مناسبة عيد الأضحى.. الباطرونا تدعو أرباب المقاولات الخاصة لإقرار الإثنين عطلة اسثنائية    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    المغرب مركز الفعل الدولي فرض ذاته وأقنع بمنطقه بريطانيا    أمانديس تدعم شباب الابتكار البيئي بطنجة من خلال رعاية "هاكاثون Code Bleu"        أخبار الساحة    موجة حر جديدة تجتاح المملكة خلال الأيام القادمة    المحكمة تؤجل النظر في جلسة محاكمة المغني المغربي سعد لمجرد    لفتيت: الشركات الجهوية متعددة الخدمات وضعت برنامجا استثماريا يبلغ في مجمله 253 مليار درهم    لفتيت: لا توجد أي منطقة بالمغرب تعاني من العطش.. والشركات الجهوية حافظت على نفس التسعيرة    الناقد المغربي حميد لحمداني يفوز بجائزة العويس الثقافية    ماجدة الرومي وزياد برجي وMoBlack وSlimane ينضمون إلى قائمة نجوم الدورة العشرين لمهرجان موازين    إسبانيا تحقق رقما قياسيا جديدا بلغ 25,6 مليون سائح أجنبي عند متم أبريل الماضي    تقارير بريطانية: موقف لندن الجديد "اعتراف فعلي" بسيادة المغرب على صحرائه    العلج يدعو القطاع الخاص لمنح عطلة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    توقيع اتفاقية مقر بالرباط لإحداث مكتب إقليمي لمنظمة مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص    بورصة الدار البيضاء تفتتح على مكاسب    بنسعيد: التعاون العربي في مجال المكتبات الوطنية ليس خيارا بل ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات    أسماء لمنور تتوج بجائزة "أفضل مطربة عربية" في جوائز DAF BAMA Music Awards 2025    انطلاق محاكمة سعد لمجرد بفرنسا    "وقفات مع العشر".. عنوان حلقة جديدة من برنامج "خير الأيام" عبر يوتيوب    السعودية: إخراج أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بدون تصريح    محمد الأمين الإسماعيلي في ذمة الله    سالم عبد الفتاح ل"رسالة 24″: بريطانيا تُكرس الشراكة التاريخية مع المغرب وتكشف دور الجزائر في النزاع    أسعار المحروقات تعود للارتفاع في المغرب رغم التراجع العالمي    مونديال 2030 ينعش النقاش حول التوزيع العادل للمشاريع بالمغرب        لدغة قاتلة تنهي حياة رجل خمسيني    جلسة حاسمة في قضية المهدوي… والمطالب تتعالى بإسقاط التهم الجنائية    باحثون يطورون أداة لرصد أمراض معدية في أقل من 10 دقائق    توقيف أربعيني عرض فتاتين للاعتداء بالشارع العام بأكادير    في المؤتمر الإقليمي الخامس للصويرة .. إدريس لشكر الكاتب الأول للحزب: المعارضة الاتحادية ستمارس دورها الرقابي المسؤول بعيدا عن النفاق السياسي    قدم أداء مقبولا ويحتاج إلى مزيد من العمل.. الوداد يتعثر من جديد قبل انطلاق كأس العالم للأندية    دورة سادسة للمهرجان الدولي للفيلم الكوميدي بالرباط    تجربة الفنان التشكيلي المغربي: سيمفونية الألوان    ديستانكت يكشف عن ألبومه المرتقب «BABABA WORLD» بمشاركة نجوم عالميين    إتحاد طنجة يتوج بطلا للنسخة الأولى لكأس الصداقة المغربي الإسباني والعصبة الوطنية للكرة المتنوعة تتفوق على نظيرتها الإسبانية    توافد لاعبي المنتخب المغربي على معسكر المعمورة استعدادا لتونس والبنين    سفينة من "أسطول الحرية" محملة بمساعدات إنسانية تبحر إلى غزة من إيطاليا    حكيمي يترجم موسمه الاستثنائي مع سان جرمان بلقب ثان في مسيرته الاحترافية    الحجاج يتوافدون إلى مكة وسط تدابير مشددة ودرجات حرارة مرتفعة    وقفة احتجاجية بآسفي تجسّد مأساة عائلة النجار في غزة    ماكرون يشيد بأشرف حكيمي بعد التتويج التاريخي بدوري الأبطال    المغرب تحول إلى عاصمة عالمية للدبلوماسية البرلمانية (رؤساء أربعة برلمانات إقليمية بأمريكا اللاتينية)    أطباء بلا حدود تحمّل مؤسسة أمريكية مسؤولية الفوضى وسقوط قتلى أثناء توزيع المساعدات في رفح    الذهب يرتفع في ظل تراجع الدولار وتهديد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة    الفيضانات في غرب الصين تدمر عشرات المنازل والطرق    79 معتقلا في احتفالات سان جرمان        تصفيات مونديال 2026: المنتخب الايطالي يفتقد خدمات مدافعيه بونجورنو وأتشيربي    المغرب ينتزع أربعة عشرة ميدالية ، منها أربع ذهبيات خلال بطولة العالم للمواي طاي بتركيا    يوميات حاج (2): في الإحرام تتساوى الرتب وتسقط الأقنعة الزائفة    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    









زاوية "الأغظف" بالمغرب .. معلم صوفي دافع عن تخوم الصحراء
نشر في مغارب كم يوم 23 - 01 - 2014

على تلة تكسوها رمال الصحراء، وتستقرت على سفحها إحدى أشهر مدن الجنوب المغربي، مدينة طانطان (1000 كلم جنوب الرباط)، تنتصب زاوية "الشيخ محمد الأغظف" أحد رجالات الصحراء وأعلامها.
وكما يطل زاوية وضريح "الشيخ محمد الأغظف" على كتبان الرمال الممتدة وهي تكاد تلامس الأفق، يحفظ الضريح تاريخا كاملا عاشه هذا الشيخ الصوفي وعلمه لمريديه، عاين خلاله تواريخ فاصلة صنعت حاضر المغرب المعاصر، وشارك في معارك التحرير التي قادتها قبائل الصحراء طلبا للاستقلال، فأضحى ضريحه في عرف أهالي طانطان معلما لاستدعاء الأمجاد، وذاكرة تؤرخ لبسالة الصحراويين في الدفاع عن أرضهم.
يقام كل عام مزار صوفي يحضره أحفاد "الشيخ محمد الأغظف" ويتقاطر عليه أهالي المدينة من المنتسبين للطريقة "الفاضلية المعينية" وغيرهم، يستذكرون خلاله بطولات هذا القائد الصحراوي خلال معارك التحرير، ويقصون على أبنائهم جزءا من تاريخ المنطقة وتضحيات أهلها في الدفاع عن أرضهم إبان الغزو الإسباني والفرنسي الذي عاشه المغرب منذ بداية عهد الحماية (الوصاية) الفرنسية – الإسبانية على البلاد سنة 1912 بل وقبل ذلك بسنوات، بعد أن وهنت سلطة السلاطيين وضعفت شوكتهم.
وعلى غرار باقي مدن المغرب وقراه، أثناء زمن الاستعمار الفرنسي والإسباني للمغرب، خاضت الأقاليم الصحراوية الجنوبية، مقاومة شرسة رسمت ملامحها الزاوية "الفاضلية المعينية" وقادها "الشيخ محمد الأغظف".
ويتحدث شيوخ الزاوية عن سلسلة من المعارك الطاحنة التي تقدم فيها "الأغظف" الصفوف، كمعركة "لبيرات" سنة 1913 إبان السنوات الأولى للحماية الفرنسية- الإسبانية على المغرب، ومعركة "القليب"، اللتان كانت تسعى عبرهما قوات الإستعمار إلى وأد أي مقاومة في مناطق الصحراء الشاسعة، صعبة الضبط والمراقبة، والتي يعرف أهلها بطبعهم التواق إلى عدم الخضوع لسلطة، فهم المهاجرون رفقة إبلهم في الفلاة، حتى وإن انصاعوا إلى ضوابط القبيلة ونظامها إلا أن حياتهم التي ألفوها في خيام مشرعة أمام السماء والصحراء تجعل الحرية أصلا راسخا في طباعهم.
وخلال "فترات الأزمات السياسية" التي عرفتها البلاد، ورغم الأبعاد التعليمية والتربوية للزوايا الصوفية، فإن وجودها بالمغرب ونشاطها في العديد من المناطق، جعل منها مراكز لحفظ اللغة العربية والإسلام المعتدل سرعان ما تبادر إلى لعب دور سياسي، يصفه بعض رواة تاريخ المغرب، ب"الحاسم" في عدد من المحطات التاريخية، خاصة أثناء الوجود الاستعماري، حيث شكلت الزوايا على اختلاف طرائقها وتنوع أصولها، معاقل للجهاد ضد المستعمر واستحالت إلى رباط يتجمع فيه المقاتلون، يستمدون منه دعما روحيا قبل أن تصير ملجأ يستجيرون به من الملاحقات والاعتقالات.
كان وهو ملتحف ب"دراعته" (لباس أهل الصحراء) وملثما بعمامته التي تقيه حر الصحراء القائظ، وزوابعها الرملية العاصفة، يخطب في المقاتليين ليرفع من عزيمتهم، ويوحد صفوفهم، هكذا يصف حفدة الشيخ محمد الأغظف جدهم، فما يلبث اسمه أن يظهر أمام المتصفح لكتب تتناول تاريخ المغرب زمن مقاومة أبنائه الاحتلال، باعتباره مقاوما وشيخا عالما.
واختار الملك محمد الخامس عاهل المغرب (1927 – 1961)، أن ينصب "الشيخ محمد الأغظف" نائبا بالمناطق الجنوبية، حيث سيواصل إلى جانب قبائل الصحراء الأخرى المقاومة منأجل استعادة الشرعية والاستقلال، ومع تصاعد التوتر السياسي في المغرب، وارتفاع سقف مطالب الحركة الوطنية المطالبة بإنهاء الاستعمار في مختلف مدن وأرياف المغرب، وتقديمها لوثيقة المطالبة بالاستقلال لدى عدد من رؤساء الدول العظمى والمنظمات والهيئات الدولية، تصاعدت في ذات الآن المواجهات في الصحراء، لتبلغ ذروتها مع قرار السلطات الإستعمارية نفي الملك المغربي الراحل محمد الخامس وأسرته سنة 1953 عن البلاد، ما أجج المظاهرات المطالبة بعودته وباستعادة المغرب سيادته على كامل أراضيه.
ودعا الأغظف إلى تجمع حضره ما يناهز 1000 من شيوخ القبائل الصحراوية، تدارسوا خلالها الأوضاع المستجدة على أراضيهم، وزيادة قمع الاستعمار ضدهم، واستغلاله لمواردهم وخيرات أرضهم، وقرورا التوجه إلى العاصمة "مبايعين" الملك المغربي ، وعند عودتهم ضربت السلطات الاستعمارية حصارا خانقا على الأراضي الصحراوية واستمر القصف الجوي على معاقل الصحراويين لأيام، ما اضطر الأهالي لمغادرة مناطقهم حفظا لأرواحهم.
وبعد وفاة الشيخ "محمد الأغظف" سنة 1960 قرر الملك المغربي الراحل الحسن الثاني (1961 – 1999) إحياء ذكراه بمدينته طانطان التي عاش فيها زمنا غير يسير، وإقامة موسم يتوافد عليه كل سنة المئات من أبناء الجنوب يدعى "موسم الشيخ محمد الأغظف".
أما الصحراء فلم تستعد استقلالها إلا سنة 1975، بعد تنظيم مسيرة حاشدة تدعى "المسيرة الخضراء" من كل مناطق المغرب وأقاليمه بدعوة من الملك المغربي الحسن الثاني آن ذاك، قررت بعدها إسبانيا الجلاء عن المنطقة ليستعيدها المغرب، إلا أن الصحراء ستعرف انعطافة أخرى ستجعلها على قائمة الأحداث الدولية الكبرى على مدى عقود، بعد ظهور حركات اتفصالية داخلها، ستخوض مع المغرب حربا لن ينتهي رحاها إلا سنة 1991 دون أن يستقر مصير هذه الرقعة على قرار.
وبدأت قضية إقليم الصحراء منذ عام 1975، بعد إنهاء تواجد الاحتلال الإسباني بها، ليتحول النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو (التي تطالب بانفصال الإقليم عن المغرب) إلى نزاع مسلح استمر حتى عام 1991، وتوقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، وشكلت بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء، المعروفة اختصارا ب"المينورسو"، بقرار لمجلس الأمن الدولي رقم 690 في أبريل/ نيسان 1991، ومهمتها الأساسية العمل على حفظ السلام بالإقليم.
وتقدم المغرب منذ 2007 بمشروع لمنح منطقة الصحراء حكمًا ذاتيا واسع الصلاحيات، فيما ترفض جبهة البوليساريو هذا المقترح، وتصرّ على ضرورة تحديد مستقبل إقليم الصحراء بين البقاء ضمن سيادة الدولة المغربية أو الانفصال عن طريق استفتاء لتقرير المصير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.