بعد أكثر من ستة أشهر على صدمة فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، يجد الديموقراطيون الأميركيون صعوبة في تخطي هزيمتهم المدوية ووضع رسالة جديدة يخوضون بها الانتخابات التشريعية المقبلة في نوفمبر 2018. وتمر المعركة من أجل استعادة بعض مفاصل السلطة عبر إعادة صياغة إيديولوجية كما من خلال تعيين قيادة جديدة، في وقت تواجه نانسي بيلوسي التي تعتبر من قادة الحزب التاريخيين انتقادات شديدة بدون أن تبدي أي استعداد للتخلي عن موقعها. وخسر الديمقراطيون منذ يناير الانتخابات التشريعية الفرعية الأربع التي جرت لملء مقاعد في الكونغرس. وبالرغم من أن الانتخابات جرت في معاقل جمهورية، إلا أن القيادة الديموقراطية كانت تراهن على شعبية الرئيس المتدنية لجعل دائرة واحدة على الأقل تنتقل إليهم. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة كينيسو في جورجيا كيروين سوينت "ما زالوا يضمدون جروحهم". وتكشف هذه الحملات الانتخابية الفاشلة عن المشكلة المحورية التي يعاني منها الحزب، وهي أنه لا يمتلك رسالة واضحة. فهل ينبغي عليه أن يجسد معارضة تامة ومتشددة لدونالد ترامب؟ أو القيام بما فشلت هيلاري كلينتون في إنجازه، وهو نشر رسالة اقتصادية تستجيب لمخاوف وهموم الطبقة الوسطى والعمال؟ أظهرت الانتخابات الفرعية في جورجيا الثلاثاء حدود الاستراتيجية القاضية بالتنديد بشكل متواصل في الكونغرس والإعلام بالتجاوزات المنسوبة إلى السلطة وبسلوك الرئيس الجمهوري في سياق التحقيق بشأن روسيا. وقال سوينت "يجدر بالديموقراطيين ألا يتكلموا عنه طوال الوقت، يجب أن يتكلموا عن الوظائف". واضاف "إنهم بحاجة إلى رسالة اقتصادية أوضح بكثير". لكن زاك بيتكاناس أحد المسؤولين الإعلاميين السابقين في فريق هيلاري كلينتون خالفه الرأي وأوضح لوكالة فرانس برس أنه في حال سجلت نسبة شعبية دونالد ترامب البالغة حاليا 42% بحسب معهد غالوب، المزيد من التراجع في الأشهر المقبلة "فإن عدم خوض حملة ضده سيكون خطأ مهنيا". الهدف الذي يعمل الديموقراطيون من أجله هو انتخابات نوفمبر 2018 لتجديد جميع مقاعد مجلس النواب وثلث مقاعد مجلس الشيوخ، في وقت يسيطر الجمهوريون حاليا على المجلسين. وبصورة عامة، فإن حزب الرئيس يخسر عادة مقاعد في هذه الانتخابات التي تجري في منتصف الولاية الرئاسية. ففي 2010 خسر الرئيس السابق باراك أوباما الغالبية في مجلس النواب بعد عامين على انتخابه. والديمقراطيون بحاجة لاستعادة 24 مقعدا لنيل الغالبية، ويقول المحللون أن هناك عشرات المقاعد الجمهورية التي تجري المنافسة عليها. وأشار رئيس اللجنة الديمقراطية لانتخابات الكونغرس بن راي لوجان في مذكرة الأسبوع الماضي إلى 71 دائرة يمكن للديمقراطيين ان ينافسوا فيها أكثر من الأربع التي جرت فيها انتخابات فرعية حتى الآن. وكتب "لدينا فرصة فريدة لتبديل السيطرة على مجلس النواب عام 2018". وسيكون لنتيجة المساعي الجمهورية من أجل إقرار تعديل لنظام الضمان الصحي يلغي نظام "أوباما كير" الذي صدر عام 2010 ويعتبر من أبرز إنجازات الرئيس السابق، دورا حاسما في تحديد مسار الانتخابات المقبلة. والديمقراطيون واثقون بأن الانتخابات ستجعل الجمهوريين يدفعون ثمن إلغاء قانون مقبول اليوم من غالبية الأميركيين. وقال سوينت "كل شيء سيتوقف على شعبية ترامب العام المقبل، مع العلم بأن قانون الضمان الصحي سيكون له تأثير كبير على الأجواء السياسية". لكن الكثير من الديمقراطيين يدعون إلى التحرك منذ الآن بدون انتظار تبدل الأجواء. وتتركز الانتقادات على نانسي بيلوسي النائبة عن كاليفورنيا البالغة من العمر 77 عاما ورئيسة الكتلة الديمقراطية في مجلس النواب منذ 15 عاما. وبعدما عارضها ثلث أعضاء الكتلة الديمقراطية في الخريف، تواجه اليوم دعوات جديدة إلى الاستقالة. وقال النائب عن أوهايو تيم راين الذي يتحدى بيلوسي علنا "الناس في واشنطن لا يدركون مدى التأثير السام للعلامة الديمقراطية في قسم كبير من البلاد" وإذ سئل راين إن كانت نانسي بيلوسي نفسها لها تأثير سام، قال لشبكة سي إن إن "بصراحة، نعم، في بعض أجزاء البلاد"، داعيا إلى وضع العمال وصغار الموظفين في صلب الاستراتيجية الديمقراطية.