انعقاد مجلس الحكومة بعد غد الخميس لتدارس مجموعة من مشاريع القوانين        قبل النطق بالحكم الاستئنافي.. النيابة الجزائرية تُصعّد وتلتمس 10 سنوات سجنًا في حق بوعلام صنصال        قطر توجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الهجوم الإيراني ضد قاعدة العديد    مدرب المنتخب النسوي يكشف لائحة "لبؤات الأطلس" لنهائيات كأس أمم إفريقيا    أشرف حكيمي يتوج بجائزة أفضل لاعب في مباراة باريس سان جيرمان وسياتل ساوندرز الأمريكي        ترامب يطالب إسرائيل بعدم إلقاء المزيد من القنابل على إيران    نادر السيد يهاجم أشرف داري: "إنه أقل بكتير جدًا من مستوى نادي الأهلي"    زغنون: في غضون شهرين ستتحول قناة 2m إلى شركة تابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    لفتيت مطلوب في البرلمان بسبب تصاعد ظاهرة "السياقة الاستعراضية" بالشواطئ المغربية    الهولوغرام يعيد عبد الحليم حافظ إلى الحياة في مهرجان موازين 2025    في مهرجان موازين.. هكذا استخفت نانسي عجرم بقميص المنتخب!    الهولوغرام يُعيد أنغام عبد الحليم حافظ إلى الحياة في مهرجان موازين    الوداد يطمئن أنصاره عن الحالة الصحية لبنهاشم وهيفتي    بوغبا يترقب فرصة ثمينة في 2026    العراق يعيد فتح مجاله الجوي بعد هدنة إيران وإسرائيل    إسرائيل تعلن رصد إطلاق صواريخ إيرانية بعد إعلان وقف إطلاق النار وطهران تنفي    المغرب وتركيا يتفقان على تعزيز التبادل التجاري وتوسيع التعاون الاقتصادي في ختام اجتماعات رفيعة المستوى بأنقرة    بلكوش: المنتدى العربي الإفريقي للمقاولة وحقوق الإنسان تعزيز لمواصلة الشراكة والتعاون بين المنطقة العربية وعمقها الإفريقي    مشروع ضخم لطاقة الرياح يرى النور في العيون بشراكة مغربية إماراتية    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    كأس العالم للأندية .. الأهلي خارج المنافسة وإنتر ميامي يصطدم بباريس    ترامب يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار شامل بين إسرائيل وإيران    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولاتها على وقع الأخضر    بعد تداول أنباء إعفائها.. مديرة "أنابيك" توقع اتفاقية شراكة مع وزارة الشباب والثقافة    ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها    رغم الخسائر الثقيلة.. إيران استسلمت والتزمت بوقف إطلاق النار أولًا قبل إسرائيل    وفد من مؤسسة دار الصانع في مهمة استكشافية إلى أستراليا لتعزيز صادرات الصناعة التقليدية المغربية على الصعيد الدولي    "بي واي دي" الصينية تسرّع خطواتها نحو الريادة العالمية في تصدير المركبات الكهربائية    رمسيس بولعيون يكتب... البرلماني أبرشان... عاد إليكم من جديد.. تشاطاراا، برويطة، اسعادات الوزاااار    توقعات حالة الطقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    النسخة السادسة والثلاثون من عرض الموضة Révélations صُنع في المغرب: تكريم للتميز في الإبداع المغربي    بركة: 300 كيلومتر من الطرق السريعة قيد الإنجاز وبرمجة 900 كيلومتر إضافية    ميناء الحسيمة يستقبل أول رحلة في إطار عملية مرحبا 2025    الدرك يقتحم "فيلا الماحيا" في الجديدة    بين الآلي والإنساني .. "إيسيسكو" تناقش الجامعة في زمن الذكاء الاصطناعي    الهلال السعودي يتواصل مع النصيري    بركة: انقطاعات مياه الشرب محدودة .. وعملية التحلية غير مضرة بالصحة    إيران ترد بقوة على اغتيال عالمها النووي    الحسيمة تترقب زيارة ملكية خلال الأيام المقبلة    الذهب يرتفع وسط الإقبال على أصول الملاذ الآمن مع ترقب رد إيران    ياسين بونو يتوج بجائزة رجل المباراة أمام سالزبورج    مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تنظم المعرض الفوتوغرافي "أتيت من نظرة تَعْبُرُ" للفنان المصور مصطفى البصري    رأي اللّغة الصّامتة – إدوارد هارت    "تالويكاند" في دورته الرابعة.. تظاهرة فنيّة تحتفي بتراث أكادير وذاكرتها    هذه تدابير مفيدة لتبريد المنزل بفعالية في الصيف    موازين 2025.. الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تمتع جمهورها بسهرة متميزة على منصة النهضة    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا تنتج المدارس الفرانكفونية؟ - العودي محمد
نشر في طنجة 24 يوم 11 - 09 - 2013

أصبح العديد ممن ينتمون إلى فئة الطبقة المتوسطة والميسورة يقذفون بأبنائهم إلى مدارس البعثات الفرنسية، غير آبهين ولا منتبهين إلى الآثار السلبية التي قد تخلفها هذه الدراسة المتفرنسة في حضن الهيئة التعليمية الفرنسية على نفسية أطفالهم وهويتهم وانتمائهم لوطنهم، خصوصا في السنين الأولى التي يتم خلالها التعامل مع براءة الأطفال وفطرتهم، حيث أنه في غياب مراقبة الآباء وكذا الثقة التي يمنحونها لهيئة التدريس، قد يتم تلقين وغرس عادات وتقاليد تبرمج لعقلية مادية قد تأثر سلبا على شخصية أطفالهم وسط المجتمع المغربي المغاير تماما لثقافة المجتمع الفرنسي، وقد تعمل أيضا على صبغهم بإيديولوجية تجحد الدين ولا تؤمن إلا بالعقل والمادة في إلحاد تام لوجود الله، فهذه المدارس تمنع بالفعل عن طريق قانونها الداخلي تلقين أي دين داخل المؤسسة التعليمية، وهي بذالك تستدرج التلاميذ إلى العلمانية تلقائيا وبالتطبيع المستمر.
هي إذن مؤسسات علمانية محضة تدعي فض الاشتباك بين الدين والعلم مع العلم أنه لا مبرر ولا ضرورة لعلمانية تدعي فض هذا الاشتباك الذي لا وجود له.
وفي واقع الأمر هو استياء من طرف الآباء على وضعية التعليم في بلادنا، وهو استياء أيضا على"العقلية المغربية الرجعية" حسب قول بعض هؤلاء الفرانكفونيين، وهي رغبة أيضا في نيل مكانة اجتماعية وثقافية مختلفة، للشعور بالامتياز، لكن للأسف على حساب الاعتزاز بلغة الوطن والانتماء إليه، لذا يفضلون تسليم أطفالهم إلى الأجانب دينا وثقافة وعلما، على أن ينال منهم تعليمنا المتخلف.
صحيح أن هذه البعثات تعمل وفق أحدث البداغوجيا التعليمية ولها قوانين صارمة فيما يتعلق بالمواظبة والسلوك وكذا تتبع المستوى الدراسي للتلميذ، حيث أنها تدعمه بدروس التقوية، لكن هل يعمل الآباء على ملء الفراغ الحاصل على مستوى أساسيات الدين وقواعده، وكذا رفع مستوى اللغة الأم عندهم، وأهم شي رفع مستوى الحس الوطني والروح الوطنية لديهم، أم يتركون ذلك للمحيط الاجتماعي والبيئي فقط؟
لقد أصبح الانتماء لهذه المدارس نوعا من الموضة العصرية بالنسبة لبعض الآباء العصريين المتحررين الذين يتسابقون لتسجيل أبنائهم للظفر بالمقاعد المحدودة وبالجنسية الصورية إن صح التعبير، حتى يرمزوا لأنفسهم بمستوى اجتماعي وثقافي عصري يحاكي الفرنسيين، ليس باللغة فقط، بل لغة وسلوكا ومنهجا يقودهم في الحياة متنكرين بذلك لتعاليم الإسلام وأركانه بل وحتى لوطنهم وعادات المغاربة الأصيلة وتقاليدهم العريقة، فأصبح بالتالي أغلبيتهم مسلمين موسميين فقط أو مسلمين غير ممارسين للشعائر الدينية.. مسلمين بالاسم فقط.
إن هذه المدارس تعمل على إنتاج أشخاص في غالب الأحيان يعانون من انفصام الشخصية، تلاميذ فرنسيي الثقافة ومغربيي الهوية، يعيشون في المغرب بعقلية فرنسية فيشعرون بالتناقض المستمر، كلامهم هجين بين الفرنسية والعربية، بل لا يتحدثون العربية إلا عند البقال، تصرفاتهم وسلوكياتهم وحفلاتهم ولباسهم وعادتهم غَرْبية، وغَضَبهم وأنانيتهم مغربية، يعيشون في تناقض دائم، بلا معنى حقيقي ولا هوية وطنية، انتماء فرنسي وعيشة مغربية، فهم كأعجاز نخل خاوية.
صحيح أن التعليم المغربي لا يرقى إلى المستوى المطلوب ولا يقوم بالدور المتوخى منه، حيث أنه أصبح ينتج لنا طلبة معظمهم يحملون شهادات لا تعادل كفاءاتهم، بل ومنهم من يخرج خاوي الوفاض بلا شهادة ولا تعليم، إلا أنه يعمل على إخراج طالب مغربي بكل عيوبه ومحاسنه، والأهم من ذلك أنه يشعر بالانتماء إلى الوطن، في حين أن هذه البعثات الفرنسية تعمل على تلقين اللغة أكثر من العلم، وتعمل بطريقة تلقائية وعفوية في المسيرة الدراسية لهؤلاء التلاميذ على تطبيعهم مع عاداتهم وثقافتهم المنحلة والمادية داعية في نفس الوقت إلى الحرية والتحرر والتعددية والديمقراطية في اتخاذ القرار رغم أن ديكتاتوريتهم ظاهرة للعيان بإهمال تدريس اللغة العربية وبإلغائهم للتربية الإسلامية والدينية من هذه المدارس التي كانت إلى عهد قريب ضمن مقرراتها.
إن هذه المدارس حقيقة تدعوا إلى الإلحاد وتُجَنّد عملاء مناصرين ومتعاطفين على أقل تقدير مع فرنسا والفرنسيين على حساب المغرب والمغاربة، وتخلف انطباعا في نفوس هؤلاء التلاميذ على أن المغرب بلد متخلف ورجعي ولغته أقل أهمية من اللغة الفرنسية بل هي متروكة للعبادة فقط، فيحصل أن يفقد هؤلاء التلاميذ الثقة بالمجتمع واللغة الأم والدين والوطن، فيتداعى عندهم الإحساس بالغربة والتناقض بين ما يتلقونه في المدرسة والواقع الذي يعيشونه في المجتمع المغربي وتقاليده التي يعتبرنها نوعا من الخرافة تنم عن عقلية بدائية متحجرة، وعلى ما يبدوا فإن هذا النظام التعليمي لا يُخَرّجُ إلا موظفين وأطرا غالبتهم لا يجيدون إلا اللغة الفرنسية، هذا إن أكملوا دراستهم، أما الفاشلين منهم فيشتغلون بلغتهم هذه في مراكز الاتصال التي غمرت البلاد، كما أن استوديوهات المحطات الإذاعية والتلفزية لا تخلوا من وجودهم حيث يكملون مشوار هذه البعثات في دعم اللغة الفرنسية ويَدْعُون باستمرار إلى التحرر والعلمانية فيؤثرون بذالك على الجيل الجديد الذي يبهر بهذه الأفكار التحررية والمادية الغير المسؤولة.
هكذا إذن تعمل هذه البعثات بإنتاج مغاربة ينتمون إليها ثقافة وعِلْمََا وعَلْمَاِنيّة،ََ يهجرون لغتهم الأم ودينهم الإسلام وكتابهم القرآن، يمحون من قاموسهم لغة اسمها اللغة العربية، يعيشون في حضن أبيهم المغرب ويرضعون من أمهم فرنسا، متى سيقرؤون القرآن؟ هل سيفهمون الآيات والأحاديث بلغتهم العربية ومستواها الهزيل؟ هل سيفهمون كلام الله إن كان معظمهم يتهجأ النصوص كتلميذ في الابتدائية؟
وما موقفهم من الإسلام والقنوات الرسمية الفرنسية التي يشاهدونها تحاربه وتجعل منه إرهابا وتمنع الحجاب رغم تغنيهم بالحرية والديمقراطية؟ أين سيتعلمون ممارسة دينهم إذا تخلو عن لغة القرآن؟ هل من طرف آبائهم الذين شُكلُوا على شاكلتهم حتى أصبحوا مع أبنائهم مجرد منتجات فرنسية تحمل علامة "صنع في المغرب"؟
وانطلاقا من هذا الواقع أعتقد أن الدين هو الذي حافظ ويحافظ على هوية المغرب ولغته الرسمية..وهو الذي ما زال يضبط النطق العربي..وفي هذه الفوضى من التفرنس والتفرنج والاغتراب يظل الإسلام والقرآن هما العاملان اللذان يُحَافِظان على الأصالة واللغة وعلى الطابع والميراث المغربي.
وأعتقد أن هذان العاملان هما اللذان حفظا المغرب من الضياع والانسلاخ والتلون باللون الذي أراده المستعمرون، لذا يتعين علينا اليوم أن نعمل على إنتاج جيل جديد بإحساس وطني عالي ولن يتحقق هذا الأمر إلا إذا تم النهوض بمستوى المدرسة المغربية العمومية لترقى نسبيا إلى هذه المدارس التي تخدم مصالح فرنسا لوحدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.