رئيس الحكومة يترأس اجتماع مجلس الرقابة للقرض الفلاحي للمغرب    أسبوع دامٍ في المدن المغربية.. مصرع 23 شخصًا وإصابة أزيد من 2800 في حوادث سير    تطورات مأساة طنجة.. وفاة الشخص الذي أضرم النار في جسده بعد خلاف تجاري    ابتلاع كيس يحتوي على مخدرات يودي بحياة موقوف بطنجة خلال تدخل أمني    انقلاب شاحنة على الطريق الوطنية رقم 2 باقليم الحسيمة يخلف اصابات    بعد وفاة مؤسسه بنعيسى... موسم أصيلة الثقافي الدولي يواصل مسيرته بصيغة صيفية حافلة بالفنون    "كوبكو" تدشن أول وحدة لصناعة بطاريات الليثيوم في الجرف الأصفر بطاقة 40 ألف طن    السياحة المغربية تحقق أداء قويا في 2025 بارتفاع العائدات وعدد السياح    انطلاق أول عملية توريق للديون المتعثرة وأخرى قيد الإعداد    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 56 ألفا و156 منذ بدء الحرب    إيران تؤكد أن منشآتها النووية "تضررت بشدة" جراء الهجمات الأميركية    اجتماع بوزارة الداخلية لتحديد معايير استخراج أسماء المدعوين لأداء الخدمة العسكرية برسم الفوج المقبل للمجندين    مبادرة مدنية ترفض حرمان الجمعيات من التبليغ عن الفساد وتعتبره دوسا على الدستور والالتزامات الدولية للمغرب    الملك محمد السادس يهنئ أمير قطر بذكرى توليه الحكم    نشرة إنذارية: موجة حر مع الشركي من الأربعاء إلى الاثنين بعدد من مناطق المملكة    ولد الرشيد: الأقاليم الجنوبية أصبحت منصة اقتصادية إستراتيجية تربط بين إفريقيا وأمريكا اللاتينية    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة        مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران جيش الاحتلال يواصل استهداف غزة واتصالات لوقف الحرب وسط وعود جديدة لترامب    كأس العالم للأندية.. طاقم تحكيم كندي بقيادة درو فيشر يدير مباراة العين الإماراتي والوداد الرياضي    موجة حرّ شديدة تضرب مناطق بالمغرب    طنجة.. كلب يهاجم فتاة وسائق يدهس شابا ويلوذ بالفرار    ربط "أخضر" بين إسبانيا والمغرب.. بواخر كهربائية دون انبعاثات تبدأ الإبحار في 2027    المنتخب المغربي النسوي يبدأ تحضيراته استعدادا لكأس أمم إفريقيا    بنكراد: معظم المحتجين في 20 فبراير بمجرد ما عرضت عليهم المناصب ذهبوا لها وانفضوا    بكين.. مؤتمر يستكشف أوجه التعاون الصيني – المغربي في قطاع السياحة    هولوغرام "العندليب" يجر إدارة مهرجان "موازين" إلى ردهات المحاكم        الرباط.. انعقاد الاجتماع ال74 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء العدل العرب    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    بسبب أزمة مالية خانقة.. معاقبة نادي أولمبيك ليون الفرنسي بالهبوط للدرجة الثانية    استقالة "قاضية الفضيحة" تُعيد محاكمة مارادونا إلى نقطة الصفر    إيران تنظم السبت جنازة قادة وعلماء    أكاديمية المملكة تنظم تظاهرة دولية    المغرب يستهدف 52% من إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة العام المقبل    النقابة الوطنية للعاملين بالتعليم العالي تجدد تمسكها بالوحدة النقابية وتدعو إلى الإضراب يوم 2 يوليوز    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    مجلس النواب الأميركي يرفض مبادرة لعزل ترامب    جدول أعمال دورة يوليوز يكشف إفلاس مجلس جهة سوس ماسة وافتقاده للرؤية التنموية.. وأشنكلي يصدم رؤساء جماعات    ترامب يؤكد مجددا أن المواقع النووية في إيران "دمرت بالكامل"    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل بوكا جونيورز الأرجنتيني وأوكلاند سيتي النيوزلندي (1-1)    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    ثلاثية تشيلسي تقصي الترجي التونسي    أموال الناظور تمول مدنا أخرى.. أين الأبناك من تنمية المنطقة ودعم الرياضة والثقافة كما أرادها جلالة الملك؟    تقنية الهولوغرام تعيد جمهور مهرجان موازين لزمن عبد الحليم حافظ    الرجاء ينال المركز الثالث بكأس التميز    والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    دراسة تكشف ارتفاع معدلات الإصابة بالتهاب المفاصل حول العالم    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة : اسم منسي في سجل ملك الموت
نشر في خنيفرة أون لاين يوم 14 - 08 - 2014

بقلم :هشام ناجح -السكون الجاثم يحرك غصة الخوف المبهمة، وأنت تلج تصورات هذا القبرالبارد المترب. لعل اليوم الأول للخلق كان متربا حد السماء. لن تحمل معك قبعتك وفنجان قهوتك، ولن تدخن سيجارتك الأولى، بوابتك على العالم، رسولتك الوحيدة نحو الأفق اللامتناهي، وهي تهفهف بأشكالها صوب مجرى خيوط الأشعة، ململمة أشلاء لحظة الصمت المشمس . تتحسس، بمقدمة لسانك، طعم التراب..تتذوقه لتدرك حقيقة الطين في الاستحواذ على هذه الذات المنهوشة للطبيعة. أمك التهمت سطلا كاملا من الطين أثناء حملها. الأخلاط تبتلع الإفرازات حتما، وتصد أريج كل الأذواق. لاطعم في لساني وذاتي سوى طعم التراب.
أردتَ أم أرادوا أن تموت في هذا اليوم الحار.. تستفز صدق نواياك من فوق. البرودة والوحشة تلف رداء النهايات من تحت. الأبيض لم يعد أبيض.. الحجرة الناتئة على رأسك عنوانك الجديد. اسمك الفوقي لا يتلمس صقيع الاسم التحتي، كتلك الهوة الفاصلة بين فوهة البئر وقرارها بعيون طفولية. الشيطان يحاول أن يسحبك إليه بإغرائه الاستفزازي المسطور في كل النوايا . المذاق الأبدي يربك التصورات..آه حتى هنا في وحدتك لاتستطيع تقويم لسانك. اللغة هي الكائن الجميل، وأنت تدندن بدندنات انفجرت لحظتها لتغطي هذا الخواء البشري. تمر أمامك كل الشعوب دفعة واحدة في هيام وخدر لذيذين. يتركونك ساعتها، وقع الأقدام يلبي رغبات دفينة وأخرى معلنة.
تتنسم حنوطك .. الريحان وماء الورد عبق الإدراك لظل التراب. ترفع رجلك اليمنى، تحيط بموقع القبو من فوق، يتراكم التراب من ثقب عدة . الماء وحده ما غسل أدرانك. كل الأحباب والأعداء تناوبوا على اغتسال جسدك في طقوس جبارة. لم تتبرز حينها عندما ضغطوا على سرتك. نشوة السلالة كانت آخر ما لفظته في تلك اليد المدعوكة بالصابون . لازال التراب ينهمر من الفجوات. تبرطع برجلك في كل الجهات، لحسن الحظ كان الكفن مهترئا كحياتك هناك، أما حياتك هنا فهي مسلوبة للانتظار..الكفن كان هو الآخر ميتا منذ ألفه الموت .
الجو حار في الخارج، أدركت ذلك ببصيرتك لاببصرك المنهوك لرغبة التعتيم . العصافير مات حلقها، حفيف الأجنحة يسربل ألغاز حكاية جديدة هناك في الشمال ، هناك في المدن البعيدة . أنت مدان في نظرك، وفي نظرهم، وفي نظر ملك الموت، ارتكبت حماقة الحياة .. حماقة الانوجاد المنسكبة من كف كبيرة تكوم الطين وتتلقفها من يد إلى يد .. عزلتك المقرورة تهادن التراب .. تصيح .. تصيح .. لاأمل إلا في الذكرى . نقرات الأقدام تبتعد، وقعها تحتفظ به إلى اليوم أو الغد أو المستقبل . يلعلع السواد المخزي، بعد أن انزوت غيمة جرباء تصفع قرص الشمس، تمسح ضوءه كقنديل يرتعش محتالا على قطرته الأخيرة من الزيت. زادت حدة الوحشة والبرودة. تملكتك رغبة البكاء والحسرة على ضياع شموسك التي كنت تنعتها بجهنم الحمراء . البرودة لغة الانهيار، والانتظار لعنة الترقب. لم تعلم لماذا بكيت بحرقة وأصبعك يخط خريطة الشرق من فوق أو من تحت.
المدن كقيعان الكؤوس، هكذا أزالتشبيه حينها، فالبرودة خصم يربك التصورات . تحسس جسدك أوعواطفك أو بصيرتك بلل الماء، يبدو أن الغيمة الجرباء شفيت بدواء الأجرام، وأسدلت حروف قطراتها معلنة ميلاد حب أو صفقة جديدين . استكان التراب مليا لكبح رغبته البائسة متصلبا وجامعا بأساريره، فكف عن الانزياح . تنظر .. ينتظر .. تنتظرا .. ينتظروا . تنتظر رغبة الخلاص. ملك الموت يبدو منشغلا هو الآخر في خريطة الشرق . المدن كقيعان الكؤوس. المدن البعيدة هي من تحظى بالثقة والأمان. الليل لباس ديكتاتورية الكون في غياب القمر والنجوم. الفجوات وحدها من سمحت باقتسام اللحظة السعيدة مع ناي الراعي الوحيد، المستجير بحفيف الدومة المثقلة بتمائم السعد، يشوي طائرا قد تخلف عن السرب بحجة الحب. النار تضطرم وتلقي بالحطب في أنهار الجحيم. يتهدهد قلبك وتتحرك أوصالك تبعا لزخرفات وتوقيعات الناي، فسرت حمى الانوجاد في كامل جسدك كميلاد زهرة تفتحت لغايات أسمى، حينها حضر ملك الموت مقطبا بين حاجبيه. بلل أصبعه متفحصا كل سجلاته .. فهمى النسيان وتناثر التراب إلى وجهات متعددة. لعل اليوم الأول للخلق كان متربا حد السماء .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.