم خصوصيات النمط الصحراوي السائد بالمنطقة، ويصب بالتالي في الاتجاه الذي يخدم واقع الحال الصحراوي على مجموعة من المستويات، وفق المعطيات التاريخية والروابط التي ظلت قائمة على امتداد التاريخ بشمال أفريقيا، ووفق القناعات الحقيقية لأهل الصحراء التي سجلها عداد التقرير الميداني للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، واصفة أي الدول الاستنتاجات التي خلص إليها المبعوث الشخصي على أنها تتسم بالحكمة والواقعية والموضوعية، كونها صادرة عن وسيط أممي متخصص في ملف الصحراء، أجرى بشأن هذا الملف لقاءات ومشاورات مع كل الأطراف بالمنطقة، ومع القوى الدولية الفاعلة، كما أنه اشرف على مسار مفاوضات الحل السياسي في جولاتها الأربع، طبقا لقراري مجلس الأمن1754 و1783.
دعت مجموعة من مكونات المنتظم الدولي، أخد المقترحات الأخيرة للمبعوث الأممي "بيتر فان فالسوم" بعين الاعتبار، مشيرة من جهة أخرى لمجلس الأمن الدولي بأن يعتمدها في سعيه إلى إيجاد حل سياسي مقبول ودائم ينهي النزاع في الصحراء.
وعكس ما عبر عنه مندوب جنوب أفريقيا "دوميساني كومالو" الذي ترأس بلاده مجلس الأمن الشهر الحالي، الذي اعتبر الخلاصة التي أعلنها فالسوم "تحيزا" لخطة المغرب الداعية إلى منح الصحراء حكما ذاتيا موسعا، واصفا الخلاصة إياها ب "المتناقضة" مع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المعروض أيضا على المجلس. وأضاف في تصريحات للصحفيين "قررنا أن نركز على تقرير الأمين العام"، ملمحا بذات الخصوص أن المبعوث الأممي إلى الصحراء يعبر عن رأيه الشخصي. يرى المتحدث باسم الشؤون الخارجية للحزب الشعبي الإسباني" غوستافو دو أريستغي" في تصريح نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء، "لا أعتقد أن هناك فعلا تناقضات. بل على العكس، تم اختيار المبعوث الشخصي وتعيينه من طرف الأمين العام نفسه. وهو شخص يمثل الرأي والموقف الرسمي والعام للأمم المتحدة". وأضاف أنه "إذا كانت الأمم المتحدة بصدد تبني مقاربة وتحليل في هذا الاتجاه، فمن الواضح أن الدول الأعضاء، ومن بينها إسبانيا ، يجب أن تحترم بشكل جلي جدا القرارات التي تتخذها الأمم المتحدة "، مشيرا الى أن الموقف الذي تبناه الأمين العام ومبعوثه الشخصي يندرج في هذا الإطار.
نفس الموقف أكده " خوان أنطونيو يانس-بارنويبو" سفير إسبانيا لدى الأمم المتحدة حيث اعتبر التقييم الذي تقدم به "بيتر فان فالسوم" إلى مجلس الأمن على "نفس درجة أهمية" تقرير السيد بان كي مون.
مشيرا في ذات الصدد أنه ينبغي على مجلس الأمن والأمين العام ان ينخرطا بحماس بهدف إقناع الأطراف ذاتها، التي هي الفاعلة الرئيسية في هذه المفاوضات" بالمضي قدما إلى الأمام لإقرار حلول واقعية ترضي جميع الأطراف مشيرا إلى أن "المسلسل يوجد، قبل كل شيء، بين أيدي الأطراف، إلا أنه يتوجب علينا أن نكون في مستوى مساعدتها، مجلس الأمن والأمين العام وبالطبع مبعوثه الشخصي، على المضي قدما في هذه الطريق".
ويذكر أن "بيتر فان فالسوم " اقترح على مجلس الأمن أن يطلب من الأطراف إعادة التأكيد على موافقتها المبدئية على أنه " ليس هناك اتفاق، طالما لم يحصل اتفاق على كل شيء". وان يتم التفاوض مستقبلا بشكل حقيقي وبدون شروط مسبقة، على أساس فرضية مؤقتة مؤداها أنه لن يكون هناك استفتاء مؤدي إلى الاستقلال كخيار، وبالتالي فإن النتيجة ستكون بالضرورة أقل من الاستقلال الكامل.
في ذات السياق اعتبر أستاذ العلاقات الدولية "حسان بوقنطار" أن ما قاله المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي السيد "بيتر فان فالسوم" بشكل صريح هو نفسه ما عبرت عنه بشكل آخر مجموعة من الجهات الدبلوماسية، خاصة وأن "فالسوم" قد راكم على امتداد ثلاثة سنوات تجربة غنية عاشت أهم مراحل تطورات الملف، وخاصة من الجانب المغربي، وقد أدرك بحكم هذه الخبرة أن الطرف الآخر ما فتيء يلوك أسطوانة استقلال الصحراء، واعتقد يضيف أن هذه المعاينة تسير في نفس التوجه الذي عبر عنه المبعوث الأممي السابق "جيمس بيكر" عندما أوصى باعتماد حل وسط أي "حل ثالث" وهو نفس النهج الذي يمشي في اتجاهه تقرير "فالسوم" الأخير، ويتعلق بإقرار خيار منطقي وواقعي، وهو الأمر الذي تفهمه المغرب بخلقه لواقع جديد بمبادرته التي سمح من خلالها إعطاء إطار لحل هذه المشكلة ويتلخص في مشروع الحكم الذاتي.
وفي معرض تصريحه بخصوص اعتبار المقترح الأخير للمبعوث الأممي بالصحراء، على أنه فرصة جديدة لمناصري فكرة الانفصال للتفكير في صيغ متقدمة لحل النزاع بالصحراء، كأن يكون مثلا (أقل من الانفصال وأكثر من حكم ذاتي) أكد حسان بوقنطار أن المعاينة التي قام بها (فالسوم) تدفع في اتجاه البحث عن حل وسط ، يوفق فيما بين فكرة الاستقلال وفكرة الوحدة الترابية وهو ما يسمى بالحكم الذاتي، فمغرب اليوم طرح مبادرة يعتبرها أرضية مطروحة أمام الطرف الآخر للاقتناع بها، مع فتحه أي المغرب إمكانية التفاوض لتعميقها وتطويرها وبلورتها، وتجدر الإشارة يضيف أستاذ العلاقات العامة في هذا الباب لسؤال جوهري ويرتبط بمدى استعداد هذه الأطراف للانخراط الإيجابي في هذه المقاربة بالتخلي عن مواقفها المعروفة، وإذا ما تمت الإجابة عن هذا السؤال فإن الأمور ستمشي في الاتجاه الإيجابي.
وبخصوص دخول دولة جنوب إفريقيا على الخط لتأييد الموقف الجزائري، وحول دوافع هذا التأييد أكد بوقنطار أن الأمر تحكمه عدة أشياء أبرزها المنافسة التي دخلها المغرب وجنوب إفريقيا حول تنظيم كأس العالم، للأسف تحولت من منافسة رياضية إلى ما يشبه العداء للمغرب، هذا لا يعني أن الأمر قد حسم، إنما ينبغي على الدبلوماسية المغربية أن تعمق انفتاحها في التعاطي مع مثل هذه الدول عبر إستراتيجية إيجابية تفتح مجالات أخرى للتقارب، علما أن موقف جنوب إفريقيا ومجموعة من الدول (التي لا تشكل أي قوة) لا يمكنه أن يعيق مسيرة المغرب، وعلى الرغم من ذلك ولاعتبارات أخرى يبقى على الدبلوماسية المغربية البحث عن سبل لتضييق هوة الخلاف مع دولة جنوب إفريقيا.
لتوسيع دائرة النقاش في الموضوع ذاته ربطنا الإتصال بالناشط الصحراوي من مناصري جبهة "لبوليساريو"محمد المتوكل لتسليط الضوء من خلاله على الرأي الآخر.
محمد المتوكل / ناشط حقوقي صحراوي
"البوليساريو" لن تتنازل عن المطالبة بالإستقلال
أكد المبعوث الأممى بالصحراء "بيتر فان فالسوم" أن خيار الاستقلال الذي تطالب به جبهة البوليساريو "اقتراح غير واقعي"، كيف تردون على هذا؟
لقد خلق انسحاب اسبانيا من المستعمرة الإفريقية بالصحراء الغربية نهاية سنة 1975 أجواء اضطراب وفوضى أجّلت لثلاثة عقود أخيرة الاحتكام لإرادة الشعب الصحراوي في شأن مصير الإقليم بعد ما كان ينتظر الشروع في تصفية الاستعمار منذ سنة 1966.ولما كانت اتفاقية مدريد ل 14 نونبر1975 لا تمنح أي سيادة لدولتي المغرب وموريتانيا على الإقليم "المغنوم"، فإن ما جادت به قريحة السيد بيتر فان فالسوم من إنكار لحق الشعب الصحراوي في السيادة على أرضه لا يمكن ترجمته إلا بالرغبة في إحداث واقع مماثل لما أنتجته اتفاقية مدريد على الأرض وبشروط "ستاتيكو"، تتولى فيه المينورسو مهمة مراقبة وقف إطلاق النار ويطلق فيه العنان دون رقيب أو حسيب ليد قوات القمع المغربية في التنكيل بالمناضلين الصحراويين. وهكذا وبدلا من التركيز على البحث في سبل ومخارج لتصفية الاستعمار من المستعمرة الاسبانية كما ظلت تطالب به الأمم المتحدة في كل دورات اللجنة الرابعة، انبرى الهولندى فالسوم بتوصيف رديء وتشخيص في غاية الهزال مستنتجا أحكام قيمة أو بالأحرى فتاوى تنزع صفة الواقعية عن مطلب الشعب الصحراوي في تقرير المصير. ألم يكن حريا بالرجل أن يدرك ما ذهب إليه تصريحه من سقوط صارخ في حالة تنافي مهمة وسيط أممى بين طرفي نزاع ووضعيته الشاذة إلى جانب أحدهما. فالتهليل لشجاعة واستبسال "فالسوم" من طرف مسؤولين مغاربة مؤشر بالغ الدلالة على تواطئه، وبذلك ترفع تلقائيا عنه كل شروط التحصين الواجبة من نزاهة وثقة وصدق وحسن نية. إن موقف فالسوم اليوم شبيه بموقف اسبانيا بالأمس لأنه في النهاية هروب وتملص من تحمل المسؤولية مع ما يعنيه ذلك من إخلال بالواجب الإنساني والأخلاقي تجاه الشعوب المقهورة وانتهاك سافر لميثاق الأمم المتحدة.
صرح محمد عبد العزيز بان البوليساريو قد يعود لحمل السلاح إذا اقتضى الأمر ذلك، فهل ترجحون بدوركم الخيار العسكري في حال توفق فان فالسوم بإقناع الأمم المتحدة بعدم واقعية الاستقلال الذي تطالب به البوليساريو ؟
جبهة البوليساريو هي حركة تحرر وطني انتهجت أسلوب الكفاح المسلح فحاربت اسبانيا كما حاربت المغرب وموريتانيا، وتوصلت الى اتفاق سلام مع موريتانيا سنة 1979 كما تبنت مسلسل تسوية مع المملكة المغربية تحت إشراف الامم المتحدة تخللته جولات عديدة من المفاوضات وشرع الطرفان في تطبيق بنود هذا الاتفاق منذ أن وقعا على وقف إطلاق النار في سبتمبر 1991، لكن العراقيل باتت تتناسل مع مرور الوقت في وجه تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير. فالتنازل عن سقف الاستقلال لم يكن منسجما مع أهداف جبهة البوليساريو التي تأسست لأجل مهمة التحرير ونيل الاستقلال الوطني، وفي المقابل لا يعار أي تقدير لحجم هذا التنازل الذي يضع كل الخيارات بما فيها الاندماج في المغرب تحت تصرف الشعب الصحراوي. فهل من سبيل إذن يبقى أمام حركة سياسية لتجاوزالانسداد الحاصل وهى التى اكتسبت تجربة ميدانية في القتال على مدى أكثر من 16 سنة تعترف لها الأمم المتحدة بصفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي وتتعرض اليوم للمزيد من الضغوط ومزاعم التشكيك في قدرتها على استئناف العمل المسلح. إن وقف إطلاق النار سيظل ساري المفعول ولن يكون بمقدور ولا من مصلحة أي من الطرفين القفز عليه كواقع قائم لن يزول إلا بانتهاء مهمة المينورسو إن إيجابا بإجراء استفتاء حر ونزيه أو سلبا بانسحابها وإعلان فشل مهمتها. أما القول بمدى قدرة فالسوم التأثير على أعضاء مجلس الأمن وإقناعهم بعدم واقعية خيار الاستقلال أمر لا اشك انه سيظل يراوح مخيلة فالسوم وحده، بسبب عجز أو قلة كفاءة أو ببساطة لرغبته في الانسحاب، فلا تقرير الأمين العام الأخير تضمنه ولو على سبيل الإشارة ولا أعضاء مجلس الأمن سيعتمدونه طالما يظل وازعهم السلم والأمن عبر العالم وحل النزاعات المسلحة بانسجام مع ميثاق الأمم المتحدة.
في حال الخيار العسكري أين ستتموقع عناصر البوليساريو التي تعيش في الداخل، وهل ستكون حرب الصحراء على شاكلة حرب العصابات التي عاشتها منطقة الريف؟
إن تنامى الشعور الوطني الصحراوي لا يرتبط بظروف الحرب أو السلم بل ينبع أساسا من رفض حجم الظلم الذي تكبده الإنسان الصحراوي، وإدراك طبيعة الصراع المرتبط بمصادرة حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.والخيار العسكري من حيث كونه أسوأ الخيارات بآثاره المدمرة وانعكاساته الكارثية على كافة أوجه الحياة في المنطقة يستدعي التصدي لأسباب العودة إليه، ومما لا شك فيه أن ستة عشر سنة من الحرب الضروس على ارض جرداء قاحلة، لا تشبه الريف ولا الفيتنام، تكاد تحجب في دائرة النسيان. فماذا قدم الدارسون والباحثون؟ وما هي استنتاجات الأسرى العائدين بعد سنوات الأسر؟ وماذا يحكي العسكريون؟ معطيات كثيرة ستزيل غشاوة التردد والقطع برفض أي عودة للحرب وبأي ثمن. إن قوى المجتمع المدني التواق إلى ترجيح كفة العدل والاتزان مدعوة إلى بذل أقصى الجهود والضغط في اتجاه التعجيل بإيجاد حل سلمي يجنب منطقتنا أي مغامرة تصعيدية جديدة ستكون لها أوخم النتائج والتأثيرات.
ألا يعتبر اقتراح بيتر فالسوم فرصة جديدة لمناصري فكرة الانفصال للتفكير في صيغ متقدمة لحل مشكل النزاع بالصحراء مثلا اقل من الانفصال وأكثر من الحكم الذاتي ؟
إن ما يمكن التأكيد، من جديد أن فالسوم خرج بتصريحه المعلوم في توقيت لم يكن أبدا مناسبا، وذلك لإشرافه على جولات مفاوضات شاقة بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو انتهت أربع منها وينتظر خوض الخامسة دون الغوص بعد في عمق الإشكالات، ما يعني غياب أي مؤشر عما يمكن التأسيس عليه لاستنتاج ما وصل إليه فالسوم. الم يكن جيمس بيكر سباقا إلى طرح مقترح اتفاق الإطار الشبيه بالذي يقول به فالسوم ثم ما لبث أن تراجع عنه واضعا الأطراف من جديد أمام بديل يجمع بين الخيارات، أي اعتماد حكم ذاتي لفترة معينة يتوج باستشارة شعبية للحسم في مصير الإقليم، لكن ما وقع من غياب دعم دولي لفرض الحل جعله يختار الاستقالة، وما يمكن استخلاصه مما يجري أن فان فالسوم بعيد كل البعد من إقناع الصحراويين بسداد رأيه بل يبعث على التشكيك من دخول أطراف أثرت على تفكيره في اتجاه تغيير قناعته بالاستمرار في الإشراف على مسلسل المفاوضات الجارية.
ألا ترون بان مصطلح حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره قد أصبح متجاوزا في ظل الخطاب الإعلامي الجديد المؤيد للحكم الذاتي ؟
إن الخطاب الإعلامي الذي تتحد ثون عنه هو خطاب محكوم بخلفية الدعاية السياسية لمقترح الطرف المغربي الذي يشكك أحيانا في جدوى المطالبة بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وأحيانا أخرى يسمي المقترح ذاته بشكل من أشكال تقرير المصير،لكن يظل مبدأ تقرير المصير مرتبطا في جوهره باستحقاق شعبي يعكس ممارسة سيادية تتمثل في اختيار المستقبل السياسي بكل حرية ودون ضغط وفي شروط نزيهة وشفافة. فما يقدمه المشهد الإعلامي في المغرب اليوم هو الصورة النمطية للموقف الرسمي، وما عدا بعض الجرائد المستقلة، توصد أبواب الإعلام العمومي أمام الأصوات المطالبة بتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير بل يتم منع وفود إعلامية وحقوقية أجنبية من زيارة المناطق الصحراوية حتى لا تقدم الحقيقة الفاضحة لزيف الادعاءات الرسمية والتي يعبر عنها المنتفضون الصحراويون في المدن في الجامعات وفي السجون كما في المحاكم أيضا.
إسماعيل بوقاسم صحفي بأسبوعية المشعل ""


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.