بينما تحتفل الجزائر بالتوقيع .. آسيان تشيد بحكمة جلالة الملك    الجيش السوري ينسحب من السويداء    وفاة شاب في حادث داخل قاعة للرياضة بأزمور أثناء حصة تدريبية    تاحيف يتعاقد مع أم صلال القطري    المدافع معالي ينتقل إلى نادي الزمالك    مسيرة الراحل أحمد فرس .. من شباب المحمدية إلى عرش الكرة الإفريقية    لامين يامال يوقّع عقده الجديد مع برشلونة بحضور جدّته    مصرع خمسيني غرقاً في شاطئ الصفيحة وسط صدمة المصطافين    مهرجان الشواطئ ينطلق من المضيق    حادثة سير خطيرة قرب "بيت الصحافة" بطنجة تُخلّف إصابتين بليغتين    المديرية الإقليمية بالعرائش تحتفي بالتميز الدراسي في موسم 2024 – 2025    الشارع الإسباني يرفض خطاب الكراهية ويدعم التعايش مع الجالية المغربية    تهنئة : سكينة القريشي تحصل على شهادة الدكتوراه في الإقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا    أخنوش: توسعة مصنع "ستيلانتيس" بالقنيطرة ستمكن من مضاعفة طاقة الإنتاج    غزلان الشباك ضمن فريق دور المجموعات في "كان" السيدات المغرب 2024    كرة القدم المغربية تودع أحمد فرس    جلالة الملك : المرحوم أحمد فرس قدوة للأجيال    لجنة التعليم والثقافة والاتصال تباشر مناقشة تفاصيل مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    وفاة الوزير والسفير السابق عبد الله أزماني خلال عطلة بأكادير    الأمواج تبتلع أما وثلاثة من أطفالها في شاطئ مهجور بالجديدة    توقيف فرنسي مبحوث عنه دوليا في الدار البيضاء    النيابة العامة: معتصم خزان بني ملال لم يُبلغ سابقا عن شكوكه بوفاة والده    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم أحمد فرس    ماذا لو كان للشعب قادة؟؟؟        دبلوماسية المغرب الناعمة تهزّ أركان الجزائر: تحوّل تاريخي في جنوب إفريقيا        واقعة معتصم "شاطو" جماعة اولاد يوسف تخرج الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ببني ملال ببلاغ للرأي العام    الكاف يختار غزلان الشباك ضمن التشكيلة المثالية لدور مجموعات "كان السيدات"    هيئات حقوقية وحزبية پإوروبا تتضامن مع المهاجرين المغاربة بمورسيا    الدار البيضاء: توقيف مواطن فرنسي موضوع أمر دولي بإلقاء القبض    ارتفاع طفيف في أسعار الغازوال واستقرار في البنزين بمحطات الوقود بالمغرب    لجنة تسيير قطاع الصحافة تسلم حصيلتها للحكومة وتوصي بإصلاح جذري ينطلق من تأهيل المقاولة والإعلاميين    58 ألفا و573 شهيدا حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ بدء الحرب    الدورة الثانية لمهرجان العيطة المرساوية تنطلق عبر ثلاث محطات فنية بجهة الدار البيضاء سطات    المساعدات الدولية للبلدان الفقيرة في مجال الصحة قد تسجل أدنى مستوياتها منذ 15 عاما    كلمة .. وسعوا النوافذ ..ففي البدء كانت الكلمة...    رحلة إلى قلب الفلامنكو في مسرح رياض السلطان بطنجة    خواطر وهمسات على أديم الفضاء الأزرق    بورصة البيضاء تغلق على الانخفاض    الحشرة القرمزية تعود لتهدد حقول الصبار بالمغرب    هل تكتب أو تنشر أو ترسم للأطفال؟..الجائزة الدولية لأدب الطفل ترحّب بالمواهب المغربية والعربية.    وزارة الثقافة الفرنسية: المغرب خزان فني في ازدهار مستمر    إحداث نحو 49 ألف مقاولة بالمغرب مع نهاية ماي منها أزيد من 15 ألفا في البيضاء    خامنئي: هدف الحرب إسقاط النظام    مسلسل "سيفيرانس" يتصدر السباق إلى جوائز إيمي بنيله 27 ترشيحا    إسرائيل تقصف رئاسة الأركان السورية    دراسة: تناول البيض بانتظام يقلل خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى كبار السن        قمة أورومتوسطية مرتقبة في المغرب.. نحو شراكة متوازنة بين ضفتي المتوسط    دراسة: المشي اليومي المنتظم يحد من خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''طحن مو'' وصمة عار في جبيننا جميعا
نشر في طنجة 24 يوم 01 - 11 - 2016

"طحن مو" كلمتين لا تتعدى خمسة حروف، لكنها تلخص عقلية مخزنية عتيقة، تشربت احتقار الأوباش، كما تم وصفهم يوما.
"طحن مو" عقلية "خامجة" تنظر إلى المواطن نظرة دونية، استعلائية، وكأن هذا الموظف و ذاك الذي يشتغل موظفا في إدارة عمومية ما كيفما كان نشاطها، كأنه لا يقبض أجره من الضرائب التي يؤديها هذا الشعب من جيوبه المرقعة وشبه الفارغة.
قصة "محسن فكري" هي قصة تتكرر في كل مناسبة، وتعيد نفسها، تطفو على سطح الأحداث كل ما واجه مواطن رجل سلطة وطالب ببعض حقه إلا ووجد نفسه ضحية أمام الة قمعية لا ترحم إما بالقول أو الفعل أو الطحن.. فعوض أن تقوم بخدمته في مستوى يليق بآدميته وإنسانيته فإذا هي تنقلب إلى عدوّ له.
الشهيد "محسن فكري" ولد بمدينة "امزورن" في سبتمبر أيلول من سنة 1985، ينتمي إلى أسرة كبيرة العدد، ويعتبر الابن السادس من بين ثمانية أشقاء، وكان أبوه يشتغل في مهنة التعليم.
محسن كان معروف بين أصدقائه وأهل حيه بابتسامته الودودة، وبأخلاقه العالية، وبحبه للحياة، وبإيمانه بأن الغد سيكون أفضل. لكن اماله تبخرت، كانت مثل السراب الذي يحسبه الظمآن ماء.
ما أصل حكاية "طحن مو"، وما الذي جناه ليحكم عليه بالطحن حيا مع حوته.
لنرجع للخلف قليلا، ليس سنوات ولا أشهرا طويلة، فقط في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر الذي لم ينتهي بعد، وبالضبط إلى افتتاح جلسة البرلمان الخريفية حيث خطب فيه الملك محمد السادس معلنا عن ضرورة المضي في إصلاح الإدارة التي لا تقوم بعملها كما ينبغي، وربما صدّق الشهيد "محسن فكري" ما جاء في الخطابات الرسمية فسقط في حبائلها !!
لم يمضي شهر على الخطاب الذي أعلن الثورة على الإدارة من أجل الارتقاء بها إلى ما يليق بكرامة المواطن المغربي، إلا وصدم أهل الحسيمة وبعدها باقي الشعب المغربي من خبر مفزع وهو استشهاد "محسن فكري" وهو يدافع عن المصدر الوحيد لرزقه وهو يرمى في حاوية طحن "الأزبال" بأمر من الضابط، فحاول إنقاذ صناديق السمك التي اشتراها من المال الذي اقترضه، فما كان من الضابط سوى أن تفوه بجملة ملعونة " طحن مو" دون رحمة، التي تترجم كل شيء وتشرح عقلية ونظاما عتيقا عفنا لا يوجد سوى في دروس التاريخ.
كيف بدأت القصة؟
يقول بعض النشطاء والذين كانوا في عين المكان حسب ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إن "محسن فكري" الشاب الثلاثيني " الذي استشهد قبل أمس، بعد مصادرة بضاعته من طرف طرف أمن الحسيمة، وحسب أصدقائه وأهله وبعض نشطاء المدينة فإن "محسن" قد اقترض مبلغا من المال ليحارب البطالة ويساهم في مساعدة أسرته الفقيرة، فتوجه في الصباح الباكر بعد أن توكل على الله وشمر على ساعديه وهو يدفع عربة قاصدا المرسى، وكله أمله بأن يبيع كل الصناديق في مدة قصيرة ويعود إلى بيته قبل الظهر محملا بأكياس من الخضر والفواكه.
وصل المرسى، ثم شحن البضاعة في عربته أمام أمن المرسى دون أن يعترض طريقه أي شخص وذهب في طريقه وفي نيته أن يعيد بيع السمك في بعض الأحياء، وهو ذاهب إلى قصده إذ اعترض طريقه وسط المدينة أمن المدينة فتم إيقافه بتهمة أن شحنة السمك غير قانونية !!
وحسب نفس النشطاء، فقد احتج محسن عن هذا التوقيف غير المفهوم، لأن عملية الشحن تمت تحت أنظار أمن المرسى ولم يعترض على العملية ، لكن الضابط لم ينتظر كثيرا إذ نادى على سائق شاحنة تطحن الأزبال فأمر برمي كل ما اشتراه محسن من سمك داخلها، ولما اعترض على ذلك بإلقاء نفسه مع الصناديق لم يأبه به الضابط وكأنه قمامة، قائلا كما هو موضحا في الفيديو بالصوت والصورة " اطحن مو" فاشتغلت الطاحونة مما أدى إلى طحن محسن داخلها برفقة حوته ولم يبقى منه سوى جسده الأعلى بعد أن صعدت روحه الطاهرة إلى باريها.
وسادت حالة ممن الغضب العارم والحداد مدينة الحسيمة والمدن المجاورة فخرج الناس بالالاف حزنا وكمدا على مقتل بائع السمك بهذه الطريقة المهينة، فيما جرى إخراج جثة الراحل من المستشفى الإقليمي للمدينة وسط حشد من المواطنين الذين توجهوا بها صوب إمزورن، مسقط الضحية.
كما عرفت مواقع التواصل الاجتماعي حملة تضامن كبيرة بهاشتاغ "طحن مو"
وهكذا يكون استشهاد الشاب محسن فكري وصمة عار على جبيننا. وإدانة للدولة والحكومة وكل من يملك القرار في هذا االبلد. وقد أطبق صمت كصمت القبورعلى رئيس الحكومة والحزب المتصدر الانتخابات التشريعية الأخيرة ولم ينبس ببنت شفة، فيما تناقلت بعض المواقع أن توصيات من أعلى هرم الحزب دعت منخرطيه إلى عدم النزول للشوارع للاحتجاج في انتظار أوامر القيادة. !
وقد أرسل الملك في صباح اليوم الأحد وزير الداخلية حصاد إلى منزل الشهيد محسن فكري لتقديم التعازي، ووعد السيد حصاد أسرته بأن التحقيق سيأخذ مجراه بشكل طبيعي، وعلى كل من تورط في هذه الجريمة سيقدم للمحاكمة ويلقى جزاءه. !!
فهل تمضي هذه الخطوة في الطريق الصحيح من أجل كشف الحقيقة ووضع النقط على الحروف أم تكون مجرد ذر الرماد في العيون حتى تمرّ موجة الاحتجاجات في سلام وبأقل الخسائر وتعود بعدها حليمة إلى عادتها القديمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.