تدخل رياضة كرة اليد بسوس موسم آخر في مسيرتها الحديثة العهد، مثقلة بالإكراهات المشتركة للممارسة الرياضية بسوس، مادية، تنظيمية وجغرافيا كانت قبل ذلك سببا في محو رياضات تألقت قبل عقود بالمنطقة كما كانت سببا في تقزيم حجم تواجد أصناف رياضية أخرى حتى أضحت تسمية " الرياضة السوسية " تحمل قدرا غير يسير من المبالغة.فهل تستطيع كرة اليد أن تعيد خلق مجرى طبيعي للتتويج على المستوى الوطني يكون معبرا للتتويج والتألق لرياضات أخرى؟. يتفق أغلب المتتبعين للشأن الرياضي بالمنطقة على أن رياضة كرة اليد أضحت أكثر من أي وقت مضى تحضى بإهتمام متنامي وسط شريحة مهمة من الرياضيين رغم أن انطلاقتها لا تزال للأسف من داخل أسوار المؤسسات التعليمية ،فأغلب الممارسين للعبة كرة اليد هم في الأصل تلاميذ خبروا أبجديات اللعبة على يد عدد من أساتذة التربية البدنية بالمنطقة في ضل نزوع السلطات والمجالس المنتخبة للرياضة الشعبية الأولى "كرة القدم" بتشييد ملاعب خاصة بها وتقديم الدعم المالي لفرقها، وهو ما جعل مصطلح "كرة القدم السوسية" دالا، خاصة في ظل وجود أزيد من 40 ناديا منظما لكرة القدم بينما لم يكن يجد تعبير " كرة اليد السوسية " نفس الوقع لسبب بسيط هو ضيق رقعة وحجم المنافسة فلم يكن عدد أندية كرة اليد يتجاوز الثلاثة أندية فكان التعبير الأصح هو تسمية أندية كرة اليد باسمها لتحافظ كرة القدم على ريادتها بالكم دون الكيف إذا ما استثنينا لقبي البطولة الدين نالهما فريق الحسنية، ريادة جعلت ممارسين لأصناف رياضية أخرى يغيرون اختيارهم صوب كرة القدم كما حدث مع المتألق رضوان بنشتيوي حارس حسنية أكادير سابقا ومدرب حراسه حاليا الذي عوض كرة اليد بكرة القدم وهو نفس اختيار الهداف رشيد الرغني مهاجم شباب هوارة الذي استفاد من خبرته كلاعب محوري في كرة اليد في شق مسار ناجح حاليا كمهاجم قناص. شخصيا، حاولت البحث عن عوامل انتعاش كرة اليد بسوس في السنين الأخيرة التي إرتفع عدد الأندية بها ليصل ثمانية عشر فريقا في ضرف قياسي ووقفت على تشابك لعدد من الأسباب. بداية بتراجع شعبية كرة القدم وطنيا فلم يعد نفس الإهتمام باللعبة بعد سلسلة إخفاقات لحقتها محليا وقاريا ،رغم أنها دائما رائدة، فكان توجه أغلب الرياضيين اليافعين نحو رياضات جماعية بديلة بإيعاز من أساتذتهم، وفي ظل إعتماد مدربي فرق المنطقة على خزان المواهب بالمؤسسات التعليمية، وهو ما يجعلني أستحضر مجهود مسيرين ومدربين منهم رئيس العصبة الحالي أحمد الساجي والذي يرأس في الآن نفسه فريق رجاء أكادير ومصطفى مزار الذي الذي شغل جميع المهام سواء في حسنية أكادير أو رجاء أكادير وفي عصبة سوس أيضا وربما كان في أحيان كثيرة ذالك الخيط الرفيع الذي حفظ إقبار حسنية أكادير بعد أن تخلى عنه الكل، كما أذكر العمل القاعدي الكبير الذي قام بها الأخوين الشرقي ( العربي و طارق )بإنزكان والدشيرة وما يقوم به حاليا المدرب الحبيب جاكاني في خلق نواة لكرة اليد النسوية وجميل أن نرى أطرا أخرى شابة من طينة نجيب بلغازي ،محمد أكنون و محمد نايت صالح ... تواصل إلى جانب الجيل الأول والثاني مسيرة كرة اليد السوسية. وفي سياق البحث عن أسباب التطور أجد أن تشييد القاعة المغطاة بأكادير كانت الحافز الأكبر الذي جعل عدد هام من الشباب يهتمون باللعبة خصوصا مع ما تقدمه القاعة المغطاة التي تعد إلى جانب قاعة البعزاوي بسلا الأحسن وطنيا عكس الملاعب الإسمنتية أو المعبدة بالانبعاث الجنوبي أو بالمؤسسات التعليمية والتي جعلت كثيرين يفضلون صرف النظر عن مواصلة المشوار، وكم عقدنا آمالنا على المجالس البلدية آنذاك بأنزا، إنزكان، الدشيرة وأيت ملول ومدن أخرى أن تبادر هي أيضا لتشييد قاعات مماثلة لكن للأسف ضلت قاعة الانبعاث يتيمة فالقاعة المغطاة بأنزا توقفت الأشغال بها منذ سنوات دون تحيد واضح للمسؤوليات والقاعة المتعددة الاستعمالات بإنزكان غير صالحة لاستقبال المباريات الرسمية في حين باقي نصيب باقي الجماعات ليس بأحسن حال وخير دليل معاناة فريق أولمبيك الدشيرة لإيجاد ملعب صالح للتداريب الآن. غياب فضاءات مناسبة للممارسة وضعف الإعتمادت المالية لفرق كرة اليد والذي ينعكس سلبا على درجة تحفيز هذه الأخيرة ماديا للاعبيها ولاعبتها هي في نظري أهم الأسباب التي يمكن تعيق مسيرة كرة اليد بسوس، التي أصبحت في حاجة ماسة للقب وطني سواء لكأس العرش أو البطولة يكون فاتحة خير على الرياضة بصفة عامة واجد كل الظروف مواتية الآن لفريق كبير هو رجاء أكادير لمعانقة اللقب. رغم أنني أعود في الوقت نفسه للتأكيد على أن الموهبة والإمكانات المادية والتنظيم ليست كافية بل هي لازمة إلى جانب حضور قوي لمسيري أندية العصبة بالجهاز الجامعي لحفظ حقوق الأندية السوسية وللقارئ دليل ملموس فيما قام به رئيس فريق منتدى درب السلطان "دفاعا عن مصلحة فريقه بصفته رئيسا للجنة الاعتماد والتأديب ونائبا لرئيس لجنة التحكيم داخل الجامعة في المقابلة النهائية الأخيرة لبطولة المغرب لكرة اليد في القسم الثاني، فأندية سوس تمثل ربع الأندية المغربية فلا يعقل أن يكون حضورها ملمتريا وبطموح ضيق هو الحصول على بدل وتجهيزات رياضية يجب أن تدافع تمثيلية وازنة تضمن نزاهة في التحكيم وتشجع حضورا متزايدا للاعبيها في المنتخبات الوطنية وتمثيلية أكبر للفرق السوسية بالقسم الأول والطبيعي أن يكون ذلك بثلاث فرق على الأقل. ولي اليقين في كون فعاليات كرة اليد السوسية رغم اختلافها المحمود بإمكانها أن تعوضنا خيرا في ما ضاع بفرق كرة القدم بسوس والتي لم تصنع إلا إهدارا لميزانيات ضخمة مولت من المال العام وتجاوزت الملايير من السنتيمات، وما الحضور المتزايد للاعبي كرة اليد السوسية بالمنتخبات الوطنية إلا تأكيد على مبعث ثقتنا فيها كإعلاميين ( لاعبان في منتخب الفتيان وآخران بمنتخب الشبان ولاعبتان في المنتخب النسوي... والبقية تأتي. بقلم :عبد الكريم دهبي