بأزيد من 200 شعبة موزعة على مختلف المستويات والمسارات، تواصل جهة طنجةتطوانالحسيمة تعزيز بنيتها التكوينية برسم الموسم المهني 2025–2026، في سياق يضع الإدماج الاقتصادي والعدالة المجالية في صلب رهانات التكوين المهني، ويُسائل قدرة المنظومة على مواكبة متطلبات القطاعات الإنتاجية والخدماتية بالمنطقة. ويشمل العرض التكويني الجهوي، الذي تم تقديم معطياته خلال لقاء مؤسساتي بمدينة المهن والكفاءات بطنجة، 116 شعبة دبلوم و83 شعبة تأهيل، إلى جانب 15 مسارا تكوينيا ممهننا، موزعة على شبكة تضم 34 مؤسسة تابعة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، و24 مركزًا متعاقدًا، فضلاً عن وحدتين متنقلتين وستة مراكز موجهة لإعادة إدماج السجناء. وتفوق الطاقة الاستيعابية لهذه المنظومة 35 ألف مقعد بيداغوجي، تغطي مجموع أقاليم الجهة، مع اعتماد مقاربة مجالية تستهدف توسيع العرض خارج المراكز الحضرية، وربطه بشكل مباشر مع فرص التشغيل المتاحة أو المنتظرة في كل منطقة. وأكدت المديرة العامة للمكتب، لبنى طريشة، خلال اللقاء ذاته أن "العرض الوطني هذه السنة يناهز 418 ألف مقعد، موزع على أكثر من 500 مؤسسة عبر التراب الوطني"، مشيرة إلى أن جهة الشمال تُعد من بين الجهات الأكثر حيوية على مستوى مؤشرات التمدرس المهني وتنوع الشراكات، بفضل موقعها الاستراتيجي وطبيعة نسيجها الاقتصادي المتطور. وتبرز في صدارة هذا العرض الجهوي مدينة المهن والكفاءات بطنجة، المشيدة على مساحة 12 هكتارًا وبتكلفة قاربت 422 مليون درهم، بطاقة سنوية تصل إلى 3,300 مقعد، منها 1,800 مخصصة للسنة الأولى. وتغطي المدينة 86 شعبة دبلومية، 71% منها تم إحداثها حديثًا، في مجالات الصناعة، الرقمنة، الفندقة، الفلاحة، الصحة، الفنون، الصيد البحري، والصناعات الغذائية، من خلال تسعة أقطاب مهنية وست منصات تطبيقية تُمكّن من محاكاة بيئة العمل بشكل واقعي. وتسعى هذه البنية الجديدة، التي تُصنف ضمن الجيل الحديث لمؤسسات التكوين المهني، إلى ضمان انتقال سلس من التكوين إلى التشغيل، من خلال اعتماد نماذج بيداغوجية تفاعلية، تدمج الممارسة العملية بالمصاحبة الفردية، وتفتح المجال أمام الابتكار وريادة الأعمال داخل فضاءات مثل FabLab وDigital Factory. وأكدت طريشة أن المكتب يعمل على تجديد العرض التكويني من خلال إطلاق 90 برنامجًا جديدًا على المستوى الوطني، مستوحى من احتياجات فعلية عبّرت عنها القطاعات المشغلة، لاسيما في السياحة، الثقافة، الاقتصاد الرقمي، وصناعة ألعاب الفيديو. وشددت على أن التكوين المهني لم يعد مجرد مسار بديل، بل "رافعة استراتيجية للتأهيل والإدماج وتوسيع قاعدة الطبقة المتوسطة". ويُنتظر أن تُترجم هذه الدينامية الجهوية إلى مؤشرات ملموسة على مستوى الإدماج المهني، في جهة تحتضن واحدًا من أكبر أقطاب الصناعة والخدمات بالمملكة، وتستقطب سنويا استثمارات وطنية ودولية تُعيد تشكيل حاجيات الكفاءات بشكل متسارع. وفي ظل هذا التحول، يشكّل العرض التكويني أحد المفاتيح الحاسمة في مرافقة التحول الاقتصادي، وضمان انخراط الشباب في دورة إنتاجية عادلة ومستدامة.