قبل ساعاتٍ من الخطاب الذي سيلقيه الملك محمد السادس أمام البرلمان، طرحت حركة "جيل زد" وثيقتها المطلبية الكاملة التي تلخّص رؤيتها لمغرب جديد، داعية إلى "تفعيل الدستور لا تغييره"، وإلى "ربط المسؤولية بالمحاسبة" عبر استقالة الحكومة الحالية التي حمّلتها مسؤولية "فشل شامل في القطاعات الحيوية". الوثيقة التي جاءت بعنوان "ملف مطلبي لشباب المغرب" اعتُمدت بعد نقاشات وتصويتات مفتوحة على منصة "ديسكورد"، ووصفتها الحركة بأنها "نتاج جهد جماعي مبني على الدستور والخطب الملكية والتقارير الرسمية لا على الشعارات".
انطلاقة المطالب من الحرية والمساءلة تبدأ الوثيقة بالمطالبة ب"الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي والمحتجين السلميين"، معتبرة أن "حرية التعبير ليست جريمة". وتطالب كذلك بفتح تحقيق قضائي مستقل في أحداث العنف التي رافقت احتجاجات الأسابيع الأخيرة، ومحاسبة كل من ثبت تورطه في "انتهاكات أو استعمال مفرط للقوة". وفي السياق ذاته، دعت إلى "ضمان حق التظاهر السلمي والتعبير الآمن"، وإلى وضع حدّ لما وصفته ب"المقاربة الأمنية" التي عمّقت أزمة الثقة بين الدولة والمجتمع. إصلاح شامل للصحة والتعليم والاقتصاد في المجال الصحي، يطالب الشباب بإصلاح جذري للمنظومة العمومية، وتطبيق توصيات المجلس الأعلى للحسابات، وإطلاق خطة وطنية شاملة للصحة النفسية والعقلية، إلى جانب مراجعة "التعريفة الوطنية المرجعية" لتقليص كلفة العلاج. أما في التعليم، فشدّدت الوثيقة على "تفعيل قانون الإطار 51.17 بجدول زمني واضح"، ومراجعة المناهج لتشجيع التفكير النقدي واللغات والتقنيات الحديثة، مع إرساء "ميثاق وطني للتعليم العالي" وإشراك الأساتذة والطلبة في بلورته. وفي الاقتصاد، تطالب "جيل زد" بإعادة توجيه النموذج التنموي نحو "اقتصاد منتج يوفر شغلاً لائقاً"، عبر إصلاح سوق الشغل، وتطوير القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وتبسيط شروط ولوج الشباب إلى المقاولة. مكافحة الفساد وترسيخ الحكامة تعتبر الحركة أن "الفساد البنيوي" هو أصل الأزمات، وتطالب بتعزيز استقلالية المجلس الأعلى للحسابات والهيئة الوطنية للنزاهة، وتفعيل قانون التصريح الإجباري بالممتلكات، وسنّ قانون لتجريم الإثراء غير المشروع، ونشر تقارير الصفقات العمومية بشكل دوري. وتدعو الوثيقة إلى "شفافية مطلقة في التعيينات والصفقات"، وإلى "مراجعة العلاقة بين المال والسلطة التي قوّضت الثقة في المؤسسات". المطالبة بمحاسبة سياسية واستقالة الحكومة يبرّر الشباب مطلبهم باستقالة الحكومة استناداً إلى "الفصل الأول من الدستور الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة"، مشيرين إلى أن "التقارير الرسمية نفسها تثبت فشلاً منهجياً في التعليم والصحة والتشغيل ومحاربة الفساد". ويؤكدون أن مطلبهم "ليس شعاراً، بل تفعيل ديمقراطي لمنطوق الدستور"، معتبرين أن "أعلى درجات المحاسبة السياسية هي أن تتحمّل الحكومة مسؤولية فشلها وترحل". "جيل يؤمن بمغرب أفضل" تختتم الوثيقة بنداء رمزي: "إلى شباب المغرب، إلى كل من يؤمن بأن هذا الوطن يستحق الأفضل... لقد وضعنا وعود الدولة في كفة، وواقعنا في كفة أخرى، والنتيجة واضحة. نريد مغرباً يليق بكرامة مواطنيه، وملفنا هذا هو خريطتنا المشتركة نحو الأمل".