دخلت جهة طنجةتطوانالحسيمة مرحلة مفصلية في مسار انتقالها البيئي، مع اكتمال إعداد "خارطة الطريق الجهوية منخفضة الكربون"، وهي الوثيقة المرجعية التي تهدف إلى ترجمة رؤية 2040 إلى مشاريع حضرية ملموسة، وفق ما أعلن عنه منظمون ومسؤولون محليون. وجاء الإعلان عن هذه الخطوة خلال الدورة التاسعة لمنتدى "طنجةالمدينة المستدامة" التي انعقدت السبت، حيث اعتبر المنظمون أن اكتمال الخارطة يمثل انتقالا من مرحلة النقاش والتخطيط إلى مرحلة التنفيذ والتقييم، بحضور واسع لمنتخبين ومسؤولين وخبراء وأكاديميين. وفي هذا السياق، أكد رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، عبد العزيز الجناتي، أن الخارطة الجديدة تشكل "تحولا فعليا نحو تنزيل الاستراتيجية على أرض الواقع". وأشار الجناتي إلى أن المنتدى تجاوز دوره كمنصة لتبادل الأفكار ليصبح "قوة اقتراحية" تواكب السياسات المحلية، لا سيما في مجالات التخطيط الحضري وتقليل الانبعاثات وحماية الموارد الطبيعية. وبحث المشاركون في الدورة، التي نظمت تحت شعار "طنجة نحو أفق مستدام"، قضايا محورية شملت آليات التمويل، وحكامة الابتكار، ودور البحث العلمي، إضافة إلى تعزيز الصمود المناخي للفئات الحضرية الهشة، وذلك في أفق بلورة مشاريع نموذجية للفترة الممتدة بين 2026 و2030. وجاءت هذه الاستراتيجية الجهوية نتاجا لمشاورات موسعة ضمت الجماعات الترابية والمصالح اللاممركزة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لضمان تعبئة شاملة للشركاء حول خطة العمل المشتركة. كما حرصت الورشات الموضوعاتية، التي تناولت قضايا التخطيط منعدم الانبعاثات وطاقة المباني والاقتصاد الدائري، على إبراز انسجام هذه الخارطة مع الاستراتيجية الوطنية منخفضة الكربون 2050 والتزامات المغرب المناخية الدولية. ويندرج تنزيل هذه الاستراتيجية ضمن سياق أوسع تؤطره توجهات النموذج التنموي الجديد في المغرب، الذي يعتبر الانتقال البيئي رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويربط خفض الانبعاثات بإعادة هيكلة السياسات الترابية وتحسين جاذبية المجالات الحضرية. ويسعى القائمون على المنتدى، الذي انطلق عام 2016، إلى تعزيز تموقع مدينة طنجة ضمن المبادرات المناخية الدولية في السنوات المقبلة، خصوصا مع اقتراب مؤتمر الأطراف "كوب 30″، بهدف ترسيخ ثقافة الاستدامة وإشراك مختلف الفاعلين في صياغة المستقبل البيئي والعمراني للمدينة.