أعلن الملك محمد السادس، مساء الجمعة، أن المغرب سيقوم ب"تحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي" التي قدمها سنة 2007، تمهيدًا لتقديمها رسميًا إلى الأممالمتحدة لتشكل "الأساس الوحيد للتفاوض" حول تسوية قضية الصحراء، في ما اعتُبر أبرز إعلان حمله خطابه بمناسبة مصادقة مجلس الأمن على قرار حول الصحراء انتصر للمبادرة المغربية. وقال الملك في خطابه إن المغرب "سيقدم خلال الأسابيع المقبلة نسخة محدثة ومفصلة من مقترح الحكم الذاتي، باعتباره الحل الواقعي والقابل للتطبيق"، مضيفًا أن هذا التحيين "يأتي تجاوبًا مع التطورات الإقليمية والدولية ومع روح القرار الأممي الأخير".
ويأتي إعلان الملك بعد ساعات من اعتماد مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 2797 (2025) الذي أكد في فقرته الرابعة أن "الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل الحل الأكثر جدوى"، مرحبًا في الوقت ذاته ب"التزام أعضاء المجلس بتسهيل التقدم نحو حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين". وكان المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، قد دعا في مذكرة "ورقة الإحاطة" التي قدمها أمام مجلس الأمن في نهاية أبريل 2025، إلى أن يقدم المغرب مزيدًا من التفاصيل حول مضمون وآليات تطبيق مبادرته للحكم الذاتي، حتى "تشكل قاعدة عملية للمفاوضات المقبلة". وينص القرار الجديد كذلك، في فقرته الخامسة، على إطلاق مفاوضات مباشرة بين الأطراف تحت رعاية الأممالمتحدة، على أن تستضيفها الولاياتالمتحدةالأمريكية، دون تحديد موعد محدد، لكنه شدد على "ضرورة التوصل إلى حل لهذا النزاع على وجه السرعة". ويُذكر أن المقترح المغربي الأصلي، الذي نُشر عام 2007، كان وثيقة من ثلاث صفحات تضمنت مبادئ عامة تتعلق بآليات الحكم الذاتي وصلاحيات الهيئات المحلية والعلاقة مع الدولة المركزية، دون الخوض في تفاصيل تنفيذية دقيقة. ولذلك يرى مراقبون أن المرحلة المقبلة ستكون أكثر صعوبة وتعقيدًا، إذ إن الكرة الآن، وفق تعبير دبلوماسيين في نيويورك، "في الملعب المغربي" بعد قرار مجلس الأمن الذي جعل من المقترح المغربي الورقة الوحيدة المطروحة على طاولة التفاوض. ويبقى السؤال المطروح، بحسب المصادر ذاتها، هو ما إذا كانت جبهة البوليساريو ستقبل المشاركة في هذه المفاوضات، أم ستختار المقاطعة كما لوّحت بذلك في رسالتها إلى مجلس الأمن قبيل التصويت على القرار الأمريكي، معتبرة أن النص "ينحاز صراحة للموقف المغربي". وبينما تترقب الأوساط الدبلوماسية تحديد جدول زمني للجولة المقبلة من المفاوضات، يرى مراقبون أن الأيام والأسابيع القادمة ستكون حاسمة في مسار نزاعٍ دام نصف قرن، وقد تحدد ما إذا كان الملف يتجه نحو تسوية نهائية أم نحو جولة جديدة من المفاوضات الماراتوينة بلا سقف زمني.