ارتفاع سعر الصرف الفعلي الحقيقي بنسبة 1,2 في المائة سنة 2024    مشاريع قطب التنشيط "أكادير فونتي" لا تزال قيد الانتظار    أنفوغرافيك | يوازي ترتيبه بلدان تمر بأزمات.. المغرب في مؤشر الرعاية الصحية العالمي 2025    أسعار النفط تواصل ارتفاعها لليوم الرابع وسط مخاوف بشأن الإمدادات    ترامب يصعد الحرب التجارية مع كندا عقب موقفها تجاه فلسطين        إنفانتينو من المغرب: رؤية الملك لكرة القدم "هائلة" والبنيات "عالمية"    أمن وجدة يطيح بشبكة للنصب وانتحال الصفة    هذه توقعات أحوال الطقس لهذا اليوم الخميس    ميدفيديف يرد على ترامب: لسنا إيران    تشيلي.. إجلاء أكثر من مليون شخص تحسبا لوصول تسونامي    "ميتا" تزيد الأرباح بفضل الذكاء الاصطناعي        الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    جلالة الملك يأمر بإرسال مساعدة إنسانية وطبية عاجلة لفائدة ساكنة قطاع غزة    رئيس لبنان يرفض سلاح "حزب الله"    السلطات الفرنسية توقف الزوج المتهم في مقتل زوجته نواحي تازة    حادث اصطدام بين سيارة ودراجة نارية يخلف قتيلين ضواحي الحاجب    كيوسك الخميس | أمريكا تبرز ريادة الملك لفائدة السلام وتشيد بالشراكة الدائمة    المنتخب المحلي يضمن 200 مليون قبل انطلاق "الشان"        إجلاء أكثر من مليون شخص في التشيلي تحسبا لوصول تسونامي    العسكر ينهي حالة الطوارئ في بورما    هولندا.. ذئب يهاجم طفلاً ويجرّه للغابة.. والسلطات تُحذر السكان    التازي يشيد بروابط المغرب والإمارات    الموريتاني بدة يتشبث بمطالب مالية    إنفانتينو: المغرب ضمن النخبة الكروية    "بنك المغرب" يسجل ربحا يفوق مليار درهم في 2024 .. و"الكاش" ينمو ب8%    لقاء يتناول الأمن السيبراني بالقنيطرة    سينما الشهرة.. النجومية معركة بين الرغبة في التفرد والخوف من النسيان    وفاة السفير المغربي السابق وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال محمد ماء العينين    بعد المصادقة على إحداث مؤسسات جامعية بالحسيمة.. جهان الخطابي: نترافع من أجل كلية الطب    الريسوني توضح شروط الاستفادة من العقوبات البديلة والفئات المستثناة منه    اسبانيا.. هذا ما صرح به المغربي الذي فجر احداث توري باتشيكو أمام المحكمة        موسيقى الراب والشعبي وكناوة تصدح في سهرة اليوم الثالث من صيف الاوداية    الميوعة والبؤس الجامعي… حين تتحول الجامعة إلى مسرح احتفال لا مختبر فكر    تجربة احترافية جديدة لأبوخلال وعبقار    حصيلة الإنجازات وآفاق الريادة المغربية    بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد .. المؤسسة الملكية بين الثبات الداخلي والحركية الخارجية: حصيلة سنة من الفعل والتأثير    الفن فقد أحد أكثر وجوهه نقاء وتواضعا .. وداعا لطفي لبيب الفنان الجندي الذي شارك في حرب أكتوبر ورفض تكريم الاحتلال    ترقية المتصرفين التربويين: بين تناقضات الجواب الوزاري والخرق الصريح للقانون    الملك محمد السادس يُكرم لبؤات الأطلس بعد بلوغهن نهائي كأس إفريقيا    تغييرات جديدة تطال صفوف الوداد    ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    بنك المغرب يصدر قطعة نقدية تذكارية بمناسبة الذكرى ال26 لتربّع جلالة الملك على العرش    مشاهير مغاربة يهنئون الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ال26 لعيد العرش    رحيل الفنان المصري لطفي لبيب عن 72 عاما بعد صراع مع المرض    كندا.. مونتريال تستضيف مهرجان "أوريونتاليس" في غشت المقبل بمشاركة المغرب    معرض فوتوغرافي يفحص تغيير "الصحون" أذواق ورؤى وذهنيات المغاربة    عضة كلب ضال تودي بحياة طفل نواحي الناظور    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    متى ينبغي إجراء الفحوص الدورية على العينين؟    استخدام الهاتف في سن مبكرة يهدد الصحة العقلية    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيضا سنة 2022 ،بطعم أزمنة المجهول
نشر في لكم يوم 04 - 01 - 2022

"ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب،فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام" (المسيح) .
"أريد رحمة لا ذبيحة"(المسيح).
أظن بأنه في حالة استمرار الفيروس/المُؤَدْلج(حالته المتحوِّلة)،قابضا على زمام مستقبل العالم،مثلما يجري راهنا،فلاشك أن الاحتفالات العفوية والجميلة بأعياد الميلاد،ستفقد معناها مع مرور الوقت غاية تلاشيها النهائي،وإن أضاعت سلفا؛منذ فترة طويلة بوصلة روح المسيح حقا، فغدت مجرد رهانات فولكلورية سخيفة؛بلا روح تذكر،على الاستهلاك الباذخ داخل المعبد الذهبي لليبرالية جشعة،لم تتوقف عن اغتيال كل ماهو جميل.
أفق،بدت مؤشراته في التبلور بعد انقضاء السنة الأولى من الفيروس/الإكلينيكي(حالته الأصلية)،وتطلّع العموم نحو استعادة زمام المبادرة،بالعودة ثانية إلى حياة ماقبل مارس 2020، بمعنى ذاك الزمان المعهود؛المتصالح مع الفضاء العام،برتابته المألوفة على مستوى ممكنات النوم والاستيقاظ، الدخول والخروج،التجول والسفر،بكل أريحية،دون أيّ عائق غير وارد؛تبرره سلطة الطارئ، ولااستثناءات،ولااجراءات تسقط تباعا؛تلغي ذاتها عبثا بدعوى فزع الفيروس الموبوء.
لكنه شوق،بدأ يخبو وهجه رويدا رويدا،مع تمدّد حقبة الحرب،وتوسع مداها بكيفية سيزيفية حقا ومؤلمة،ثم تباينت وجهات التيه بغير وجهة واضحة المعالم،إضافة إلى تقاطر سيناريوهات من هنا وهناك،تستشرف جهرا أو ضمنيا،استمرار هذه الحرب لفترة يستحيل توقع نهايتها،مما يجبر البشرية أرادت أم رفضت،على ضرورة تقبُّل هذا المصير، والاستئناس بحمولة النقلة النوعية التي أحدثها ظهور الفيروس/الإكلينيكي على المشهد الدولي،فانتقل بالأخير،من بنية منظومة استمرت لعهود مربوطة إلى إحداثيات الزمان الثلاثة الكلاسيكية: الماضي، الحاضر، المستقبل،نحو أخرى متمركزة جملة وتفصيلا على فجائية اللحظة؛فالآن ثم الهنا.بالتالي،أخذ الزمان تماما،تبعا لطارئ الفيروس/ المُؤَدْلج،وتبعات حيثياته السياسوية،بعدا لحظيا :العالم هو الآن،الممكن هو الآن، المستقبل هو اللاأمان...،غير إرادة أنصار الفيروس/ المُؤَدْلج ؛المتمرد عن إطاره الإكلينيكي المحض،سيندرج فقط ضمن الوهم.
هكذا،نلاحظ بأن هستيريا ملحمة الفيروس،قوَّضت جملة وتفصيلا،جل الانجازات الحضارية التي راكمتها البشرية بالدم والآلام؛كي تتسيَّد بطمأنينة على وضعها من خلال تحكمها في لعبة الزمان وممكناته،فيمتثل لمشيئة الإنسان،يرسم متوالياته كيفما يريد وبالكيفية التي يريد.
إجمالا،يكمن المتغيّر بين تطلعات أعياد ميلاد المسيح قبل كورونا ومابعدها،في انتصار منظومة اللاتوقع تبعا لرغبات المتحورات الوبائية الدفينة،بدل ثبات السياق المجتمعي سابقا،شَكّل وفقه الطارئ حالة استثنائية؛بل مستبعدة غالبا على الأقل ظاهريا،لاتقتضيها سوى حالات معينة وبكيفية محدودة في الزمان والمكان،بينما ارتبطت الحالة المبدئية التي اعتادها الناس في الاستكانة إلى الزمن المتواصل دون فجوات كبيرة،عبر متواليات المُدَدِ والتعاقب العِلِّي والفضاء الأوقليدي،ثم نتائج ذلك من الناحية النفسية وتأثيراتها الايجابية على الوعي الإنساني،من اطمئنان إلى الامتداد وكذا الخَطِّي الذي يسير بحسب ذات الإيقاع.
لم يكن العالم قط يوتوبيا قبل الوباء/الإكلينيكي،حتى لانزايد على الديستوبيا الراهنة، بل ولا خلال أيّ مرحلة من مراحله،فقد استمر حيزه مرتعا خصبا لصراع قوي بين قيم الخير ونزوعات الشر،فيأخذ نظامه الابستمولوجي والأخلاقي،على ضوء انتصار الأولى على الثانية،والعكس صحيح أو تعادل موازينهما،من ثمة نؤرخ لمرحلة جميلة يشدنا الحنين إليها،تسيّد خلالها الحب على حساب الحرب،وأخرى سيئة، ثم ثالثة مظلمة؛كما الشأن مثلا حاليا،وعلى الأرجح فالقادم أفظع.بهذا الخصوص،اعتقدتُ دائما،بأنَّ تأويلات من هذا القبيل، لاتتعلق بالتفاؤل أو التشاؤم في بعدهما اللغوي البسيط،مادامت وضعية الوجود والعالم في غاية التعقيد والتداخل المفهومي و الشعوري.
إن جوهر التراجيديا التي تكتسحنا ببشاعة،وجَسَّدت بكيفية واضحة الفيصل بين عالمي ماقبل كورونا/ المُؤَدْلج ومابعده، يتجلى أساسا في الإقرار الأممي من لدن جميع الأنظمة السياسية في العالم، بتعدد مشاربها واتجاهاتها وانتماءاتها الجغرافية،على أن علاقة الشعوب بالفضاءات الخارجية حتى لاأقول الحرية،لم تعد مثلما تكرست قبل ظهور الوباء،بل صارت خارج مِلْكية التصرف المتداول والعمومي،كي تغدو مقنَّنَة كليا،متوقفة على نزوات الوباء.
تحفظتُ على كلمة حرية،لأن الشعوب ظلت حقيقة محكومة بنوعين من الديكتاتوريات،سواء بحسب صيغتها المادية التقليدية،كما ترسخ عليه الوضع في دول الجنوب المتخلفة،بحيث لاتتجاوز أقصى مستويات الحياة خلال أفضل حالاتها؛أفق الإشباع الغرائزي في حدوده الدنيا.أما بخصوص دول الشمال الغنية،فقد أضحت شعوبها في خضم الرفاهية وتمتعها بإنسانية مجتمع المؤسسات الحقوقية،هائمة بدورها خلف ديكتاتورية ناعمة ومخملية،قوامها سطوة الديجيتال على الحياة الطبيعية والأتمتة؛مما أفسح المجال واسعا أمام هيمنة منطق الآلة وفلسفة الرقمي وتقهقر فلسفة الإنسان.ثم بين طيات ذلك،تكرَّس البعد المطلق للاستهلاك الماكر والموجَّه الذي يخدم ذهابا وإيابا،التوجهات الكبرى للشركات العابرة للقارات.
إذن،التحول الجذري الذي كبح أنفاس الإنسانية منذ سنتين،اختزال مجمل التاريخ والجغرافية وممكنات السماء والأرض،عند طارئ الفيروس/ المُؤَدْلج،وما اقتضاه الوضع من مصادرة للحرية الإنسانية المقدسة دون قيد ولا وصاية.
لأن السياق صار كذلك،وانتهت الإنسانية إلى جوف البئر،بعد أن أمضت عقودها الأخيرة تترنَّح عند حافته بسبب أوبئة عدة،تقض مضجعها،الفارق بينها وكورونا،فقط أنها لم تجد الحظوة نفسها؛رغم انطوائها على نفس مستويات التدمير.أقول،مع هذا الانهيار غير المنتظر حتى لدى أشد المتشائمين،ربما رددت ترانيم المحتفلين مجرد استعادة وضعية شفا الحفرة،أو مابات يعرف منذئذ ضمن أدبيات رصد الوباء/ الإكلينكي،بالعيش في كنف تلك الحياة الطبيعية السائدة غاية مارس 2020 .
لقد أكد أهل الاختصاص منذ الأسابيع الأولى للأزمة الحالية،بأن العالم انتقل فعلا صوب نسق جديد ونظام مغاير،قد يكون مستوى متقدما لعولمة أخرى برؤوس عدة،ويلزمنا تمثل اللعبة بكيفية استراتجية حتى نتدبر الحلول الناجعة.لذلك،لايمكننا الاستعداد لمحاورة أزمنة العالم في صيغته الحالية،بناء على رؤى ثقافة قديمة مكبلة بأوهام نوستالجية آسرة.بلغة ثانية،يجدر بنا جميعا الانتقال نحو بناء عالم مابعد كورونا/الإكلينيكي،بكل شجاعة وإخلاص،بالقطع جذريا مع المقدمات التي أودت بنا عند نهاية عالم لم يعد قط يتسع لأحد.
المسألة مرة ثانية،غير متعلقة بتفاؤل ولاتشاؤم؛بتأويلهما الساذج المغرق في التبسيط والاختزال،لكني أعتقد،بأن يوميات سنة 2023،ستطوينا حتما على خَطْبِ نفس الكلمات التي أرهقتنا طيلة السنة المنصرمتين،واستنزف حواسنا قاموسها الشمولي المتجلِّد الذي لم يعد يتزحزح عن عقم كلمات جافة نتجرعها طيلة اليوم،من قبيل :دخول/ خروج،خروج/ دخول، إغلاق/ فتح، فتح/إغلاق، مناعة، قطيع، جواز، متحور،منع، طارئ،جرعة،جرعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.