في تطور غير مسبوق داخل المشهد النقابي التعليمي بإقليم تارودانت، قدم عدد من أعضاء المكتب الإقليمي لنقابة الجامعة الوطنية للتعليم – الاتحاد المغربي للشغل بتارودانت، استقالات جماعية موثقة، موجهة إلى المكتبين الوطني والجهوي للنقابة. وبحسب نص وثيقة الاستقالة، الموقعة من طرف 15 عضوا مسؤولا في هياكل المكتب الإقليمي، فإن القرار يكشف عن شرخ تنظيمي عميق بلغ مستوى لم يعد معه العمل المشترك "ممكنا أو ذا جدوى"، حسب تعبير المستقيلين.
ووفق البيان المرفق بالاستقالات، الذي حصل موقع "لكم" على نسخة منه، أوضح الأعضاء المستقيلون أنهم وجدوا أنفسهم أمام ما اعتبروه "اختلالات بنيوية في تدبير الهياكل"، وغياباً لأي انسجام أو تصور واضح داخل المكتب الإقليمي. كما انتقدت الوثيقة عدم انعقاد الاجتماعات الدورية، وغياب آليات التنسيق، وتراكم "سوء الفهم التنظيمي"، إضافة إلى تهميش المبادرات المحلية التي يقوم بها النقابيون وحرمانهم من نقلها إلى المستويات العليا. وأوضح النقابيون الموقعون وفقاً للوثيقة، أن هذا الوضع أدى إلى شلل شبه تام في مهام المكتب خلال الفترة الأخيرة، وفقدان القدرة على مواكبة القضايا التعليمية الراهنة، سواء المتعلقة بالموارد البشرية أو الملفات الاجتماعية أو الأنشطة الميدانية التي يشتغل عليها النقابيون بالإقليم. ورغبة في مغادرة كل أجهزة النقابة، شدد أعضاء المكتب المستقيلون على أن قرارهم يخص الاستقالة من جميع الهياكل النقابية، وليس فقط المكتب الإقليمي، معتبرين أن الظرفية لم تعد تسمح لهم بالاستمرار داخل التنظيم ذاته، "رغم ما راكموه من نضالات دفاعاً عن منظومة التعليم العمومي وحقوق الشغيلة". وأوضحوا أن قرارهم "لم يكن وليد لحظة"، بل جاء بعد محاولات عديدة لإصلاح الاختلالات داخل المكتب دون جدوى، ما دفعهم في النهاية إلى رفع الغطاء التنظيمي بشكل كامل. في المقابل، تشهد النقابة المنافسة، النقابة الوطنية للتعليم – CDT، تطوراً مختلفاً، حيث تعمل على تنفيذ اتفاق جماعي داخلي لتعزيز وحدة هياكلها وتنسيق عملها بين المستويات المحلية والوطنية. من جانبها، أكدت مصادر نقابية أن هذا الاتفاق يهدف إلى تقوية التعبئة الداخلية داخل أجهزة النقابة، وتجاوز التوترات السابقة، وتحضير الهياكل لموسم اجتماعي جديد عنوانه الأساسي "الاستقرار والتنظيم". وباعتقاد مراقبين تحدثوا لموقع "لكم"، فإن الاستقالة الجماعية داخل UMT بتارودانت، بهذا الحجم والوضوح، تعكس أزمة ثقة داخلية وتكشف عن حجم التوترات التي تشهدها النقابات التعليمية في لحظة حساسة يتصاعد فيها الاحتقان بسبب تعدد الملفات المطلبية. كما تعكس التحركات داخل CDT رغبة في ترتيب البيت الداخلي واستثمار الفراغ الذي قد تتركه استقالات UMT لكسب قاعدة تنظيمية جديدة وسط الشغيلة التعليمية. ومن المرجح أن يشهد المشهد النقابي مزيداً من التطور، خصوصا مع اقتراب محطات تنظيمية ونضالية وطنية، قد تبرز تغييرات مهمة في موازين القوى النقابية داخل الإقليم وعبر جهة سوس ماسة.