دعا الرجل الأول في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، عباسي مدني، ونائبه علي بن حاج، كل القوى السياسية في الجزائر إلى وضع خلافاتها جانبا والتأسيس لحوار جاد، "لتجنيب البلاد المخاطر التي تحدق بها"، مقترحين عقد لقاء وطني وبنّاء يهدف إلى البحث عن القواسم المشتركة "التي تجمع ولا تفرق"، و"توحد ولا تشتت" حسبهما ، قصد التباحث لإخراج الجزائر نهائيا من الأزمة المتفاقمة، والاتفاق على مرحلة انتقالية يشارك في تسييرها وصياغة دستورها جميع أطياف المجتمع المدني، دون استثناء أو تهميش بما في ذلك الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ودعيا بالمقابل الشعب إلى المزيد من اليقظة والحذر أمام الوضعية الخطيرة التي تمر بها الجزائر. وانتقد الرجلان اللذان وقّعا بيانا تم نشره على الموقع الإلكتروني للحزب المحل أمس، حمل اسم "بيان الجبهة الإسلامية للإنقاذ حول الأزمة في الجزائر"، الوضع القائم في البلاد، خصوصا ما تعلق باحتدام الصراع بين الأجنحة في أعلى هرم السلطة، من أجل ما أسمياه الاستفراد بالحكم، وتحوله إلى احتدام أضحى يهدد أمن الجزائر القومي والإقليمي وحتى الدولي حسب البيان ، ولفت إلى أن الجزائر تمر بمرحلة حرجة تنذر بخطر محدق على مستقبل البلاد والعباد، وصل فيها الانسداد السياسي والتعفّن الاجتماعي والتدهور الأمني حدا لا يطاق، مما ينذر بانفجار اجتماعي وشيك لا يعلم حجمه ولا نتائجه إلا الله على حد تعبير البيان الذي اعتبر أن غياب الرئيس غيابا كليا يطرح السؤال الكبير حول من يسير البلاد في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها الجزائر. وأشار مدني إلى ما أسماه التدهور الأمني الملفت الذي ينتقل من منطقة إلى منطقة، على غرار أحداث غرداية "الدامية الأليمة" التي قال أنها حدثت في ظل الغياب السياسي التام للسلطة، واكتفائها ب"المعالجة الأمنية العرجاء التي فشلت فشلا ذريعا"، كما تحدث عما أسماه الغليان الشعبي وارتفاع وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية، وتوسعها إلى جميع القطاعات نتيجة سياسة الترقيع الفاشلة حسبه والاعتماد على المسكّنات وشراء السلم الاجتماعي الهش بتوزيع جزء من الأموال والتي لم تعد تؤت أكلها، واعتبر الرجل الأول في الفيس المحل، الإضرابات التي تشل الكثير من القطاعات وعلى رأسها قطاع التربية دليلا على ذلك، كما أشار إلى ما أسماه الانتهاكات الصارخة لحقوق المواطن الجزائري وحرياته عموما، وقيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحرومة من حقوقها السياسية والمدنية خصوصا، وذكر أنه وأمام هذه "الحالة الكارثية غير المسبوقة" في تاريخ الجزائر المستقلة، "والتي تفاقمت" حسبه "بعد اغتصاب الإرادة الشعبية سنة 1992، فإن العقلاء يجمعون على أن ساعة التغيير الجذري للنظام قد دقّت، ولم تعد تحتمل التأجيل، لأنه أوصل البلاد إلى حافة الانهيار".