يسير وزير العدل عبد اللطيف وهبي نحو تثبيت المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية التي تمنع الجمعيات من التبليغ عن جرائم الفساد، رغم الرفض والانتقادات من داخل المؤسسة التشريعية وخارجها. وصادقت لجنة العدل والتشريع مساء الثلاثاء على مشروع القانون بما في ذلك المادة 3 التي أقسم وهبي أنه لن يقبل أي تعديل عليها، وهو ما دفع "حماة المال العام" للتساؤل عمن يساعد ويدعم من يسعون للتشريع لحفنة من الأشخاص، وحماية الفساد.
وقال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن الفساد يسير بخطى حثيثة لاستكمال دورته، ليؤكد تفوقه على كل الخطابات والقوانين والالتزامات. والعقل السياسي فهم أن المرحلة بشروطها الداخلية والخارجية تساعد على تنفيذ المهمة بنجاح، دون أن ينتاب أصحابه أي خوف من كون الفساد يشكل خرابا للأوطان. وأضاف الغلوسي في تدوينة له "العقل السياسي الذي يخطط وينفد غاضب ومنزعج من وجود الآليات والمؤسسات التي تساهم في الحفاظ على التوازنات بين الديناصورات والحيتان الكبرى وبقية الشعب، ولذلك فهو مصمم على تخريب هذا التوازن وإتلاف معالم الأدوات والآليات التي تساهم في تحقيق هذا التوازن الطبيعي والاجتماعي". وانتقد المتحدث تحول الحكومة والمؤسسة التشريعية وطيف واسع من الأحزاب السياسية والبرلمانيين إلى الضغط من أجل التشريع لفئة وحفنة من الأشخاص، مع أن التشريع -كما هو معلوم- لا يكون إلا من اجل تحقيق مصلحة عامة ومجتمعية فضلى، ولم يسبق أن كان وسيلة لحماية فئة قليلة من المساءلة، وتضييق نطاق هذه الأخيرة، وتقنين امتياز وتمييز قانوني وقضائي لم يقل به لا الدستور ولا أي تشريع آخر، اللهم اجتهاد ومناورة من يرى نفسه فوق المحاسبة. واعتبر رئيس الجمعية النشيطة في تقديم شكايات حول الفساد وهدر المال العام أن هناك شبه إجماع على تحويل الجمعيات إلى مجرد "كومبارس" ونزع صلاحياتها، لتصبح بدون أنياب ولا لسان. وزاد "حتى المؤسسات الدستورية التي تمثل عقل الدولة وأدلت بدلوها في الموضوع، واعتبرت أن منع الجمعيات من التبليغ عن جرائم المال العام مخالف للدستور والقانون واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، قيل لها "دخلي سوق راسك"، نحن البلد والبلد نحن، ووجدت النيابة العامة نفسها مع هذا التشريع "الطائفي" تحت رحمة الإدراة وسلطتها، تخضع لمشيئة الفراقشية". وختم الغلوسي تدوينته بالقول "إنهم يتجهون إلى تشكيل دولة فوق الدولة ويمعنون في تعميق تغول الفساد والريع وتعميم الظلم والحكرة، ليبقى السؤال المحير من يساعد ويدعم هؤلاء على المضي دون تردد أو خوف في هذا المنحى المفتوح على مستقبل مجهول؟".