لا يحتاج سكان مدينة اصيلة الى مؤشرات رقمية او تقارير رسمية لإدراك حجم الهشاشة التي تطبع القطاع الصحي المحلي. فحالات النساء الحوامل اللواتي ينقلن إلى مستشفيات طنجةوالعرائش، او شكاوى المرضى المطالبين باداء مبالغ مالية مقابل خدمات يفترض انها مجانية، تحولت إلى جزء من الحياة اليومية في مدينة يزداد فيها التباعد بين حاجات الساكنة وقدرة المنظومة الصحية على تلبيتها. المستشفى المحلي لأصيلة يختصر مشهد الأزمة. فالمرفق الذي يفترض أن يؤمن خدمات طبية أساسية لساكنة المدينة ونواحيها، يعاني فراغا واضحا في عدة تخصصات، أبرزها طب النساء والتوليد، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على وضع النساء الحوامل. وفق سؤال كتابي وجهته النائبة البرلمانية قلوب فيطح الى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، فإن هذا الغياب يدفع عددا كبيرا من النساء الى التنقل نحو مؤسسات استشفائية بعيدة، في ظروف قاسية، وسط مخاطر صحية ونفسية. ولشارت عضو الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، في هذا الصدد الى ان نساء من أحياء هامشية داخل المدينة، واخريات من جماعات قروية مثل اقواس بريش وسيدي اليمني وسوق القلة، يجبرن على تحمل مشقة الرحلة الطويلة صوب طنجة او العرائش، دون مواكبة طبية متخصصة في مرحلة دقيقة من الحمل أو المخاض، وهو ما يشكل، بحسب تعبيرها، تهديدا لكرامتهن وضربا لمبدأ الإنصاف الترابي في الولوج إلى العلاج. المشهد لا يقل قتامة في ما يتعلق بخدمات النقل الصحي. فعلى الرغم من تأكيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، في وقت سابق، أن النقل بين المستشفيات العمومية يتم بشكل مجاني، فان تقارير ميدانية وشكاوى متطابقة وثقتها البرلمانية ذاتها، تفيد بوجود حالات يطلب فيها من المرضى أداء مبلغ 300 درهم مقابل الاستفادة من سيارة الإسعاف نحو مستشفى محمد الخامس بطنجة او مصحات خاصة. واعتبرت النائبة قلوب فيطح في هذا الاطار، أن هذا الوضع يخالف القوانين ويستغل هشاشة المرضى في لحظات حرجة. وهكذا تجد المدينة التي تشهد كل صيف توافدا ثقافيا وسياحيا كبيرا، نفسها خارج حسابات الإنصاف الصحي، حيث يضطر المواطنون الى اللجوء الى القطاع الخاص أو المغادرة القسرية نحو وجهات اخرى. وبينما تتحدث وزارة الصحة عن برامج وطنية لتقليص الفوارق، يواصل مستشفى اصيلة العمل وفق منطق التدبير بالاقل، في غياب إطار استراتيجي يعالج جذور الازمة. وتطالب النائبة البرلمانية فيطح، ضمن ملتمساتها، بايفاد لجنة تفتيش مركزية الى مستشفى المدينة، من أجل التحقيق في مدى احترام القانون، ومدى جاهزية الخدمات المقدمة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. وبالنسبة لكثير من الساكنة، فقد تحول الحديث عن الحق في الصحة الى ترف لا يمكن المطالبة به في ظل اختلالات يومية، تتراوح بين نقص الأطر، وغياب التخصصات، وتشكيك في نجاعة تدبير الموارد. ويبقى مستشفى اصيلة المحلي، كما يردده سكان المدينة، مؤسسة عليلة لا تعالج الا بالصبر أو الهروب نحو طنجة.