هجرة .. المشاركون في الندوة الوزارية الإقليمية لشمال إفريقيا يشيدون بالالتزام القوي لجلالة الملك في تنفيذ الأجندة الإفريقية    تدبير الموارد المائية.. المغرب يقود تجربة فريدة من نوعها في إفريقيا    ڤيتو أمريكي حبس عضوية فلسطين فالأمم المتحدة    الدكيك وأسود الفوتسال واجدين للمنتخب الليبي وعينهم فالرباح والفينال    عُلبة كبريت بدلاً من ملعب.. صورة قديمة للناظور تُعيد إحياء ذكريات سنة 1947 وتشعل النقاش على الفيسبوك    توقعات أحوال الطقس ليوم الجمعة    اعتقال مشتبه به في بني ملال بتهمة التغرير بقاصرين لتعريضهم للاعتداءات الجنسية    شاهد.. طائرة هليكوبتر بألوان العلم المغربي تلفت الأنظار في إسبانيا    جورنالات صبليونية: هليكوبتر بالشعار الملكي والدرابو بالحمر حطات فمطار كاستيون    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    جنايات الحسيمة تصدر حكمها على متهم بسرقة وكالة لصرف العملات    حملة جديدة لتحرير الملك العام في مدينة العرائش أمام تغول الفراشة    تقرير يُظهر: المغرب من بين الوجهات الرخيصة الأفضل للعائلات وهذه هي تكلفة الإقامة لأسبوع    تفاصيل هروب ولية عهد هولندا إلى إسبانيا بعد تهديدات من أشهر بارون مخدرات مغربي    مليلية تستعد لاستقبال 21 سفينة سياحية كبيرة    واش اسرائيل ردات على ايران؟. مسؤولوها اكدو هاد الشي لصحف امريكية واعلام الملالي هدر على تصدي الهجوم ولكن لا تأكيد رسمي    حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة    صواريخ إسرائيلية تصيب موقعا في إيران    المغاربة محيحين فأوروبا: حارث وأوناحي تأهلو لدومي فينال اليوروبا ليگ مع أمين عدلي وأكدو التألق المغربي لحكيمي ودياز ومزراوي فالشومبيونزليك    نظام العسكر حاشي راسو فنزاع الصحرا.. وزير الخارجية الجزائري تلاقى بغوتييرش وها فاش هضرو    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    خطة مانشستر للتخلص من المغربي أمرابط    محركات الطائرات تجمع "لارام" و"سافران"    أساتذة موقوفون يعتصمون وسط بني ملال    بوريطة: الهوية الإفريقية متجذرة بعمق في الاختيارات السياسية للمغرب بقيادة جلالة الملك    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    "منتخب الفوتسال" ينهي التحضير للقاء ليبيا    رئيس "الفاو" من الرباط: نفقات حروب 2024 تكفي لتحقيق الأمن الغذائي بالعالم    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    النواب يحسم موعد انتخاب اللجن الدائمة ويعقد الأربعاء جلسة تقديم الحصيلة المرحلية للحكومة    بوركينافاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين اتهمتهم بالقيام ب"أنشطة تخريبية"    توثق الوضع المفجع في غزة.. مصور فلسطيني يتوج بأفضل صورة صحفية عالمية في 2024    إعادة انتخاب بووانو رئيسا للمجموعة النيابية للعدالة والتنمية للنصف الثاني من الولاية الحالية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    ما هو تلقيح السحب وهل تسبب في فيضانات دبي؟    لماذا يصرّ الكابرانات على إهانة الكفاح الفلسطيني؟    الحكومة ستستورد ازيد من 600 الف رأس من الأغنام لعيد الاضحى    مجلس الحكومة يصادق على مشاريع وتعيينات    مطار حمد الدولي يحصد لقب "أفضل مطار في العالم"    منير بنرقي : عالم صغير يمثل الكون اللامتناهي    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    عزيز حطاب يكشف ل"القناة" حقيقة عودة "بين القصور" بجزء ثانٍ في رمضان المقبل!    تقرير دولي يكشف عن عدد مليونيرات طنجة.. وشخص واحد بالمدينة تفوق ثروته المليار دولار    أكادير تحتضن الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ    تنظيم الدورة الثانية لمعرض كتاب التاريخ للجديدة بحضور كتاب ومثقفين مغاربة وأجانب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    "نتفليكس" تعرض مسلسلا مقتبسا من رواية "مئة عام من العزلة" لغارسيا ماركيز    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال        قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة " جنون الزمن "
نشر في الشرق المغربية يوم 15 - 10 - 2010

إلى الشاعر رشيد سوسان : كانت تسكن مع والديها المتوسطي الحال ، في مسكن مستقل من طابقين
. اختارت لنفسها غرفة في الطابق الثاني ، توفرت فيه كل المرافق، كجزء ضروري من العلاج ، حسب تعليمات الطبيب النفساني المعالج لحالة الآنسة " لطيفة " . كانت تنتابها نوبات من الجنون . تتباعد و تتقارب حسب فصول السنة . يشتدّ بها المرض مع فصل الصيف ، مع الضجيج القادم من المدينة و الصاعد من أزقة الحي الآهل بالأطفال .و مع منبهات السيارات العازفة لأنشودة الأفراح في الأعراس ، كانت تخفي رأسها تحت الوسادة أو تحشو أذنيها بالقطن و تصرخ " ملعون من صنع المنبهات ".
تسلل مع ذلك الصباح الباكر قيظ كريه عبر نوافذ غرفتها ، بعد ليلة بيضاء قضّتها . وزعت ساعاتها بين مشاهدة برامج تلفزية بلا طعم ، و استطالة النظر عبر النافذة إلى المدينة الغارقة في الأعراس و مهرجان
" الراي " . سوّل لها جنونها انتظار فارس قادم على صهوة جواد أبيض بجناحين . يقف عند النافذة
و يتوسل إليها مشبكا يديه إلى ذقنه أن تقفز وراءه . و يهمز جواده ليطير إلى جنة أرضية يتوقف عندها الزمن و الضجيج. لكن الفارس لم يأت .
و هي ذاهبة إلى الحمام ، شعرت بحر غريب يقتحم غرفتها عبر النافذة . تقلصت من لفحه قسمات وجهها العابس . أغلقت النافذة و أسدلت الستائر بعصبية زائدة ، محاولة الاحتفاظ بهواء الغرفة الليلي الرطب المقبول نسبيا ، لكنها شعرت بالضيق و صرخت " أووف !!" . و عادت لفتح النافذة و تعليق الستائر المخملية ثانية .
دخلت الحمام و نظرت مليّا إلى وجهها الطويل ذي البشرة الصفراء ، و همهمت :
- هذه بشرة من تأكل سم الفئران .. اتفو !! .
وحدقت في التجاعيد الزاحفة على جبينها الضيق و زوايا عينيها الصغيرتين المنتوفتين الغاضبتين دوما . احتضنت وجهها بين كفيها و صرخت " أووف " " أووف " . و جمعت قواها في قبضة ملاكم من الوزن الثقيل ، و ضربت المرآة فكسرتها . و تطلعت إلى وجهها في المرآة المهشمة فبدا لها مهشما هو أيضا . لم تشعر بالألم و الدم المسفوح ، و لم تشعر بشظايا الزجاج العالق بيدها .
كانت المرآة أول عدو صممت على إبادته ، و ثاني عدو، كانت آلات صناعة الزمن ، اعتبرتها سببا فيما وصلت إليه حالتها . هرولت إلى الغرفة ، و وقفت قبالة الساعة الحائطية المندسة في إطار خشبي أرابيسكي ، يخرج من أعلاها ،على رأس كل ساعة ، طائر اصطناعي مبرقش . يزقزق و يعود إلى مخبئه . صعدت فوق كرسي خشبي و رفعت الساعة إلى أعلى و رمتها أرضا فتناثرت أجزاؤها في الغرفة. و بحثت عن المنبه الصغير حتى وجدته على طاولة صغيرة قرب سريرها ، بتكتكته الخافتة ، كان يُجِدّ في ضبط الزمن . قبضت عليه بيدها اليمنى الدامية و كزّت أسنانها فتفتت بين أناملها .
و فتشت على ساعتها اليدوية المذهبة في الدولاب . أخرجتها من تحت ملابسها و رمت بها إلى الحائط ،
و داست على ما تبقى منها بشبشبها الخشبي . و ارتمت على الأريكة ، و غاصت في جلدها الناعم ،
و تنهدت بعمق، و ابتسمت ببلاهة ابتسامة المنتصر .
ضغطت على أحد أزرار جهاز التحكم عن بعد ، فظهرت آخر قناة أطفأ عليها التلفاز. كانت قناة فضائية غنائية تبث هي الأخرى ساعة إلكترونية في إحدى زوايا الشاشة . ضغطت على الزّر الأحمر في جهاز التحكم ، و قامت إلى النافذة . و نظرت بعيدا ، فتراءت لها ساعة البلدية الشامخة بعقاربها الكبيرة المفتوحة معلنة العاشرة و عشر دقائق . بدت لها الساعة مبتسمة شامتة . صرخت :
- أووف .. ساعة البلدية هي الأخرى ؟!
و صفقت دفتي النافذة بعنف . لم تنغلق و بقيت مفتوحة و ساعة البلدية منتصبة مزهوة بنظرات المارة إليها ،و هم يراقبون الوقت . منهم من يمشي الهوينى و منهم من يهرول .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.