لمياء الزايدي .. الصوت الذي يأسر القلوب ويخطف الأنفاس    محاكمة إسكوبار الصحراء .. الدفاع يشكك في المحاضر و الشهادات    ‪المغرب وإسبانيا يعززان تعاون الصيد    كأس العرب لكرة القدم (قطر 2025).. المنتخب الفلسطيني يخلق المفاجأة ويتعادل مع نظيره التونسي (2-2)    اعتقال المعارض التونسي أحمد نجيب الشابي    أمن شفشاون يرفع درجة اليقظة مع اقتراب رأس السنة الجديدة ويشدد الخناق على مخالفي قانون السير    مقتل "أبو شباب" إثر "ضربات كليلة" في غزة بعد شجار داخلي مع مجموعته    كيروش: منتخب المغرب اختبار قوي    مدريد.. التعاون الثنائي محور سلسلة مباحثات مغربية-إسبانية على المستوى الوزاري    في إطار الدورة 13 للاجتماع رفيع المستوى المغرب – إسبانيا.. أخنوش يجري مباحثات مع بيدرو سانشيز    السلطات تُطلق حملة لإيواء الأشخاص بدون مأوى بجهة طنجة    أخنوش وسانشيز يرسمان ملامح مرحلة متقدمة بين المغرب وإسبانيا    تاريخ تسريح اللاعبين ل "كان 2025" يتغير.. فيفا يصدر قرارا جديدا يخدم الأندية    أشادت إسبانيا بالإصلاحات التي قام بها المغرب بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وكذا بالمبادرات الملكية من أجل إفريقيا    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    إيطاليا ماريتيما تطلق خطا بحريا مباشرا بين المغرب وإسبانيا    عام 2024 هو الأشد حرارة على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    مجلس المستشارين يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2026    التامني: غلاء أسعار السكن و"النوار" يفرغان الدعم المباشر من أهدافه وعلى الوزارة التدخل    "المستشارين" يقر مشروع قانون المالية    العنف النفسي يتصدر حالات العنف المسجلة ضد النساء    المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج يجدد التأكيد على مغربية الصحراء ويرحب بقرار مجلس الأمن 2797    شهادة في حق الفنانة خلود البطيوي بمناسبة تكريمها في الدورة 14 للجامعة السينمائية بمكناس    شهادة في حق الأستاذ حفيظ العيساوي الرئيس الأسبق للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب    حميد بناني: شاعر الصورة وفيلسوف الوجود    سانشيز يشيد بالروابط القوية مع المغرب    مبادرة "Be Proactive" تعزّز الوقاية من حساسية الأسنان في عيادات المغرب        هولندا.. ثلاثة قتلى في حادث مروع خلال مطاردة للشرطة    مونديال 2026 .. أنظار العالم تتجه صوب واشنطن لمتابعة سحب قرعة مرتقب بشدة    وزير الخارجية الإسباني يستقبل بوريطة ويؤكد: العلاقات مع المغرب تعيش لحظة تاريخية    بين الراي والراب الميلودي... Wrapped 2025 يرصد التحولات الموسيقية بالمغرب    المغرب وإسبانيا يُعززان تعاونهما القضائي عبر مذكرة تفاهم جديدة    تعزيز التعاون المائي محور مباحثات مغربية–صينية في المؤتمر العالمي التاسع عشر للمياه بمراكش        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    كورتوا: محظوظ لأن مبابي يلعب معي وليس ضدي    "فيفا" يعلن عن منع الزمالك من التعاقدات لثلاث فترات    قرار قضائي يهزّ جامعة الكراطي... والصباري يعيد الاعتبار لجهات الجنوب    ماكرون قلق بعد سجن صحافي بالجزائر    تقرير يكشف ضغط ترامب على نتنياهو بشأن غزة وسوريا    "حبيبتي الدولة".. من تكون؟!: في زمن التشظي وغياب اليقين    البنك الإفريقي للتنمية يمنح ضمانة 450 مليون أورو لدعم "الاستثمار الأخضر" ل"أو سي بي"    "قمة دول الخليج" تشيد بجهود الملك    إصابتان في معسكر "المنتخب الوطني" بقطر..    مشاهير عالميون يطالبون إسرائيل بإطلاق سراح القيادي الفلسطيني البارز مروان البرغوثي    الصين: مدينة ايوو تسجل رقما قياسيا في حجم التجارة يتجاوز 99 مليار دولار    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    الشرفي يلقي خطاب عضوية "أكاديمية المملكة" ويرصد "غزو علمنة المجتمع"    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برنامج "حنين" بإذاعة طنجة يناقش قضايا الهجرة والإعلام
نشر في تطوان بلوس يوم 02 - 12 - 2018

مواكبة من "إذاعة طنجة" لقضايا واهتمامات الجالية المغربية في بلدان المهجر، وفي إطار مده لجسور التواصل بين مغاربة العالم والوطن الأم، فتح برنامج "حنين " الذي يبث على أثير الإذاعة الوطنية -في حلقة يوم 01/12/2018- فتح الأحضان أمام "صوت المهاجر" لمقاربة قضايا "الهجرة" و"الإعلام" و"الاندماج" و"صورة المهاجر في الإعلام الغربي"، في إطار نظرة ثاقبة تحكمت فيها الرغبة في مقاربة الهجرة كما يراها المهاجر وكما يتمثلها في ديار الغربة وكما يتعايش و يتفاعل معها إيجابا وسلبا، وقد استضافت الحلقة على الهواء كل من السيد" عبد السلام الفزازي" الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة بن زهر بأكادير، والسيد" محمد وعيد" الباحث في الهجرة والإعلام" ورئيس المصلحة الثقافية بالقنصلية العامة للمملكة المغربية المعتمدة بمدينة"جينوفا" الإيطالية.
وقد تميزت الحلقة -في فقرتها الأولى- بنقاش مثير أداره باقتدار ومهنية ،مقدم البرنامج السيد " الحسين خباشي" الذي حاول مقاربة الموضوع من زوايا ورؤى مختلفة عبر بسط جملة من التساؤلات وزعها على الضيفين ، تنم عن اطلاع وإلمام واسع بقضايا واهتمامات وانتظارات مغاربة المهجر، تساؤلات تعاقب على مقاربة أجوبتها على التوالي ضيفا البرنامج كل من الأستاذ "عبدالسلام الفزازي" والباحث في الإعلام والهجرة "محمد وعيد"، أجوبة يمكن رصد معالمها الكبرى على النحو التالي :
تفاعلا مع الأسئلة الموجهة إليه، تطرق الأستاذ "عبدالسلام الفزازي" إلى عدة قضايا لامس من خلالها جملة من الإشكاليات ذات الصلة بالهجرة والاندماج، منها على سبيل المثال لا الحصر، إشارته إلى تغيرات طالت وضعية المهاجر المغربي بأوربا خاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بعدد من البلدان الأوربية كإيطاليا وإسبانيا، والتي لم يسلم منها حتى مواطني البلدان المستقبلة، مما دفع ببعض المهاجرين إلى السقوط في منزلق العنف والانحراف في ظل صعوبات الحصول على شغل أو وظيفة، وهنا لامناص من الإشارة إلى أن تلك الأزمة أرخت بضلالها على عدد من المهاجرين المغاربة الذين اضطرتهم صعوبات المعيش في أوربا إلى العودة اضطراريا إلى المغرب، والكثير منهم رجع "بخفي حنين" لاماديا ولا معنويا، فلاهم اندمجوا في بلد الإقامة و لاهم مستعدين نفسيا وذهنيا وماديا من أجل إعادة الاندماج في البلد الأم الذي غابوا عنه لسنوات، وهؤلاء يفرضون إعادة صياغة تحديد جديد للاندماج، يستوعب أيضا المغاربة الذي عادوا اضطراريا إلى وطنهم لسبب أو لآخر، وهم في حاجة ماسة إلى المواكبة والتتبع، خاصة فيما يتعلق بأطفالهم الذين ولدوا في المهجر.
وارتباطا بهذه النقطة، فقد أوضح الأستاذ المتدخل، أن المهاجرين القادمين من بلدان الجنوب وبشكل خاص من إفريقيا ، ساهموا في إعادة بناء اقتصاد أوربا الذي انهار بشكل شبه كلي بعد الحرب العالمية الثانية، وأوربا اليوم بصدد محاولة التنكر لما أسدوه لها من خدمات عبر التخلي عنهم إما بإبعادهم عن سيرورات الاندماج في المجتمعات الأوربية بسن تشريعات صارمة في مجال الهجرة واللجوء معاكسة لتطلعات وانتظارات المهاجرين، أو بتشجيع رحلاتهم الطوعية إلى بلدانهم الأصلية، وفي هذه النقطة، أوضح ذات المتدخل أن كندا تتعامل بشكل "ذكي" مع الهجرة، مستفيدة بذلك من الجوانب السلبية التي اعترت وتعتري الهجرة في أوربا.
وقد أثار المتدخل في نفس السياق، نقطة على جانب كبير من الأهمية، ويتعلق الأمر بضرورة "توثيق" الهجرة المغربية بالخارج، وهذا التوثيق يقتضي تجاوز مقاربة الهجرة من زاوية أكاديمية صرفة، والتي لا تستحضر خصوصيات المجال والزمن، عبر الانتقال إلى بلدان الإقامة ومعاينة المعيش اليومي للمهاجرين ورصد ما يتخلله من صعوبات مرتبطة بالاندماج، خاصة فيما يتعلق بالأطفال، والبحث والتقصي عن الوجه المشرق للهجرة عبر توجيه البوصلة نحو الطاقات والكفاءات المغربية بالمهجر، من أجل استثمارها إعلاميا في تحسين وجه الهجرة المغربية، ثم البحث عن السبل الممكنة لدفعها إلى الارتباط بالوطن الأم والإسهام في تنميته والدفاع عن مصالحه بالخارج.
وقد أشار -الأستاذ" الفزازي"- إلى بعض التجارب الناجحة في الهجرة المغربية في أوربا، وأعطى مثالا بالمحامية " كوثر بدران " التي حققت نجاحا في الديار الإيطالية في الدراسات القانونية، واستطاعت أن تجد لها موضع قدم في حقل المحاماة بإيطاليا، مقدمة بذلك الوجه المشرق للهجرة المغربية في أبعادها الناجحة والمتميزة، والدليل القاطع أن الاندماج الحقيقي، لابد وأن يمر عبر قنطرة التعليم الذي يتيح إمكانيات متعددة المستويات للتعرف على بلد الإقامة أو الاستقبال من حيث التشريعات والمؤسسات والثقافة والعقليات وغيرها، وفي هذا المستوى كما أشار إلى ذلك المتدخل، يبرز دور بعض الأسر المغربية، التي راهنت على التعليم وعلمت أبنائها وفق مناهج وبرامج بلدان الإقامة، إلى أن أمكن لهم الوصول وفرض الذات، بل وسيصبحون فاعلين في هذه البلدان في السياسة والاقتصاد والقانون والمحاماة والطب والمقاولة والفنون وغيرها، وحول هذه النقطة، فقد أوضح المتدخل، أن هناك عقولا مغربية بمختلف بلدان المهجر، تستحق ليس فقط الافتخار، بل أيضا العناية والاهتمام خاصة من جانب الإعلام الوطني الذي يبقى مطالبا اليوم، بالبحث والتقصي عن الخبرات والكفاءات المغربية بالمهجر، من أجل تقديم صورة إيجابية عن الهجرة المغربية، من شأنها الحد من الصورة النمطية التي تكرسها بعض وسائل الإعلام الأجنبية التي تعكس صورة سلبية للهجرة المغربية مرتبطة بالعنف والانحراف والخروج عن سلطة القانون.
وفي معرض أجوبته، أثار الأستاذ المتدخل مفهوم " الإسلاموفوبيا" مبديا في هذا الصدد، رغبته في عقد لقاء يجمع بين بعض الباحثين المغاربة ورجال الدين المسيحيين واليهود، لمناقشة هذا المفهوم، الذي لايوجد له مقابل -حسب تصوره - لا في المسيحية و لا في اليهودية، مؤكدا أن مبادرة من هذا القبيل، من شأنها تذويب الخلافات الدينية وتقريب الصورة الحقيقية للإسلام المعتدل، الذي تتجاهله الكثير من وسائل الإعلام الأجنبية، وقبل هذا وذاك، تدعيم روابط التعاون وتوطيد جسور التواصل والتعايش، بعيدا عن مفردات التطرف أو التعصب أو النبذ أو الكراهية.
أما السيد"محمد وعيد" الباحث في قضايا الإعلام والهجرة، وفي إطار تفاعله مع سؤال موجه إليه من طرف مقدم البرنامج، حول رد فعل المهاجر المغربي عن الصورة التي يرسهما الإعلام الإيطالي عنه من أجل تصحيحها، فقد أفاد أنه "لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" وهي رسالة واضحة المعالم لا تدع مجالا للشك، في أن المهاجر المغربي بشكل خاص، لابد له أن يتعامل بقيم وأخلاقيات الإسلام في بلد المهجر من حيث السلوكات والتصرفات والمعاملات من انضباط وصدق وإخلاص في العمل والتفاني فيه والبعد عن الكذب والنفاق أو التهاون والتحلي بالجدية ونبذ العنف والالتزام التام بسلطة القانون والمؤسسات ذات الصلة ببلد الإقامة واحترام ثقافته.
وهذه النقطة لها أهميتها البالغة، من منطلق أن المهاجر يحمل جنسية بلده وفي نفس الآن يحمل صفة "المسلم"، وبالتالي فكل مهاجر مسلم، يتحمل المسؤولية الدينية والأخلاقية في التعريف بالديانة التي يحملها في مجتمع الإقامة، وتوضيحا للصورة، يمكن القول، أنه و كلما كان المهاجر يتصرف وفق قيم وأخلاقيات الإسلام، كلما كان مرآة عاكسة للإسلام -إيجابا- داخل الدولة التي يقيم بها، وكلما كان يتصرف ويتعامل بعيدا عن روح التعاليم الإسلامية كلما قدم لمواطني دولة الإقامة، صورة سلبية عن الإسلام، وعليه فصورة الإعلام الغربي عن الإسلام، تتحكم فيها طبيعة السلوكات والتصرفات الصادرة عن المسلمين، لكن في هذه النقطة لامناص من التذكير، أن بعض وسائل الإعلام الأجنبية، ترسم صورة قاتمة عن الإسلام، انطلاقا من بعض السلوكات والتصرفات المعزولة الغارقة في التطرف والكراهية التي تصل حد الإرهاب والإجهاز على الحق في الحياة، وفي هذا المستوى، لابد لهذه الوسائل أن تضع مسافة بين الإسلام المعتدل الذي يدعو إلى قيم المحبة والتعاون والتعايش والتساكن والسلام والعلم والإبداع، و بعض السلوكات والتصرفات المتطرفة التي قد تقترف باسم"الإسلام"، بينما "الإسلام"يبقى بريئا منها، وحتى وسائل الإعلام المغربية خصوصا والعربية الإسلامية عموما، لابد لها أن تنقل للغرب الصورة الحقيقية للإسلام، بالتركيز على الأوجه المشرقة للهجرة.
استرسالا في الأجوبة، أكد الباحث "محمد وعيد" أن المجتمع الإيطالي لابد له أن ينظر إلى الجالية كعنصر غنى وثراء، وهي فكرة حاملة لعدد من الدلالات في مقدمتها الدعوة الصريحة إلى التعايش والتساكن داخل المجتمع الإيطالي بكل ما يحتضنه من ثقافات، مما من شأنه أن يساهم في إغناء وإثراء الحضارة الإيطالية الممتدة عبر التاريخ، والتي أفرزت النهضة الأوربية التي غيرت من وجه إيطاليا وأوربا الغربية خلال القرنين 15و16م.
وعن سؤال وجه إليه حول الاندماج، فقد أكد -ذات المتدخل- أن الاندماج يعد قضية أساسية في المجتمع الإيطالي، لكن ربط ذلك بعدم الانسلاخ عن الهوية والخصوصيات المحلية، وهو بذلك، يفتح المجال للتساؤل عن "ماهية الاندماج" داخل بلدان الإقامة، هل يقصد به الاندماج في الثقافة الغربية والانصهار الناعم في بوثقتها؟ أم اندماج "حذر" يقتضي المحافظة على الخصوصيات المحلية(لغة، دين، هوية، ثقافة ...)؟ أم الاحتراس من فكرة الاندماج والعيش في مجموعات مغلقة؟ وفي هذا الصدد، لابد من الإقرار أن الاندماج الحقيقي يمر عبر التعليم الذي يتيح الإمكانيات المعرفية والقدرات والكفايات التواصلية، المساعدة على الاندماج الحقيقي داخل بلدان الإقامة، بشكل "واع" و"مسؤول" يصون الهوية ويحمي الثقافة ويحافظ على الدين، بل أكثر من ذلك، يساهم في التأثير الإيجابي في ثقافة بلد الاستقبال ويتفاعل معها بشكل يحقق "الثراء الثقافي المتعدد الروافد .
وفي نفس السياق أثار -المتدخل- نقطة مهمة ترتبط باندماج أطفال الجالية في المجتمع الإيطالي، حيث يدرسون وفق المنظومة التعليمية الإيطالية من التعليم الأولي إلى التعليم العالي، وهؤلاء مندمجون بشكل تلقائي كما أكد ذلك المتدخل، في المجتمع الإيطالي، لكن اندماجهم يطرح بعض الإشكاليات ذات الصلة بتعلم اللغة العربية وتعلم التقافة المغربية، وفي هذا المستوى، لامناص من تتضافر المجهوذات سواء على المستوى الرسمي، أو على مستوى جمعيات المجتمع المدني التي تنشط في بلدان الإقامة، من أجل تأطير أبناء الجالية على مستوى اللغة العربية والتربية الإسلامية والوطنية، ضمانا لارتباطهم بالوطن الأم.
وتفاعلا مع سؤال موجه إليه، أشار الأستاذ" عبدالسلام الفزازي" إلى مبادرة جديرة بالتنويه تبنتها جامعة بن زهر بأكادير (كلية الآداب والعلوم الإنسانية)، تنم عن رؤية متبصرة ترمي إلى الإنفتاح على الطلبة والكفاءات المغربية بالخارج، وإعادتهم إلى الجامعة المغربية، عبر تمكينهم من التسجيل ومتابعة الدراسة بالجامعة في مختلف الأسلاك(إجازة، ماستر، دكتوراه)، وهي مبادرة غير مسبوقة على مستوى الجامعة المغربية، من شأنها كما قال المتدخل، تنشيط الذاكرة الثقافية للطلبة المغاربة الذين درسوا بالخارج، عبر تمكينهم من كفايات معرفية وتواصلية ومنهجية تتوج بحصولهم على شواهد عليا وطنية، وخطوة من هذا القبيل لابد من تثمينها والحرص على تبنيها من قبل جامعات مغربية أخرى، لأنها ستساهم في خدمة "الاندماج" من زاويتين:
أولهما:أن تكوين المهاجر بالجامعة المغربية من شأنه أن يقدم له تكوينا جامعيا وفق المنظومة التعليمية المغربية، وهذا سيساعده على المزيد من الاندماج في بلد الإقامة بشكل "واع" و"مسؤول"، بل و تمرير ما تعلمه من كفايات إلى أبناء الجالية.
ثانيهما: أن المهاجر، وبعد تخرجه من الجامعة المغربية، قد تتاح له إمكانية للولوج إلى سوق الشغل بالمغرب، بمعنى أن تعليم المهاجر، سيساعده بأي شكل من الأشكال في الاندماج سواء ببلد الإقامة أو بالمغرب/الوطن الأم.
دون إغفال أن مبادرة من هذا القبيل، من شأنها مد جسور التواصل مع طلبة المهجر، وتمرير قيم المواطنة إليهم، بشكل يجعلهم أشد ارتباطا بوطنهم الأم وأشد حرصا على مصالحه بالخارج، وقد أعطى "المتدخل" المثال بالطالب "محمد وعيد" - المتدخل الثاني - الذي يدرس حاليا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة بن زهر بأكادير، وتحديدا بماستر "التحرير الصحفي والتنوع الإعلامي"، بعدما أنهى مساره الدراسي بالجامعة الإيطالية(فيرونا) متخصصا في العلوم السياسية.
وقد ختم الأستاذ" الفزازي" تدخله بأن استشهد بمقولة للملك الراحل الحسن الثاني أكد فيها أن المغرب هو بمثابة "شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوربا"، موضحا في هذا الصدد، أن المغرب بحكم "قدر" الجغرافيا، لم يعد فقط "بلد عبور" بل أضحى "بلد استقبال" نهج سياسة رائدة في مجال الهجرة بأبعاد إنسانية وتضامنية، تمكن من خلالها من احتضان الهجرة الإفريقية، في سياسة فريدة تعد الأولى من نوعها في الشمال الإفريقي، وفي هذه النقطة، لابد من الإشارة إلى أن تحول المغرب إلى "بلد إقامة " بالنسبة لعدد من الجاليات الإفريقية والعربية(السوريون نموذجا) ، يفرض على الفاعلين السياسيين والباحثين في قضايا الهجرة والإعلام، النظر إلى "مفهوم الاندماج" من زاويتين مختلفتين : اندماج مغاربة العالم واندماج الجاليات الإفريقية والعربية التي اتخذت من المغرب بلدا للإقامة والاستقرار.
بقيت الإشارة، إلى أن معدي البرنامج، وفقوا في اختيار الضيفين الكريمين، أحدهما يجسد نموذجا مشرقا للهجرة، ويتعلق الأمر بالسيد "محمد وعيد" الذي بدأت حكايته مع ايطاليا منذ حوالي "24" سنة، وكسب رهان الانخراط في التعليم الإيطالي، رغم الصعوبات والإكراهات المادية الصرفة، وأمكن له التخرج من الجامعة الإيطالية (فيرونا) متحوزا بشهادة عليا في العلوم السياسية، عبدت له الطريق للالتحاق بالقنصلية العامة للمملكة المغربية بمدينة "فيرونا" الإيطالية، مكلفا بالمصلحة الثقافية، ويحضى حاليا بفرصة متابعة الدراسة بماستر" التحرير الصحفي والتنوع الإعلامي" بكلية الآداب بجامعة ابن زهر، مستفيدا بذلك من المبادرة التي أقدمت عليها الجامعة ذات الصلة بالانفتاح على طلبة المهجر(رؤية للهجرة من الداخل "الإيطالي")، أما الضيف الثاني الأستاذ "عبدالسلام الفزازي"، فقد كان اختياره صائبا لاهتمامه بحقلي الإعلام والهجرة، ولما راكمه من تجارب وخبرات في المهجر، مما جعل تدخله، حاملا للكثير من المعطيات حول الهجرة والاندماج، والتي تقاطعت فيها نظرة "الباحث الأكاديمي" ونظرة "الخبير" الذي راكم تجارب الهجرة وتعايش وتفاعل معها.(نظرة للهجرة من الداخل).
عزيز لعويسي
-كاتب رأي، أستاذ التاريخ والجغرافيا بالسلك التأهيلي(المحمدية)،باحث في القانون، مهتم بقضايا الإعلام والهجرة و الأمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.