الأحزاب السياسية تشيد بالمقاربة التشاركية للملك محمد السادس من أجل تفصيل وتحيين مبادرة الحكم الذاتي    مباحثات تجمع العلمي ونياغ في الرباط    أخنوش: تنمية الصحراء المغربية تجسد السيادة وترسخ الإنصاف المجالي    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    رفض البوليساريو الانخراط بالمسار السياسي يعمق عزلة الطرح الانفصالي    تنصيب عمر حنيش عميداً جديدا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    أخنوش يستعرض أمام البرلمان الطفرة المهمة في البنية التحتية الجامعية في الصحراء المغربية    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    أخنوش: "بفضل جلالة الملك قضية الصحراء خرجت من مرحلة الجمود إلى دينامية التدبير"    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    تلاميذ ثانوية الرواضي يحتجون ضد تدهور الأوضاع داخل المؤسسة والداخلية    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيابة جرادة : المسؤولية الإدارية بين الحكامة في التسيير والتدبير والانتقائية والتسلط والتبذير
نشر في الوجدية يوم 02 - 06 - 2012

طالب المسؤول الأول بالإقليم رؤساء قطاعات عدم مغادرة الإقليم إلا بأمر منه يستدعيه الاحتقان الذي تعرفه مدينة جرادة ، ويسجل أن عامل الإقليم ارجع نائب وزارة التربية الوطنية - الذي يسكن مدينة وجدة - من نصف الطريق لتحمل مسؤوليته في معالجة المشاكل الطارئة بجرادة فاغلب المسؤولين خصصت لهم الدولة سكنا إداريا للاستقرار .
ورغم هذا فإنهم يقومون برحلات مكوكية إلى وجدة بسيارات الدولة مكلفين الخزينة ميزانية مهمة ، إذ يجب ان تستغل فيما يرتبط بوظيفتهم لا أن تتحول إلى ملك لقضاء الأغراض الشخصية ، وقد عمل وزير في الحكومة الحالية ينتمي إلى العدالة والتنمبة على فضح سابقه من حيث التكلفة لسيارة كانت تستغلها أسرته!!! ... يحاول بعض الوزراء التعرية والكشف عن بعض المظاهر غير القانونية التي ورثوها عن سابقيهم ، أما الحلول ومحاربة هذه الظواهر فهو الجانب الغائب ، فلا تزال رواسب المعارضة تظهر على أفعال وسلوكات رجال العدالة والتنمية من حيث بعض الظواهر المعروفة سلفا ، ولم يعد المغاربة يتحدثون عن استغلال ممتلكات الدولة وعلى راس ذلك استغلال السيارات في الأغراض الشخصية من الوزير إلى اصغر موظف ، فقد استسلم المواطنون لهذه الظاهرة التي أصبحت مسالة عادية !!! لكنها ليست عادية في دولة لا تبعد عن المغرب إلا ب 14 كلم ، لقد احتج الاسبان على رئيس الحكومة السابق الذي سافر إلى دولة قطر بحثا عن الاستثمارات وخلال رجوعة عرج على تونس ، فعاتبه الاسبانيون الذين بلادهم تعيش الأزمة وطالبوا أن تقتص من راتبه لأنها لم تدخل في برنامج رحلته إلى قطر. هل يحصل هذا في المغرب ؟ ونحن نرى موظفين ملتصقين بسيارات الدولة إلى درجة لو أنها تبيت معهم في غرف النوم ... بل هناك تفنن في شراء أرقى السيارات الرباعية الدفع وآخر " موديل " وكثيرا ما تشاهد هذه السيارات في أماكن ليس لها أي ارتباط بالقطاع الذي ينتمون إليه ، وسبق أن نقلت صورة لسيارة مصلحة تنقل خراف العيد او في رحلات سياحية من نوع خاص !!!
زيارات التفتيش ومنها التي تخضع لها بعض المؤسسات ، لا يمكن أن تظل حبيسة منهجية قاصرة ومتجاوزة حبيسة المكاتب وهذا جزء من المهمة ، ما لم تغص في العمق ، ما يعطي الانطباع كما لو انها تتحول الى لجان لتزكية الفساد في غياب المتابعة الحقيقية حينما غابت المراقبة حتى سقطت اقسام على رؤوس أطفال قي بعض مدن المغرب ، وتصبح ممارسات الافتحاص تقليب في أوراق " مخدومة " مسبقا في احتقار لشعب مغربي مقتنع أن الفساد يسكن اغلب الإدارات المغربية وبدرجات متفاوتة وان الإدارة مع الأسف تحولت إلى بقرة حلوب تذر أموالا في الجيوب من تحت الطاولة ...
لقد استنبتت مقاولات للأقارب والأصحاب فأموال البرنامج الاستعجالي أسالت اللعاب " فخبز الدار لا يمكن أن يأكله البراني " كما يقول المثل المغربي ولنا أن نقرأ ما تحت هذا العنوان ، هناك قوانين للحماية من العبث بالمشاريع ، فليست الأوراق وتنسيق الأرقام ما يصنع الجودة وبالكلام سهل أن نبني القصور والأهرام . المغاربة لا يشاهدون أفلاما من الخيال فهم يعيشون واقعا يتكلم عن نفسه بكل الصور ويحكي قصصا بشتى الألوان . التفتيشية التي نزلت على المجلس البلدي لم تعري إلا على جزء بسيط من جبل الثلج الذي صار منهجا متداولا .
تتشعب مظاهر الريع في المغرب ومعها تكثر أسباب استنزاف ميزانية الدولة وتخريب الاقتصاد الوطني وتغييب آليات الترشيد ، فالسيبة هي المظهر العام في استغلال بعض الامتيازات التي تتيحها الدولة لموظفيها ، فقد اوردت احدى الجرائد خبرا يقول " إن حالة طوارئ تسود داخل وزارة التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي بعد توصل الوزير لحسن الداودي بتقارير مالية ومحاسباتية تهم فترة تسيير الوزارة من قبل الوزير السابق ، وتهم صفقات شابتها العديد من الاختلالات، ونفقات تنقل وهمية وأخرى تهم مشتريات الوزارة بمبالغ خيالية. من بين تلك الاختلالات الغريبة اقتناء 7 أقلام حبر بمبلغ 57 ألف درهم ، وتعويضات خيالية لرؤساء الأقسام على مهام التنقل " هذا على مستوى مركزي اما ما كان يجري بالاكاديميات والنيابات فذلك علمها عند ربي . فالعديد من المكاتب كانت تزود بحواسيب من النوع المهرب التي لا تتوفر فيه شروط الجودة تباع باثمان منخفضة في الاسواق وللفواتير لغة أخرى وأرقام تتعدد اصفارها ... فالمغاربة لهم مشكلة مع الاصفار فهي تتوالد بسرعة ، فعندما راجت ضجة حول فاتورة كهرباء بإحدى المؤسسات التعليمية المغلقة بجرادة كان الجواب هو خطأ مطبعي في عدد الاصفار !!!
ولأن العرب هم من اخترع الصفر فهناك علاقة حميمية مع هذا الرقم العجيب ، فهناك برامج بالملايير تنتهي نتيجتها عند الصفر . الم تلتهم بيداغوجيا الادماج اموالا طائلة ، فالافتحاص حق دستوري انطلاقا من ربط المسؤولية بالمحاسبة ولن بكون مرعبا إلا للذين في قلوبهم حاجة . كما هو الأمر بالنسبة للحق في المعلومة حيث يحب ان تكون نتائج الافتحاص معلومة لدى الرأي العام ...
فعندما يطالب المغاربة بالمراقبة والمحاسبة فان ذلك مال عمومي يؤخذ من الضرائب التي تتقل كاهل المغاربة ، وهي أموال لم توضع إلا للتدبير السليم لأي قطاع وليست للتوظيف الشخصي والتبذير وإرهاق ميزانية الدولة .
السيد النائب إلى جانب رئيس مصلحة الشؤون التربوية اللذان يسكنان مدينة وجدة عاصمة الشرق ، لا تترك لهما " la navette " الانضباط بأوقات مضبوطة منصوص عليها من خلال قانون الوظيفة العمومية - وقد سجل تأخر رئيس مصلحة في السابق أثناء قيام عامل الاقليم بتوزيع الحقائب التربوية على المديرين – رغم اهمية هذه الزيارة وما تقتضبه من ترتيبات ، كما انه ليس لهم الوقت لتدارس المشاكل مع الأطراف النقابية رغم الحاحيتها ، ولا باس إذا ضاعت مصالح رجال التعليم ، فاللجان الموسعة تأخذ وقتا طويلا قد يستغرق إلى منتصف الليل ، ولا يمكن لمن يسكن وجدة أن يضيع وقته مهما تضرر القطاع ومهما ضاعت مصالح الموظفين ، ورغما عن انف السكنيات الإدارية التي تعشش داخلها الحشرات والتي كلفت الدولة ميزانية لا يستهان بها والتي وضعت حتى يكون المسؤول مرتاحا وقريبا من مجال عمله ....
الواضح انه ليس هناك استعداد للتعامل المشترك كما تدعي النيابة التي تتهرب من فتح هذه الإمكانية ، في المقابل هناك تعطيل " blocage '' مقصود فالشركاء ممسوحون من خريطة » مذكرتها agenda « إلا عندما تشاء ... جوقة للتصفيق ، فما معنى أن تدعو النيابة النقابات هاتفيا للتحاور ومناقشة المشاكل في الوقت الميت كما حدث أخيرا . وأي معنى لبلاغ توضيحي بالمؤسسات التعليمية يقدم صك إدانة مبطنة لأربع نقابات ، ويفرغ مبدأ التشارك المفترى عليه .
لا توجد استقلالية إدارية خالصة دون أن يكون هناك فاعل خفي يحركها وما البلاغ إلا نتيجة عن وضع مركب يفصح عن نفسه من خلال ردود الأفعال نتج عنها نوع من الفرز في التعاطي مع القضايا التعليمية ، أعطى اصطفافا مشوها فالنقابة المدافعة عن قضايا رجال التعليم لا يمكن إلا أن تتموقع في الجانب الصحيح وهذا هو الأصل ، ما دامت تلك القضايا واضحة وأي مبرر لا يستقيم مع مطالب رجال التعليم يصنف في التهرب من المسؤولية ، تصريف خطابات عن فساد نقابي مجرد كلام هروبي ليس له أي معنى في التدبير الإداري السليم وفي إطار القوانين المعمول بها . كان أولى على أية نقابة أن تؤكد مصداقية عملها والا لن تختلف عن ما تدعيه كونها تقف في وجه قضايا رجال التعليم بانحيازها إلى جهة غير جهتها وهذا هو الخطر الكبير في السلوك النقابي الذي اضر برجال التعليم وأبعدهم عن النقابات ووضع مصداقية العمل النقابي موضع تساؤل وتشكيك . وإذا كانت نيابة جرادة أعطتنا وضعا خاصا كون مسؤولين مرتبطين سياسيا ونقابيا فان المنطق كان يقتضي توسيع قاعدة النضال في سياق تدبير إداري ملتزم بالديمقراطية والشفافية والنزاهة ويعتبر هذا جزءا من النضال من أي موقع يوجد فيه المناضل النقابي وجزء من تصريف النضالية من خلال المسؤولية التي يتحملها إن كان هناك الإيمان بالنضال النقابي لصالح قضايا لن تكون إلا لصالح رجال التعليم ولصالح تدبير إداري معقلن وناجح ، لكن أن يتحول الانتماء إلى الدفاع عن قضايا معاكسة للشرعية فهنا المشكل عندما لا توضع مسافة حقيقية بين التدبير الإداري وبين الرؤية النضالية والحيادية اتجاه الشركاء ، ولا يمكن أن يوظف الانتماء النقابي في تبرير الأخطاء... حتى ولو اقتضى ذلك الدوس على حقوق رجال التعليم .
لقد أصبح الشأن المحلي التعليمي ، يخضع لمزاجية شخصية لا تعطي الانطباع بالأيمان النقابي الحقيقي دون أن نرى سلوكات معاكسة ، ما يجعل العديد من المشاكل معلقة بل وكثير منها يتجاوزها الزمن تضيع معها مصالح رجال ونساء التعليم . إن أهم ما يؤاخذه المغاربة عن الحكومة الاشتراكية السابقة هو الهوة بين الخطاب والممارسة بين مطالب ثورية تقدمية وديمقراطية وبين أفعال كانت تعاكس ما كانت تأتي به الأقوال ما ابعد الجماهير عن هذه القوى وافقدها الثقة فيها ، ومن الطبيعي أن تبحث الجماهير عن بديل آخر داخل القوى السياسية الفاعلة بعضها يصرف خطاب أخلاقي يستمد شرعيته من محاربة الفساد ، والذي تعتبره بديلا عن تلك الآمال التي كانت تعقدها في السابق ، هذه القوى الاشتراكية يجب أن تسائل نفسها عن أسباب الإخفاق بعدما مارست التدبير وبعد أن تركت صورة رديئة ستحتفظ بها الذاكرة الشعبية المغربية لسنوات طويلة خصوصا الأجيال التي عايشت تلك التجارب . قد لا ينتبه البعض إلى الامتدادات التي تتركها أية تجربة تدبيرية في نفوس المغاربة ومن ضمنهم رجال ونساء التعليم الذين لهم حقوق ولهم انتظارات ... لهذا يحق للمغاربة أن يتساءلوا كبف ان نفس الاشخاص الذين كانوا أعضاء في حكومات سابقة يتقدمون مسيرة جماهيرية بالدار البيضاء وهم من مارس التدبير ولا تزال العديد من الإخفاقات والتراجعات ملتصقة ومرتبطة بتلك الفترة . وان كان للمسيرة مبرراتها بالنسبة للمناضلين النقابيين وعلى الأخص داخل كدش إلا أن هذا الركوب السياسي خلق تشويشا وتشويها للأهداف والمطالب التي يؤمن بها المناضلون النقابيون . هناك اقتناع لدى النقابيين بان هناك حالة جديدة من اجترار نفس الأخطاء عندما تتدحرج نفس المطالب من حكومة إلى أخرى وعندما نفس الاتفاقات تعود إلى الطاولة وكأننا ندور في حلقة مفرغة ، وعندما تتعرض النقابات للابتزاز والتهميش حيث أي مطلب للشغيلة لا يمكن إلا أن يكون مجال مساومة ( chantage ) .... !!! إحساس بدأ يتبلور بان نفس سيناريو الحكومة الاشتراكية يعاود نفسه مع الحالية وأن ما كانت تروج القوى الحاكمة الآن بدا ينهار أمام تراجعات أخطر من قبيل الإجهاز على الحق في الاحتجاج وتقييد حق الإضراب واستمرار ضرب الحقوق العمالية والتماهي مع الباطرونا على حساب الشغيلة ...
هل تكفي انتفاضة رئيس مصلحة بنيابة جرادة في وجه رئيس مؤسسة تعليمية بعد الحدث الذي وقع ... ، ما جعل مسؤول بالسلطة يتدخل على الخط ، ما أعاد إلى الواجهة الوعاء الزمني لرؤساء المؤسسات التعليمية ، فقد اعتاد البعض على مغادرة مؤسساتهم قبل الوقت المخصص والمنصوص عليه في المذكرة 70 التي أصدرتها وزارة التربية الوطنية والمحددة لعمل الإداريين ومنهم بعض مديرو المؤسسات التعليمية ، والتي تفرض أن يكون رئيس المؤسسة أول من يحضر المؤسسة بداية الأسبوع وآخر من يغادرها ، إلا أن البعض يصل عمله متأخرا بداية الأسبوع بساعات ويغادر المؤسسة مبكرا خصوصا من اللذين اعتادوا التنقل ، وهو ما ينافي المنصوص عليه بأن يكون رئيس المؤسسة أول من يدخلها وآخر من يغادرها ، ما يعبر عن تجاهل المدير باعتباره رئيس المؤسسة الوقوف إلى جانب الأساتذة والتلاميذ لتحية العلم ، حيث أن هناك ظهير شريف رقم 99-05-1 الصادر بتاريخ 23 نونبر2005 يتعلق بخصوصيات علم المملكة وبالنشيد الوطني ومذكرات وزارية تحث على تحية العلم منصوص عليها من خلال العديد من المذكرات : المذكرة رقم 122 بتاريخ 07 شتنبر 2007 والمذكرة رقم 18 بتاريخ 6 مارس 2006 والمذكرة رقم 07 بتاريخ 16 فبراير 2005 والمذكرة رقم 121 بتاريخ 30 مايو 2003 .
فقد أقرت آخر المذكرات بجعل تحية العلم المغربي على الأقل في بداية كل أسبوع وفي نهايته ، " ممارسة منتظمة في الحواضر والبوادي دون استثناء ، حيث تجسد الانتماء المشترك وترسخ الحس الوطني بما يليق بهما من اعتزاز والتزام واحترام . وحيث انه على الإدارة التربوية أن تقدم القدوة والانضباط وتحرص على هذا الفعل يلاحظ أن البعض لا يعطي اهتماما لهذا وكأن له وطنا آخر غير المغرب ، ما يعتبر استهتارا بالقيم الوطنية وعدم احترام المسؤولية التربوية والعملية من خلال الغياب أثناء هذه اللحظة في تجاوز للمنصوص عليه .
ويبدو أن بعض رؤساء الشؤون التربوية اما انهم لم يفهموا مذكرة وزارية صريحة او ان هناك شيئا آخر يعرفونه هم انفسهم يستفيد منه من يقدمونهم نموذجا في " تطبيق القانون " وبالتالي كيف يمكن فهم احترام القانون في التعارض مع المذكرة الوزارية بحيث أن بعضهم يستفيد من أربع أمسيات ما يخل بجدول الاشتغال الذي لا يقل عن 38 ساعة سيما وأن في حالة عدم اشتغال المؤسسة خلال بعض أنصاف أيام الأسبوع تفعيلا للبنية التربوية بسبب اعتماد الصيغة الأولى بالابتدائي حسب المذكرة 122 والتي لا تزال العديد من المؤسسات تشتغل بها ، خصوصا في المؤسسات التي تتوفر على عدد من الحجرات بنفس عدد الأساتذة يتم اعتبار نصفي يوم من هذه الفترات راحة أسبوعية ،إلا أن مديرون لا ينضبطون لهذا فيستفيدون من أربع أمسيات حيث يقتطعون لأنفسهم أمسية إضافية ، إلى جانب ساعات تقتص عنوة كل يوم . ويستغرب كيف أن النيابة تصادق على هذا النوع من جداول الحصص . حيث لا يتم اعتماد أمسيات توازي الأمسيات التي يستفيد منها الأساتذة بالصيغة الأولى بحسب ما نصت عليه المذكرة . فكيف يتم التنكر لملاحظة النقابات ، عندما أصبح رؤساء قطاعات ومؤسسات يتخطون صلاحياتهم من غير حسيب ولا رقيب فهم من يمتلك " السلطة " وما دونهم " عبيد " للامتثال والطاعة ، فيمكن لمسؤول عن مؤسسة ان يعطي لنفسه الحق في ان يضع الرجل على الرجل بالمقهى ويرتشف فنجان القهوة يتصفح عناوين الجرائد في اطمئنان وكبرياء وتحد أمام الخاص والعام اثناء اوقات العمل ، في المقابل 5 دقائق من التأخر كافية لأن تتسبب للأستاذ في تنبيه ، في مفارقة غريبة في زمن تتشكل فيه المسؤولية بحسب التراتيبية ... وان نفس القانون الذي تضعه الدولة لا يمكن ان يسري على الجميع فللبعض حصانة خاصة يستمدها من موقعه التراتيبي ... فلم يكن احد يعلم ان النيابة مصابة بعمى الألوان ما جعل الاستفسارات والتنبيهات تتجه نحو ألوان معينة ، ولا تقع عينها على ألوان صارت من لون الأشباح الذين لا تدركهم العيون ، ويزكى هذا من طرف بعض رؤساء المؤسسات بحسب ما تشتهي الأعين من وحي الألوان التي لم تعد تختفي ، في المقابل لا تسمع النيابة استجداء رؤساء مؤسسات يطالبونها أن تعوض لهم خصاص الأساتذة ولا من يجيب ، ما يجعلهم في حرج أمام الآباء .
سيظل السؤال قائما إلى متى تظل الإدارة المغربية مجالا للانتفاع والسلطوية والتبذير عوض أن تكون رافعة لقيم الشفافية والديمقراطية والتنمية ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.