كان الرهان عليها لتوفير بدائل تشغيل لفائدة فئات عديدة من المنطقة التي كانت تحترف أنشطة التهريب المعيشي، عبر المعبر الحدودي (باب سبتة). إنها منطقة الأنشطة الاقتصادية التي وصلت مساحتها الأولية عند افتتاحها 10 هكتارات. وتشمل سلسلة من المستودعات من ثلاثة أنواع مختلفة (تتراوح مساحة كل واحد منها بما بين 160 و900 متر مربع) تتلقى البضائع بالجملة. شيد فضاء الأنشطة الاقتصادية بمدينة الفنيدق، ليكون "بديلا اقتصاديا" لتجارة التهريب المعيشي بباب سبتة، والقطع مع مظاهر الاستغلال البشعة، التي كانت وسائل الإعلام الدولية والوطنية تتناقل صورها المشينة والحاطة من كرامة وإنسانية من اضطرتهم الظروف للاشتغال "حمالة" لبضائع تقف وراءها لوبيات تجني من خلالها الأموال الطائلة، ولا ينال "الحمالة" منها إلا الفتات والمهانة. لذلك كان هدف منطقة الأنشطة الاقتصادية بالفنيدق، إدماج المهنيين في الفضاء الاقتصادي بمناطق تطوانوالمضيقالفنيدق.. وتستقبل المنطقة بضائع مختلفة ومتنوعة وافدة من ميناء طنجة المتوسط من قبيل (مواد التجميل، العجلات، الإلكترونيات والمواد الغذائية)، ومن هناك يتم توجيهها إلى نقاط بيع بكل الفنيدقوالمضيقوتطوان، مع السعي للانتشار على المستوى الوطني. انطلقت منطقة الأنشطة الاقتصادية بهدف حددته السلطات المسؤولة يتمثل في توفير 1000 فرصة شغل مباشرة و2000 فرصة غير مباشرة، تستهدف أبناء المنطقة الممارسين، في وقت سابق لأنشطة التهريب بباب سبتة. وأكدت وكالة تنمية وإنعاش أقاليم وعمالات الشمال، التي تعتبر المشرف الأول على مشروع تهيئة فضاء الأنشطة الاقتصادية بالفنيدق، أنه "يعتبر بديلا اقتصاديا" لتجارة التهريب المعيشي. ويضم هذا الفضاء المندرج ضمن برنامج التنمية الاقتصادية لعمالة المضيقالفنيدق وإقليم تطوان، "تهيئة مناطق خاصة بالأنشطة التجارية ومناطق حرة، تنمية وإنعاش وتسويق وتسيير المساحات الموجودة بالمنطقة، إضافة إلى تطوير وتهيئة المشاريع العقارية". وحظيت المنطقة بتخصيص حوالي 66 مليون درهم شطرا أول لإنجاز هذه المنطقة الاقتصادية، على أن يتم إنجاز الشطر الثاني لاحقا. وتبلغ التكلفة المالية الإجمالية لهذا المشروع ما مجموعه 200 مليون درهم تشمل نفقات الدراسة والأشغال التي تم تمويلها على مدى ثلاث سنوات من 2020 إلى 2022 من قبل أربعة شركاء مساهمين، تتقدمهم وزارة الداخلية بحوالي 70 مليون درهم، ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي والأخضر 40 مليون درهم، وجهة طنجةتطوانالحسيمة 80 مليون درهم علاوة على وكالة تنمية أقاليم الشمال 10 ملايين درهم. وتأتي هذه المنطقة الاقتصادية، بعد الأزمة التي نتجت عن إغلاق معبر باب سبتة، دون إيجاد البدائل الاقتصادية الناجعة للسكان، إبان تفشي جائحة فيروس كورونا، التي أثرت بشكل كبير على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية، وعجلت بركود اقتصادي غير مسبوق بالمنطقة، إذ انطلقت الدعوات من أجل "التسريع بإخراج المنطقة الاقتصادية بالفنيدق إلى حيز الوجود، وتوفير الضمانات اللازمة للسكان المحليين بإيجاد مناصب شغل داخل هذا الفضاء الاقتصادي، مع تحفيز المقاولة الصغيرة والمتوسطة المحلية لتوفير مناصب شغل لفائدة شباب المنطقة". وسجلت المنطقة حصيلة " ايجابية جدا" في أقل من سنة على إعطاء الانطلاقة الرسمية للمشروع، وتمكنت بذلك من أن تصبح منصة رائدة على المستويين الجهوي والوطني في أنشطة التوزيع والتجارة، إذ تتوفر على عدة مزايا تنافسية، وتضمن سلاسة المعاملات من طرف مختلف الإدارات المعنية بإدخال وإخراج السلع، وتتشكل من مستودعات قابلة للتكيف مع مختلف المهن والمنتجات إلى جانب المواكبة. وتمكنت منظومة ريادة الأعمال من مواكبة أزيد من 50 فاعلا في مجال التجارة والاستيراد في منطقة الأنشطة الإقتصادية للفنيدق، بهدف إنجاز أزيد من 700 عملية استيراد بحجم إجمالي تجاوز 10.230 طنا بقيمة تفوق 500 مليون درهم، مسجلة نسبة 34 في المائة منها خلال ثلاثة أشهر الأولى من 2023، كما تم خلال هذه العمليات توظيف 700 شاحنة. وتشير المعطيات المسجلة إلى أن هذه العمليات مكنت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة من تحصيل حوالي 137 مليون درهم، خلال هذه الفترة على شكل رسوم ومداخيل ضريبية مباشرة كانت في السابق تضيع على خزينة الدولة، كما أن رقم المعاملات بلغ خلال الأشهر الماضية 378 مليون درهم، مع الإشارة إلى أن رقم المعاملات الذي تم تحقيقه خلال الأشهر الثلاثة الأولى لهذه السنة تجاوز نسبة 50 في المائة من الرقم المسجل، خلال الأشهر الثمانية لسنة 2022.