عزل رئيسة جماعة بإقليم بنسليمان            ترامب يتهم الصين وكوريا الشمالية وروسيا بالتآمر ضد أمريكا    الأسود على موعد مع كتابة التاريخ في افتتاح ملعب مولاي عبد الله الجديد                        توقيفات أمنية بوزان في ظروف خطيرة لمروجين لمخدرات ومؤثرات عقلية وكحول فاسدة        بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    نحو مدونة سلوك أخلاقية للانتخابات: استعادة الرمزية السياسية في مواجهة تسليع الاقتراع    "معطلون" بالناظور يعتصمون أمام مقر العمالة احتجاجا على غياب فرص الشغل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    الدار البيضاء تحتضن الدورة ال23 لمهرجان "البولفار" بمشاركة 37 فرقة موسيقية من المغرب والخارج    بريطانيا تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    الألماني غوندوغان يلتحق بغلطة سراي    إنفاق أندية الدوري الإنجليزي يتخطى 3 مليارات جنيه إسترليني.. وليفربول ملك ميركاتو 2025    اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال تشيد بالمبادرة الملكية لإغاثة غزة وتؤكد تشبثها بحل الدولتين    خبر سار للمغاربة: تخفيض أسعار أدوية أساسية لعلاج أمراض مزمنة    "البولفار" يعود في دورته 23 ببرمجة غنية تجمع 37 فرقة موسيقية    اسرائيل تطلق قمرا تجسسيا جديدا قالت إنه "رسالة إلى أعدائها"    ماكرون يحذر إسرائيل بخصوص حركة الاعتراف بفلسطين    اخشيشن يتباحث بالرباط مع رئيسة لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس الشيوخ الفرنسي    خربوشي ومحاح في تجمع إعدادي بكيغالي استعدادا لبطولة العالم للدراجات على الطريق    في سابقة من نوعها بالمغرب والعالم العربي... الاستقلال يعلن عن تأسيس معهد وطني للتطوع    الصين تسجل "الصيف الأكثر حراً" منذ بدء رصد البيانات    جبل جليدي عملاق عمره 39 عاما يذوب بعيدا عن القطب الجنوبي    الرئيس الصيني: لا سلام عالمي دون اقتلاع جذور الحروب وبناء علاقات متوازنة    كشك بساحة إيبيريا.. كان الأجدر أن يستفيد منه شاب يبحث عن فرصة شغل لا علامة تجارية تملك القدرة على الكراء    بشرى للساكنة والزوار والسياح.. جماعة تطوان تتهيئ للمصادقة على تثبيت مراحيض عمومية    بوتين يلتقي كيم جونغ أون في بكين    جماعة إيحدادن بالناظور تودع السيدة ثريثماس سقالي فداش إلى مثواها الأخير    كيوسك الأربعاء | إطلاق 694 مشروعا جديدا لتعزيز خدمات الصرف الصحى    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر            الولايات المتحدة تعلن تحييد "قارب مخدرات" قادم من فنزويلا    "الإصلاح" تتضامن مع ضحايا الكوارث    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    غموض مستقبل حمدالله بعد رغبته في الرحيل عن الشباب السعودي    رئيس النادي القنيطري يرد على "الاتهامات الكاذبة" ويؤكد عزمه الاستقالة بعد الصعود -فيديو-    تكهنات بانفصال لامين يامال عن نيكي نيكول بعد حذف الصور المشتركة    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    أثافي الشعرية الأمازيغية من خلال كتاب «الشعرية الأمازيغية الحديثة» للناقد الأمازيغي مبارك أباعزي    الدورة الثانية لمهرجان «سينما الشاطئ» تحط الرحال بالصويرة    "الحر" يطلق جديده الفني "صرا لي صرا"    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان    سماعة طبية معززة بالذكاء الاصطناعي تكتشف أمراض القلب في 15 ثانية        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة السلهام الذي أكلته الأرضة
نشر في لكم يوم 02 - 08 - 2011

رجع “عازم" من رحلة الحج بالمئزر الذي كان يرتديه أثناء أداء الفريضة. اجتهد في مسحه على الحجر الأسود، وكتب وصية لزوجه يلتمس فيها أن يكون هذا المئزر هو كفنه عند مواراته التراب، ولله الدوام.
لقد خبأ الكفن بعناية في مكان آمن قرب سلهام كان يرتديه، زيا رسميا في مناسبة من المناسبات التي لا تنسى. مناسبة حفل الولاء الذي ابتدعته تقاليد الطقوس البالية. مناسبة حدث فيها ما هو أفحش وأخطر وأفظع مما حدث من المناكير زمن التصابي: إنه منكر السجود لغير الله.
وكان “عازم" يتعهد الكفن مرة بعد أخرى، ربما متأثرا بقصة أحد الصالحين الذي حفر حفرة القبر في داره، وكلما طغت عليه نفسه، أخذ مضجعه في ظلمة القبر الرهيبة، لتذكيرها بالمصير المحتوم فترجع عن غيها برهة، وإن عادت عاد لعلاجها بضمة القبر... وهكذا حتى روضها، فأصبحت مستقرة في حبها للصلاح وأهله، ومثابرة في بغضها للاستكبار والغرور.
ولكم كانت دهشة “عازم" يوما عندما أراد تفقد الكفن، فرأى حشرات الأَرَضَة التي كان العلماء يخشونها على أوراق كتبهم، قد اتخذت لها في السلهام الذي قربه، أعشاشا دون غيره من الملابس المجاورة، تقضمه قضما أرداه في طوله وعرضه مثقوبا. أما الكفن فلم يصبه مكروه ولم يظهر فيه جَرَبا. وتلك آية لم تمر على “عازم" دون أن يرى فيها عجبا. فثبت عزمه على المضي في إصلاح ما أفسدته حياة الترف الغافلة عن الموت، والكفن، والقبر، والسؤال، والبعث، والمحاسبة على الصغيرة والكبيرة. “انتهى المقتطف من مذكرات نضال ضد الفساد" وكان ذلك قبل ثلاثين سنة...
وشاءت الأقدار الإلهية أن تنجمع عناصر الغرابة في قصة السلهام المثقوب. فيكون عليه آل بن الصديق من الشاهدين الأولين والآخرين. عالم جليل منهم الحسن بن الصديق هو الآن في دار الحق رحمة الله عليه، باغثه الحسن الثاني رحمه الله، باستدعاء لإلقاء درس من الدروس الرمضانية، ولم يكن يملك السلهام المطلوب زيا رسميا في المناسبة. فتذكر ابنه جهة يمكن أن يستلف منها السلهام... لكنه عدل عنها لما رأى فعل الأرضة في السلهام المثقوب...
ولا أدري ما العلاقة التي تربط عالمنا الجليل رحمة الله عليه، بالمهندس أحمد بن الصديق الذي خلع عنه سلهام الشرك بالله أخيرا... لعل المهندس كان يجهل أن التيار الذي عمد إلى توأمة حامات فاس مولاي يعقوب بحامات إيكس ليبان يزعجه أن تُربط دولتهم المشتركة بتاريخ الأدارسة أو المرابطين. لذا كان أحرى بالمهندس المكلوم، أن يستعد معنا للذكرى المائة لإبرام عقد الحماية التي لا تزال بنودها تتحكم في توزيع المغرب سياسيا واقتصاديا وثقافيا بين المستعمر ووكلائه: المخزن وأبناء الكتل التي أُشرِكَت في مفاوضات إيكس ليبان. يجمعهم كلهم عامل واحد: التفاني والإخلاص في خدمة الأعتاب الأجنبية. أما الشعب فلا يتعاملون معه إلا بخلفيات التهدئة والقمع، كما كان سلوك المقيم العام الفرنسي والحاكم المحلي الإسباني تجاه ما يسمونهم : " les indigènes ".
فهل طبيعة الدولة المغربية المنقوشة في التقاليد المخزنية والمعاهدات السرية سوف تسمح للملك بمسايرة طموحات الشعب المغربي... بعض الناس يشكون في ذلك إلى درجة اليأس... ويقولون: ها هو الدليل على دواعي اليأس: منصة شرفية في حفل الولاء، فيها سرر مرفوعة، وزرابي مبثوثة، أعدت لأجانب حارسين لنصيبهم في الدولة ما بعد استعمارية. أمامهم جحافل من العبيد الخلص أو العبيد المستعبدة، جيء بهم للسجود لهم، وهم عن عبادتهم غافلون. طقس من طقوس رهبان القرون الوسطى، التي لا نجد لها مثيلا إلا في فيلم “غرور الاستكبار" بطله الممثل لويس دوفيناس. " La folie des grandeurs – Louis De funès . وبدع شركية غير قابلة للغفران يوم لقاء الله، وهو الذي يغفر ما دونها لمن يشاء.
واليأس يزداد عند القانطين، كلما اكتشفوا أن من بين الأحبار من سوف يسمي الحرام بغير اسمه، لكي يحلل السجود والركوع لغير الله. يسميه “انحناءة لطيفة" أو “سلام على الطريقة اليابانية"... كما فات أن سموا الخمور الجديدة أوالعتيقة “مشروبات روحية"، لا بأس من بيعها لكي تزيد من روحانية رمضان، في أسواق مرجان، التابعة لتجارة القصر التي ظنوا أنها لن تبور، لجنيها لملايير الأرباح من بيع الخمور... وقس على ذلك من فقه الحيل التي سوف ينبري لها أمثال صاحب فتوى نكاح الجيفة... ربما غلط المسكين في معنى الجيفة وأولها كما يؤولها ابن سيرين في عالم الأحلام: أن الجثة هي الدنيا وأوساخها، فأراد أن ينكح الملايير بفتاوى الزور... لكن هيهات هيهات أن ينال من دنياهم إلا فتاتها، وقد استغنى القصر عن فتاويه بمن هو أبرع منه في فقه الحيل: عباقرة الزور، أحبار التلمود الذين يعلمون علم اليقين من أين تؤتى كتف ملايير الفسفاط... وغيرها.
فهو إذن هروب بليد إلى الأمام بدون “خط للرجعة". مستكبرون يظنون أن سياسة الاستخفاف بالشعب واالتصعيد في إذلاله أو التنكيل به إذا اقتضى الحال، هي الحل... وشباب تعداده الملايين، تقطعت بهم السبل من بين أيديهم ومن خلفهم. مكرهون على خوض غمار بحر التدافع والعصيان السلمي... فبحر الهجرة أمامهم موصود. تحرسه الكلاب الراعية لمصالح الغرب قبل مصالح الشعب. وعدو الفقر والاحتقار وراءهم مرصود... فليس لهم والله سوى الأمل في ما ستفرزه رياح التغيير، التي هبت نسائمها على الشعوب المسلمة، بعد قرن من تحكم دين الفساد والاستبداد. لهم ولعامة المغاربة اليقين، في موعود رب العالمين: وعد المن على المستضعفين. ووعد تجديد الدين على رأس كل مائة من السنين. لأن المغاربة كلهم في معاناة إذلال وغطرسة الغرب سواسية كأسنان المشط. وقد حان الوقت للاستعداد لذلك الحدث العظيم: السنة المقبلة هي نهاية قرن دين الفساد والاستبداد. دشنته فتاوى أحبار السوء: جواز الاستعانة بالكافر لقتال المسلم... في المشرق كانت الاستعانة بالانجليز ضد الخلافة العثمانية. فولدت الدولة الهجينة الموزعة بين أمراء النفط ومن ساعدوهم للخروج على الخلافة العثمانية فمزقوا بلاد المسلمين تمزيقا. وفي المغرب كانت سنة النكبة 1912 تم فيها العقد المذل القاضي بتقسيم الدولة بين المخزن والقوات التي ساهمت في حروب تهدئة الأمازيغ. فالاستعدادات للذكرى المائة للعقد المشؤوم في السنة المقبلة 2012، ربما انطلقت أوراشها، وكل يعمل على شاكلته. أنصار الزور سينفقون أموالهم لتمديد عهده تحت سلهام الاستبداد الراعي للفساد. وستكون حسرة عليهم وندامة على ما فرطوا في جنب الله وجنب الشعب... وذكرى النكبة الكبرى ليست حلما من أحلام اليقظة. إنها ذكرى واقعة أليمة لازلنا نكتوي بنارها. فحق علينا جميعا الانتفاضة الواعية بخطر الفرقة، لدفع مخلفاتها المذلة لجميع المغاربة، بعد اتخاذ أسباب التوبة الثقافية والسياسية والاقتصادية. فلا هجرة بعد اليوم إلا إلى ميدان التدافع السلمي، بعدما تأكد الجميع أن الذئب لا يزال متخفيا في القطيع، مرتديا صوف السلهام الأبيض. فيعمد المغاربة كلهم إلى نزع سلاهيم الشرك بالله، فلا يتقمصها بعد الفتح سوى الذئاب... يبقوا وحدهم في البراري يتهارشون، فيبقر بعضهم بطون بعض، ويخرج الشباب من بينهم سالمين... فيتحقق قانون المن على المستضعفين، ولو بعد حين، وصدق الله رب العالمين...
حرر بإنديانا الولايات المتحدة
بتاريخ 3 غشت 2011
محمد المهدي الحسني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.