يستعد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لاستقبال رؤساء الجمهورية السابقين لسماع رأيهم في الإصلاحات التي أعلنها يوم 15 نيسان/أبريل الماضي، خلافا للشخصيات السياسية الأخرى التي دعيت لإبداء رأيها أمام هيئة مشاورات يترأسها رئيس البرلمان عبد القادر بن صالح، والتي بدأت في عملها منذ ثلاثة أسابيع. وذكرت مصادر حكومية أن الرئيس بوتفليقة اختار أن يستقبل بنفسه الرؤساء السابقين في إطار المشاورات السياسية التي أعلنها استعدادا لتجسيد حزمة الإصلاحات التي أعلن عنها، والتي تتضمن مراجعة الدستور وتعديل قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام وغيرها، مشيرة إلى أن الرئيس فضل أن يستمع للرؤساء السابقين مباشرة تقديرا لهم، وللمسؤوليات التي سبق أن تولوها على رأس الدولة. وأوضحت أن قائمة الرؤساء السابقين الذين سيلبون دعوة الرئيس بوتفليقة لم تتأكد بعد، مشيرة إلى أنه من الوارد أن يحضر ثلاثة رؤساء سابقين من أصل أربعة لا يزالون على قيد الحياة، ويتعلق الأمر بكل من أحمد بن بلة الذي كان أول رئيس للجزائر المستقلة منذ استقلالها إلى غاية الانقلاب العسكري الذي تعرض له في حزيران/يونيو 1965، والرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد الذي تولى الرئاسة من 1979 إلى غاية استقالته في كانون الثاني/يناير 1992، وعلي كافي الذي تولى رئاسة الدولة من حزيران/يونيو 1992 إلى غاية كانون الثاني/يناير 1994. واستبعدت المصادر ذاتها أن يلبي الدعوة الرئيس الأسبق اليامين زروال الذي تولى رئاسة الدولة من كانون الثاني/يناير 1994 إلى غاية استقالته في نيسان/أبريل 1999، علما بأن هذا الأخير ابتعد عن الساحة السياسية منذ خروجه من الرئاسة واحتفظ بمسافة بينه وبين السلطة الحالية، كما لم يتعود حضور الحفلات الرسمية التي كان يدعى إليها خلال السنوات الماضية، خلافا للرؤساء السابقين الآخرين. جدير بالذكر أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سبق له قبل أشهر أن استقبل عددا من الشخصيات الوطنية وكذا رؤساء سابقين في لقاءات سرية، ناقش خلالها معهم الأوضاع التي تعيشها البلاد، وطلب رأيهم في الحل الأمثل للخروج من الأزمة، خاصة بعد الاحتجاجات العنيفة التي عاشتها البلاد مطلع العام الحالي. من جهة أخرى وافق عبد الحميد مهري الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني وأحد أبرز الشخصيات التاريخية في الجزائر على المشاركة في المشاورات السياسية بخصوص الإصلاحات. وقال مهري في رسالة وجهها إلى عبد القادر بن صالح رئيس هيئة المشاورات أنه على استعداد للالتقاء بأعضاء اللجنة، وطرح أفكاره وتصوراته ومواقفه من أجل المساهمة في إحداث التغيير، وذلك بإعادة طرح ومناقشة المبادرة التي سبق أن ضمنها رسالة بعث بها إلى الرئيس بوتفليقة، والتي كان قد أكد أنه لم يتلق أي رد عليها. وأضاف في رسالته قائلا 'ومع تقديري للمهمة التي كلفتم بها وتحفظاتي على بعض جوانبها، فإني أعتقد أن لقائي معكم ومع مساعديكم سيكون مناسبة للإسهام في هذا النقاش بتفصيل مضمون الرسالة المفتوحة التي كنت وجهتها لفخامة الأخ عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الجمهورية، والمتعلقة بموضوع الإصلاحات وبمطلب التغيير الذي ينتظره الشعب الجزائري، كما اجتهدت في قراءته وفهمه، والذي أطمح أن تلتقي حوله جميع الإرادات الحسنة في كنف السلم والاطمئنان لمستقبل البلاد والعباد'. وتأتي مشاركة مهري في ربع الساعة الأخير من المشاورات لإنقاذ العمل الذي قامت به هذه الهيئة المكلفة بإدارة هذه العملية، علما بأن الكثير من الشخصيات رفضت المشاركة وبررت قرارها برسائل وجهتها إلى رئيس هيئة المشاورات ونشرتها عبر وسائل الإعلام، في حين أن شخصيات أخرى رفضت قبول الدعوة التي وجهت لها، ولم تعبر عن رفضها علانية أو تبرره للرأي العام. من جهة أخرى فبالرغم من توجيه الدعوة لأكثر من 250 شخصية، إلا أن نوعية الحضور لم تكن في المستوى، فعدا رئيسي حكومة سابقين، هما سيد أحمد غزالي واسماعيل حمداني يضاف إليهما الجنرال خالد نزار وزير الدفاع الأسبق ورؤساء ما يسمى بالأحزاب الكبيرة، فإن الأغلبية كانت 'نكرات' وشخصيات يجهلها الرأي العام أو نسيها بسبب غيابها عن ساحة الأداء العام لسنوات أو عقود.