يوم الجمعة اقتلع الجيش الإسرائيلي 3,100 شجرة في قرية المغير بالضفة الغربية. وبحسب السكان، بعض هذه الأشجار هي أشجار زيتون عمرها عشرات السنين. فبماذا أخطأت الأشجار؟ وبماذا أخطأ سكان المغير؟ عرض الجيش هذا الاقتلاع الوحشي كردّ على محاولة تنفيذ عملية مسلحة قرب مستوطنة "عادي عاد" أُصيب فيها مستوطن بجروح طفيفة.
في موقع إطلاق النار صرّح قائد المنطقة الوسطى، اللواء آفي بلوت، بأن على كل قرية في الضفة "أن تعرف أنه إذا نفذوا عملية — سيدفعون ثمناً باهظاً، وسيختبرون منع التجول والإغلاق". اللواء يعلن صراحة أن العقاب ليس موجهاً إلى منفذ العملية الذي فرّ، بل إلى القرية كلها. واصل بلوت الحديث وقال إنه إلى جانب جهود البحث عن المنفذ، فإن الجيش ينفذ "خطوات تصميمية" من أجل "ردع الجميع، ليس هذه القرية فقط، بل كل قرية تحاول رفع يدها على أي من السكان. القرية تُنفذ عملية؟ لا مشكلة. تريد أن يكون الضوء مسلطاً عليك؟ نحن نعرف كيف نسلط الضوء". هذه الكلمات لم تعد تبريراً أمنياً موضعياً، بل إعلاناً عن عقاب جماعي. رسمياً قال الجيش في رده إن الأمر يتعلق ب"ضرورة أمنية واضحة وفورية". لكن الحجم الاستثنائي — اقتلاع 3,100 شجرة — وخاصة تصريحات بلوت، ينفيان الحجة الأمنية. وفق القانون الدولي، اقتلاع الأشجار بهذا الحجم لا يمكن تبريره إلا إذا كان ضرورياً لاحتياجات عملياتية فورية. لكن تصريحات قائد المنطقة الوسطى تحوّل العملية إلى عقوبة جماعية، أي إلى جريمة حرب. تنص المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة بوضوح: "لا يجوز معاقبة أي شخص محمي على جريمة لم يرتكبها هو شخصياً. العقوبات الجماعية وكذلك كل وسائل الترهيب أو الإرهاب محظورة". العمليات التي يسميها بلوت "تصميمية" هي في الواقع سياسة تسوية وسحق للأرض الفلسطينية. هكذا هُدمت بيوت في مخيمات طولكرم، نور شمس وجنين لفتح محاور عسكرية واسعة؛ وهكذا هُدمت منازل في قرية بروقين وصودرت أراضٍ زراعية بعد العملية التي قُتلت فيها تسالا غيز وجنينها؛ وهكذا أيضاً هُدمت مبانٍ من قبل "الإدارة المدنية" بعد العملية في بلدة فندق. اوضح رئيس مجلس مستوطنات بنيامين، يسرائيل غانتس، في فيسبوك: "هذا استمرار مباشر للنهج الذي يقوده بلوت في جنين — في الطريق إلى حسم المعركة ليس فقط ضد بنية الإرهاب، بل ضد الأمل الذي يغذي الإرهاب". وعندما يتطابق خطاب رئيس مجلس المستوطنين مع خطاب لواء في الجيش، يكتمل الانصهار بين الجيش والمشروع الاستيطاني. بلوت يصدّر للضفة نفس النموذج الذي يطبقه الجيش في غزة: تسوية الأرض والتجريف. إسرائيل تسير مرفوعة الرأس نحو محكمة لاهاي، وفي الطريق تتهم بمعاداة السامية كل من يجرؤ على توجيه إصبع اتهام نحوها. المصدر: موقع "هآرتس" يوم 25.8.25