المشاركون في مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء يقومون بزيارة لميناء الداخلة الأطلسي    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    نجاح باهر للنسخة الثامنة من كأس الغولف للصحافيين الرياضيين الاستمرارية عنوان الثقة والمصداقية لتظاهرة تراهن على التكوين والتعريف بالمؤهلات الرياضية والسياحية لمدينة أكادير    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. وهبي: "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية ورياح عاتية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    الدولي المغربي طارق تيسودالي ضمن المرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري الاماراتي لشهر أبريل    تأخيرات الرحلات الجوية.. قيوح يعزو 88% من الحالات لعوامل مرتبطة بمطارات المصدر    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    هذه كتبي .. هذه اعترافاتي    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    المغرب ينخرط في تحالف استراتيجي لمواجهة التغيرات المناخية    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    تجديد المكتب المحلي للحزب بمدينة عين العودة    الصين تعزز مكانتها في التجارة العالمية: حجم التبادل التجاري يتجاوز 43 تريليون يوان في عام 2024    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    الحكومة تلتزم برفع متوسط أجور موظفي القطاع العام إلى 10.100 درهم بحلول سنة 2026    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    كيم جونغ يأمر بتسريع التسلح النووي    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    السجن النافذ لمسؤول جمعية رياضية تحرش بقاصر في الجديدة    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    مارك كارني يتعهد الانتصار على واشنطن بعد فوزه في الانتخابات الكندية    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مافيا المقالع تستبد بثروة مدينة بنسليمان – تحقيق-
نشر في نبراس الشباب يوم 08 - 01 - 2010

إن المقالع الرملية بجهة الشاوية ارتبطت عضويا باقتصاد الريع وتكريس سلطة تدبير الامتيازات وتشجيع وإثراء الغرباء عن الجهة على حساب أبنائها وعلى حساب تنميتها وعلى حساب حاضر شبابها ومستقبل أطفالها، وباعتبار أن استغلال المقالع الرملية بالجهة ارتبط بالمواقع والنفوذ، فإن نهج تدبير هذا القطاع ساهم بشكل أو بآخر في استشراء الفساد عندما تقوت وتراكمت مصالح تشكلت معها لوبيات لحمايتها، وبعض اللوبيات استأسد وتنمّر في مواجهة صيرورة التغيير المأمول، مادام أي تغيير من شأنه العصف بكل ما هو طفيلي. ولازالت المقالع الرملية بجهة الشاوية تتعرض للنهب في ظل غياب المراقبة والمساءلة وصمت المسؤولين.
مروان العرج -نبراس الشباب- بنسليمان:
امتيازات وتواطؤات بالجملة:
“مخنوقين أخويا الغبرا فسما والأرض... كلنا مرضنا بضيقة ... و مرض العينين ... ولادنا مابقاوش كي خرجو... هذا راه كثر من الحبس”، هذه مقتطفات من تصريحات سكان يعانون من التهميش و الفقر المدقع، و مما زاد من معاناتهم الاستغلال غير المعقلن للمقالع بإقليم ابنسليمان، هذه المقالع التي تبلغ أزيد من عشرة، ترتكز تسع منها بمنطقة عين تيزغة وتحديدا بدوار الكدية، والتي صارت تشكل مصدر تدفق ملايين الدراهم على امتداد سنوات خلت وبدون مقابل مجدي لفائدة الصالح العام وبدون مساهمة فعلية مرئية وواضحة في تنمية الثروات المضافة المحلية العمومية.
عند الاقتراب من مكان تواجد المقالع تصادفك شاحنات متعجرفة من الحجمين تسير بسرعة جنونية، الأمر الذي تسبب في تدهور الطرق و المسالك المؤدية إلى الدوار مكان تواجد المقالع ... سحب من الغبار تحجب عنك الرؤية بسبب كمياتها الكبيرة، ظهرت انعكاساتها السلبية على الطبيعة و الحيوان و الإنسان.
إندثار الغابة:
هناك تدهور كبير في المجال الغابوي للإقليم بسبب المقالع المنتشرة هنا و هناك”، هذه حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد، إنها بمثابة تحصيل حاصل، وهو نهب مسبوق بلغت درجة خطورته حد إتلاف البيئة وإلحاق الضرر بها وبتوازناتها، وبخصوص مقالع الحصى بمنطقة ابنسليمان تداخل العامل السياسي وعامل خرق القانون لتعميق الإشكال الايكولوجي بالمنطقة ولا من يحرك ساكنا.
“آلاف الأمتار المكعبة من الغابة تقتلع يوميا دون أي اكتراث بالاختلالات البيئية التي تحدثها، هذا علما أن استفادة الإقليم من هذه الثروات لا تكاد تبين، هكذا يقول مصدر مسؤول في تصريح ل “نبراس الشباب” قبل أن يستطرد، وتظل حكرا على حفنة من الأشخاص الذين ظلوا يجنون الملايين بدون أي مساهمة من طرفهم في تنمية الجهة بأي شكل من الأشكال، بل أكثر من هذا يجتهدون اجتهادا للتهرب من أداء الإتاوات الهزيلة أصلا ويبتكرون أساليب، ظاهرة ومستترة، لإخفاء كميات الحصى المقتلعة والتصريح بكميات قليلة طمعا في السطو على جزء مهم من الإتاوات الواجب أدائها رغم هزالتها أصلا”.إن التصريحات بخصوص كميات الصخور المستخرجة هي تصريحات بعيدة جدا عن الواقع الفعلي بعد السماء عن الأرض، وحتى الكميات المصرح بها على ضآلتها غالبا ما تكون هي كذلك عرضة للتدليس، وهذا علاوة على عدم قابلية المستفيدين من المقالع لأداء الأتاوات المترتبة على الكميات المصرح بها، إذ أن الباقي استخلاصه يفوق دائما 60% ،وظل يتراكم على امتداد سنوات ولا وجود لعبارات ومواصفات مُواطِنة لتوصيف هذا الواقع غير المشرف.
إذن من المظاهر البارزة لنهب التلاعبات في الكميات المستخرجة وعدم التصريح بها، وباعتبار أن هذا الوضع لم يتغير رغم التنبيه إليه أكثر من مرّة، فمن المشروع أن يتساءل المرء فيما إذا كان هناك تواطؤ مسؤولي القطاع في التستر الواضح وصمتهم الرهيب في هذا الصدد، وربما بفعل هذا التستر وهذا التواطؤ تقوّت مافيات المقالع بالإقليم، إن عملية استخراج كمية كبيرة من الصخور لا تؤدي عنها المستحقات إذ تتم في كامل السرية، وكذلك هناك عدم احتساب عدد الشحن، ولا يقف الضرر على المستوى المالي فقط، فتتجلى الأضرار بالأساس في الإخلال بالتوازن البيئي وتدمير التضاريس وإتلاف الغطاء النباتي وإتلاف أوكار الحيوانات، ويُرافق هذه الأضرار حرمان الجماعة وذوي الحقوق من مداخيل هامة قد تكون كفيلة بتفعيل آليات التنمية المحلية أو الجهوية، وبذلك يصبح النهب مزدوجا، وكله لصالح كمشة من الأشخاص استفادوا ولازالوا، من الامتيازات واقتصاد الريع. وهي استفادة على حساب حاضر ومستقبل أجيال الإقليم. ويقابل استفادة هذه الكمشة خسارة جسيمة في حق البيئة ودون المساهمة حتى بالوفاء بأداء ما يحق أداؤه من واجبات على هزالتها، وهذه جريمة اجتماعية مزدوجة لطالما تم تكريسها وغض الطرف عليها من طرف القائمين على الأمور، وقد صدق من قال أن صخور الإقليم هي كافية وزيادة لحل جملة من المعضلات التي تعيشها، وذلك إن تم عقلنة استغلالها والتحكم في مداخيلها، وقد سبق لجمعية مدرسي علوم الحياة و الأرض فرع ابنسليمان أن أشرفت ماديا وعلميا على دراسة ميدانية كشفت جملة من الحقائق إلاّ أنه لا حياة لمن تنادي.كل المقالع المستغلة بإقليم ابنسليمان تخضع لاستغلال مكثف ومفرط. كما أنّ هناك استخراج كميات مهمة من الصخور حتى من الأماكن غير مرخصة، وهذا يلحق أضرارا بالغة بالبيئة، وتتعمق هذه الأضرار بفعل تواطؤ أكثر من جهة من أجل استنزاف الصخور.
إن طرق استغلال المقالع تلحق أضرارا بالغة للبيئة عبر إحداث اختلالات في المنظومة البيئية، وذلك عبر القضاء على مختلف النباتات المساعدة على تثبيت كثبان من الأتربة، وهذا بدوره له انعكاسات على المناطق المجاورة المتضررة من الغبار المتنقل بواسطة الرياح. ولم تنج صحة السكان المجاورين للمقالع من هذه الانعكاسات، إذ لوحظ إصابات عديدة بمرض الربو وأمراض الجهاز التنفسي، ونفس الشيء بخصوص الماشية، وتظل مقالع العمق هي الأكثر ضررا على البيئة وعددها بجماعة عين تيزغة لوحدها يبلغ 9 مقالع وجلها في أراضي تعود ملكيتها للخواص و البعض الآخر في ملكية مديرية المياه و الغابات، إن الاستنزاف الخطير الذي تعرضت له غابة ابنسليمان، ألحق أضرارا بليغة بالغطاء النباتي و بالمجال الحيواني بالغابة.
تواطؤات وخروقات:
قيل الكثير ونُشر الكثير حول التواطؤات بخصوص استغلال المقالع، كما أن أرباب شاحنات نقل الحصى خاضوا نضالا بهذا الخصوص، إذ طالبوا بإلغاء الامتيازات (بفعل التواطؤ) المرتبطة بمقالع ابنسليمان وامتياز غض الطرف على استعمال وسائل مضرة بالغابة لإستخراج الحصى، لكن في المدّة الأخيرة عملت المصالح المعنية بتشديد المراقبة المستديمة على الغابة.
وبخصوص المداخيل، إن مختلف المؤشرات المرتبطة بعدد ساعات العمل (القانونية منها وغير القانونية العلنية والسرية) ووتيرة مرور الشاحنات المحملة بالرمال و الصخور من وسط مدينة ابنسليمان ليل نهار، تبيّن أن المداخيل من شأنها أن تبلغ ما قيمته 200 إلى300 مليون درهم سنويا.
في حين أن المبالغ المثبتة بالوثائق الرسمية والمعلن عنها لا تتعدى بعض الآلاف من الدراهم والتي لا يُستخلص منها فعليا وفي أحسن الظروف إلا ما بين 40 و60 في المائة، مما يبيّن فداحة النهب المستدام الذي يحرم الإقليم من أهم المصادر لتمويل آليات التنمية الجهوية والمحلية.
وما هذا الواقع إلا تكريس لاستشراء الاقتصاد الريعي وسلطة الامتيازات التي تعمل تشجيع استدامة النهب وإثراء كمشة من الغرباء عن الجهة على حساب أبنائها وعلى حساب حاضرهم ومستقبلهم.
ولتقريب الصورة نشير إلى هذا المثال: تبلغ عائدات المقالع، حسب مصادر مطلعة، بالنسبة للإقليم، حسب الوثائق الرسمية، ما يناهز 400 ألف درهم سنويا، ورغم أن هذا المبلغ زهيد جدا ولا يكاد يبين مقارنة بالكميات المستخرجة، فإن الإقليم لا يستخلص منه إلا 33.75 في المائة.
إمتيازات و أحلام بالجملة:
تعتبر جماعة عين تيزغة من أغنى الجماعات بمقالعها الصخرية، وإنما على الورق وليس على أرض الواقع، وذلك باعتبار أن هذه الثروة لا تستفيد منها لا الجماعة ولا سكانها، هناك ما يناهز 9 مقالع بالجماعة، وهذا العدد من المقالع جعلها أغنى جماعة بجهة الشاوية ورديغة، بل وحتى أغنى من مدينة ابنسليمان، و كل هذه المقالع لا تخضع لأية مراقبة، بل لقد جرت العادة على عدم الاكتراث بالترامي على الملك الغاوي العمومي، وهذا التصرف يتخذ شكلا من أشكال النهب البارزة، في حين أن طريقة الاستغلال تنتهك البيئة انتهاكا مفضوحا.
لقد اقتنيت هذه الأراضي المستغلة كمقالع بالملك العمومي الغابوي قصد استغلالها فلاحيا، خصوصا وأن ثمنها كان زهيدا آنذاك، وذلك عندما بدأ فلاحو المنطقة يقبلون بكثرة على بيع أراضيهم.
من الصعب جدا التعرف على أصحاب الامتياز الفعليين لمقالع جماعة عين تيزغة، فلم نتمكن من الحصول على معلومات دقيقة بهذا الصدد ولم نستطع التعرف إلا على بعض الشركات القائمة على المقالع بعين المكان.
فمن المفروض أن يخضع مستغلو مقالع عين تيزغة، لجملة من الضوابط وأن يلتزموا بجملة من المقتضيات، لاسيما تلك المنصوص عليها في دفتر التحملات النموذجي موضوع المذكرة عدد 87 المؤرخة في 8 يونيو 1994، ولعل من بين هذه الشروط عدم جواز للشخص الواحد استغلال أكثر من مقلع على امتداد المنطقة الواقعة بين القنيطرة وسطات وبنسليمان، لكن هذا الشرط غير محترم وهناك من يستغل أكثر من مقلعين ضمن هذه المنطقة بدون حسيب ولا رقيب. وهذا علاوة على التحايل على القانون بتقييد الامتياز في اسم الابن أو الابنة أو الزوجة أو الأخت.
ومن بين الشروط التي يتم الدوس عليها بسهولة وباستمرار عدم احترام حدود الملك الغابوي، حيث هناك ترامي عليه بطريقة مستدامة على مرأى العيان ولا من يحرك ساكنا، أما شروط احترام البيئة المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل في هذا المجال، فهي آخر ما يمكن التفكير فيه، وبالأحرى اعتبارها أو احترامها أو الالتزام بها، وحسب مقتضيات القانون، فإنه لا يجوز بأي وجه من الوجوه تجاوز 40 ألف متر مكعب سنويا لكل مقلع، لكن في الواقع غالبا ما يتم تجاوز هذا السقف بجماعة عين تيزغة، وعند تمحيص الكميات المستخرجة من الصخور والمصرح بها على صعيد جماعة عين تيزغة، فهي لا تتجاوز في المعدل 7500 متر مكعب، وهنا تبرز الصورة الفظيعة للنهب الممنهج. وهذا ما يفسر المبالغ المالية الزهيدة، والتي لا تكاد تبين، وهذا ما تجنيه الجماعة والجماعات السلالية من مقالع بعين تيزغة، وأكثر من هذا وذاك، ورغم زهد تلك المبالغ، فإن جملة من مستغلي المقالع لا يقومون بتأديتها بطريقة منتظمة، إذ لازالت متراكمة عليهم كديون في ذمتهم ولا من يحرك ساكنا، وذلك باعتبار أن اقتصاد الريع مرادف للنهب الممنهج بالتمام والكمال.
أما بخصوص دور المقالع في التشغيل، يشغل القطاع بجماعة عين تيزغة حوالي 700 عامل مياوم، وفيما يتعلق بالمداخيل، إن عملية حسابية بسيطة من شأنها أن تبيّن أن المقالع يمكنها أن تذر مداخيل هامة من شأنها المساهمة في تمويل التنمية بالجماعة وفي التخفيف من حدّة البطالة بها، لكن هذا مازال مجرد حلم لحد الآن.
معاناة السكان:
إستغلال المقالع يتم دون مراعاة لصحة المواطنين الذين يعانون ليل نهار بسبب عدم احترام أصحاب المقالع لدفاتر بالتحملات و إصابتهم بعدة أمراض تنفسية و بصرية مزمنة.
معاناة السكان دفعتهم إلى تكوين جمعية للسكان (جمعية دوار الكدية للتنمية القروية)، كما قدمو شكايات عدة ومراسلات بلغت أكثر من 300 شكاية لعدة جهات محلية و جهوية و وطنية، وكلها دون ردود أو بردود تهربية حيث أن كل جهة تدعي عدم الإختصاص و توجه البوصلة إلى جهة أخرى.
وهو الوضع الذي يعتبر استثنائيا حيث أن جل الزيارات التي قامت بها لجان المراقبة للمنطقة، مركزيا و إقليميا، والتقارير المنجزة من طرف الخبراء، و زيارات الفرق البرلمانية، و تنديدات الجمعيات البيئية، إضافة إلى الجهود الضمنية في تحريك الملف، التي بدلها الفرع المحلي لجمعية المغربية لحقوق الإنسان مند سنة 2004 و أهم هذه الخطوات الندوات الصحفية و اللقاء ات التشاورية التي عقدت بخصوص الموضوع.
وكل تلك اللجان التي تحل بالدوار يتم التحايل عليها بطرق عدة، وذلك مثلا عبر تواطؤ بعض الجهات المسؤولة محليا و إقليميا و التي تقوم بإعلام أصحاب المقالع بتوقيت حلول اللجان، و يعمد أصحاب المقالع إلى توقيف الأشغ اليوم قبل حلول اللجنة، و ذلك حتى لا تعاين حجم الأضرار الناجمة عن مخلفات هذه المقالع و بعد مغادرة اللجنة يتم تعويض فترة التوقف بالعمل ليل نهار في خرق سافر للقانون.
زيادة على أن هذه اللجان غالبا ما تحل في فترة الأمطار حيث تكون الأجواء صافية من الغبار لترفع تقريرات مغلوطة حول الوضع الحقيقي للمنطقة، كما أن السكان قد قدمو شكايات متعددة للقضاء، ضد خمس مقالع من أصل تسعة بالمنطقة إحداها خلال شهر أبريل 2008 و تم الحكم فيها بإجراء خبرة بالمنطقة لتعداد حجم الأضرار المخلفة بالمنطقة.
وقد قامت المحكمة بتأجيل الملف إلى حين إجراء خبرة جديدة مند تعيينها لخبير جديد شهر شتنبر الماضي.
فمن يحمي مافيا المقالع؟. هذا هو السؤال.
محمد متلوف: رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببنسليمان
كيف انتقل ملف مقالع منطقة الكدية “عين تيزغة” من ما هو محلي إلى ما هو وطني؟
أولا وجب الإشارة إلى أن فرع ابنسليمان للجمعية المغربية لحقوق الإنسان كان سباقا لتبني الملف و ذلك سنة 2005، عندئذ انتقل مكتب الفرع إلى عين المكان و قام بمعاينة وقف من خلالها على حجم الخسائر المادية التي أصابت البنايات المجاورة للمقالع وكذا الأمراض التنفسية التي أصابت الساكنة، الأمر الذي استدعى أن يقدم الفرع على تحويل الملف إلى ما هو وطني و ذلك عبر بيانات و عبر ندوات صحفية أهمها المنظمة سنة 2006 ببنسليمان، وبعدها نسقنا مع المكتب المركزي ليتحول الأمر فعليا إلى الوطنية.
ما هي أهم الخطوات التي قامت بها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في المجال؟
نظم الفرع المحلي للجمعية عدة وقفات احتجاجية على الوطع و ذلك بتنسيق مع عدة فعاليات حزبية و جمعوية بالإقليم، زيادة على دعم الجمعية لساكنة الإقليم و كذلك عرض الملف على المكتب المركزي كما سبق ذكر ذلك
أين وصل ملف المقالع اليوم؟
حاليا بعد ما كانت الجمعية سباقة للدفاع عن توفير ظروف العيش في بيئة سليمة نلاحظ أن بعض الأحزاب السياسية ذات الأهداف الإنتخابوية دخلت هذا العام على الخط في تبني الملف، و بتسخير لبعد الأقلام المأجورة التي تنكرت للدور الطلائعي الذي قام به الفرع بخصوص هذه الكارثة البيئية في ظرفية كانت تتميز بالصعوبة بسبب تحريك لوبي المقالع لبعضلمستفيدين من سخاء أصحابه خاصة رجال السلطة منهم حيث كان مجرد التفكير في تحريك الملف جريمة قد تعرض صابها لعدة مضايقات.
ما هي الخطوات التي سيعتزم الفرع القيام بها مستقبلا؟
يجدر بالذكر أن الفرع قام بمعاينة أخرى يوم 26 أبريل الماضي للوقوف على حجم الأضرار المادية والمعنوية التي يتخبط فيها دوار الكدية “عين تيزغة” وقد قدمنا طلب لقاء مع عامل الإقليم لأجل فتح نقاش بحظور ممثل عن سكان الدوار حول الحلول الواجب التوصل إليها لوضع حد لمعاناة الساكنة و الوقوف على ما مدى إلتزام أصحاب المقالع بدفتر التحملات.
وإذ لم تستجب لنا سندخل المعركة الكبرى لأجل تدويل الملف و ذلك بتنسيق مع عدة هيئات وطنية ودولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.